شعار قسم ميدان

"ذات تائهة".. المرأة والهوية المضطربة

A Kurdish refugee woman from the Syrian town of Kobani holds a child in a camp in the southeastern town of Suruc, Sanliurfa province October 25, 2014. REUTERS/Kai Pfaffenbach (TURKEY - Tags: MILITARY CONFLICT POLITICS TPX IMAGES OF THE DAY)

" المرأة والرجل هما الخلية الأساسية للعالم والحياة، ولا تستطيع الثورات، ولا تبدل الإمبراطوريات، ولا تبدل القوانين التي تحكم مصالح العالم ولا تبدل القائمين على تلك المصالح، لا تستطيع أن تغير الحياة الواقعية ما لم تغير العلاقة بين الرجل والمرأة، والعكس صحيح، فأقل تغير في هذا العنصر الأساسي للحياة يؤدي إلى انقلاب كلي شامل.. فتاريخ العلاقة بينهما يمكن اعتباره نوعا من الميتافيزيقا"(1)
 (علي عزت بيغوفيتش)

 

في منتصف العام الحالي أعلنت هيئة معايير الإعلان في المملكة المتحدة، أنها ستتخذ إجراءات رقابية صارمة تجاه استخدام الصور النمطية لكل من المرأة والرجل في الإعلانات بدعوى أن هذا أمر له آثار ضارة على المجتمع.(2) أي أن عرض المرأة كأم، أو تخيل الفتاة في المستقبل كراقصة باليه هو أمر ضار، يؤدي إلى تنميط الشخصيات وحرمانها من حرية اختيار هويتها. وقد بدء فيسبوك بتوفير اختيارات أخرى للجنس في كل من أميركا وبريطانيا غير الاختيارين الطبيعيين، ذكر أم أنثى! فبحسب التليجراف البريطانية فقد أصبح هناك خمسين اختيارا للهوية الجنسية يستطيع المستخدم الاختيار بينها.(3)  

 
قد يعتبر المتابع أن هذا أمر طبيعي ومتوافق مع أزمة الهوية التي يعيشها الغرب حاليا بدعوى الحرية. ولكن المثير والذي يمس واقعنا هو انتقال هذه الأفكار وإن بصورة مخففة إلينا. فمنذ فترة وجيزة فُتح نقاش متكرر على فيسبوك حول ثقب أذن الفتيات الصغيرات وإلباسهن أقراطا(4).وفيما اعتبره البعض تعديا على حرية الفتاة وربطا لهويتها بمظهرها في حين أن عقلها وإنجازاتها هما ما يجب أن يكونا مركزا لهذه الهوية، اعتبره البعض الاخر فعلا طبيعيا، فالتزين فطرة وكل فتاة تحب أن ترى نفسها جميلة، والجسد كما مكونات الشخصية الأخرى محدد من محددات هويتها.

 

إحدى إعلانات حملة شركة نايك، للمساهمة في تغيير الصورة النمطية للفتيات

 

وإن قمنا بمد الخط على استقامته فسننتقل من التساؤل حول الأقراط إلى التساؤل حول الهوية وانفصالها عن الجسد الذي لم نختره بداية. فهل التساؤل خاطئ؟ قد لا يكون فعل التساؤل هو الخاطئ هنا ولكنها الأسئلة الخاطئة التي تشوش الأذهان، وتضعنا تحت رحمة اختيارات قد لا تكون هي الاختيارات الوحيدة ولا الصحيحة الممكنة.
 

كيف تنبت الأسئلة؟

تحكي ر. ع.(5) وهي فتاة مصرية في منتصف العشرينات، أنه وبعد عودتها من إحدى البلدان العربية لبلدها مصر في المرحلة الثانوية، كانت تتعرض لمعاكسات في الشارع. في البداية لم تكن تعير الأمر انتباها، ثم بدأت تبحث حولها عن المقصودة بهذه المعاكسات، ثم انتبهت أنها المقصودة. تقول:"من يومها بدأت أنظر في المرآة ألاحظ جسدي وأفكر كيف يراني الأخرون وكيف أرى نفسي"، وأنها مرت بمرحلة كبيرة من التساؤلات حول هويتها، وأفكارها، ومشاعرها، واختياراتها، والتصالح مع مشاعرها، ومع طبيعة خلقتها.

 
وتضيف: أنها وباسترجاع طريقة أهلها في التربية وجدت أنها كانت الطريقة المعتادة في الأسر المماثلة، أسر الطبقة الوسطى المتعلمة التي تريد لبناتها التفوق الدراسي والعملي، تريد منهن الخروج والتجربة والاعتماد على النفس، وهذا أمر مفهوم ومشروع في هذا الزمن. ولكن غير المشروع ولا المفهوم هو إغفال جزء هام من هوياتنا، وهو أننا فتيات في النهاية رغم كل ذلك. والعجيب أنهم يحاولون إجبارنا على عيش هذه الحقيقة التي أغفلوها سابقا حينما يريدون منا الزواج والإنجاب وبناء حياة اجتماعية، بل ويتهمون الفتاة إن شعرت بالتردد أو الخوف أو فضلت اختيار شيء أخر كالسفر أو العمل مثلا، وهنا يتجلى التعارض وتنبت الأسئلة.

 

الأمومة أهم من العلم؟!

undefined
 
هكذا سألت إحدى الفتيات على موقع آسك الشهير(6)، وهو سؤال إنما يعكس جزء من الصراع الداخلي الذي تحياه معظم الفتيات حاليا. فهذه الفتاة كما هو سائد على الأغلب تلقت تعليمها كما الذكور تماما في مجتمعها، ذهبت إلى المدرسة، ثم إلى الجامعة، أي أنها لم تُحرم من حق التعليم فتسأل هكذا سؤال بداعي الظلم. وبما إن مجتمعاتنا وتعليمنا لا يُخَرّجان العلماء حاليا بوضعهما المتردي، فالسائلة هنا على الأغلب أيضا تسأل سؤالا جدليا، فالواقع الذي نحياه ينمّط صور النجاح ويحصر معايير تقييم الذات فيما هو منفصل بالضرورة عن مساحة البناء الاجتماعي، فتبحث السائلة كغيرها من الفتيات عما يُعلي شأنها وفقا لهذه المعايير.

 
وكما يقول الدكتور المسيري: "وهذا التعريف -يقصد العمل- يستبعد بطبيعة الحال الأمومة وتنشئة الأطفال وغيرها من الأعمال المنزلية، فمثل هذه الأعمال لا يمكن حسابها بدقة، ولا يمكن أن تنال عليها الأنثى أجرا نقديا رغم أنها تستوعب جل حياتها واهتمامها إن أرادت أن تؤديها بأمانة، ولا يمكن لأحد مراقبتها أثناء أدائها فهي تؤديها في رقعة الحياة الخاصة. باختصار شديد عمل المرأة في المنزل هو عمل لا يمكن حساب ثمنه -مع أن قيمته مرتفعة للغاية- ولذا فهو ليس عملا، حتى أنه أصبح من الشائع الآن أن تجيب ربة البيت عن سؤال بخصوص نوعية عملها بأن تقول "لا أفعل شيئا، فأنا أمكث في المنزل"، بمعنى أن وظيفتها كأم -رغم أهميتها- وعملها كأم -رغم المشقة التي تجدها في أدائه- هي "لا شيء"، فهو عمل لا تتقاضى عنه أجرا، ولا يتم في رقعة الحياة العامة".(7) وبالتالي لا أحد يتحدث عنه، ولا يُشعرها بالتميز  في عالم يدفعنا للبحث عما يميزنا كأفراد انفصالا عن أي قيمة أخرى.
 

وفي نفس الإطار تدعو إحدى الأمهات عبر صفحتها على فيسبوك(8)، والتي تدون فيها عن الأمومة وتتابعها أكثر من ربع مليون سيدة، تدعو الأمهات إلى الحذر البالغ من تعريف أنفسهن كأم أو كزوجة، فهذا لم ولن يكون مصدر فخر لا لها ولا لأولادها مستقبلا، فطبخ الطعام وغسل الملابس والاعتناء بالمنزل أشياء لن يشكرها الأبناء مستقبلا، فالأفضل من أن تُعرف نفسها كأم أن تُعرف نفسها كصحافية، أو كفنانة، أو كأي شيء أخر، وهذه " إحدى مقولات الحركة النسوية بأن المرأة ظلت تعبر عن نفسا كأم، وأنه قد حان الوقت لتعبر عن نفسها كوجود شخصي فردي، وتطرح النقاشات النسوية المفهومين دائما كنقيضين"(9). هذا القلق الذي تعايشه الفتاة أصبح محركا لمزيد من الأسئلة التي قد لا تعبر بالضرورة عما يهم المرأة، فمن أين نبتت هذه الأسئلة؟
 

خيركم خيركم لأهله.. والأسئلة النسوية

"ستظل المرأة مستعبدة حتى يتم القضاء على خرافة الأسرة، وخرافة الأمومة، والغريزة الأبوية"

(سيمون دي بوفوار)

 

undefined

 
تقول د. هبة رؤوف عزت: أن " هموم المسلم المعاصر ليست همومه وحده، بل هي هموم عصره وهموم الإنسانية في زمانه"(10) لذلك فإن المرأة العربية عِوَضًا عن أن تحمل الهموم التي يفرزها واقعها فقط، فإنها تحمل ما يلقيه الأخرون فوق كاهلها من أسئلة. فبالنظر في القضايا والأسئلة التي تطرحها النسوية العالمية وتفسيراتها، نجد أنها قد لا تصلح للتطبيق على واقعنا. ففي حين "أن النظريات النسوية المتنافسة تحاول تفسير التفاوت الجنسي بإرجاعه إلى عمليات اجتماعية عميقة الغور في المجتمع، مثل التحيز الجنسي، والبطريركية، والرأسمالية والعنصرية"(11) بحسب عالم الاجتماع أنتوني جيدنز، فإن أسباب أزمة المرأة العربية قد لا تتقاطع مع الأسباب التي تطرحها النسوية الغربية إلا في القليل منها.
 

ومعظم هذا القليل يرجع لأسباب فرضت ابتداءً على المجتمعات العربية. كالظروف الاقتصادية، وتغيير بنية المجتمعات باستجلاب نُظُم بخلفيات مختلفة وإسقاطها على الواقع العربي والإسلامي، وغيرها من تجليات العولمة. فالأسرة مثلا كمظهر من مظاهر التفاعل الأساسية بين الجنسين، تحمل خصوصية كبيرة في كل من الخطاب الإسلامي والخطاب النسوي على حد سواء. فالمنظور الإسلامي يرى الأسرة كوحدة أساسية من وحدات المعمار الكوني، وتَحكُم العلاقات داخلها قيم التراحم والمودة والسكن(12)، ولها تشريعات تنظيمية بداية من الخِطبة حتى الميراث مرورًا بكل ما يعرض فيها من مشاكل وخلافات، ويحكمها منطق خيركم خيركم لأهله الذي يرد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
 

في حين تطرح النسوية رؤيتها بتاريخ وجدليات مغايرة لمنطق الرؤية الإسلامية والعربية، "وتشتمل الكتابات النسوية في هذا الصدد على العديد من الموضوعات غير أنها في مجملها تدور حول ثلاث محاور أساسية. هي مسألة التقسيم البيتي للعمل، ثم توزيع القوة والسلطة المتفاوتة داخل العائلة، والقضايا المتصلة بأنشطة الرعاية."(13)وبدلا من محاولة حل مشاكل المرأة في مساحة الأسرة وفق ما تطرحة الرؤية الإسلامية المتكاملة، نجد أن أسئلة النسوية أصبحت مدار الحديث العام حاليا في مساحة حقوق المرأة ومظالمها، فهل تزيد هذه المفاهيم في إرباك المرأة؟
 

محنة الذات.. الجندر وتفكيك الهوية

undefined
 
المجتمع الأبوي، التمركز حول الأنثى، العداء مع الرجل، المساواة، الذكورية، النوع الاجتماعي أو الجندر كلها مصطلحات تصدرها لنا الحركات النسوية باستمرار، دون الحديث عما تحمله من فلسفة وما تعكسه من حقيقة. ولعل هذه المصطلحات لا ترينا في الواقع إلا كيف "تنظر المجتمعات الغربية المعاصرة إلى الذات على أنها مهشمة ومتعددة الأوجه وغير متزنة."
(14) فدراسات النوع الاجتماعي أو الجندر، ومحاولة فرض مخرجاتها كالدعوة إلى المساواة الكاملة وقبول الشذوذ مثلا، تمثل ذروة القلق الذي ينظر به الغرب لهوية الإنسان.

 
ويشير النوع الجنسي (Gender) إلى "السلوكيات التي تحدد الأفراد باعتبارهم ذكورا أو إناثا في سياقات اجتماعية وثقافية معينة"(15) أي أنها تبحث في محددات هوية الإنسان. وقد تنوعت النظريات في موضوع الهوية الذاتية للإنسان، فالبعض يرى أن الأساس البيولوجي أو أصل خلقة الإنسان كرجل أو كامرأة هو ما يحدد هويته ابتداء، وآخرون يرون أن التنشئة الاجتماعية اعتمادا على الأساس البيولوجي هي العامل الأكبر مساهمة في تشكيل الهوية، وآخرون وهم الأكثر تطرفا يرون ألا علاقة إطلاقا للطبيعة البيولوجية للإنسان بهويته الشخصية.(16)

 

 
وقد عرّفت الموسوعة البريطانية الجندر بأنه " شعور الإنسان بنفسِه كذَكَر أو كأنثى.. ولكن هناك حالاتٌ لا يرتبط فيها شعور الإنسان بخصائصه العضوية، ولا يكون هناك توافُق بين الصِّفات العضوية وهُويته الجندرية، إنَّ الهُوية الجندرية ليستْ ثابتة بالولادة؛ بل تؤثِّر فيها العوامل النفسية والاجتماعية بتشكيل نواة الهُوية الجندرية، وتتغيَّر وتتوسع بتأثير العوامل الاجتماعية، كلما نما الطفل" وتضيف: "أنه من الممكن أن تتكوّن هوية جندرية لاحقة أو ثانوية، لتتطور وتطغى على الهوية الجندرية الأساسية – الذكورة أو الأنوثة- حيث يتم اكتساب أنماط من السلوك الجنسي في وقت لاحق من الحياة، إذ أن أنماط السلوك الجنسي والغير نمطية منها أيضاً تتطور لاحقاً حتى بين الجنسين(17). أي أنه لا يوجد علاقة بين طبيعة الإنسان كرجل أو كامرأة برؤيته لنفسه وباختياراته الحياتية.

 
ولا يستغرب وفقا لهذا الميول الجنسية "الشاذة"، ولا حتى أن يقرر أيا من المرأة أو الرجل التخلي عن أدوارهم الاجتماعية المعتادة تحت أي دعوى من دعاوى الحرية التي يبررها مصطلح الجندر. وقد أصبح هذا المصطلح وجدلية انفصال الجسد عن الهوية الشخصية مدار كثير من المطالبات الحقوقية، وفي مجال الحركات النسوية خصوصا. فأصبحت العلاقة بين الرجل والمرأة وفقا لهذا لا تحمل أي بعد قيمي كما هو الحال في الرؤية الإسلامية، وأصبحت هوية المرأة مشوشة أكثر وأكثر، فلا هي امرأة كما اعتادت أن ترى نفسها، ولا هي أم، ولا هي زوجة، ولا هي ابنة تبعا لكونها فردا من أفراد الأسرة (18).  وقد انعكست جدلية العلاقة بين الجسد والهوية هذه على رؤى الإسلاميين أيضا، فهل استطاعوا إيجاد صيغة تساعد المرأة في هذا الواقع المضطرب؟

 

الإسلاميون وأسئلة الهوية

" أي درجات الشرف أعلى؟ هي خصلة تعلو على ما سواها، أن تكون صادقا مع نفسك ومع قدرك"(19)

(علي عزت بيغوفيتش)

وسط كل هذا الاضطراب المفاهيمي وهذه الظروف الاجتماعية والاقتصادية الضاغطة على المرأة، حاول الإسلاميون منذ بدايات الحركة الإسلامية إيجاد صيغ لتساعد المرأة على تحديد هويتها وفق الرؤية الإسلامية، وكذلك لمحاولة " التصدي للدعوات التحررية -للمرأة- والتي كانت قد بدأت لتوها تنتشر في أوائل القرن العشرين في بلاد الشرق قادمة من الغرب، بتقديم خطابات مغلفة بحلل دينية(20).

  

 
ومن بين الخطابات المختلفة للإسلاميين في شأن المرأة يلقى خطاب الإخوان المسلمين قبولا أكثر من غيره وذلك بسبب قربه من النمط الاعتيادي لحركة المرأة في المجتمع، وإذا رجعنا إليه نجد أن هذا الخطاب يطرح حل المساواة بين المرأة والرجل من حيث المسئوليات الدنيوية كالاستخلاف في الأرض وحمل هم الأمة وغيرها، وحين يصل لحقيقة الاختلاف الطبيعي بين الرجل والمرأة يميل إلى تحييد الجسد خارج تعريف المرأة لنفسها حتى لا يعيق قدراتها ولا يمنعها من أداء الدور المفترض منها. ونجد هذا في طرح لدكتورة هبة رؤوف عزت في إحدى محاضراتها بعنوان تمكين المرأة حيث تقول: "أن المرأة هي إنسان وهذا ما يجب أن يحركها في الحياة، لا أن تتحرك دائما وهي تحمل عبء أنوثتها التي غطتها بالحجاب واللباس الفضفاض فلا داعي لاستحضارها في كل موقف، وأنا شخصيا أصحو صباحا متناسية تماما أني امرأة."

 

وكمثال آخر تتحدث د. نماء البنا -دكتورة الحديث في الجامعة الأردنية- في مؤتمر إسلامي بعنوان هويتنا فتقول أن المرأة الرسالية حسب وصفها "تحصر طبيعتها الأنثوية في مساحة ضيقة جدا داخل المنزل، ومن ثم تتحرك في حياتها متناسية هذه الحقيقة، وتقيم خطواتها في الحياة وفقا لكونها صاحبة رسالة لا وفقا لكونها امرأة". فهل يمكن اعتبار تحييد الجسد حل يسمح للمرأة بحركة أكثر حرية وفاعلية، أم أنه محاولة لإيجاد مخرج للتخلص من إلحاح التمايز وما يترتب عليه من آثار بشكل دائم وملح، وهل يمكن اعتباره مع التأكيد الدائم على المساواة صيغة إسلامية حقيقية تستطيع المرأة تعريف نفسها بها أم أنهما انعكاس لبعض الرؤى النسوية؟ تجيب د. ماري هيجلاند* فتقول: في سبيل الدفاع عن معاملة الإسلام للنساء وجد الإسلاميون أنفسهم دون أن يدركوا يأخذون من النسوية الغربية في حين أنهم يقدحون فيها ويذمونها وينتقدونها.(21)

 
وربما وفقا لرأي د. هيجلاند ووفقا للتساؤلات التي ما زالت مطروحة وبقوة حول هوية المرأة، والتي لم يطفىء لهيب نقاشاتها أجوبة الإسلاميين فإن علينا البحث أكثر في أسئلة المرأة للوقوف على ما يؤرقها حقا في هذا الزمان الصعب، ومساعدتها على التصالح مع طبيعتها دون الاضطرار لإغفال مكون من مكونات هويتها وهو الجسد، أو بأن تجد نفسها تحت ضغط رؤى كثيرة تزيد من اضطرابها وتشتتها، أو رؤى أخرى قد تعيقها عن تنمية نفسها في ظل واقعنا دائم التغير، كثير المتطلبات. ولعلنا نستفيد في ذلك من رأي الدكتور المسيري الذي يرى أن التعامل الأمثل مع قضية تحرير المرأة يجب أن يكون بدراسة الأمر "وفق نموذجنا المعرفي ومنظومتنا القيمية التي يسبق فيها المجتمع والأسرة، الفرد والمادة.(22) 

 ___________________________________________________

 

هامش:

د. ماري هيجلاند هي أستاذة الانثروبولوجي في جامعة سانتا كلارا بالولايات المتحدة ومتخصصة في دراسات الشرق الأوسط ودول آسيا، ومتخصصة كذلك في دراسات المرأة وتأثرها بالديانات المختلفة.

المصدر : الجزيرة