شعار قسم ميدان

أكبر من أزمة ثقة.. لماذا تتوتر علاقة الدولة مع رجال الأعمال في مصر؟

في عام 1991، وفي مدينة نيويورك الأميركية، كانت الإدارة المصرية وعلى رأسها الرئيس المصري الأسبق "محمد حسني مبارك" على موعد مع وفد من صندوق النقد الدولي مختص بمنطقة شمال أفريقيا وملف الاقتصادات النامية. كان موضوع اللقاء قرضا ضخما أرادت الحكومة المصرية أن تحصل عليه، مقابل قيامها بحزمة من الإصلاحات الاقتصادية اشترطتها لجنة صندوق النقد، فيما عُرف لاحقا بإجراءات الإصلاح الهيكلي (Structural Adjustment Programs). وكانت مصر قد بدأت قبل هذا التاريخ بأكثر من عقد ونصف، تحديدا منذ منتصف السبعينيات، تُطبِّق على استحياء بعض إجراءات تحرير الاقتصاد وتفكيك السيطرة المركزية البيروقراطية على النشاط الاقتصادي العام.

من هذه الخلفية تَفاوَض مبارك ومستشاروه مع صندوق النقد بشأن القرض وإجراءات الإصلاح المطلوبة في المقابل، وبعدها بفترة وجيزة، تحدَّث مبارك في لقاء تلفزيوني عمَّا هالَهُ من طلبات لجنة صندوق النقد، التي شملت تخفيض سعر العملة المحلية، وإلغاء الدعم عن أهم السلع والخدمات التي دعمتها الموازنة العامة للدولة آنذاك، والسماح بنِسَب مرتفعة من التضخم والارتفاع في الأسعار. ولم يكن بعيدا عن ذهن مبارك الاحتجاجات الضخمة التي اندلعت حين نُفِّذَت بعض تلك الطلبات في يناير/كانون الثاني 1977 تحت رئاسة سلفه السادات، ومن ثمَّ اعتبر مبارك الإجراءات "التحريرية" تلك خطا أحمر لم يتجاوزه طيلة فترة حكمه الطويلة.

بيد أن الاجتماع المذكور مع صندوق النقد لم يكن بلا طائل؛ إذ خرج مبارك وفي ذهنه أهم توصية من توصيات الصندوق، التي شكَّلت خطا رئيسيا لسنوات حكمه القادمة كلها، وهي التحوُّل الرأسمالي في الاقتصاد، والعمل على تهيئة المناخ في مصر للقطاع الخاص كي يقوم بدوره في خلق قيمة مُضافة إلى الناتج المحلي الإجمالي وزيادة حجم رأس المال المصري، ومن ثمَّ صار القطاع الخاص قاطرة الاقتصاد والرافعة الاجتماعية للتنمية المستدامة في مصر بدلا من القطاع العام.

حسني مبارك (يمينا)

على مدار العقدين التاليين، تقلَّص دور الدولة في الإنتاج وتنظيم العمل والاقتصاد تدريجيا، وتراجع أيضا دور المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية والاقتصادية (نسبيا)، وبمرور الوقت ظهرت إلى الواجهة طبقة رأسمالية في مصر أخذ دورها يتعاظم حتى احتلَّت صدارة المشهدين السياسي والاقتصادي في السنوات الأخيرة من حكم مبارك.

أول الأعداء.. فصلٌ منسِي من التاريخ القريب

جرت مياه كثيرة تحت الجسر منذ بداية الإصلاحات الهيكلية التي دشَّنها مبارك في التسعينيات، وإعادة تموضع الدولة والقطاع الخاص في العملية الاقتصادية، حيث تُشير التقديرات إلى أن مُجمَل مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي وصلت في السنين الأخيرة لمبارك وحتى العام 2014 إلى 75-80% من إجمالي الناتج المحلي المصري. وقد أدَّت عملية التحرير الاقتصادي إلى انخفاض كبير في ملكية الدولة للأصول وتقلُّص نصيبها من إجمالي إنتاج السلع والخدمات والوظائف.

كان أبرز ما ميَّز تلك النسخة من نيوليبرالية مبارك هو الترابط السياسي الرسمي وغير الرسمي لكلٍّ من شركات القطاع الخاص والعام. وجاء هذا كما أوضح الاقتصاديون "إسحاق ديوان" و"فيليب كيفر" و"مارك شيفبوير" عن طريق الشراكات الزبائنية والنفعية التي تشكَّلت بين الرئيس ونجليه وأهم أعضاء الحزب الوطني الحاكم ورجال الأعمال ذوي الصلة مع كبار موظفي الدولة والقطاع العام.

جمال (يمينا) وعلاء مبارك

لكن انخفاض ملكية الدولة للأصول، والتراجع السياسي والاقتصادي للمؤسسة العسكرية جراء إجراءات الإصلاح الهيكلي، مثَّلت في حد ذاتها فصلا تاريخيا مهما، حيث نتجت عن هذا التحوُّل واحدة من أخطر وأقوى محاولات التغيير السياسي في بنية النظام المصري ذي الطبيعة العسكرية، وهي محاولة توريث "جمال مبارك" نجل الرئيس الحُكم بالتحالف مع نخبة من مُمَثلي الرأسمالية في مصر ممن قادوا فعليا هذا التحوُّل النيوليبرالي، واصطفوا سياسيا تحت مظلة الحزب الوطني، ثم تمدَّدوا داخل السلطتيْن التنفيذية والتشريعية في العقد الأول من الألفية الجديدة.

هدَّد هذا المشروع بوضوح مصالح البيروقراطية العسكرية، ليس لأنه سعى إلى إعادة تشكيل النخبة الحاكمة تحت قيادة رئيس غير عسكري فقط، بل والأهم سعيه إلى نقل سيطرة الدولة والمؤسسة العسكرية على الاقتصاد إلى مجموعة رجال الأعمال تحت زعم التحرير والإصلاح الهيكلي. وكان هذا المشروع السياسي فعالا وطموحا إلى درجة أنه امتد إلى دوائر مفتاحية داخل الجهاز الإداري للدولة، لا سيما البيروقراطية الاقتصادية، التي لم تُرحِّب في الأصل بالتوجُّهات الجديدة لحكومتَيْ "عاطف عبيد" و"أحمد نظيف"، وهو ما استدعى تدشين كيانات موازية داخل البيروقراطية مثل جهاز تحديث الصناعة الذي أسَّسه نظيف وجعله تابعا لرئاسة الوزراء.

مثَّلت ثورة يناير الفرصة المناسبة للإجهاز على هذا المشروع السياسي برموزه وطموحاته كافة، والبدء في تفكيك شراكات المحسوبية والزبائنية التي تشكَّلت حول عائلة مبارك، وخاصة بعد النهاية السياسية لمشروع توريث نجله جمال السلطة. فقد أُودع كبار رجال الأعمال أمثال "أحمد عز" و"زهير جرانة" و"أحمد المغربي" السجن حتى قبل تنحي مبارك، ثم انضم جمال وعلاء مبارك إليهم، ناهيك بهروب آخرين مثل "رشيد أحمد رشيد" خارج البلاد. وانتقلت السلطة التنفيذية والتشريعية بعدئذ إلى القوات المسلحة، ومن ثمَّ أُغلِقَت تلك الصفحة من تاريخ مصر على وقع هدير الجماهير المحتشدة في الميادين والدبابات العسكرية المحيطة بها.

زهير جرانة (يمين) بجانب أحمد عز وأحمد المغربي (الفرنسية-أرشيف)

هدف النظام الجديد.. تقويض استقلالية قطاع الأعمال

تقول الأكاديمية "شانا مارشال" إنه لا يمكن فهم التحوُّلات الدراماتيكية للاقتصاد العسكري في فترة الرئيس "عبد الفتاح السيسي" دون استيعاب الخلفية التاريخية للصراع بين الجيش والرأسمالية في مصر أثناء العقد السابق على ثورة يناير. فعلى الرغم من صعود مجموعة جديدة من رجال الأعمال المدنيين إلى صدارة المشهد الاقتصادي، حاول قادة الجيش بصورة رسمية وغير رسمية موضعة أنفسهم داخل الحياة السياسية والاقتصادية بوصفهم نواة لطبقة حاكمة جديدة في مصر.

بعبارة أخرى، سعى النظام الجديد إلى استعادة مركزية الدولة في صنع القرار الاقتصادي، وتطويع القطاع الخاص لخدمة إستراتيجية الدولة الاستثمارية والرأسمالية في الوقت نفسه، حتى وهو يواصل إعلانه الالتزام رسميا باقتصاد السوق الحر. وقد أوضح الباحث "يزيد صايغ" هذه المفارقة قائلا: "يكشف التحوُّل في النشاط العسكري الاقتصادي والتجاري في عهد السيسي عن ملامح هذا التطور. فتدَّعي المؤسسة العسكرية أنها توظف 5 ملايين شخص، لكن جميعهم تقريبا يعملون في الواقع (عبر) المقاولين المدنيين للقطاع الخاص الذين يعملون لصالح المؤسسة العسكرية. يُشير هذا إلى أن نهج السيسي قد يساعد في توليد النمو الاقتصادي وتحسين كفاءة المالية العامة، لكنه يُعزِّز أيضا قبضة الدولة المصرية بدلا من تعزيز اقتصاد السوق الحر".

أخذت الشركات العسكرية تطرح نفسها بقوة في عدد من قطاعات الاقتصاد المحلي التي يُهيمن عليها القطاع الخاص. وقد تجنَّبت المُؤسسة العسكرية هذه القطاعات في السابق بناء على توجيهات مبارك لوزارة الدفاع، فضلا عن توصيات صندوق النقد نفسه، لكن مع قدوم السيسي استحوذت شركات القوات المسلحة على شركات خاصة مُتعثِّرة، وأنشأت شركات جديدة في مجالات الأسمنت والصلب والفوسفات والأسمدة والإعلام والصناعات الثقيلة والمتخصصة، وقطاعات الزراعة، والمزارع السمكية، والمحاجر والمناجم.

وبحسب تحليلات، فإن هذا العدد الهائل من الشركات الجديدة تسبَّب في حدوث فائض في العرض عن نسبة الطلب داخل السوق المحلي، ولذا ألحق دخول المؤسسة العسكرية تلك المجالات خسائر فادحة بالقطاع الخاص الذي اضطر إلى تقليص السعة الإنتاجية وتخزين المواد والمنتجات غير المُستخدمة، فضلا عن تقلُّص حصته من السوق. لم تجد الشركات الخاصة مشكلة في عهد مبارك في انضمام الشركات العامة إليها في القطاعات الآمنة نسبيا من انخفاض معدلات الطلب ما دام ذلك يتم تحت قواعد السوق المفتوح، غير أن تدخُّل الشركات العسكرية في القطاعات نفسها وبشروط تسمح لها بتحديد سعر السوق غيَّر ملامح المشهد الاقتصادي.

استفادت الشركات العسكرية الجديدة لا سيما في القطاعات المذكورة، إذ حازت صفة مزدوجة بوصفها بائعا ومشتريا في آنٍ واحد، ومن ثم احتكرت المؤسسة العسكرية والشركات التابعة لها السوق، واستطاعت بسهولة طرد شركات القطاع الخاص غير الخاضعة لها خارجه، إذ إن الدولة باعتبارها المستثمر الوحيد في البنية التحتية باتت مصدر الحصة الكبرى من إجمالي أعمال القطاع الخاص، وخاصة الشركات الكبيرة والمتوسطة، وهو ما يعني توظيف سيطرة الدولة على الأراضي والموارد الطبيعية لتحقيق أقصى قدر من السيطرة السياسية على النشاط الاقتصادي وتقويض استقلالية القطاع الخاص.

أدَّت الزيادة الضخمة في الإنفاق العام على الإسكان والبنية التحتية منذ أواخر العام 2013 إلى زيادة حصة الأعمال التي تستمِدُّها الشركات الخاصة من الدولة. وقد أدَّى ذلك إلى تضخيم مركزية الروابط السياسية والمحسوبية في تأمين العقود العامة، خاصة الروابط مع المؤسسة العسكرية، التي تتمتَّع الآن بالسلطة القانونية لمنح عقود المشاريع التي تُديرها بواسطة "الأمر المباشر" أو "الإسناد المباشر"، مما يضع الهيئات الهندسية التابعة للمؤسسة العسكرية في قلب العملية الاقتصادية، ومن خلالهم دون غيرهم يمكن للقطاع الخاص أن يجد موقعا له داخل السوق.

وظَّفت الهيئات العسكرية قدرتها القانونية والسياسية تلك لاستخراج أرباح أكبر من المعدلات الطبيعية التي يسمح بها حجم السوق المصري، حيث أُجبِرَت الشركات الخاصة على قبول معدلات ربح أصغر في مشاريع الأشغال العامة التي تديرها الهيئة الهندسية. وقد بلغ حجم هذه المشاريع نحو رُبع الإجمالي العام بين عامَيْ 2014-2018، ما يشي بتحويل كبير لرأس المال من القطاع الخاص إلى المؤسسة العسكرية، ويلبي في الوقت نفسه غرض تأمين تكاليف المخططات الحكومية المستقبلية، فضلا عن زيادة السيولة في ودائع الصناديق العسكرية.

لقد أطلق السيسي العنان لمشاريع ضخمة في قطاعات ومناطق جغرافية عديدة داخل مصر دون توفير إطار قانوني مُناسب طيلة السنوات الست الماضية، وهو ما يُشير إلى قوة المصالح العسكرية ونظرة السيسي العامة للتنمية الاقتصادية على أنها مسألة تقودها الدولة لا القطاع الخاص في المقام الأول. أما القطاع الخاص الذي حملت استقلاليته الزائدة في نظر الجيش خطرا على الأمن القومي وقيم الجمهورية، فلم يجد النظام حرجا في دفعه إلى الهامش.

سعت إدارة السيسي إلى الحصول على استثمارات القطاع الخاص بشروطها الخاصة، دون التفاوض الحر والضمانات القانونية.

بحلول سبتمبر/أيلول 2020، بلغ فائض السعة الإنتاجية لدى الشركات غير العسكرية 40%. ورغم أن جائحة كورونا أدَّت بدورها إلى انخفاض الطلب في السوق، فإن التراجع الحاد بدأ فعليا عام 2018 عندما بدأ تشغيل مصنع الأسمنت الجديد الضخم في بني سويف، وكانت شركات القطاع العام أيضا من بين الأكثر تضرُّرا. على سبيل المثال، تكبَّدت شركة الحديد والصلب ديونا وصلت إلى 9.1 مليارات جنيه وخسائر تُقدَّر بـ 783.8 مليون جنيه بحلول مارس/آذار 2020 (أي خسارة بلغت نسبة 410% من رأس المال).

وقد أتى الاستحواذ على شركة "حديد المصريين" مُعبِّرا عن طبيعة العلاقة التي تحكم النظام والمؤسسة العسكرية بقطاع الأعمال، وهي قائمة على استعداد المؤسسة العسكرية لاستغلال المشكلات المالية -التي سبَّبتها التدخُّلات العسكرية في السوق ابتداء- من أجل الاستيلاء على حصتها في السوق أو الاستحواذ عليها. ومن ثمَّ أُحكمِت قبضة المؤسسة العسكرية على الاقتصاد وخرج قطاع الأعمال المدني خارج الحلبة، وقد برَّرت المؤسسة العسكرية قراراتها الاستثمارية بأنها تمنع الاحتكارات وتؤمِّن الإمداد والأسعار في الأسواق. في نهاية المطاف، هندست المؤسسة العسكرية سوق الأعمال المحلي بحيث أصبح له باب واحد لتحقيق الأرباح مفتاحه عند قادة المؤسسة العسكرية دون غيرهم.

الاستيلاء على الأصول والجباية

ماذا عن دور القطاع الخاص المُهمَّش إذن؟ سعت إدارة السيسي إلى الحصول على استثمارات القطاع الخاص بشروطها الخاصة، دون التفاوض الحر والضمانات القانونية، مع الإبقاء على مركزية الشركات المملوكة للجيش التي تلعب دورا مهما بالفعل، حيث بات هناك نحو 80 شركة عسكرية تُنتج سلعا مدنية بالأساس، بما في ذلك الأجهزة والملابس والأغذية والمشروبات والتبغ والسيارات ومُعدِّات تكنولوجيا المعلومات، وتشارك في البيع بالتجزئة والإعلام والترفيه.

ورغم اتساع هذا النشاط، تسعى الشركات المملوكة للجيش إلى تحقيق عائدات من مصادر جديدة، فقد ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" في فبراير/شباط 2020 أن صندوق الثروة السيادية في مصر، الذي تأسَّس عام 2018 "للترويج والمشاركة في الاستثمار في الأصول المملوكة للدولة"، يسعى للحصول على مستثمرين أجانب ومحليين لـ 10 شركات من جهاز مشروعات الخدمة الوطنية (التابع للجيش).

ثم أصدرت الحكومة عام 2021 تشريعا برلمانيا قنَّن الإعفاءات الضريبية الموجودة فعليا لصالح صندوق تحيا مصر، الذي تأسَّس عام 2014 بأمر السيسي مباشرة "لتحسين الظروف المعيشية للمحرومين"، ومُدَّت الإعفاءات لتشمل رسوم الدمغة وضريبة القيمة المضافة ورسوم التسجيل العقاري وما إلى ذلك. وبات صندوق تحيا مصر مالكا لمجموعة متنوِّعة من الأصول، كما يملك الحق في تأسيس شركات وشراء أسهم في شركات قائمة عامة أو خاصة.

في الوقت نفسه، استحوذ الجيش على العديد من المؤسسات الخاصة المربحة، بما في ذلك مزارع الأسماك وشركات تعدين الذهب وشركات التنقيب عن الرمال السوداء، وغالبا ما تمَّ ذلك بذرائع واهية. ويخوض النظام معركة شرسة حتى اللحظة من أجل الاستحواذ على "جهينة"، شركة الألبان والعصائر الرائدة في السوق المصري، حيث سجنت الأجهزة الأمنية مؤسس الشركة "صفوان ثابت"، وكذلك ابنه وخليفته في رئاسة الشركة العملاقة، وبينما يُقال إن ذلك يرجع إلى صِلات لهما بجماعة الإخوان المسلمين، فإن التقارير تُشير إلى أن السبب الحقيقي هو أنهما قاوما الضغط لتسليم أصول الشركة إلى الدولة.

تتلخَّص إستراتيجية النظام الآن فيما يبدو بإعادة توجيه العلاقات مع القطاع الخاص وإعادة تنظيمها. وعلى الرغم من مسؤولية القطاع الخاص عن 70-75% من الناتج المحلي الإجمالي ومن الوظائف (إذ يبلغ إجمالي عدد العاملين في منشآت القطاع الخاص في مصر نحو 20 مليون فرد، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء) حتى بدء صعود السيسي، فإن المؤسسة العسكرية باتت إلى حدٍّ كبير في موقع القيادة على مُستوى تحديد الأهداف والأولويات الاقتصادية، والسيطرة على الموارد والأسواق والأصول. وبطبيعة الحال، لن يتمكَّن الجيش من احتكار إنتاج القيمة المضافة للناتج المحلي تماما، ولكنه يُظهِر حتى اللحظة إرادة سياسية واعية للسيطرة على كل مصادر القوة المادية والرمزية في مصر، حتى يتفادى نشوء تكتُّل جديد (ومشروع سياسي بالتبعية) على غرار تكتُّل رجال أعمال لجنة سياسات الحزب الوطني المُنحل.

___________________________________________________

المصادر

  1. رأس الحربة الاقتصادیة لحرَّاس النظام: دور المؤسسة العسكرية في تطور رأسمالية الدولة 3.0 في مصر.
  2. Ishac Diwan, Philip Keefer, and Marc Schiffbauer, ‘Pyramid Capitalism: Cronyism, Regulation, and Firm Productivity in Egypt’, The Review of International Organizations 15/1 (2020)
  3. Follow the Money to the Truth about Al-Sisi’s Egypt
  4. Negotiating statist neoliberalism: the political economy of post-revolution Egypt, Heba Khalil, Review of African Political Economy
  5. انتصار البيروقراطية: عقد من إجهاض التغيير السياسي والاجتماعي في مصر، عمرو عدلي، موقع جدلية. 
المصدر : الجزيرة