شعار قسم ميدان

الإسلام الحضاري وجيل الثورة.. هل أخطأ المفكرون الإسلاميون في فهم الدولة؟

A member of the Muslim Brotherhood and supporter of ousted Egyptian President Mohamed Mursi holds a copy of the Koran while shouting slogans during the swearing in ceremony of the head of Egypt's Constitutional Court Adli Mansour as the nation's interim president in Cairo July 4, 2013. Egypt's prosecutor ordered the arrest of the Muslim Brotherhood's leader on Thursday, widening a crackdown against the Islamist movement after the army ousted the country's first democratically elected president Mursi. But Adli Mansour used his inauguration to hold out an olive branch to the Brotherho. REUTERS/Amr Abdallah Dalsh (EGYPT - Tags: POLITICS CIVIL UNREST MILITARY RELIGION)

في بدايات عام 2005، بدأ يتشكل في مصر حراك سياسي صغير أخذ ينمو بتسارع قياسي لمعارضة نظام الرئيس حسني مبارك ومشروع توريث السلطة إلى نجله جمال مبارك، مثَّل الحراك الناشئ في أحد أوجهه تلاقيا بين جيلَين مختلفين تفصل بينهما فجوة واسعة: جيل السبعينيات ورموز الحركة الطلابية من حقبة السادات في زمن الطبقة الوسطى الفاعلة سياسيا ما قبل الهجرة والعمل في الخليج، وجيل الشباب الذي حملت له الأقدار بعد هذا التلاقي تجربة سياسية ووجدانية هي الأعنف منذ عقود.

 

التقت بفضل هذا الحراك أيديولوجيات شتى، إسلامية ويسارية وقومية وليبرالية، بهدف معارضة نظام حسني مبارك، بيد أن التلاقي الأيديولوجي لم يستمر طويلا، وبفشله فشل الحراك كله في نهاية المطاف. ولكن، على هامش هذا التلاقح بين الجيلَين وأفكارهما، تشكَّل تلاقٍ من نوع مختلف بين جيل من المثقفين والأكاديميين الإسلاميين من خارج الجسم التنظيمي للحركة الإسلامية من أجيال الثمانينيات والتسعينيات، مع مجموعات واسعة من الشباب المحافظ المتديِّن الذي شغله سؤال موقع الإسلام من العالم والحياة المعاصرة ووقف متردِّدا مُتحفظا أمام ممارسات التنظيمات الإسلامية الكبيرة. ولذا، بدا أن تلك المجموعات الشبابية قد وجدت ضالتها عند أساتذتها من الأكاديميين والمثقفين أصحاب التجربة العريضة في الفكر والعمل الإسلامي.

 

جمعت هؤلاء الأكاديميين والمثقفين الفكرة الإسلامية العامة دون تحديدات أيديولوجية أو نظرية صارمة، ما سُمِّي بعد ذلك بـ"الإسلام الحضاري". ويعرف الإسلام الحضاري على أنه حراك ثقافي بدأ على يد عدد من الأكاديميين البارزين، على رأسهم الراحلون: الدكتور "عبد الوهاب المسيري" والمستشار "طارق البشري" والدكتور "طه جابر العلواني"، وأيضا الشيخ "يوسف القرضاوي" والدكتور "محمد سليم العوا" والدكتورة "نادية مصطفى" والدكتورة "هبة رؤوف عزت" والدكتور "سيف الدين عبد الفتاح"، وغيرهم من أكاديميين وباحثين قدَّموا إسهامات فكرية ونظرية مهمة في قضايا جديدة آنذاك حول الإسلام والحداثة وما بعد الحداثة وطبيعة الحياة والثقافة المعاصرة.

 

وجد هؤلاء المثقفون والأكاديميون الكبار "الإنتلجنسيا" الشابة التي استقبلت أفكارهم، والإنتلجنسيا بالتعريف هي الطبقة الرمزية التي تقف بمثابة الوسيط بين المثقفين منتجي المعرفة والخطاب من جهة والجمهور العام من جهة أخرى، حيث تقوم هذه الطبقة بنقل المعرفة وترجمتها وتبسيطها إلى الجمهور العام من جهة أخرى.

 

الإسلام الحضاري والنفور من الدولة

بحسب الباحث عمرو عبد الرحمن، فإن ثورة الخامس والعشرين من يناير فاجأت غالبية المشاريع الثقافية والسياسية والخطابات التي نمت داخل المجتمع المدني المصري في السنوات السابقة للثورة، إذ ساهمت الثورة والانتقال المفاجئ للسلطة من مبارك والحزب الوطني إلى المجلس العسكري في خلق حالة من الارتباك العام لدى كل الفاعلين الاجتماعيين في المجال العام، حتى المعارضين لمبارك الذين لم يطرحوا على أنفسهم مهمة انتزاع سُلطة الدولة وإعادة تشكيلها وفق رؤاهم وتصوراتهم ومصالحهم حتى هذا الوقت، فلم يكن أي فاعل اجتماعي في مصر يملك تصورا متماسكا عن نظام ما بعد الثورة بمعناه المادي والسياسي المباشر.

 

ينطبق هذا على غالبية الفاعلين وخطاباتهم في مصر، لكن ما يهمنا هنا هو خطاب الإسلام الحضاري الذي بلغ ذروة انتشاره في السنوات القليلة التي سبقت وتلت إسقاط حسني مبارك. وقد كان الحراك الثقافي للإسلام الحضاري، بطبيعته غير التنظيمية أو المؤسسية، جزءا من حراك أكثر عمومية ثقافيا وسياسيا، لكن هذا الحراك بأكمله كان في مرحلة نفض الغبار عن ذاته بعد تكلُّس طويل خلال الحقبة المباركية والهجرة الجماعية للجيل السابق من الطبقة الوسطى إلى الخليج، ما ألغى فاعلية الطبقة الوسطى والمجتمع المدني والحياة السياسية والثقافية في مصر لمدة جيل كامل.

 

لم يكن أي من هؤلاء الفاعلين الاجتماعيين داخل المجتمع المدني المصري قد وصل لمرحلة من النضج السياسي تمكِّنه من طرح تصوُّر عن دولة بديلة بما يسمح بتشكيل خطاب عن الدولة والسلطة، بل انهمك خطاب الإسلام الحضاري عبر رموزه المختلفة في إعادة سرد التاريخ الإسلامي عبر التركيز على الحيوية المجتمعية التي لازمت المجتمعات الإسلامية طيلة تاريخها، دون التطرق لمنظومة الحكم وطريقة التعامل معها.

 

على سبيل المثال، قدّم مشروع الدكتور "إبراهيم البيومي غانم" إسهاما مهما في إبراز دور منظومة الوقف في إضفاء قوة وفعالية على المجتمع الأهلي المُسلم أمام السلطة السياسية في كل البلدان التي ساد فيها النظام الإسلامي، حيث كانت منظومة الوقف نقطة ارتكاز داخلية للمجتمع أو للاجتماع المدني للمسلمين في مواجهة السلطة السياسية والتنفيذية. وفي كتابها "الخيال السياسي للإسلاميين"، انتقدت الدكتورة "هبة رؤوف" هيْمنة الدولة على الخيال السياسي للإسلاميين الحركيين في عقود الصحوة الإسلامية منذ السبعينيات، وغلبة التفكير الحداثي الهرمي الصلب على طبيعة تلك التنظيمات وحركيتها السياسية، إذ حكمت الدولة الحديثة الهوبزية الخيال السياسي للإسلاميين حتى داخل تنظيماتهم، ولم يرتحل الخيال السياسي لأفق جديد تجديدي.

 

وتتابع الدكتورة هبة نقدها -الذي لعله يتسم بالجذرية الرومانتيكية- للمؤسسات الحديثة بصفة عامة بقولها: "توارت الذاتية الفاعلة في المجال السياسي -الفردية والجماعية- وراء ركام المؤسسات المتخصصة، ولم يُسمح لها بتجاوز المساحات ولا الحركة خارج الدور المرسوم الذي حدده القانون أو اللائحة أو القواعد، وأعيد تشكيل المساحات كلها على صورة الدولة الحديثة، فهي أقوى المؤسسات والمُحتكرة للسيادة، وهي التي بسطت سقفها على المؤسسات واستقلت وحدها بتقدير مصلحة الجماعة".

 

تستعمل الدكتورة مصطلح الثقب الأسود في إشارة إلى الدولة الحديثة والحداثة، حيث ترى أن الأفكار والثقافة والدين مكانها داخل المجتمع وعلاقاته الطبيعية، لا الدولة ومؤسساتها الصلبة المعقدة التي تبتلع الدين والثقافة وتحولهما إلى أداة سلطوية، ومن ثَم تصبح ثقبا أسود بهذا المعنى.

 

يتضح هذا أكثر في كتاب الدكتور "سيف الدين عبد الفتاح" المهم "الزحف غير المقدس.. تأميم الدولة للدين"، إذ إنه قدَّم مفهوما للدين بوصفه منظومة حضارية لا توجد فقط في المساجد، وإنما في جميع مناحي الاجتماع الإنساني العام، ومن ثَم يحكم هذا الاجتماع منظومة المقاصد التي تُعنَى بحفظ الدين والنفس والمال والعقل والنسل. في الوقت نفسه، يقدم الدكتور سيف تأويلات حداثية لمعاني تلك المقاصد في الشريعة الإسلامية، وكيف أن تلك المقاصد تشمل المواطنة والعقد الاجتماعي والعلاقات المختلفة.

كتاب

في المقابل يعرض الكتاب أيضا مفهوم الزحف على الدين بوصفه زحفا من طرف الدولة على المجتمع ذاته، زحف يمتص كل حيوية العلاقات الاجتماعية التي تشكل حاضنة للدين والقيم الإنسانية في ربط بديع بين كيفية تفكيك السلطة المنظومة المقاصدية وبين هيمنة الاستبداد الحديث، حيث تحتكر الدولة مفهوم صحيح الدين وتطبيقه. بعد ذلك، يتناول الدكتور سيف مجالات تأميم وإفساد مفاهيم العقد الاجتماعي بمعناه الحديث ولكن بمضامين إسلامية، مثل مفاهيم البيْعة والتوبة والدعاء والشهادة والصوم والحسبة والمفاهيم الجهادية والزكاة.

 

كان طرح الإسلام الحضاري طرحا اجتماعيا يكاد يتجنب السياسية بمعناها المادي بوصفها صراعا على السلطة والموارد بشكل كامل، لصالح إحياء منظومة اجتماعية حفظت الدين والتدين من تغول السياسة، الأمر الذي ظهر بوضوح في كتاب "نحو عُمران جديد"، حيث ركزت الدكتورة هبة رؤوف على بناء مفاهيم الأمة وفروض الكفاية والفطرة كشكل من أشكال التحرر من الدولة. ويجسِّد ذلك، لا مجرد حالة من النفور العام من فكرة الدولة والسلطة داخل البنية الفكرية والخطابية للإسلام الحضاري فحسب، بل والأهم غياب أي نية للاشتباك النظري مع مفهوم الدولة الحديثة بشكل عام.

 

تنويعات الإسلام الحضاري.. المسيري نموذجا

على جانب آخر، يمكن اعتبار الإسلام الحضاري بصفة عامة خطابا أو فكرة حديثة مهما اشتد نقدها للحداثة، وهو الأمر الذي يُمكن ملاحظته بسهولة عبر قراءة أطروحات المرجعية الفكرية الأهم للإسلام الحضاري، الدكتور عبد الوهاب المسيري، عبر مؤلفاته المختلفة التي تناولت القضايا الأساسية والمؤسسة لمواضيع اشتغال تيار الإسلام الحضاري كالحداثة والدولة الحديثة والتعاقد الاجتماعي وثقافة السوق والأيديولوجيات السياسية.

عبد الوهاب المسيري
عبد الوهاب المسيري (مواقع التواصل)

كان وجود الدكتور عبد الوهاب المسيري في مصر بمثابة قوة دافعة للوسط الثقافي المصري خلال حقبة الثمانينيات والتسعينيات، حيث أتى المسيري مُحمَّلا بأفكار وتصورات متقدمة بفارق ضخم عما كان مطروحا في المشهد الثقافي المصري حينها، وهو ما ظهر جليا بإسهامه في النقاش الإسلامي العلماني من وجهة بدت جديدة وذات قدرة تفسيرية أعلى بالكثير من معظم السجالات الأيديولوجية السائدة في مصر حينذاك.

 

يرجع ذلك بشكل أساسي إلى تعدد الروافد الفكرية التي أتى منها فكر المسيري، وهي مصادر مختلفة وجديدة، فقد عاصر المسيري تحولا ثقافيا ومعرفيا تاريخيا خلال فترة وجوده في الغرب، وتحديدا في المجتمع الأكاديمي الأميركي. فلم يكن المسيري مجرد ماركسي سابق تبنى الفكرة الإسلامية في لحظة تحول سياسي مَحلي، ولكن كان صاحب رحلة فكرية غنية مكنته من تشكيل أحد أكثر الخطابات الإسلامية تجديدا بشكل أحدث نقلة نوعية في الفكر الإسلامي المعاصر.

 

تكمن حداثة فكرة الإسلام الحضاري في فكر المسيري في الكيفية التي طوَّع بها المشاريع الثقافية والفلسفية الغربية الحديثة في خدمة التصور الإسلامي، وإعادة توظيفها لنقد الحداثة والدولة الحديثة نفسهما، لا سيِّما مفهوم الترشيد والقفص الحديدي لعالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر، الذي سار معه المسيري في نقد النزعة البيروقراطية للدولة الحديثة، قبل أن يطوِّرها المسيري عبر تبنيه للخط الرومانتيكي الأدبي الغربي إلى نقد الحداثة والعقلانية، وتطوير مقولات عن مدى استقلالية الإنسان والإمكانات الكامنة فيه التي تتعرض لقمع البيروقراطية الحديثة.

 

في جانب آخر اعتمد المسيري في كثير من مقولاته النقدية على تيار ما بعد الماركسية، وهو تيار عاصره المسيري عن قرب في المجتمع الأكاديمي الغربي، بالأخص رموز الجيل الأول والثاني من مدرسة فرانكفورت النقدية في علم الاجتماع. وقد طوَّر المسيري مقولاتهم عن العقلانية الأداتية والحياد الأخلاقي وهيمنة الإجراءات على الغايات وانفصال العلم عن القيمة الأخلاقية، وكشف خطورة الكفاءة التكنوقراطية دون الاهتمام بأي أبعاد إنسانية أو اجتماعية، وأعاد إنتاج المقولات النقدية التي طورها علم الاجتماع الغربي بعد الحرب العالمية الثانية بخصوص فظائع الأنظمة الشمولية وتحول الشيوعية السوفيتية إلى كابوس، موظفا إياها في نقده العام للحداثة والدولة الحديثة.

 

بالطبع، ليس النقاش هنا حول أصالة نقد المسيري للحداثة والدولة الحديثة، لكننا بصدد محاولة تلمُّس الخيال السياسي الذي تولَّد عن أطروحات المسيري. في كتابه "دراسات معرفية في الحداثة الغربية"، ينقد المسيري ما أسماه الصلابة المادية التي اتسمت بها الحداثة -متأثرا في ذلك بعالم الاجتماع ما بعد الحداثي زيجمونت باومان- حيث البيروقراطيات الضخمة والمصانع الكبيرة التي تسحق فردية الإنسان وتفرغه من الداخل لصالح السلطة أو السوق. ولذا، يشيع بالتوازي مع هذا النقد مزاج "لا مؤسسي" عند قراء المسيري يتجنب الهياكل والبنى الصلبة، وعلى رأسها مؤسسات الدولة الحديثة، لصالح الهوامش الصغيرة الكائنة على تخوم المؤسسات الكبيرة.

كتاب

في مقالها عن الدكتور المسيري، تقول الدكتورة هبة رؤوف إن "الرومانتيكية هي خيط ناظم في فكر عبد الوهاب المسيري يرصدها المتابع له منذ بواكيرها، فقد كانت معه حين كان ماركسيا، والماركسية كانت دوما تستلهم روحا من العدل المثالي، ثم حددت موقفه المعرفي/الحضاري الرحب فوق الأرضية الإسلامية ليختلف عن أبناء جيله الذين قاموا بنفس التحول، لكنهم وقفوا في مربع الإسلام السياسي أو كانوا أقرب إليه، في حين اختار هو أن يكون إسلاميا، ورومانتيكيا إنسانيا". ويعرِّف المسيري الرومانتيكية باختصار بأنها نزعة فلسفية وأدبية حديثة ولدت في الغرب إبَّان صعود التنوير والعقلانية الأوروبية الحديثة.

 

لقد مثلت الرومانتيكية، حسب "إيزايا برلين" في كتابه جذور الرومانتيكية، احتفاءً بالفرد في مواجهة المؤسسة أو الجماعة، وبالروح أمام العقل والمادة، والبساطة أمام التعقيد، وكانت المؤسسات الحداثية هي العدو الأساسي للنزعة الرومانتيكية الغربية، لذا، فقد اخترقت تلك النزعة كل الأيديولوجيات الناقدة لتطور الغرب والرأسمالية بدءا من الماركسية، وصولا إلى الفاشية والنازية والأيديولوجيات القومية.

كتاب

استطاع المسيري تجاوز مساوئ الرومانتيكية الغربية في تطرفاتها القومية والأيديولوجية المثالية، لكنه ظل مستلهما لها كناقد صلب للمؤسسات الحديثة والصلابة والعقلانية الأداتية والبيروقراطية، طارحا مقولات عن الإنسانية، وعن جماليات وحميمية المجتمع التراحمي السابق على وجود الدولة، وعن مساوئ التعاقد الاجتماعي العقلاني، الأمر الذي فرض خيالا اجتماعيا تفكيكيا ورومانتيكيا، بلا قدرة على التنظير للسياسة والدولة كمساحة للنضال من أجل الحرية والصراع على الموارد والسلطة.

 

كما أسلفنا، مثّلت أفكار المسيري مرجعية مهمة لأطروحات كثيرين من رموز تيار الإسلام الحضاري دافعة إياهم إلى استكشاف مساحات جديدة لم يطرقها الفكر الإسلامي المعاصر، وبدورها تلاقت تلك الأطروحات مع هوى جيل جديد راغب في أن ينشط في الحياة العامة، وراغب في إحياء المجتمع المدني والعمل الإسلامي العام بمعناه الواسع وليس الحزبي الضيق.

 

شكلت تلك الأفكار المؤسسة لمدرسة الإسلام الحضاري، خاصة بعد الدفعة القوية التي أخذتها مع الثورة وحالة التسييس الواسعة التي انتشرت داخل جيل الثورة نفسه، المصدر الأساسي للموقف المتحفظ والمتعالي أخلاقيا وفكريا على السياسة بمعناها المادي المباشر، بما هي مساومات وصراعات وتنازلات ومكاسب، فضلا عن إثمارها عزوفا ملحوظا عن تكوين مؤسسات سياسية على قدر من الصلابة والتماسك وقدرة على الحشد قادرة على الضغط لتحقيق أهداف الثورة. وفي المقابل اكتُفي بالثقافي والمُجتمَعي على حساب السياسي المباشر في لحظة تاريخية مهمة ومفصلية في الحياة السياسية المصرية، ولعل ذلك يُفسر، ولو من أحد الأوجه، أسرار التعثُّر والفشل النهائي للثورة المصرية.

المصدر : الجزيرة