ملكة الدراما.. كيف تتعاملين مع طفلتك المحبة للنكد؟

"أنت لا تحبينني"، "الجميع يكرهونني"، "هذا أسوأ يوم في حياتي" و"أنت أفضل أم في العالم"، عبارات متطرفة ترددها باستمرار طفلتك ذات الخمسة أعوام.

تتأرجح مشاعرك مع كلماتها المصحوبة بدموع جارفة، ويزداد الأمر صعوبة مع دخولها سن المراهقة، وكلماتها التي أصبحت أكثر دراماتيكية.

تنجرفين معها قبل أن تدركي أن طفلتك الصغيرة  "ملكة الدراما"، أو ما يطلق عليها "دراما كوين" (Drama Queen)، تعتمد الميلودراما (العاطفية المفرطة) أسلوبا لحياتها، وتتوقفين من دون أن تعرفي كيفية التعامل معها أو معالجة سلوكها قبل أن يتطور ويرافقها طوال حياتها.

من هي ملكة الدراما؟

تعرّف الاستشارية التربوية واختصاصية تعديل سلوك الأطفال وصعوبات التعلم ريم مصطفى عمران "الدراما كوين" أو ملكة الدراما بأنها الطفلة التي تبالغ في التعبير عن مشاعرها، وتكون ردود أفعالها العاطفية غير متناسبة مع الموقف، مضيفة أنها "تقوم بتضخيم رد الفعل سواء في حالة الحزن أو الفرح بشكل لا يتناسب أبدا مع الفعل".

وتوضح الاستشارية التربوية "يمكن وصف الأمر بوجه عام بأنه حالة نفسية محبطة يدخل فيها الإنسان بسبب أخطاء في التفكير أو أي عوامل نفسية أو جسدية أخرى، لدى الكبار والأطفال على السواء، وإذا لم تعالج هذه الحالة ستصبح جزءا أصيلا من الشخصية".

كيف تتكون شخصية "ملكة الدراما"؟

ترى الاختصاصية ريم أن الخطأ في التفكير هو السبب الرئيس لدى الطفل في خلق "الميلودراما" بشكل كبير ومكثف، وتضيف "غالبا ما يقع الطفل في فخ ما يسمى بأخطاء التفكير، وينتج عنها عدد من المشاكل السلوكية، وإحدى تلك المشاكل تكون ما يسمى بشخصية ملكة الدراما"، موضحة أن هناك أسبابا لدخول الأطفال في أخطاء التفكير التي تسهم في تكوين شخصية "ملكة الدراما"، ومنها:

نقص الخبرات

بمعنى أن الطفلة ليست لديها المعلومات الكافية عن الموضوع المثار.

توقعات سلبية باستمرار

ربما يكون ذلك بسبب ضعف الثقة في النفس، فذلك يجعلها تتخيل باستمرار أنها ستفشل وأنها غير قادرة على إنجاز شيء بمفردها.

قراءة أفكار الآخرين بطريقة سلبية

تقع "ملكة الدراما" في شرك قراءة الأفكار المتعلقة بها بطريقة سلبية، فهي تتوقع  دائما الآراء السلبية من الآخرين والنظرة المتشككة فيها.

المقارنة بالآخرين

دائما ما تقارن "ملكة الدراما" نفسها بالأطفال الآخرين، وتركز على نقاط الضعف لديها ونقاط التميز لدى الآخرين، سواء في المهارات المعرفية أو الجسدية، كالذكاء أو القدرة على ممارسة رياضة معينة أو نشاط محدد.

عدم القدرة على الشعور بالامتنان

الشعور بالامتنان في الأساس مهارة، قد تفتقدها "ملكة الدراما"، وذلك يجعلها دائما في حالة حزن تتضخم مع حدوث أي موقف بسيط.

علامات تدل أن لديك "ملكة دراما"

هناك عدد من الدلالات والإشارات التي تلمح إلى أن الطفلة الصغيرة بدأت تتبنّى شخصية "الدراما كوين"، وعلى الأم التقاط تلك الإشارات والتعامل معها وعلاجها قبل أن تصبح جزءا أصيلا من شخصيتها، ومنها:

1. تضخيم الشعور بأي وجع أو ألم أو مرض، فمثلا لا يمكنها التعامل مع سيلان الأنف والسعال وألم الجسد على أنها علامات إنفلونزا، بل تعتقد أنها دلالة على شيء خطير، وكذلك الإصابة بجرح بسيط وصغير تتعامل معه على أنه حدث يحتاج إلى الذهاب إلى قسم الطوارئ.
2. تشعر دائما بالظلم وأن كل شيء غير عادل، وأنها دائما مظلومة من المعلمين في المدرسة ومن زملائها وحتى من أشقائها الآخرين.
3. تختلق المشاكل، فإذا لم توجد مشكلة فإنها تبحث دائما عن مشكلة أو تصنعها وتضخّمها مستخدمة عبارات وجملا ميلودرامية.
4. تهتم بمظهرها الخارجي، ويبدأ ذلك من عمر مبكر ويبلغ ذروته في مرحلة المراهقة، إذ تبالغ في الاهتمام بشكلها وتصوير نفسها وتنفعل مع أي تعليق عليه.
5. كل شيء موجه ضدها بشكل شخصي، فإذا طلبت منها الأم تنظيف غرفتها لا يصلها من الكلام إلا معنى واحدا هو أنها كسولة ولا تفعل شيئا صحيحا، ودائما ما تكون مشحونة عاطفيا.

كيف تتعاملين معها؟

توضح الاختصاصية ريم أن على الأم التقاط الإشارات مبكرا والتعامل معها بطريقة علمية، حتى لا يتفاقم الأمر، وبالخطوات الآتية يمكن تقييم سلوك "ملكة الدراما":

تعديل السلوك المعرفي

ويحدث ذلك الأمر من خلال نقطتين:

• تزويد الطفلة بالمعلومات عن الأمر أو الموضوع المثار، التي تسمح لها بتغيير فكرتها عنه، ومن ثم سيتغير رد فعلها ويهدأ سواء أكان حزنا أم فرحا مبالغا فيه.
• تدريب الطفلة على كيفية التعبير عن المشاعر، ويبدأ ذلك بقيام الأم بتعريفها بأنواع المشاعر المختلفة من خلال الصور مثلا، ثم تحليل تلك المشاعر إلى أن تترسخ في ذهنها ومن ثم تستطيع التعبير عنها، فالحزن مثلا شعور له أسباب وله وسائل للتعامل معه وتجاوزه.

الحوار مع النفس (المونولوج)

هو تدريب جيد للطفلة "ملكة الدراما"، وعلى الأم مساعدتها بشكل عام للتحدث مع نفسها، وإخراج المشاعر والتعبير عنها سواء بالحديث أو الرسم أو الكتابة، ثم مناقشتها عما تشعر به وأسبابه وتحليله وكيفية تهدئته.

الوعي بالنفس

حين تكون الطفلة في ذروة مشاعرها السعيدة أو الحزينة لا ترى نفسها جيدا. على الأم نقل تلك الصورة لابنتها حتى لو من خلال تصويرها بالكاميرا ثم عرضها عليها لترى بنفسها المبالغة في رد الفعل، ومن ثم مناقشتها وتدريبها على التحكم في التعبير عن المشاعر.

قضاء وقت ممتع من دون استسلام تام

تسعى "ملكة الدراما" في الأساس إلى الحصول على الاهتمام الكامل. على الأم تخصيص وقت لها والتحدث معها ومناقشتها واللعب معها، لكن ينبغي أيضا عدم التدليل الزائد استجابة لفورة مشاعرها لأنها تعلم جيدا أنها من خلال تلك السلوكات تحصل على ما تريد؛ فالانضباط في قضاء وقت ممتع والتعبير عن تفهم مشاعرها يسهمان في تعديل سلوكها.

التخيل والنتائج

تبالغ "ملكة الدراما" في غضبها وحزنها عند تحطم لعبتها، بل تعدّ ذلك اليوم أسوأ يوم في الحياة. على الأم تدريبها على تخيل الأسوأ، فكونها لن تجد مثل تلك اللعبة مرة أخرى هو أمر محزن لكن "يمكن أن نجد ألعابا أخرى أفضل، أو نحاول صنع لعبة مماثلة"، حينئذ يحدث تصالح مع الأمر السيئ ونتائجه ويقلّ الحزن والتعبير عنه، فيتبدل من كونه "أسوأ يوم في الحياة" إلى أنه "أمر حزين لكن يمكن تخطيه، وسنجد الأفضل".