هل تستمر مفاجآت جولة التنس الأميركية في فلاشينغ ميدوز؟
يبدو أن تواتر الأحداث والمفاجآت خلال جولة التنس الأميركية يتفوق على السرعة التي تشتهر بها الملاعب الصلبة بين باقي الأرضيات التي تستضيف منافسات لعبة الأمراء، بما يبشر -ربما- بمشهدٍ جديدٍ لعالم الكرة الصفراء في بطولة أميركا المفتوحة.
ففي غياب اثنين من الأربعة الكبار، هما الصربي "نوفاك ديوكوفيتش" (1) والبريطاني "أندي موراي" (2) للإصابة، قبل أن يلحق بهما السويسري "روجر فيدرر" (3)، وتواصل الهزائم غير المتوقعة للإسباني "رافائيل نادال".. بدأ واقعٌ مختلفٌ يتكوّن في النصف الآخر من الكرة الأرضية. وللمرّة الأولى منذ 2009، (4) يخفق لاعبٌ من الأربعة الكبار في الفوز بلقب بطولتي "كأس روجرز" و"سينسيناتي المفتوحة"، اللتين فاز بهما على الترتيب الألماني "ألكسندر زفيريف"، والبلغاري "غريغور ديميتروف".
ومن المعسكر الآخر، أكد "بيكر" أن "زفيريف" موهوبٌ كغيره من اللاعبين، لكنه أبرز في الوقت نفسه بأن تحقيق الإنجازات يتطلب أكثر بكثير من مجرد لاعبٍ موهوب (6). لم تتناقل وسائل الإعلام مزيدا من التطورات بهذا الخصوص منذ ذلك الحين، لكن إنجاز "زفيريف" في الأراضي الكندية أقحم صورتيهما مجددا في المشهد، بعدما أصبح أول ألماني يفوز بلقب كأس روجرز منذ فعلها "بيكر" في 1986 (7).
ما يزيد من بريق هذا الإنجاز ليس فقط أنه أصبح أصغر لاعب يفوز باللقب منذ فعلها "ديوكوفيتش" في 2007 (8)، وإنما كون الفوز جاء على حساب "فيدرر" الذي أعلن بعد خسارة النهائي انسحابه من بطولة سينسيناتي بسبب إصابة في الظهر.
وبطريقته الخاصة، جاء رد "كيريوس" عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" إذ قال في نهاية العام الماضي: "أعتقد أن نادال يغفل شيئا ما، أنا إهدار للموهبة" (10). لم تمضِ سوى أشهرٍ معدوداتٍ حتى وصل اللاعب الأسترالي لأول نهائي في بطولات الأساتذة في سينسيناتي بعدما سحق في طريقه "نادال" الذي مُني بخسارةٍ أخرى غير مبررةٍ، بعد خروجٍ مشابهٍ أمام الكندي "دينيس شابوفالوف" في ثالث أدوار بطولة كأس روجرز.
في النهائي، اصطدم "كيريوس" بلاعبٍ آخر يرى الكثيرون أنه لم يستغل كامل قدراته الفنية، البلغاري "غريغور ديميتروف" الذي تُوّج أخيرا بأول ألقابه في بطولات الأساتذة في مباراةٍ لم يتمكن خلالها اللاعب الأسترالي من الحفاظ على تركيزه خلال اللحظات المهمة (11).
ويخوض "نادال" منافسات البطولة مُصنفا أول للمرة الثالثة بعد عامي 2008 و2010 فيما قد يكون فألا حسنا بالنسبة لجماهيره؛ إذ إنه تُوج بلقب البطولة للمرة الأولى قبل سبع سنوات، في المرة الأخيرة التي لعب فيها الإسباني في "فلاشينغ ميدوز" مرشحًا أول للقب (14).
قرعة البطولة هي الأخرى ترفقت باللاعب الإسباني إذ أنه سيخوض مواجهاتٍ تتصاعد قوتها بتقدم الأدوار. وفي حالة وصوله لدور الثمانية، فسيواجه "ديميتروف" على الأرجح، قبل لقاءٍ مرتقبٍ أمام "فيدرر" المرشح الثالث للقب في الدور قبل النهائي، إذا تمكنا من بلوغ هذه المرحلة (15). وبعد ساعات فقط من سحب قرعة البطولة التي كان سيخوضها مصنفا ثانيا، أعلن موراي انسحابه من البطولة الثالثة على التوالي منذ خروجه في دور الثمانية من بطولة ويمبلدون أمام الأميركي "سام كويري". (16)
وبعيدا عن درجة صعوبة مشوار كل لاعب، فإن هدفا عاما واحدا يجمع من تبقى من "الحرس القديم" في البطولة: "نادال" و"فيدرر" يتمثل في تغيير هذا الواقع الجديد من خلال إيقاف زحف اللاعبين الشبان، الذي يراه الكثيرون حتميا، وأبرزهم "زفيريف" المصنف الرابع في البطولة، في غياب السويسري "ستانيسلاس فافرينكا" الذي أنهت الإصابة مشواره لتَحرمه فرصة الدفاع عن لقبه، وبالطبع "ديميتروف" المصنف السابع.
بخلاف هذا الهدف المشترك الذي يجمعهما للذود عن "كبرياء الحرس القديم" في مواجهة اللاعبين الصاعدين، ستتجدد معركة صدارة التصنيف خلال البطولة بين "فيدرر" الذي رفض الفرصة التي سنحت له في بطولة كأس روجرز بخسارة اللقب أمام "زفيريف"، و"نادال" الذي وجدت صدارة التصنيف طريق العودة إليه بعد انسحاب اللاعب السويسري من بطولة سينسيناتي.
والآن، ستُقدم البطولة فرصةً ثانيةً للجميع، الكبار للثأر من الهزائم الأخيرة أمام الصاعدين الذين سيحاولون ترسيخ الواقع الجديد، بينما سيحاول "نادال" التخلص من شبح الهزائم المفاجئة وإثبات جدارته بصدارة التصنيف أمام العائد "فيدرر".