شعار قسم ميدان

وداعا فالفيردي.. في رثاء القبح وأنصاره

ميدان - وداعا فالفيردي.. في رثاء القبح وأنصاره

"قد لا يكون من اللائق قول ذلك، ولكن هناك قطاع من جماهير برشلونة يستحق ما حدث. كل مَن بارك هذا القُبح واعتنق المصادفة قانونا للكفاءة التدريبية، كان يجب أن يُذهله انتصار المنطق والعدالة مرة أخرى بعد أن اعتاد على قهرهما طوال موسمين".

 

نعم، إنها لحظة تشفٍّ، يجب الآن أن نخبركم أننا أخبرناكم، قبل أن نستقبلكم في عالمنا الجديد الخالي رسميا من إرنستو فالفيردي ونرحب بكم من جديد. تخيَّل يا صديقي أننا كنا نتنازع طوال هذا الوقت لأجل هذا الشخص، جديا! حسنا، انتهت المعركة، وانتصر المنطق انتصارا ساحقا، ولكن بأقل الطرق منطقية على الإطلاق.

 

تخيَّل أن ينجو الرجل على مر عامين ونصف بكل فضائحه، كبيرها وصغيرها، نجا حين فقد تقدُّمه بثلاثة أهداف ضد فريق مثل روما، ونجا حين فقد الأفضلية نفسها أمام ليفربول، ثم يسقط الآن لأنه خسر نصف نهائي السوبر أمام أتلتيكو مدريد 3-2 فقط، هذا كل شيء! أي عاقل مكانه سيُقاضي برشلونة أمام محكمة العدل الدولية، ماذا يعني "نصف نهائي" السوبر أصلا؟ هل خسرت وظيفتي للتو بسبب بدعة؟ 

    

مدرب برشلونة السابق
مدرب برشلونة السابق "أرنستو فالفيردي" (رويترز)

      

لأن التاريخ لا يتذكّر..

"الرجل يفوز، فماذا تريد؟ هل عرفت الآن ماذا نريد؟ دعنا نعترف بأن العبث مع عشاق النتائج ممتع للغاية، طالما أنهم لا يبالون بأي شيء غير النتيجة، طالما أن الأداء الذي يصرخ البقية لأجله لا قيمة له أمام النتيجة".

  

نعم، هو لا يتذكّر غير النتائج، ولكننا نتذكّر، بعكسه. التاريخ لن يتذكّر كل الفِرَق الأقل من برشلونة التي عاثت أمامه فسادا دون رادع سوى ميسي وتير شتيغن. التاريخ لن يتذكّر إلّا أن برشلونة فاز بالليغا في آخر موسمين، وبالتالي لن يتذكّر حسن تعاون ريال مدريد. التاريخ لن يتذكّر أن المباراة التي تسبّبت بإقالة فالفيردي في نهاية المطاف هي أفضل مباراة له هذا الموسم. شتيغن لم يكن هنا، والدفاع لم ينجح في الحفاظ على مكتسبات ميسي، أرأيت كم هي بسيطة تلك اللعبة حقا؟

  

أنت مَن اخترت تلك اللعبة يا صديقي، والآن عليك أن تواصل الخضوع لقواعدها، برشلونة فقد نقطتين أمام سوسييداد بسبب طرد دي يونغ، هل يتذكّر التاريخ ذلك؟ لا، إنه يتذكّر أن برشلونة فقد نقطتين أمام سوسييداد. برشلونة قدّم مباراة رائعة أمام أتلتيكو مدريد خذله الدفاع في نهايتها، هل يتذكّر التاريخ ذلك؟ أخبرني الآن ما الذي يتذكّره هذا البغيض؟ قُلها، لا شيء سيحدث حتى تقولها.

   

لا، ليس إلى هذا الحد بالطبع، ولكن أتدري ما المُثير هنا حقا؟ أن إدارة برشلونة باتت شريكا في لعبتنا، لقد طبّقت منطقك بحذافيره، الرجل لم يمنحها النتائج التي ترجوها، والانتخابات على بُعد أقل من 18 شهرا، إذا لم يُحضِر النتائج مَن يكترث بالأداء؟ وهنا تكمن المشكلة، لقد كنت تفوز حين كان فالفيردي يفوز لأنك تضع النتيجة في وجوهنا، ولكن هل تعتقد حقا أننا فُزنا بإقالته؟

   

وقت الاحتفال؟
رئيس نادي برشلونة بارتوميو ومدرب برشلونة الجديد
رئيس نادي برشلونة بارتوميو ومدرب برشلونة الجديد "كيكي سيتين" (وكالة الأناضول)

    

"هل تلك الإدارة على استعداد للتخلّي عن سُلطتها المطلقة على الانتقالات؟ هنا فقط يتفوّق فالفيردي على غوارديولا ومورينيو وساكي وفيرغسون وأي مدرب كبير يجوب اسمه بخاطرك. باولينيو؟ هذا ما أُفضِّله بالفعل. كوتينيو؟ لا أعرف، ولكن لنجرّبه في مراكز الملعب كافة حتى نجد ضالّتنا. غريزمان؟ لا تضغط عليَّ، أنا لا أعرف أين سأُشركه ولكننا سنتصرّف. دي يونغ؟ تعليمات؟!".

  

تقول الأسطورة إن امرأة فائقة الجمال أتاها رجلا يطلب خطبتها، يتميز بقلة طلباته وشكواه، فيما يعيبه كونه بخيلا عديم الأخلاق والرومانسية مرتفع الصوت فظ اللسان يملك سجلا إجراميا في 4 دول مختلفة، فرفضته لأنه قصير القامة. لا تبحث عن تلك الأسطورة فقد اختلقتها للتو بكل وضوح.

  

كما أخبرناك قبل قليل، الإدارة قد دخلت لعبتنا، هذا لم يَعُد جديدا، ولكن الجديد أنها قد انتصرت لك! لقد أقالته بناء على بعض النتائج بعينها، دونا عن آلاف الأسباب المنطقية لإقالته، بل ولعدم تعيينه من الأصل، اختارت إدارة بارتوميو هذا السبب التافه لإقالة فالفيردي. لنتحدث بصراحة: مَن يأبه بشأن السوبر أصلا؟ الأمر لا علاقة له بسعادة جمهور ريال مدريد بالتتويج بهذا اللقب، من حق أي بطل لأي بطولة أن يحتفل كيفما شاء، ولكن هل سمعت من قبل بمدرب يُقال لخسارة السوبر؟

  

لنوقف اللعب مؤقتا ولنراقب تلك المهزلة القصيرة، وصدقا لن تندهش إن كنت متابعا جيدا لإدارة بارتوميو: برشلونة يفاوض تشافي دون الحديث مع فالفيردي أصلا، فيرفض تشافي تسلم المهمة في منتصف المهمة، يتسرّب الخبر -كالعادة- فيتبعه المزيد من الأخبار عن غضب السيد إرنستو وشعوره بالخيانة، فجأة تجد الإدارة نفسها مضطرة للجلوس مع الشخص المفترض بها إقالته، يجتمع بارتوميو مع فالفيردي، بلا نتائج معلنة بالطبع. يجتمع مجلس الإدارة ثم يُنهي اجتماعه دون الإعلان عن القرار، بينما تناقش الصحافة هوية بديلة بالفعل. (1) (2)

 

ما بعد طلاء الأرصفة
مدرب برشلونة الجديد
مدرب برشلونة الجديد "كيكي سيتين" (رويترز)

  

"بالفعل كان سونغ هو أفضل الأمثلة لأسوأ تعاقدات تلك الحقبة، لأنه بالتأكيد لم يخطر على باله أو بالنا في 2014 أن النادي نفسه سيُجري تعاقدات تفوق 100 مليون يورو دون أساس أو تخطيط، لم يكن يعتقد وهو يفكِّر في مدى الانحدار من مارتينيز إلى سونغ أنه سيرى باولينيو بقميص برشلونة. "شارما" الذي اعتبر أن سونغ بديلا سيئا لمارتينيز لم يكن قد سمع بأن كوتينيو هو بديل إنييستا".

  

لقد احتفلنا كثيرا في بداية تلك السطور، وكوننا أصدقاء قدامى يُفترض أنك تعرف ما سيحدث سابقا، نعم، حان وقت إفساد الحفل. بمدّ المسرحية السابقة على استقامتها، تجد أن ما بدأ بتشافي وتخلّله بوتشيتينو وأليغري قد انتهى بكيكي سيتين، يبدو هذا مألوفا من تلك المرة، حين بدأ العرض بفيراتي وانتهى عند كوتينيو.

  

انتهى وقت الحديث عن عقد سيتين وما إذا كان مجرد مؤقت لحين وصول تشافي، فعقده الممتد لعامين ونصف وإن كان يُسكت الأفواه هنا، فإنه لا يعني بالضرورة أنه سيُكمله، على الناحية الأخرى بدأ العرض مبكرا للغاية، قبل أن يُوقِّع الرجل حتى! إذا فتحت صحيفة فستخبرك بنيّته لاستعادة كوتينيو، وإذا فتحت الأخرى فستحدّثك عن مدى حبه لذلك الريكي الصغير، وإذا فتحت صحيفة "آس" تحديدا فستجدها تخبرك عن هذا الطرف الثالث الذي كان وراء إقالة فالفيردي وتعيين سيتين بالاسم، تركي آل الشيخ. نعم، وزير الترفيه السعودي ومالك نادي ألميريا. ما العلاقة؟ حسنا، إن أكملت الخبر لنهايته، فستتمنى لو تسكع ميسي عند والد غوارديولا. (3) (4) (5)

    

  

لا شك بأن رحيل فالفيردي يُمثِّل خطوة إيجابية على الطريق الصحيح، الخوف كل الخوف ممّن سيُكمله. فهم أنفسهم مَن عيّنوا فالفيردي، وهم أنفسهم مَن قرروا إقالته لهذا السبب التافه في منتصف الموسم عوضا عن إقالته في نهاية الموسم الماضي والإتيان بمدرب يحمل مشروعا حقيقيا أو أي نوع من أنواع تلك اللعبة التي تُدعى كرة القدم على أقل تقدير، والآن ها هم يواصلون التخبط في رحلة البحث عن بديله، أي آمال يفترض بنا تعليقها على هؤلاء المهرجين؟ كل ما نأمله هو أن يصادف خيارهم الحالي بعض النجاح، وفي وجود ميسي وبعد كل ما شهدناه مع فالفيردي، ما الذي يمنع حقا؟ لنرَ.

المصدر : الجزيرة