شابة أردنية تبدع في تجديد قطع الأثاث القديم بأسلوب مبتكر

عمان – لا شك أن المنزل هو المكان الدافئ الذي يشعر به الفرد بالراحة النفسية من ضغوط العمل وصخب الحياة خارج أسواره، وأحيانا يخطر ببال أصحاب المنزل تغيير قطع الأثاث أو استبدالها بما يتماشى مع أسلوب الحياة العصري، وبالوقت ذاته هناك قطع قديمة لها ذكريات أو ذات جودة عالية تتطلب التفكير قبل التخلص منها، وهذا ما تجلى في اللمسة الأنثوية التي أضافتها صفاء الظاهر في تحويل قطع الأثاث القديم لجديد بأسلوب غير تقليدي.

الشابة الأردنية صفاء الظاهر ولدت ببيئة محبة للفن، وتحديدا والدتها التي تهتم بإعادة تدوير الخامات المنزلية وتحويلها لقطع فنية "عملية" وجميلة، إذ تعلقت بتلك المشاهد التي طبعت بذاكرتها، وبدأت توجهها لخوض تجربة تحويل قطع الأثاث القديم لجديد.

محطات تحول الهواية لإبداع

بدأت صفاء بتنفيذ هذه القطع، وبشكل بسيط، بحسب وصفها، ومع التحاقها بالعديد من الدورات في إدارة المكاتب والمشاريع، ومع أكثر من مؤسسة، ارتأت أنها جاهزة للتخطيط ببدء مشروع يحقق حلمها في تنفيذ أعمال التصميم الداخلي والديكور، خصوصا أنها تعشق هذا التخصص، لكنها لم تدرسه أكاديميا، بل درست تخصص المختبرات/ فحص النظر.

تقول صفاء للجزيرة نت "سافرت وعائلتي لسويسرا، وحصلت على شهادة دبلوم في التصميم الداخلي والديكور، وعدنا إلى عمان، والتحقت بدورات في التنمية البشرية وإدارات الحياة واكتشاف الذات، حتى أعرف المحطة التي سأحط بها في تنفيذ الأعمال الفنية".

قررت صفاء تحويل ساحة مجاورة للمنزل لـ"مشغل" مختص بتحويل قطع الأثاث القديمة لحديثة مساحته 60 مترا مربعا، وبدأت ترتيب المكان وصولا لتجهيزه بالمعدات والأدوات اللازمة للعمل، حتى تتمكن من إجراء العديد من التعديلات على قطع الأثاث بأسلوب مبتكر.

المزج بين "روح" القطعة والحداثة

لم تتوان صفاء عن تطوير ذاتها بتلقي الدورات التدريبية، فانضمت لإحدى الدورات المختصة بالمشاريع البيئية وإعادة التدوير التي تخدم البيئة، كما تلقت إحدى الدورات في تركيا، خاصة بالدهان وتجديد قطع الأثاث بأسس علمية.

تتأمل صفاء في القطع المراد تجديدها، وتحرص على مزج "روح التصميم" والحداثة، وتختلف كل واحدة عن الأخرى، فهناك قطع يتم تجديدها بتغيير اللون أو بعض الإكسسوارات، والبعض يتم تجميلها بـ "التعتيق"، أو بإضافة النقوش ومزج الألوان، ووفق طراز البيت، أو المكان الذي ستوضع به القطعة، هل هو حديث أم تقليدي (كلاسيك)، أم أنه تقليدي محدث (نيوكلاسيك) أو غير تقليدي متمرد (بوهيمي) وغيرها.

صفاء: "المشغل" عالمي الخاص

تؤكد صفاء أن "المشغل" عالمها الخاص، يمدها بالطاقة والحياة بأي وقت، مبينة "أن العمل بتجديد القطع بالألوان والتكنيك والتعتيق وغيرها يستغرق ساعات، وهي من أجمل الساعات التي تقضي بها يومها".

وتؤكد أن جمالية تجديد القطع لا يمكن وصفها، والعمل بهذا المجال يدخل السرور لقلبها، خلال مراحل العمل وصولا لإنجازه بالشكل المطلوب.

أساليب تجميل القطع

تستخدم صفاء عدة أساليب في تجميل القطع وتحديثها، مثل التعتيق، الديكوباج "باستخدام أوراق ملونة"، التكسير، التحجير، وهناك العديد من المواد تستخدم بهذا المجال.

وتبين أن هناك العديد من قطع الأثاث الكبيرة أو الصغيرة لها قيمة معنوية لدى أصحابها، وخامة القطعة لها جودة عالية، وبالتالي لا يمكن التفريط بها، وهنا إما أن نجري تكنيكا كاملا للقطعة، أو تكنيكا بسيطا يضفي عليها الحداثة.

تجديد القطع بمواد صديقة للبيئة

تشير صفاء لأهمية الألوان في حياتنا، ولا شك أن لكل فرد أو عائلة ألوانا مفضلة، وبإضافة هذه الألوان على القطع، تمنح أصحاب المنزل إحساسا جميلا، كما أن هناك ألوانا خاصة لتهدئة الأعصاب.

وتحرص في تجديد قطع الأثاث القديمة على استخدام ألوان صديقة للبيئة، خاصة الألوان الطبشورية، وهي ألوان سهلة الاستخدام، ولا تسبب ضيق التنفس أو احمرار العينين لأصحاب المنزل، وملمسها جميل وسهل التنظيف، أما طبقة الحماية فالسائد في استخدامها مادة "اللاكر المائي"، لكنها تستخدم التشميع (الواكس) لتشكيل طبقات حماية على قطع الأثاث.

ويختلف عدد طبقات الحماية من قطعة لأخرى، فمثلا طاولة القهوة كثيرة الاستخدام، تختلف عن الطبقة المضافة لطاولة جانبية ثابتة المكان.

التغيير يجدد الطاقة

وترى صفاء أن التغيير ببعض قطع الأثاث يجدد طاقة المنزل، وتبدو "مميزة" وغير تقليدية. موضحة أن القطع التي يتم تجديدها، لا تقتصر على قطع الأثاث كبيرة الحجم، بل هناك قطع صغيرة يمكن إضافة لمسات لها تعيد ألقها، مثل الصناديق والأدراج وصواني الضيافة وغيرها.

وتنصح ربات المنازل بعدم التخلص من قطع الأثاث القديمة، وأحيانا القطع الحديثة، لكنها أصبحت "مملة" أو تشعر بالرغبة في استبدالها بأخرى، لكن بعض الرتوش الفنية "تحولها" لقطعة جديدة، لا تشبه ما كانت عليه.

ويتنوع العمل بهذا المجال بين هواة ومحترفين وفنانين، ولكل منهم أسلوب خاص، مبينة أنها تسعى دائما لوضع بصمة خاصة في القطع التي تقوم بتجديدها.

مصدر دخل

وتشرح صفاء أنها أنشأت صفحات خاصة بمشروعها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولاقت أعمالها رواجا وإقبالا كبيرين بين المتابعين، وحققت مصدر دخل لا بأس به من تجديد قطع الأثاث القديمة.

وتبين أنها تقوم بتدريب الراغبين بتعلم هذه المهارة، في المشغل، إذ تشرح وتنفذ الفكرة أمامهم بشكل عملي على إحدى القطع المراد تجديدها.