زيادة ثاني أكسيد الكربون في الجو قد تفقد النباتات 30% من قيمتها الغذائية

على مدى سنوات عديدة، رأى العلماء أن ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون ستكون له آثار مفيدة على النباتات وسيدعم نموها لكن دراسة جديدة تؤكد أنه سيخفض قيمتها الغذائية.

زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون في الجو قد تخفض القيمة الغذائية للنباتات
زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون في الجو قد تخفض القيمة الغذائية للنباتات (بيكسابي)

أظهرت دراسة علمية جديدة أن ارتفاع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الجو يؤدي إلى خفض القيمة الغذائية للنباتات، ومنها تلك التي تمثل ركيزة أساسية في غذاء الإنسان مثل القمح والأرز، مما سيكون له تأثير سلبي على توفير الغذاء العالمي في المستقبل. وقد نشرت الدراسة التي قام بها باحثون فرنسيون في دورية "ترندز إن بلانت ساينس" (Trends in Plant Science) العلمية.

النباتات ستمتص المعادن بصعوبة

منذ بداية الثورة الصناعية في القرن الـ19 سجل الغلاف الجوي للأرض ارتفاعا بنحو 50% في مستويات ثاني أكسيد الكربون ليبلغ العام الماضي 417 جزءا في المليون. وطوال سنوات عديدة، رأى العلماء أن هذا الارتفاع ستكون له آثار مفيدة على النباتات وسيدعم نموها من خلال تعزيز التمثيل الضوئي الذي يعتمد على ثاني أكسيد الكربون.

لكن الدراسة الجديدة التي قادها "معهد علوم النبات في مونبلييه" (IPSiM) بفرنسا، بناء على نتائج دراسات سابقة، وجدت أن تأثير ارتفاع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الجو على النباتات قد يكون أقل من المتوقع، لأن هذه الزيادة قد تجعل من الصعب على النباتات الحصول على المعادن اللازمة للنمو، وفق تقرير نشره موقع "فيز دوت أورغ" (Phys.org).

تمتص النباتات ثاني أكسيد الكربون والماء وتنتج السكريات والأكسجين كمنتج ثانوي (ويكيميديا)
ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الجو يؤثر خاصة على قدرة النباتات على امتصاص النترات (مواقع إلكترونية)

وأظهرت الدراسة أنه رغم استخدام النباتات للتمثيل الضوئي في دمج ثاني أكسيد الكربون في السكريات التي تستمد طاقتها منها، فإن هذه العملية لا تزوّدها بالمعادن الأساسية مثل النتروجين والفوسفور والحديد، التي تحتاجها للنمو، بل تحصل عليها، بدلا من ذلك، من التربة من خلال امتصاصها عبر الجذور.

وحسب بيان صحفي نشر على موقع المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي (CNRS)، فإن ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الجو يؤثر خاصة على قدرة النباتات على امتصاص النترات التي تمثل الشكل المعدني الرئيسي للنتروجين الذي تستخدمه النباتات.

ويتضح هذا التأثير السلبي بشكل خاص في إحداث خلل في الجينات الرئيسة لنقل النترات، وكذلك من خلال انخفاض نشاط الإنزيمات الرئيسة لامتصاص النترات في شكل أحماض أمينية، تستخدمها النباتات لصنع البروتينات.

وكانت دراسة سابقة أجراها باحثون من جامعة ولاية ميشيغان (Michigan State University) قد أكدت أيضا التأثير السلبي لارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الجو على قدرة النباتات على امتصاص الفوسفور أحد المعادن الضرورية للنمو.

تداعيات على الأمن الغذائي

لكن نقص امتصاص النتروجين لا يعني فقط أن النباتات ستواجه صعوبة في بناء أنسجتها، بل يعني أيضا أن هذه النباتات ستوفر غذاء أقل قيمة للإنسان. ووفقا للمؤلف المشارك في الدراسة أنطوان مارتان، فإن "التركيبة الغذائية للمحاصيل الرئيسة المستخدمة في جميع أنحاء العالم، مثل الأرز والقمح، ستتأثر سلبا وسيكون لذلك تأثير قوي على جودة الغذاء والأمن الغذائي العالمي".

التركيبة الغذائية للمحاصيل الرئيسية مثل الأرز والقمح، ستتأثر بارتفاع مستويات الغاز الكربوني في الجو متاح مع ذكر المصدر
التركيبة الغذائية للمحاصيل الرئيسة مثل الأرز والقمح ستتأثر بارتفاع مستويات الغاز الكربوني في الجو (مواقع إلكترونية)

وأكد الباحثون أن عنصرين من العناصر الغذائية الضرورية للإنسان سيتأثران بهذه الظاهرة، أولهما البروتينات التي من المتوقع أن تنخفض بنسبة 20% إلى 30% في ظل مستوى مرتفع من ثاني أكسيد الكربون، أما العنصر الثاني فهو الحديد الذي سيؤثر نقصه على ما يقدّر بملياري شخص في جميع أنحاء العالم.

وحسب مؤلفي الدراسة، فإن هذا التأثير السلبي لارتفاع ثاني أكسيد الكربون على القيمة الغذائية للنباتات يبدو متفاوتا بدرجة كبيرة في النباتات البرية والمزروعة، وهذا يشير إلى أنه سيكون من الممكن الاستفادة من التباين الجيني لدى النباتات للتعرف على تلك التي لا يتأثر تركيبها المعدني سلبا بارتفاع ثاني أكسيد الكربون وتوصيف الآليات الأساسية التي تسمح بمرونة النباتات في مواجهة تغير المناخ.

المصدر : فيز دوت أورغ + مواقع إلكترونية