شعار قسم ميدان

خوليس كوندي في برشلونة.. تأخرت فسبقت الجميع!

BARCELONA, SPAIN - AUGUST 28: Jules Kounde of FC Barcelona runs with the ball during the La Liga Santander match between FC Barcelona and Real Valladolid CF at Camp Nou on August 28, 2022 in Barcelona, Spain. (Photo by David Ramos/Getty Images)

أمسية التاسع عشر من يونيو/ حزيران 2020، إشبيلية وبرشلونة يتعاركان على ملعب الأول، ليونيل ميسي على تنفيذ ركلة حرة مباشرة على حدود المنطقة عند الدقيقة 20، الكل يترقب من خلف الشاشات كيف سيضع البرغوث الكرة في الشباك، يلتقط الأرجنتيني أنفاسه، يأخذ قياساته بنظراته الحادة قبل أن يخطو نحو الكرة ليسدد في المرمى، لكنها لا تدخل!

ترك مدافع إشبيلية الحائط وتراجع سريعا لحماية الزاوية البعيدة عن الحارس لينجح بالفعل في إبعاد الكرة برأسه، خوليس كوندي قال لا، وتجرأ على منع ميسي من إحراز هدفه الشخصي رقم 700، وهدف التقدم لفريقه، لتنتهي المباراة بالتعادل الذي يعزز موقف إشبيلية في المشاركة بالمسابقات الأوروبية، ويضعف موقف برشلونة في السباق على لقب الدوري (1).

بعد 3 سنوات من تلك الليلة، ينتقل كوندي إلى برشلونة، حيث يتولى مسؤولية الدفاع عن مرمى برشلونة ومنع الأهداف عنه بعدما تفنن سابقا في حرمانه منها، لم يأخذ الشاب وقتا طويلا للوصول إلى نادٍ بحجم برشلونة، موسمين في بوردو وثلاثة في إشبيلية، والآن في القمة ينتظره تحدٍّ من نوع خاص، لكن يبدو أن كوندي جاهز دائما لأنه يعمل بشكل أذكى من البقية (2).

سلاح سري

برز كوندي مع إشبيلية بوصفه قلب دفاع وظهيرا أيمن عند الحاجة، وشكّل ثنائية لافتة رفقة دييغو كارلوس في نظام المدرب لوبيتيغي، وعلى الرغم من أن شريكه البرازيلي هو من يُمثل عنصر الخبرة في تلك الثنائية، فإنك إذا شاهدت إشبيلية للمرة الأولى قد يخدعك كوندي بنضجه وإمكاناته الهائلة، لدرجة أنك لن تصدق أنه أصغر مدافعي الفريق، ولن يخطر ببالك أن عمره 21 أو 22 عاما فقط.

المثير في كوندي أن عمره يمنحه حيوية الشباب حيث الجرأة والتنافسية والإقدام على المخاطر، بينما وعيه يحكم ذلك كله، فتجد نفسك أمام لاعب لا يواجه مشاكل كثيرة داخل الملعب، يتواصل مع من حوله، يوجّه من بجواره، ويعرف تماما كيف يتعامل مع مواقف اللعب المختلفة بأريحية سواء في العمق أو على الطرف، كما لو أنه يملك جميع الإجابات، وبعد التحري والتدقيق، تكتشف بالفعل أن كوندي لديه من يمرر له الإجابات.

منذ أن أصبح لاعبا للفريق الأول لبوردو بعمر 17 عاما، اتخذ كوندي خطوة غير عادية بتعيين محلل أداء شخصي له، سيرجي كوستا هو شخص يثق به اللاعب ويدفع له راتبا خاصا لتولي مسؤولية تطوير أدائه الفردي، أصبح من المعتاد أن يقوم اللاعبون بتوظيف مدرب شخصي للياقة البدنية، وأخصائيين في التغذية والعلاج الطبيعي، أو حتى طبيب نفسي، لكن كوندي اختار مسارا مختلفا قليلا، وهو تطوير نفسه "تكتيكيا"، وذلك في حد ذاته يعكس تمام إدراكه لطبيعة اللعبة، نظرا لحجم المتطلبات التكتيكية للاعبين في الوقت الحالي(3).

"لقد حققت تطورا كبيرا بفضل العمل مع سيرجي كوستا منذ أن بدأنا في بوردو، يسمح لنا الفيديو برؤية الأشياء التي لم نتمكن من رؤيتها في المباراة، تمريرة كان بإمكاننا القيام بها على سبيل المثال، يشرحها لنا سيرجي بعين مختلفة، دون التدخل في عمل المدرب. سيرجي موجود لتقديم الحلول"

– خوليس كوندي(4)

تجنب كوندي من البداية الكثير من المشكلات التي تواجه اللاعبين الذين يشرعون في شق طريقهم بمفردهم، مثل عدم قدرتهم على إدراك المشكلات التي تعطلهم وتعيق نموهم؛ لأن وعيهم ما زال في طور التكوّن، كما أن خبراتهم محدودة، وحتى إذا ما نجحوا في إدراك الكثير من المشكلات، لا يعني ذلك بالضرورة أنهم على دراية بكيفية حلها، وفي النهاية يصلون إلى نقطة الصفر، حيث الكثير من الحواجز والعقبات في منحنيات التطور.

بذلك امتلك كوندي دائما أفضلية تنافسية على من حوله؛ لأنه لديه مساعدة شخصية طوال الوقت سرَّعت عملية تطوره، بفضل سيرجي كوستا، يملك كوندي حلولا داخل الملعب أكثر من غيره، تسمح له بقراءة مواقف اللعب بشكل أفضل، وبذلك يتجنب الكثير من القرارات الخاطئة للاعبين في مثل عمره، وإذا تحسنت عملية اتخاذ القرار لدى اللاعب في ذلك المستوى فهو تلقائيا يضع نفسه مع النخبة، تماما حيث يوجد الفرنسي الشاب حاليا.

 

شمس جديدة

في برشلونة يبدأ عهد جديد بعد خيبات السنوات الأخيرة، تحسن الفريق بتولي تشافي تدريب الفريق خلفا لرونالد كومان، هزم كل الكبار في المسابقة المحلية، لكنه اصطدم سريعا بإمكانات اللاعبين فلم يصل معه الفريق إلى المستوى المأمول، وذلك لأن المشكلة الكبرى في بارسا منذ سنوات لم تكن في المدربين بقدر ما كانت في مجموعة اللاعبين القابعين هناك(5).

مع كبر سن القادة الذين حملوا الفريق لسنوات وعدم تجديد الفريق بشكل سليم، افتقر الفريق للانتظام في الأداء بمستوى عالٍ كل 3 أيام، علاوة على افتقار الفريق لنوعيات معينة حالت بينه وبين لعب كرة القدم التي يريد. اليوم، بعد خروج 16 لاعبا، والتوقيع مع 8 جدد لدعم جميع الخطوط، تُشرق الشمس من جديد في نيو كامب، بعدما اعترف تشافي أنه يملك الآن تشكيلة اللاعبين التي تسمح له بالمنافسة(6).

من بين التدعيمات كان تدعيم خط الدفاع فرضا على برشلونة، لم يخسر برشلونة ليغا الموسم قبل الماضي في الأمتار الأخيرة مع كومان بسبب قصور هجومي، إذ كان الفريق الأكثر صناعة للفرص في المسابقة، لكنه خسر اللقب لأنه كان يستقبل الأهداف بسذاجة مفرطة، والآن بات الوضع أسوأ، إذ لم يعد بيكيه قادرا على اللعب طوال الوقت بداعي الإصابات، كما أن أراوخو وإيريك ما زال أمامهما الكثير لتعلمه، لذلك كان لزاما على الإدارة الرياضية تدعيم الخط بشكل حقيقي، فجاء كريستنسن وكوندي من تشيلسي وإشبيلية، مدافعان أثبتا نجاحا كبيرا في السنوات الأخيرة على المستوى الفردي والجماعي، والأهم أنهما من نموذج بارسا(7).

إحدى أكبر المشكلات التي واجهت برشلونة في الحالة الهجومية خلال الموسم الماضي كانت معاناته في بناء اللعب ضد الفرق التي تضغط عاليا مع توجيه الضغط ناحية رونالد أراوخو لعزله عن زملائه لاستغلال ضعف النواحي التقنية للمدافع الشاب، الأورغوياني مدافع بالفطرة، يحل العديد من المشكلات بحضور بدني استثنائي، قوي وسريع ولا يجعلك تُفضّل مواجهته، لكنه أقل من زملائه تقنيا، وهو ما يستهدفه الخصوم.

عندما لا يستطيع الفريق بناء اللعب وتجاوز خط الضغط الأول، وقتها لا فائدة من الحديث عن أي تكتيكات أخرى، لأن أول مرحلة هجومية لم تتم من الأساس، وبذلك ينهار التنظيم الهجومي كاملا، كما أنه في عصر الضغط كما تكافَأ على التمريرات التي تجيدها، فإنك تُعاقب كذلك على التمريرات التي لا تستطيع لعبها، وبارسا مع أراوخو واجه مشكلة كبيرة في هذا الصدد.

بالتوقيع مع كوندي، فإن بارسا قد حل تلك الإشكالية تماما، لأن الفرنسي يستخدم الكرة بأريحية كبيرة، يعرف كيفية مقاومة الضغط واللعب خلف خطوط الخصم، وكيف يُخرج الكرة بشكل سليم من الخلف للأمام سواء بالتمرير أو بحمل الكرة، وبذلك يستطيع الفريق تحويل نقطة الضعف إلى امتياز، لأنه الآن بات قادرا على دعوة خصومه للضغط ومن ثم تجاوزهم، والأهم أن كوندي يضمن لك ذلك بدون أي خلل في الجوانب الدفاعية، بعكس إيريك غارسيا الذي لم يكن على مستوى التوقعات في الموسم الماضي.

وصول متأخر

وصل كوندي برشلونة كآخر صفقة كبيرة في الميركاتو المنصرم بعد رافينيا وليفاندوسكي، لم يستطع النادي تسجيله لاعبا للفريق في دفاتر رابطة اللاعبين في الوقت المناسب مثل بقية زملائه، وبناء عليه لم يكن متاحا للمشاركة في أول مباراتين في الدوري ضد رايو فاليكانو وريال سوسيداد، فكانت ودية لم الشمل ضد مان سيتي أول فرصة مشاركة له مع فريقه الجديد(8).

صورة: تشكيلتا برشلونة ومانشستر سيتي في المباراة الودية الأخيرة - المصدر: سوفاسكور
تشكيلتا برشلونة ومانشستر سيتي في المباراة الودية الأخيرة – المصدر: سوفاسكور (مواقع التواصل الاجتماعي)

لعب تشافي برسم 4-3-3، حيث أشرك كوندي أساسيا من البداية بجانب جيرارد بيكيه، على أن يترك الأخير مكانه المعتاد ناحية اليمين للوافد الجديد، بينما يلعب هو في الخانة المجاورة على اليسار، في المقابل طابق مان سيتي الرقم الخططي نفسه لبارسا، مع توجه للضغط العالي والمتوسط في الحالة الدفاعية ورفع مناطق الافتكاك، ما يُعد اختبارا نموذجيا لمدافع بارسا الجديد.

صورة: ضغط مانشستر سيتي على برشلونة مع بداية المباراة - المصدر: وسائل التواصل الاجتماعي
ضغط مانشستر سيتي على برشلونة مع بداية المباراة – المصدر: وسائل التواصل الاجتماعي

بدأ مانشستر سيتي بالضغط، بينما كان يحاول برشلونة تدوير اللعب من جانب لآخر، يضغط ألفاريز على جيرارد بيكيه، بينما يؤخر بالمر خطواته في انتظار خروج الكرة من قدم الأخير، لتجنب ترك مكانه مبكرا وفتح مسار التمرير لكيسيه.

صورة: خروج برشلونة من ضغط مانشستر سيتي - المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي
خروج برشلونة من ضغط مانشستر سيتي – المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي

بمجرد خروج الكرة من قدم بيكيه، بدأ بالمر بالضغط على كوندي، بالتزامن مع ترحيل ألفاريز لإغلاق مسار التمرير على بوسكيتس على أن يذهب فودين للضغط على سيرجي روبيرتو، لماذا؟ لإغلاق مسارات التمرير القريبة على كوندي وإجباره على التشتيت أو اللعب للوراء.

كيف استجاب كوندي لذلك؟ أصر الفرنسي على تعديل وضعية جسده باللمسة الأولى للاستدارة، وبعدما كان توجيهه الجسدي لا يعطيه إلا زوايا التمرير الأفقية، فقد فتح لنفسه بذلك زوايا عمودية، واستطاع كسر ضغط مان سيتي وإيجاد الرجل الحر "فرانك كيسيه" بين الخطوط.

صورة: محاولة تقدم برشلونة بعد إجبار مانشستر سيتي على التراجع - المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي
محاولة تقدم برشلونة بعد إجبار مانشستر سيتي على التراجع – المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي

أجبر برشلونة مان سيتي على التراجع والدفاع بكتلة متوسطة منخفضة بعد نجاحه في تخطي الضغط العالي، والآن محاولة جديدة للتقدم، أثناء العملية، توقف بوسكيتس بالكرة للحظات، لدعوة بالمر للضغط، وذلك لسحبه من أجل تفريغ كوندي ليستلم بدون ضغط في المساحة الفارغة، ومع صعود روبيرتو خطوات للأمام، أصبح لدى كوندي مساحة تقدم أكبر وأصبح فودين في موقف 1 على 2، لا يعرف هل يبقى مع روبيرتو ويترك كوندي يتقدم بدون ضغط، أم يضغط على كوندي ويترك ظهير البارسا خاليا من الرقابة؟

صورة: نجاح برشلونة في التقدم والاختراق ضد مانشستر سيتي - المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي
نجاح برشلونة في التقدم والاختراق ضد مانشستر سيتي – المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي

ارتبك فودين وتأخر في اتخاذ القرار، فلم يتراجع مع روبيرتو ولم يصعد للضغط على كوندي، فاستغل كوندي المساحة للتقدم، وضاعف الأضرار الواقعة على سيتي بالتمرير لروبيرتو في المساحة التي فرغها له رافينيا، بعدما دخل خطوات للداخل لسحب ظهير مان سيتي معه.

صورة: ضغط مانشستر سيتي على برشلونة بمرور وقت المباراة - المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي
ضغط مانشستر سيتي على برشلونة بمرور وقت المباراة – المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي

هنا محاولة تقدم جديدة من بارسا، ألفاريز يضغط وحيدا على بيكيه قبل وصول زملائه، والأخير انتظر كوندي للعودة للتمرير له بدلا من الرجوع للحارس، الفكرة أن على كوندي أن يستلم تلك التمريرة وظهره للملعب.

صورة: وصول لاعبي مانشستر سيتي للضغط على برشلونة - المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي
وصول لاعبي مانشستر سيتي للضغط على برشلونة – المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي

لم يواجه الفرنسي أي مشكلة في الاستدارة بسبب تأخر لاعبي مان سيتي في الصعود للضغط، لكنهم في المقابل أغلقوا جميع منافذ التقدم.

صورة: ضغط مانشستر سيتي على برشلونة - المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي
ضغط مانشستر سيتي على برشلونة – المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي

محرز مع دي يونغ، ألفاريز لا يزال مع بيكيه، بيرناردو يضغط على بوسكيتس، بينما أغلق بالمر خيار كيسيه، وأخيرا بدأ فودين بالضغط من الخارج إلى الداخل، لغلق مسار التمرير على روبيرتو أثناء الضغط على كوندي، الآن على الفرنسي أن يعود للخيار الوحيد المتاح، وهو الحارس.

صورة: خروج برشلونة من ضغط مانشستر سيتي عبر كوندي - المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي
خروج برشلونة من ضغط مانشستر سيتي عبر كوندي – المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي

كانت اللقطة العبقرية في رفض كوندي الاستسلام للوضع كما لو كان الأمر شخصيا، لم يمرر للحارس، وسحب فودين للحد الأقصى لتفريغ روبيرتو، قبل التمرير بوجه القدم الخارجي لبوسكيتس، الذي لم يحتَجْ إلا لمسة واحدة للوصول لروبيرتو على الطرف ليتقدم الفريق من هناك. قلب الفرنسي عملية ضغط الخصم إلى عملية سحب واستدراج من خلال قدراته الاستثنائية على اللعب بقدميه ومقاومة الضغط وذلك تحديداً مع يعنيه أن تكون مدافع بارسا.

صورة: ضغط علي من مانشستر سيتي على برشلونة في مناطق التحضير - المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي
ضغط علي من مانشستر سيتي على برشلونة في مناطق التحضير – المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي

استمر السيتي في الضغط على بارسا، وتلك المرة يضغط الفريق الإنجليزي من منطقة عالية، يحاول ألفاريز فصل هيكل برشلونة من خلال توجيه الضغط باتجاه جانب واحد فقط، محرز مع دي يونغ، بيرناردو يراقب بوسكيتس، بالمر يغلق العُمق حتى خروج الكرة من قدم الحارس، وفودين جاهز للضغط على روبيرتو، بينما يوفر كوندي خيار المساندة الوحيد للحارس إيناكي بينا.

صورة: معاناة برشلونة في تجاوز ضغط مانشستر سيتي - المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي
معاناة برشلونة في تجاوز ضغط مانشستر سيتي – المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي

بمجرد استلام الكرة، انطلق بالمر بسرعة للضغط على كوندي، ليجد الأخير نفسه محاصرا، هنا ينزل روبيرتو خطوات للخلف لتقديم المساندة للفرنسي المضغوط، فيما كوندي يحاول استغلال ضغط بالمر لصالحه من خلال تقنية التمرير المزدوج "Wall Pass"؛ مرر كوندي لروبيرتو، وتحرك للاستلام في ظهر بالمر، لكن ظهير برشلونة لم يلعب الكرة، وبدأ يبحث عن خيار آخر آمن للخروج، لكنه لم يجد لأن بوسكيتس مراقب، وألفاريز جاهز لقطع الكرة في حال التمرير للحارس. (9)

صورة: خروج برشلونة من ضغط مانشستر سيتي - المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي
خروج برشلونة من ضغط مانشستر سيتي – المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي

ما هو حل الوضعية؟ جاء الحل من كوندي مرة أخرى، حيث بدأ يخرج للطرف لتوفير الدعم لزميله في المساحة الفارغة، وهنا طبق روبيرتو تقنية زميله في الهروب من الرقابة، مرر وتحرك في ظهر فودين، ما صنع الفارق أن كوندي لم يخف، ومرر الكرة مرة أخرى لروبيرتو بكل ثقة بقدمه الضعيفة.

صورة: نجاح برشلونة في تجاوز الضغط والتقدم - المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي
نجاح برشلونة في تجاوز الضغط والتقدم – المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي

والنتيجة؟ بارسا ما زال قادرا على تجاوز ضغط خصمه والتقدم لمناطق أفضل، والفضل الأكبر في ذلك يعود لمدافعه الجديد خوليس كوندي، الذي يبدو أن لديه جميع الإجابات.

لسوء حظه، لم تأت لحظة تتويج كوندي أمام سيتي، بل جاءت على غير مراده، ضد ناديه السابق إشبيلية، أمام جماهيره في سانشيز بيزخوان، بعدما قدم تحفة فنية رفيعة المقام. لم يلعب الشاب الموهوب تلك المرة كقلب دفاع، ولكن كظهير أيمن، إلى جانب كل من إيريك غارسيا وأراوخو وبالدي في رسم 4-3-3.

صورة: محاولة تدوير اللعب من برشلونة ضد إشبيلية - المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي
محاولة تدوير اللعب من برشلونة ضد إشبيلية – المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي

بعد فشل الفريق من الاختراق من الجهة اليسرى، بدأت عملية تدوير الكرة من الخلف عبر بيدري، الذي يمرر لإيريك غارسيا في قلب الملعب، وأثناء ذلك يحاول كوندي الرجوع خطوات للخلف لتوفير المساندة لزميله فور استلامه للكرة، اللافت في العملية هي تقنية تقديم المساندة للفرنسي، الذي عاد بظهره حتى يحافظ على توجيه جسدي يجعله قادرا على رؤية الكرة والملعب في آن واحد، وبذلك لا يخسر وقتا على الكرة بعد الاستلام في عملية "الاستكشاف"، لأنه قام بها بالفعل قبل الاستلام.

صورة: نجاح كوندي في تخطي ضغط إشبيلية - المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي
نجاح كوندي في تخطي ضغط إشبيلية – المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي

بفضل ذلك، أدرك كوندي سريعا أن جناح إشبيلية بدأ يتحرك للضغط عليه من الداخل، لذلك قام بفتح جسده تماما لإيهامه باللعب على الطرف لرافينيا، ومن ثم مراوغته للداخل في الاتجاه المعاكس، وبذلك ينجح كوندي في ممارسة هوايته المفضلة في تخطي ضغط الخصوم.

صورة: صناعة كوندي لهدف برشلونة الثاني بعد التمرير لليفاندوسكي - المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي
صناعة كوندي لهدف برشلونة الثاني بعد التمرير لليفاندوسكي – المصدر: وسائل التواصل الإجتماعي

نجحت عملية إعادة التدوير لبارسا، استطاع كوندي سحب إشبيلية للجانب المعاكس، وإعطاء الوقت اللازم لليفاندوفسكي للهروب من الرقابة والتحرك في ظهر المدافعين باتجاه المرمى، ليرسل له الفرنسي التمريرة البينية من فوق الجميع، ويضعه أمام المرمى بعدما قام بكل شيء تقريبا بأريحية يُحسد عليها، سواء في عملية الاستكشاف والتواصل، مرورا بعملية اتخاذ القرار، وأخيرا تنفيذ بديع للقرار المُتخذ.

يملك الفرنسي قدرة كبيرة على التعبير عن ذاته بجرأة على الرغم من أن قدمه ما تزال تتحسس التغيير، لكن ذلك تحديدا ما جعله مؤهلا للعب في نادٍ بحجم برشلونة بمجرد ارتداء القميص. يحصل كوندي على الكرة، يُدرك جيدا الخيارات المتاحة، يحاول التصرف بصبر وهدوء، والأهم أنه لا يستسهل ولا يرتبك، وفي النهاية سيلعب الكرة في أفضل مسار متاح وكأنه هناك منذ سنوات أو عاش كل ذلك مسبقا.

تنتمي الحياة دائما للمقدمين، تنفتح أبوابها تحية لأولئك الذين تجرؤوا على خوضها ببراءة الأطفال وطموح الملائكة. كوندي يعيش كالطفل هناك، وجهه الأملس لا يوحي إلا بالبراءة، يضحك دائما، لا تظهر عليه آثار الضغط، ولا يكترث بمقدمات الوافد الجديد، وفي الملعب هو وغد جاء لحجز مكانه لـ10 سنوات قادمة، وعلى جميع من يرغب في المشاركة الانتظار حتى يمل الفرنسي.

كان تدعيم خط الدفاع بالنسبة إلى تشافي أمرا مفصليا لجدية المشروع، ليس فقط من منظور دفاعي كما تتخيل الجماهير، ولكن من منظور هجومي أيضا لكوننا نتحدث عن فريق يعيش تقريبا 70% من مبارياته حارما خصومه من الكرة، ومن ثَم معظم مواقف اللعب التي يجب على المدافعين حلها هي مواقف هجومية، وبالتعاقد مع لاعب بنوعية كوندي، فإن تشافي يملك العالم بين يديه، لن يتبقى له إلا توجيه الدفة للغزو وإعادة الفريق إلى سابق عهده.

———————————————————————————————

المصادر

1- تكتيك إشبيلية للتصدي لضربة ميسي الحرة

2- خوليس كوندي ينضم إلى برشلونة

3- سيرجي كوستا: المدرب الذي يُطور لاعبي كرة القدم المحترفين

4- تصريح خوليس كوندي عن العمل مع كوستا

5- تعيين تشافي مدرباً لبرشلونة خلفاً لرونالد كومان

6- دفاتر تعاقدات برشلونة لموسم 2022/23

7- تحليل ستاتس بومب للدور الأول من الدوري الأسباني 2020/21

8- برشلونة غير قادر على تسجيل كوندي للمباراة الثانية على التوالي

المصدر : الجزيرة