شعار قسم ميدان

ترغب بتحقيق هدفك؟.. 5 اكتشافات لعلم النفس تساعدك لبلوغه

midan - رئيسية بزنس

"لا يمكنك رسم حياتك. ينبغي لك أولا اكتشاف شغفك، ما يهمك حقا"

(باراك أوباما)

 

إذا كنت ممن يبحثون عن هدفهم في الحياة، ولا تزال غير متأكد من أن مهنتك تتماشى مع اهتماماتك، إليك خمس نتائج بحثية تستحق أخذها في الاعتبار: أولا، هناك فرق بين الشغف المتناغم والشغف الهوسي. إذا تمكّنت من إيجاد مسار أو هدف مهني يحفّزك، فعلى الأرجح أن عملك سيكون مصدرا لسعادتك ونجاحك؛ وهذا ما عرفناه من خلال باقة من المواد البحثية المعمَّقة. لكن انتبه، فمنذ أن نشر الطبيب النفسي الكندي روبرت فاليراند وزملاؤه ورقة بحثية رائدة في عام 2003، وضع الباحثون تمييزا بالغ الأهمية بين وجود شغف متناغم وشغف هوسي.

  

إذا شعرت أن شغفك أو هدفك خارج نطاق السيطرة، وأن مزاجك وتقدير ذاتك يعتمدان عليهما، فيُعتبر هذا شغفا هوسيا. ورغم ارتباط الشغف الهوسي بالتحفيز، فإنه يرتبط أيضا بنتائج سلبية مثل الاحتراق الوظيفي والقلق. في المقابل، إذا كان شغفك تحت السيطرة ويعكس صفات تحبها في نفسك ويكمّل الأنشطة المهمة الأخرى في حياتك، فإنه سيكون شغفا متناغما بلا شك. يرتبط هذا النوع من الشغف الصحي بنتائج إيجابية مثل الحيوية وتحسّن في أداء العمل والمزاج الإيجابي والمرور بمرحلة "التدفّق"*.

 

ثانيا، امتلاك هدف غير م[1] [2] حقَّق في حياتك أسوأ من عدم امتلاك هدف على الإطلاق. إن كان لديك طموح متقد أو غاية تسعى إليها جاهدا، فاستمر بتغذيتهما والعمل على تحقيقهما ولا تهملهما أو تتركهما يخبوان[3] [4]  بمرور الوقت. قبل بضع سنوات، قام باحثون في جامعة جنوب فلوريدا بإجراء مسح على مئات الأشخاص وقاموا بتصنيفهم في ثلاث مجموعات كالتالي: أشخاص يشعرون أنهم بلا هدف في الحياة، وأشخاص كان لديهم هدف حققوه، وأشخاص كان لديهم هدف ولم يفعلوا شيئا لتحقيقه. تمثّل أبرز النتائج في أن المشاركين الذين كان لديهم هدف لم يفعلوا شيئا لتحقيقه، قد حققوا أسوأ النتائج عند معايير الانخراط في العمل والالتزام الوظيفي والرضا عن حياتهم والصحة والإجهاد. وأشار الباحثون إلى أن هذا يطرح نظرة مخالفة للفوائد المفترَضة من وجود هدف في الحياة. وخلصوا إلى أن: "وجود هدف لا يُعَدّ فائدة إلا في حال تحقيقه، إذ يمكن أن يكون ضارا عندما لا يتحقق كما هو الحال عند عدم وجود هدف على الإطلاق".[5] 

  

undefined

    

أما النتيجة الثالثة التي يجب أخذها في عين الاعتبار فهي أنه بدون شغف، تبقى العزيمة هباء محضا. طرحت الطبيبة النفسية أنجيلا داكوورث من جامعة بنسلفانيا فكرة أهمية "العزيمة" في النجاح المهني، حيث جادلت بأن الأشخاص "العازمين" الناجحين للغاية، يتمتعون بمثابرة مثيرة للإعجاب. تذكر داكوورث في كتابها "العزيمة قوة الشغف والمثابرة" الصادر عام 2016: "يمكن وصف شخص بأنه يتمتع بالعزيمة عندما يقف على قدميه مهما سقط، ويستمر بالتقدم".

 

تُظهر العديد من الدراسات أنه كلما زاد وعيك (أي كونك أكثر انضباطا واجتهادا)، ازداد نجاحك الوظيفي. لكن أهذا كل ما يقتصر عليه أن تكون لديك العزيمة؟ لطالما أكّدت داكوورث على امتلاك العزيمة عنصرا حيويا آخر يقودنا إلى الشغف مجددا؛ فترى أن الأشخاص أصحاب العزيمة يمتلكون أيضا "قلقا مطلقا" إلى جانب المثابرة، وهي طريقة أخرى لوصف الشغف أو الهدف. من ناحية أخرى، وفقا لورقة بحثية نُشرت العام الماضي، فالمقياسُ المعياري للعزيمة قد فشل في تخمين الشغف، أو بشكل أكثر تحديدا في تخمين تحصيل الشغف[6] [7] [8] .

 

 يعتقد جون جاكيموفيتش وزملاؤه في كلية كولومبيا لإدارة الأعمال في نيويورك أن هذا قد يفسر سبب تضارب الأبحاث في موضوع العزيمة إلى حد كبير؛ مما أدى إلى ادعاء أنه مفهوم مُبالَغ فيه وبكل بساطة إعادة تقديم للضمير الحي باسم آخر. وجد فريق جاكيموفيتش عند قياسهم تحقيق الشغف على نحو واضح (إلى أي مدى يشعر الناس بأن لديهم شغفا كافيا لعملهم)، وجمعهم ذلك مع قياس للمثابرة (اتساق الاهتمامات والقدرة على التغلب على الإخفاقات)، أن القياسين تمكنا من التنبؤ بأداء متفوق بين موظفي شركات التكنولوجيا وطلاب الجامعات. وأوضح الباحثون: "توحي النتائج التي توصلنا إليها بأن المثابرة من دون تحقيق الشغف هي مجرد مشقة وكدح في العمل، وأن الأفراد يتقدمون في حياتهم عندما تقترن المثابرة بتحقيق الشغف".

 

النتيجة الرابعة كانت أنك عندما تستثمر ما يكفي من الجهد، قد يتحول عملك لشغفك. إنه فهم جيد جدا لوجود شغف أو هدف في حياتك، ولكن إذا لم يكن لديك أيٌّ منهما، فأين ستجد أحدهما؟ تشير داكوورث إلى خطأ الاعتقاد أنه في لحظة سيهبط عليك الإلهام أو ستجد هدفك وشغفك فجأة أو من خلال التأمل الهادئ، بدلا من ذلك، ستحتاج إلى استكشاف مختلف الأنشطة والمساعي، وتعريض نفسك للتحديات والاحتياجات المختلفة التي تواجه المجتمع.

  

undefined

    

إن كنت ما زلت تبحث عن شغفك وهدفك، فربما يستحق الأمر استشارة الآخرين الذين يقولون إن الأمر لا يدور دائما حول تمتّعك بالطاقة والعزم من خلال العثور على شغفك؛ وأن العكس يمكن أن يكون صحيحا في بعض الأحيان. إن وضعت طاقة كافية في عملك، سيتبعها الشغف. خذ مثلا دراسة استقصائية متكررة لمدة ثمانية أسابيع، استهدفت أصحاب مشاريع ألمان، ونُشِرت عام 2014. وجدت هذه الدراسة نمطا واضحا بين الجهد والشغف؛ فقد زاد شغف المبحوثين بمشاريعهم بعد استثمارهم مزيدا من الجهد في ذاك الأسبوع. وقد أكدت دراسة متابعة ذلك، مما يشير إلى أن الأثر التنشيطي أو التحفيزي لجهود الاستثمار لا ينشأ إلا عندما يتم اختيار المشروع بحرية، وفي ظل وجود شعور بالتقدّم. وذكر الباحثون أن: "شغف رواد الأعمال يزداد عندما يحرزون تقدما كبيرا في مشاريعهم وعندما يستثمرون الجهد بمحض إرادتهم".

 

أخيرا، إذا كنت ممن يعتقدون أن الشغف ينبع من القيام بوظيفة يستمتع المرء بها، فمن المحتمل أن تُصاب بخيبة الأمل؛ عليك إعادة التفكير في منبع الشغف. في نسخة أولية من ورقة بحثية أُصدرت في سجلات "PsyArXiv" لنشر النسخ الأولية من أبحاث علم النفس، يميز جاكيموفيتش وفريقه الفرق بين الأشخاص الذين يعتقدون أن الشغف ينبع من فعل ما تستمتع به (الذي يقال إنه بدأ من خطاب أوبرا وينفري الرسمي في عام 2008 حيث قالت إن "الشغف يزهر عندما نقوم بما نحب")، وبين أولئك الذين يرون أن الشغف ينشأ عن فعل ما تؤمن به أو تقدره في حياتك، كما يتجلى في كلمات الرئيس المكسيكي السابق فيليبي كالديرون الذي قال في خطاب رسمي في عام 2011: "عليك الإحاطة بالأشياء التي تؤمن بها وتقاتل لأجلها بالشغف".

 

وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يعتقدون أن الشغف ينبع من عمل ممتع، كانوا أقل احتمالية بالشعور بأنهم قد عثروا على شغفهم، وكانوا أكثر رغبة في ترك وظيفتهم بالمقارنة مع الأشخاص الذين يعتقدون أن الشغف يأتي من فعل ما تشعر بأنه مهم. ربما يُعزى ذلك إلى وجود اتفاق سطحي ومؤقت بخصوص العمل بهدف الحصول على المتعة المطلقة؛ ما يناسبك لمدة شهر أو سنة قد لا يناسبك لفترة طويل. في حين أن العمل تجاه ما يهمك هو مسعى أزلي، من المحتمل أن ينمّيك ويدعمك لفترة غير محددة. وخلص الباحثون إلى أن النتائج التي توصلوا إليها تُظهر أن "مدى وصول الأفراد إلى مستوى شغفهم المنشود في العمل قد لا يكون له علاقة بوظائفهم الفعلية، بل بمعتقداتهم حول كيفية تحقيق شغفهم في العمل".

—————————————————————-

هوامش:

*التدفّق أو المنطَقة: في علم النفس الإيجابي هو الحالة العقلية للعملية التي يكون فيها الشخص الذي يؤدي نشاطا منغمسا تماما في الشعور بالتركيز والطاقة والمشاركة الكاملة. يُستخدم خاصة في العلاج المهني.

—————————————————————–

ترجمة (آلاء أبو رميلة)

هذا التقرير مترجم عن: Aeon ولا يعبر بالضرورة عن موقع ميدان.

المصدر : الجزيرة