حليمة القعايدة.. أردنية حققت الأحلام من صوف الأغنام
البُسُط كانت شيئا أساسيا في بيوت الشعر، لكنها في الوقت ذاته ما زالت مقصدا للراغبين في إحياء تراث الآباء والأجداد.
الأردنية حليمة القعايدة (54 عاما) عنوان لسيدة تحمل أجمل معاني الأمومة وأسماها، اختارت أن تحقق لأبنائها وبناتها أحلامهم، من حرفة اندثرت، لتقول لهم "أمام محبتي لكم كل صعب يهون".
التعليم أولا
لديها ابنان وابنتان، ومع ذلك استطاعت بعزيمة وإصرار، ورغم ضيق الحال، وبدعم مستمر من زوجها، أن ترتقي بمستواهم التعليمي إلى مراحل متقدمة، فالشابان مهندس وأستاذ لغة إنجليزية، والبنتان أستاذة جامعية والأخرى تحمل شهادة ماجستير في التأهيل الرياضي.
ولم تتوقف حليمة القعايدة عند ذلك، فبدافع حبّها للتعليم والتعلم، ولتعزيز الروح المعنوية لدى أبنائها، التحقت هي أيضا بالجامعة، لتكمل دراستها في تخصص إدارة الأعمال عام 2011.
فغزل صوف الأغنام وتحويله إلى بُسُط تقليدية هو صنعتها التي جعلت منها منذ ثمانينيات القرن الماضي سيدة أردنية عاشقة لهوية تراثية عُرفت بها "بيوت الشعر" في بلادها، على مرّ سنوات طويلة مضت.
عشق الهوية التراثية
زار مراسل "الأناضول" "أم إياد" في مكان عملها بمنطقة "اللب"، واطلع على تفاصيل مهنتها، بدءًا من جزّ الصوف، ووصولا إلى بُسُط بألوان منسقة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsبازار النحاسين في غازي عنتاب.. رحلة طويلة تنتهي بتحفة فنيةبازار النحاسين في غازي عنتاب.. ...
فاز بلقب أحسن صانع محتوى بالمغرب بمحتوى قروي 100%.. من صاحب “العاديون”؟فاز بلقب أحسن صانع محتوى ...
مبادرة مغربية لتنظيف الشواطئ.. نساء يحولن شباك الصيد التالفة لسجاد والبلاستيك لحقائب يدمبادرة مغربية لتنظيف الشواطئ.. ...
وتقول أم إياد إنها "خبيرة في النسيج اليدوي، وتعلمت الحرفة من والدتها وجدّتها عام 1985، بعد دراسة قامت بها وزارة التنمية الاجتماعية ومنظمة إنقاذ الطفل قبل ذلك بعام، عندما وجدوا "أن منطقتنا نائية وليس فيها فرص عمل للسيدات".
وتضيف أن "الدراسة ذاتها كشفت عن حرفة مهددة بالانقراض، هي الغزل والنسيج اليدوي، وانطلقوا من ذلك بأن المنطقة كانت للبدو الذين اشتهروا بتصنيع البُسط من صوف الأغنام".
وتمضي "البُسط كانت شيئا أساسيا في بيوت الشعر، لكنها اقتصرت الآن على الاستخدام المنزلي فقط".
مراحل التصنيع
وعن آلية التصنيع، تبيّن أم إياد أنها "تبدأ بجزّ صوف الأغنام الطبيعي، الذي يكون مرة واحدة فقط في العام، ثم تغسل الكميات التي تحتاج إليها، ومن ثم يكون تفتيحه وغزله بمغازل يدوية.
وتتابع "بعد ذلك يُحوّل إلى خيوط ويُعدّ للصبغ بألوان مختلفة، ومن ثم إلى النّول (أداة خشبية يدوية الصنع) لبدء عملية النسيج".
أما عن المنتجات -فهي حسب القعايدة- البُسط بالرسوم، بأشكال عادية، وتقليدية.
حرفيّة نادرة
وعن مستوى الإقبال، تقول إن "البُسط يشتريها أناس محددون؛ بسبب ارتفاع أسعارها نوعا ما، كونها مشغولات يدوية تحتاج إلى جهد ووقت طويلين، وتمر بمراحل عدة لتخرج بصورتها النهائية".
وتلفت إلى أن "الطلب -قبل جائحة كورونا- كان ينشط لدى السياح القادمين إلى المنطقة، لأنهم يحرصون على اقتناء ما يرمز للهوية المحلية للدولة التي يزورونها، ولكن العدد تراجع بسبب الأزمة الوبائية".
وتوضح في ما يتعلق بأسعار منتجاتها بأنها "غير محددة لأنها تعتمد على التصميم ووقته ومقاسه، لكنها تبدأ من 50 دينارا (نحو 70 دولارا أميركيا)".
وتفتخر أم إياد بكونها إحدى سيدات بلادها اللاتي يتقنّ هذه المهنة، وتؤكد أنها أصبحت مدربة معتمدة في هذا المجال داخل المملكة وخارجها.
ونتيجة لتطور الحياة بالأردن، فإن أم إياد تعدّ حرفيّة نادرة في مجال عملها؛ خاصة مع اعتماد الناس على البدائل من الفرش والأغطية المصنعة محليا وخارجيا، لكنها في الوقت ذاته ما زالت مقصدا للراغبين في إحياء تراث الآباء والأجداد.