السوق الخيري.. مبادرة رمضانية في الأردن تمنح المستفيدين متعة التسوق

يحتوي السوق على الخضار والفواكة والمواد الغذائية الاساسية - المصدر الجزيرة نت
يحتوي السوق على الخضار والفواكه والمواد الغذائية الأساسية (الجزيرة)

عمان- "أنا اليوم مش ملزم بطرد غذائي بيصلني عالبيت فيه المكونات الاعتيادية إلى آخر رمضان بصير عندي منها كمية تفتح دكانة"، بهذه الكلمات يصف أبو أحمد (اسم مستعار) تجربته مع فعالية السوق الخيري التي تقيمها جمعية نماء في الأردن ضمن فعالياتها خلال شهر رمضان المبارك.

ويتابع أبو أحمد في شرح تجربته بالسوق أنه يتلقى دعوة ضمن دعوات كثيرة لنشاطات مختلفة تقوم بها الجمعية، وفي هذا النشاط يحصل على قسيمة بقيمة معينة يستطيع من خلالها شراء ما يلزمه شأنه شأن آخرين "من دون أن أكون مجبرا مع كل طرد أني أشعر بشعور المحتاج الذي يتلقى مساعدات"، بحسب تعبيره.

السوق الخيري يمنح المستفيد متعة التسوق - المصدر الجزيرة نت
السوق الخيري يمنح المستفيد متعة التسوق من دون حرج (الجزيرة)

السوق الخيري

ويقول إيهاب أبو سارة الرئيس التنفيذي لجمعية نماء القائمة على السوق للجزيرة نت، إن المشروع عبارة عن معرض خيري يحتوي على العديد من أصناف الخضار والفواكه والمواد الغذائية الأساسية واللحوم، بحيث تتسوق الأسر العفيفة وتختار ما تحتاج له ضمن سقف محدد دون شعورها بالإحراج أو الخجل الذي قد تسببه لها الطريقة التقليدية في إيصال الطرود (صناديق المساعدات).

ويدير فعالية السوق عدد من المتطوعين بطريقة منظمة، حيث يسعون لإضفاء أجواء تسوق حقيقية من خلال المنافسة في البيع فيما بينهم ومساعدة المستفيدين، وقد استفادت من السوق العام الماضي حوالي 500 أسرة، وتطمح الجمعية لأن يصل العدد خلال العام الحالي لأكثر من 800 أسرة خلال شهر رمضان المبارك الحالي.

السوق الخيري
ما يميز السوق، وفق القائمين عليه، أنه يمنح المستفيد اختيار احتياجاته بعكس الطريقة التقليدية لتوزيع الطرود (الجزيرة)

أصل الفكرة

وحول نشأة الفكرة، يقول عمار البوريني -أحد المتطوعين في المشروع- للجزيرة نت إنها "بدأت عندما تم إطلاق ما أسميناها الطرود المتخصصة، وهي أحد نشاطات الجمعية التي تعمل فيها على تصنيف الطرود بحسب احتياج المستفيدين من خلال تقسيمها لأربعة أنواع، وهي طرد الأسرة، وطرد كبار السن، وطرد الأطفال، إضافة لطرد الأطفال الرضع".

وتختلف المكونات في هذه الطرود بحسب الحاجة، فالطرد المخصص للعائلات التي يوجد فيها أطفال رضع -على سبيل المثال- كان يتضمن عبوات الحليب وغيرها مما يلزم الطفل في هذه المرحلة، في حين احتوت الطرود المخصصة لكبار السن على مواد غذائية مناسبة لهذا السن بالأخذ بعين الاعتبار الأمراض التي تنتشر بين أفراد هذه الفئة العمرية.

لتبزغ بعد ذلك -بحسب البوريني- فكرة السوق الخيري التي تعطي المستفيد الخيار الكامل لشراء ما يلزمه ضمن بيئة تحفظ كرامته وتمنحه الحق في عيش أجواء التسوق والاستعداد لرمضان واصطحاب أطفاله وزوجته للقيام بهذه التجربة مثل العائلات الأخرى.

الفعالية تمنح المتطوع أريحية في التعامل مع المستفيد حيث يتعامل معه كزبون - المصدر الجزيرة
الفعالية تمنح المتطوع أريحية في التعامل مع المستفيد كزبون (الجزيرة)

عدم عزل الفقراء مهمة اجتماعية

تقول أستاذة العمل الاجتماعي في جامعة اليرموك الأردنية آيات نشوان للجزيرة نت إن السوق الخيري هو مشروع ريادة اجتماعية إنسانية تحقق عددا من الأهداف التي من شأنها تقليل الفجوة الاقتصادية بين أفراد المجتمع، إذ تستهدف بشكل خاص فئة الفقراء وذوي الدخل المحدود ضمن آليات تكفل كرامة الفقراء، ومن غير أن تعرضهم لوصمة اجتماعية.

وتضيف نشوان أن من الأهمية بمكان لضمان كرامة الفقراء أن يكون السوق مكانا دائما لا مؤقتًا، وأن لا يكون مرتبطا بالفقراء، بل بالجميع ضمن أسعار مختلفة، بحيث يدخله الجميع بغض النظر عن مستوى دخلهم، وهذا من شأنه تحقيق الاستدامة في العمل الخيري وتحقيق دخل يضمن الاستمرارية، وفي الوقت ذاته لا يعزل الفقراء عن المجتمع.

وفي السياق ذاته يقول المدير التنفيذي لفعالية السوق إيهاب أبو سارة إن القائمين على السوق أخذوا عددا من الإجراءات بعين الاعتبار لعدم تعرض المستفيدين لحالة من العزلة، ومن أبرزها أنه لا يقتصر دعوة الأسر العفيفة، بل يتم فتح المجال للجميع ممن يشترون قسيمة التسوق بمقابل مادي، مما يجعل السوق غير محصور في فئة بعينها.

ما يميز السوق بحسب القائمين عليه أن يمنح المستفيد اختيار احتياجاته بعكس الطريقة التقليدية لتوزيع الطرود - المصدر الجزيرة
السوق الخيري يعطي المستفيد الخيار الكامل لاصطحاب أطفاله وزوجته للتسوق (الجزيرة)

أريحية للمتطوع

تقول رانيا معالي -إحدى المتطوعات في السوق- إن فكرة المشروع لا تنعكس إيجابا على المستفيد وحسب، بل تتجاوزه أيضا للمتطوع الذي يكون متحررا من التكلّف والحذر في التعامل مع الفقير، لكونه يتعامل في هذه الفعالية مع "شخص مستفيد" يأخذ ما يريده ويدفع قيمته، فضلاً عن أن الأجواء العامة هي أجواء سوق حقيقي يتنافس فيه المتطوعون في بيع منتجاتهم من الخضار والفواكه وجذب الزبائن.

وتضيف رانيا أن ردود المستفيدين على هذه الفكرة هو ما يبث في المتطوعين الرغبة في المشاركة في هذا المشروع، فتجد من يصطحب أبناءه ويلبي خياراتهم من الفواكه والخضار في جو عام من السعادة وحفظ الكرامة، وهو ما يجب على كل مؤسسة خيرية أن تضعه في أولى أولوياتها، على حد وصفها.

السوق الخيري
السوق الخيري لا يقتصر على المستفيدين من الفقراء وذوي الدخل المحدود (الجزيرة)

التسوق حق للجميع

وتشير أستاذة العمل الاجتماعي آيات نشوان إلى أن مثل هذه الأفكار -لا سيما منح الفقير حق التسوق- من شأنها تحقيق مجموعة من الأهداف التي وضعتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) للتنمية للمستدامة، من أبرزها الحد من أوجه عدم المساواة، وهو ما تعززه مسألة عدم اقتصار السوق على فئة المستفيدين من الفقراء وذوي الدخل المحدود.

وتضيف نشوان أن من الأهداف التي تساهم في تحقيقها فكرة السوق الخيري أيضا الهدفين الأول والثاني من القائمة المكونة من 17 هدفا اجتماعيا وإنسانيا للتنمية المستدامة، وهما:

  • القضاء على الفقر في المجتمعات.
  • القضاء على الجوع.

وهو الأمر الذي حثت الشريعة الإسلامية عليه من خلال فرض الزكاة والتحفيز على الصدقات والتكافل والتعاون الاجتماعي وغيرها.

المصدر : الجزيرة