في خطوة جديدة: تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى مواد آمنة ومفيدة صناعيا

نظام تحويل الانبعاثات الكربونية لمواد مفيدة قد يحتاج لبعض الوقت من أجل استغلاله اقتصاديا.

UC College of Engineering and Applied Science assistant professor Jingjie Wu, left, and UC graduate Tianyu Zhang are studying ways to convert carbon dioxide to useful products to address climate change. Photo/Andrew Higley/UC Creative + Brand
تم تطوير نظام كهروكيميائي لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى مادة الإيثيلين المفيدة صناعيا (أندرو هايلي-جامعة سينسناتي)

نجحت مجموعة من المهندسين بكلية الهندسة والعلوم التطبيقية، جامعة سينسيناتي (University of Cincinnati) الأميركية، في تطوير نظام كهروكيميائي واعد، بإمكانه تحويل الانبعاثات الكربونية الضارة الصادرة من محطات الطاقة والمصانع الكيميائية إلى مواد مفيدة يُمكن استخدامها بالعديد من الصناعات.

ونُشرت الدراسة في دورية "نيتشر كاتاليسيز" (Nature Catalysis) في 3 مارس/ آذار الجاري، بالتعاون مع جامعة كاليفورنيا-بيركلي، ومختبر لورنس بيركلي الوطني.

وطبقا للدراسة، تعد عملية التخفيض الكهروكيميائي لثاني أكسيد الكربون عملية واعدة بإمكانها توليد بعض المواد الكيميائية القيمة باستدامة، وهي العملية التي اعتمد عليها البروفيسور "جنجي وو" وطلابه في الدراسة من أجل تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى مادة الإيثيلين، وهي مادة تتعدد استخداماتها الصناعية.

ينبعث ثاني أكسيد الكربون بصورة أساسية نتيجة الصناعات الكيميائية ومحطات الطاقة (غيتي)

اقتصاد منخفض الكربون

يوضح البروفيسور "وو" -الأستاذ المساعد بالكلية- في البيان الصحفي الصادر عن جامعة سينسيناتي هدف البحث، قائلا "يتجه العالم حاليا إلى الاقتصاد منخفض الكربون. وينبعث ثاني أكسيد الكربون بصورة أساسية نتيجة الصناعات الكيميائية ومحطات الطاقة. ونحن نعمل على تحويل ثاني أكسيد الكربون ذاك إلى مادة إيثيلين لخفض البصمة الكربونية".

الاقتصاد منخفض الكربون يعني اعتماد مُختلف الصناعات على مصادر الطاقة التي لا تتسبب في زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، خاصة ثاني أكسيد الكربون. وتعد تلك الانبعاثات سببا أساسيا للتغير المناخي الذي يشهده العالم، والذي ظهر جليا منذ منتصف القرن الـ20.

وكما أوضحت الدراسة، تتضمن عملية تحويل المواد الكربونية الناتجة عن الانبعاثات -أو ثاني أكسيد الكربون- إلى المواد متعددة الكربونات -وهي المواد المفيدة في الصناعات مثل إيثيلين- مرحلتين متتابعتين: الأولى تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أول أكسيد الكربون باستخدام محفز (Catalyst) معين، ثم تحويل أول أكسيد الكربون إلى المواد متعددة الكربونات باستخدام محفز آخر.

يُضيف تيانو زانغ، أحد المشاركين بالدراسة "تَكمُن أهمية استخدام عملية التحويل ذات المرحلتين إلى زيادة معدل تحول ثاني أكسيد الكربون إلى الإيثيلين، وزيادة كمية الإيثيلين المنتجة عموما، بالاعتماد على إستراتيجية منخفضة التكاليف".

البروفيسور وو: نعمل على تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى إيثيلين لخفض البصمة الكربونية (أندرو هايلي-جامعة سينسناتي)

ليست المحاولة الأولى

لا تعد تلك الدراسة المحاولة الأولى للاستفادة من الانبعاثات الكربونية، فقد قاد زانغ بحثا سابقا لاكتشاف طرق تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى غاز الميثان الذي يُمكن استخدامه كوقود للصواريخ أثناء حملات استكشاف المريخ.

ويضيف زانغ "يُمكن تطبيق نتائج تلك الدراسة في العديد من الصناعات، بدءا من مصانع الأسمنت والحديد، وصولا إلى صناعات النفط والغاز".

وتكمن مشكلة تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى الإيثيلين في حاجة تلك العملية إلى طاقة كبيرة، ويمكن توفير تلك الطاقة عند حال تحسين الربط بين أول أكسيد الكربون الناتج عن المرحلة الأولى من العملية بالمحفز الذي يحتوي على النحاس، ووجود مثل تلك الطاقة يسهم في زيادة إنتاج الإيثيلين.

ولتحقيق ذلك الهدف، صمم الباحثون نموذجين من الأقطاب الكهربائية المعروفة باسم "الأقطاب المجزأة الناشرة للغاز" أو (Segmented gas-diffusion electrodes)، والتي ساعدت على سرعة تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أول أكسيد الكربون وتخزينه -داخل التفاعل- لفترة طويلة، ومن ثم استهلاكه لزيادة ناتج المنتجات متعددة الكربونات المفيدة، وهي الإيثيلين في تلك الدراسة.

يُطلق بروفيسور "وو" على الإيثيلين الناتج عن عملية التحويل اسم "الإيثيلين الأخضر" (أندرو هايلي-جامعة سينسناتي)

الإيثيلين الأخضر

ويتحدث زانغ مشيرا إلى توقعاته اللاحقة "يمكننا استخدام تلك التقنية مستقبلا للحد من الانبعاثات الكربونية، بل وتحويلها إلى مكسب مادي، وبذلك لن تصبح عمليات خفض الانبعاثات الكربونية مكلفة فيما بعد".

ويطلق البروفيسور "وو" على الإيثيلين الناتج عن عملية التحويل اسم "الإيثيلين الأخضر"، وذلك لكونه مصنوعا باستخدام مصادر متجددة.

وأوضح زانغ أن نظام تحويل الانبعاثات الكربونية لمواد مفيدة قد يحتاج لبعض الوقت من أجل استغلاله اقتصاديا، إلا أنه أعرب عن تفاؤله الشديد لما تم تحقيقه في السنوات العشر السابقة، لذا فهو يتوقع حدوث المزيد من الإنجازات خلال السنوات القادمة.

المصدر : مواقع إلكترونية