شعار قسم ميدان

سأسمّيه نيدفيد،كريم نيدفيد.. تعرف على أغرب القصص وراء أسماء اللاعبين

ميدان - القصة وراء أسماء اللاعبين.. سأسمّيه نيدفيد.. كريم نيدفيد

في السابع عشر من يوليو/تموز لعام 1994، أُقيمت المباراة النهائية لكأس العالم في الولايات المتحدة بين إيطاليا والبرازيل، وفي هذا اليوم تحديدا انقسم العالم إلى نصفين.

   

كان النصف الأول حزينا للغاية بعد أن أرسل باجيو ركلة الجزاء الأخيرة لمنتخب إيطاليا نحو السماء. هذا النصف كان عاشقا للإيطالي النحيل ذي الشعر الأشعث المتدلّي فوق ظهره على هيئة ذيل الفرس والذي يتلاعب بكل منافسيه في رشاقة ساحرة. أما النصف الآخر فكان يطير فرحا برؤية روماريو حاملا كأس العالم بين يديه وفوق وجهه ابتسامته المعتادة. هذا النصف الفَرِح كان أسير روماريو صاحب الوجه الأسمر واللمحات الاستثنائية، القصير الذي كان أكثر مهارة من أن يُراقبه أحد. (1)

      

 
 
 
View this post on Instagram
 
 
 

A post shared by FIFA World Cup (@fifaworldcup) onJan 29, 2018 at 11:51am PST

     

انقسم العالم حول حب باجيو وروماريو إلا رجلا وحيدا، السيد راكوتوريسوا. هذا الرجل القابع في جزيرة مدغشقر بالمحيط الهندي وحده هو مَن قرّر أن يجمع في قلبه حب كلا اللاعبين مناصفة. لذا، وبعد أن رُزق بمولود صبي بعد عامين من تلك المباراة، قرّر أن يُطلق عليه اسم "جين روماريو باجيو". (2)

    

"لقد أحبَّ والدي كلا اللاعبين (روماريو وروبرتو باجيو)، لقد وُلدت بعد عامين من كأس العالم 1994 ولذا أعطاني الاسمين. لم توافق والدتي في البداية، لكنها قبلت أخيرا". (3)

   

أصبح جين لاعبا دوليا لمنتخب مدغشقر، ليظل اسمه علامة على شغف كرة القدم وما تمتلكه من سحر وتأثير في قلوب محبيها. جين ليس وحده، فهناك الملايين حول العالم تمت تسميتهم بأسماء لاعبي كرة قدم، وهناك بعض اللاعبين التصقت بهم أسماء لاعبين قدامى تيمُّنًا أو تشبيها. أما أسماء اللاعبين أنفسهم فهي قصة أخرى، فهناك لاعبون مشهورون بأسماء ليست بأسمائهم الحقيقية، ولاعبون يحملون أسماء هي سبب شهرتهم في عالم كرة القدم.

 

نحن على وشك أن نقوم برحلة في عالم أسماء اللاعبين والذي يحمل في طياته العديد من الغرائب والمفاجآت، بداية من الملك بيليه مرورا بكريم نيدفيد وصولا لعبد الرحمن خالد جبنة.

    

"جين روماريو باجيو" لاعب منتخب مدغشقر (مواقع التواصل)

        

لعل يكون له من اسمه نصيب

يبدو المشهد الخاص بتسمية مولود جديد في العائلة مألوفا للغاية، يُحدِّق الجميع في الفراغ، ثم فجأة يصيح أحدهم باسم ما في حماس مُنتظرا أن يشاركه البقية الحماس نفسه، وهو ما لا يحدث أبدا بعد أول اقتراح، ليعود الجميع للصمت ثانية في انتظار صيحة جديدة تحمل اسما جديدا. إذا كان الأب من الشغوفين بكرة القدم، فمن المؤكد أنه يحمل في جعبته العديد من أسماء اللاعبين، لكن البعض يتجاوز تفكيره في الأمر من مجرد اسم لاعب كرة يحبه ويمنحه لطفله ليتحوّل الاسم إلى أمنية.

  

لم يكن الأمر مصادفة إذن أن يُصبح جين روماريو باجيو لاعب كرة قدم محترفا، بل إن السيد راكوتوريسوا نفسه ربما منح ولده هذا الاسم لكي يُبقيه شغوفا مثله بكرة القدم. يؤمن الكثير من الآباء أن الأسماء التي يمنحونها لأطفالهم تحمل دوما دلالة لمصير محتوم.

  

هناك 606 شخص في البرازيل يحملون اسم لينكر، وُلدوا جميعهم بعد ظهور اللاعب الإنجليزي غاري لينكر وتألُّقه في ملاعب كرة القدم. أحد هؤلاء هو اللاعب البرازيلي لينكر أوغوستو دا سيلفا، والذي يُفسِّر والده سبب تسميته بأنه أراد له أن يكون لاعب كرة قدم جيدا مثل لينكر، وهو ما حدث بالفعل. (4)

  

"لقد كنت لاعب كرة قدم وتم تصعيدي إلى الفريق الأول مباشرة بعد أن سجّل غاري لينكر ستة أهداف في كأس العالم 1986 في المكسيك. قررت أن طفلي سيكون لاعب كرة قدم، لذا سأمنحه اسم لاعب كرة قدم حقيقي. لقد كان لينكر لاعبا جيدا جدا وأردت أن يكون ابني جيدا مثله". (5)

  

اللاعب الإنجليزي غاري لينكر (رويترز)
اللاعب الإنجليزي غاري لينكر (رويترز)

    

إذا كان الإنجليزي لينكر قد استحوذ على اهتمام البرازيليين لهذا الحد، فماذا عن أسطورة هذا الزمن الأرجنتيني دييجو مارادونا؟ لم يسلم مارادونا من الأمر بالطبع، فهناك لاعب برازيلي يحمل اسم دييجو مارادونا، كما أن له شقيقين، أحدهما يحمل اسم ريفيلينو، والآخر يُدعى بلاتيني.

 

حسنا، يبدو أن مقولة "لعل يكون له من اسمه نصيب" تُجدي نفعا في عالم كرة القدم، لكن في جنوب أفريقيا قرّر أحدهم أن يجعل الأمر مضمونا، لذا منح مولوده اسم ريفالدو روبيرتو جونينهو، وهم ثلاثي منتخب البرازيل الفائز ببرونزية أولمبياد 1996. لم يخب أمل الرجل، وأصبح ولده لاعبا حاليا في فريق ماميلودي صنداونز ويُعرف باسم ريفالدو كويتزي. (6) لا يمكن أن نغادر تلك القائمة قبل أن نذكر أشهر أعضائها وهو الهولندي العبقري دينيس بيركامب، والذي يحمل اسم أسطورة توتنهام دينيس لو، كذلك النمر الكولومبي راداميل فالكاو، ومن الواضح أن سبب تسميته هو إعجاب والده بالبرازيلي فالكاو.

    

لا نعرف ماذا يخبّئ لنا المستقبل، خاصة مع وجود 117 طفلا إنجليزيا يحملون اسم "كريستيانو" كانوا قد وُلدوا خلال مواسم رونالدو الستة في مانشستر يونايتد، إلى جانب ازدياد شعبية اسم "تييري" من خمسة أو ستة أطفال في السنة إلى أكثر من مئة طفل خلال عامي 2003 و2004، أعوام تييري هنري رفقة أرسنال الذي لا يُقهر. 

  

رغم أن تلك الأسماء حملت لأصحابها نوعا من التميُّز والأُلفة داخل ملاعب الكرة، فإنها أيضا لم تخلُ من المقارنات المُجحِفة بطبيعة الحال، تخيّل أن تحمل اسم دييجو مارادونا ثم لا تُجيد مراوغة المنافسين. تُصبح تلك المقارنات أكثر شراسة مع لاعبين حملوا أسماء أساطير كرة القدم تشبُّها أو توقُّعا في مراحل الناشئين.

    

لاعب ناشئ ذو شعر طويل! ليكن اسمه نيدفيد.. كريم نيدفيد
كريم وليد الملقب بـ
كريم وليد الملقب بـ "كريم نيدفيد" واللاعب "بافل نيدفيد" (مواقع التواصل)

    

اكتسب بعض اللاعبين أسماء لأساطير كرة القدم كنوع من الإشادة، أيقونة أفريقيا وغانا عبيدي بيليه يأتي في مقدمة هؤلاء. لكن في المقابل يتم منح بعض الناشئين أسماء عالمية كنوع من التحفيز أو التشبيه. يمتلك النادي الأهلي المصري تجربة تبدو غريبة بعض الشيء في منح الناشئين أسماء لاعبين عالميين. تولّى بدر رجب، لاعب الأهلي السابق، مسؤولية فريق الناشئين في النادي نفسه. قرر بدر أن يمنح لاعبيه أسماء عالمية لقُرب الملامح من وجهة نظره، ومن أجل تحفيزهم وتعزيز الثقة لديهم أيضا. (7) الأزمة الكبرى أن الملامح تبدو بعيدة لحد كبير، أو ربما حدث ذلك بأثر الزمن، كما أن تلك الأسماء أصبحت عبئا على هؤلاء اللاعبين لضخامة الفوارق بين لاعبي الأهلي والأسماء التي يحملونها. 

      

أكثر هؤلاء اللاعبين شهرة هو محمود تريزيجيه، لاعب أستون فيلا الإنجليزي، والذي يؤكد رجب أنه كان يمتلك قَصّة شعر اللاعب الفرنسي تريزيجيه نفسها، والمثير هنا أن الفرنسي لم يمتلك شعرا خلال مسيرته مع كرة القدم. محليا، يبرز لاعب الأهلي كريم وليد والمعروف باسم كريم نيدفيد، ولا تربطه علاقة بنيدفيد إلا أن البعض يؤكد أنه امتلك شعرا طويلا بعض الشيء أثناء طفولته. أما الطامة الكبرى فهو لاعب وادي دجلة الحالي أحمد رمضان بيكهام، وهو لاعب أسمر ذو ملامح مصرية واضحة، لكن رجب يؤكد أن بيكهام كان شعره أصفر وطويلا، أرجوك لا تقرأ وصف بيكهام الأخير بصوت الفنان أحمد بدير. (8) عبيدي بيليه اسمه الحقيقي عبيدي آيو، وهي معلومة عرفها الجميع من خلال أبنائه جوردون وأندريه آيو، لكن ماذا لو عرفت أن بيليه شخصيا لا يحمل اسمه الحقيقي؟

    

أسماء شهيرة للغاية لكنها ليست حقيقية

نحن هنا في قائمة الأسماء المستعارة. يشبه الأمر هنا هذا المشهد الكلاسيكي الذي يتحدّث فيه المخرج مع أحدث الوجوه التي اكتشفها لتوه ليصيح في وجهه: "اسمك فتحي؟! لا! فتحي ليس اسما فنيا على الإطلاق، من الآن فصاعدا سيصبح اسمك أمير.. أمير نور".

    

على الشاكلة نفسها تم تسمية الملك بيليه بهذا الاسم ذي النطق الأكثر سهولة من اسمه الحقيقي إديسون أرانتيس دو ناسيمنتو. يرى البعض أن هذا ليس ضروريا على الإطلاق، فهناك أسماء لاعبين شديدة الصعوبة وعلى الرغم من ذلك يحفظها الجماهير، وللرد على هؤلاء يجب ذكر الاسم الحقيقي لمهاجم تشيلسي الحالي تامي إبراهام وهو كيفن أوجينيتيغا تاماريبي باكومو إبراهام. (9) أما في هولندا، فمن المنطقي ألّا تحمل اسمك معك في ملاعب كرة القدم، ويبدو السبب واضحا بعد مراجعة أسماء كتلك:

    

بيليه (رويترز)
بيليه (رويترز)

    

* رونالد وفرانك دي بوير = فرانسيسكوس ورونالدز دي بوير.

* لويس فان خال المدرب الشهير = ألوسيوس بولوس ماريا فان خال.

* بيير فان هويدونك = بيتروس فيردناندوس يوهانس فان هويدونك.

* رود فان نيستلروي = روتخيروس مارتينيوس يوهانس نيستلروي.

    

حسنا، يبدو لنا الآن أن فكرة الأسماء المستعارة ليست بالسيئة إطلاقا طالما أنها أنقذتنا من تلك الأسماء الصعبة، لكن ماذا عن أسماء مستعارة هي في حد ذاتها أغرب من الخيال؟

    

الدوري المصري: المعني الحقيقي لسوق اللاعبين

هناك بعض الأسماء التي يستغرب غير المهتمين بكرة القدم كيف يحفظها المشجعون عن ظهر قلب، أسماء مثل باستيان شفاينشتايغر أو هنريخ مخيتاريان فرضت نفسها بفضل الأداء المميز رغم صعوبة الاسم. في المقابل، هناك أسماء كانت هي السبب في شهرة أصحابها، بل إنها طغت على أدائهم داخل الملعب، خاصة تلك الألقاب التي تبدو خفيفة الظل في مرحلة الطفولة، لكنها لا تبقى كذلك بعد أن يُصبح هذا الطفل لاعب كرة قدم محترفا.

   

يجب علينا أن نقوم بشراء كفتة وكابوريا واستاكوزا. تبدو تلك الجملة مألوفة تماما خاصة إذا كانت على لسان أحد زبائن قسم الأسماك واللحوم داخل أحد الأسواق المركزية أو ما يُعرف باسم "الهايبر ماركت". لكن المثير هنا أن تلك الجملة ربما تسمعها داخل أحد الأندية المصرية أثناء فترة انتقالات اللاعبين دون أن يُثير الأمر حفيظتك. فالدوري المصري مليء بأسماء لاعبين يحملون ألقابا غاية في الغرابة ترتبط معظمها بالمأكولات والمشروبات.

  

من قسم البقالة نُقدِّم لكم اللاعبين: عبد الرحمن خالد جبنة، محمود لانشون، محمد فاروق زتونة، محمود سمنة، ومحمود عبد السلام بيبسي. أما من قسم العطارة فهناك: أسامة سمسم، سمير كمونة، ومحمد شطة. أما في قسم الفاكهة فهناك: أحمد عبده بلحة، وأحمد نبيل مانجا، وأحمد مصطفى شمامة، ولاعب كرة الصالات أحمد عبد القادر موزة. هذا بالإضافة بالطبع إلى اللاعبين محمد كفتة، وأحمد كابوريا، وأحمد حسن استاكوزا. تطول تلك القائمة لتشمل أحمد كشري، ومصطفى عصعص، والسيد شوكة، وإبراهيم شعللها.

     

محمد كفتة، وأحمد كابوريا، وأحمد حسن استاكوزا (مواقع التواصل)
محمد كفتة، وأحمد كابوريا، وأحمد حسن استاكوزا (مواقع التواصل)

  

تواصل "ميدان" مع اللاعب عبد الرحمن خالد جبنة، والذي أوضح أنه حصل على هذا الاسم لأن بشرته كانت شديدة البياض ولذا أطلق عليه ابن عمه اسم "جبنة" في سن مبكرة للغاية. يُضيف عبد الرحمن أنه يتعرّض في بعض الأحيان للسخرية من اسمه، وهو ما يُغضبه بالفعل، خاصة أنه يشعر بأنه لم ينل الإشادة التي يستحقها كلاعب كرة قدم.

   

في النهاية، تبقى أسماء اللاعبين عاملا مهما في علاقة المشجع باللعبة، ودلالة على سحر كرة القدم الذي لا ينضب بمرور السنوات. فمهما كان اسم اللاعب صعبا فإن المشجع يحفظه حبا في اللاعب والفريق، وربما يزيد هذا الحب للدرجة التي يُقرِّر معها المشجع أن يمنح هذا الاسم لطفله. يأمل المشجع أن يمنح طفله بعضا من المهارات المرتبطه بالاسم. لم يحدث ذلك حتى الآن، لكن ربما يُغيِّر الطفل رونالدو ميسي الأمر، لا يوجد طفل بهذا الاسم؟ مَن يدري، من المؤكد أن أحدهم فعلها ومنح طفله هذا الاسم.