أحمد إبراهيم الباحث بجامعة كوينز: نحن بصدد تحويل تقنية تثبيت الكربون إلى مرحلة الإنتاج التجاري

أحمد إبراهيم: الحل الأساسي الذي نعمل عليه حاليا هو تخزين الكربون في النباتات ليبقى ثابتا لآلاف السنين ونقيس ذلك بطرق علمية حديثة، وهذا النموذج هو في اعتقادنا الأمثل والأسرع للتخفيف من انبعاث الغازات الدفيئة في الجو.

يعكف أحمد إبراهيم منذ 3 سنوات على بحوث علمية رائدة في مجال مكافحة التغيرات المناخية (الجزيرة)

يعمل المصري أحمد إبراهيم زميلا باحثا بكلية الكيمياء والهندسة الكيميائية في "جامعة كوينز- بلفاست"، وهو يعكف منذ 3 سنوات على بحوث علمية رائدة في مجال مكافحة التغيرات المناخية والتخفيف من الاحتباس الحراري وذلك من خلال تثبيت غاز ثاني أكسيد الكربون في النباتات لآلاف السنين.

وقد بلغت هذه البحوث درجة عالية من التقدم، وهي على وشك أن يتم تحويلها لمنتجات علمية سيتم تسويقها قريبا في دول العالم. وعن هذه الإنجازات وغيرها يحدثنا الدكتور أحمد إبراهيم في حوار مع الجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني:

  • تشتغلون منذ سنوات على إشكالية التغيرات المناخية والحد من الاحتباس الحراري من خلال إنتاج وقود حيوي صديق للبيئة، كيف ترون هذه الإشكالية وما أهمية بحوثكم في معالجة ذلك؟

العالم كله يعيش اليوم الآثار السلبية لظاهرة تغير المناخ، وما حدث مؤخرا في الجزائر من حرائق للغابات أو في السودان وباكستان من فيضانات قاتلة دليل على أن كوكب الأرض يعرف تحولات مناخية كبيرة ستزيد خطورتها مع مرور السنوات.

فكان من الضروري أن نعمل من الناحية العلمية على إيجاد حلول ناجعة لوقف هذا التغير أو التخفيف من وتيرته، وقد بدأنا الاشتغال منذ 3 سنوات على هذه الإشكالية في جامعة "كوينز، بلفاست" من خلال ابتكار طرق لتخزين الكربون لآلاف السنين.

نحن نعتقد أن الوقود الحيوي الصديق للبيئة الذي يتم إنتاجه من المخلفات الزراعية يساعد فعلا في التخفيف من انبعاث الغازات الدفيئة، لكنه ليس حلا جذريا لأن احتراقه سيؤدي من جديد إلى انبعاث ثاني أكسيد الكربون المخزن فيه وبالتالي نحن لم نحل الإشكال من الأساس.

الحل الأساسي الذي نعمل عليه حاليا هو تخزين هذا الكربون في النباتات ليبقى ثابتا لآلاف السنين ونقيس ذلك بطرق علمية حديثة، وهذا النموذج هو في اعتقادنا الأمثل والأسرع للتخفيف من انبعاث الغازات الدفيئة في الجو.

  • بداية، أبحاثكم كانت حول إنتاج وقود حيوي من المخلفات الزراعية، وحتى لو لم يكن هذا الحل جذريا فهو يساهم في التخفيف من الاحتباس الحراري، حدثنا عن ذلك؟

نحن نعمل على ذلك منذ عدة سنوات، حيث تمكنا من إنتاج وقود حيوي صديق للبيئة من المخلفات الزراعية مثلا، وأنا لا أحب تسمية "المخلفات" وإنما هي ثروات مفقودة ولا نعرف استخدامها، ولو عرفنا استخدامها جيدا فسوف يقل استيرادنا للوقود وربما نحقق الاكتفاء الذاتي، وهي عملية مجدية من الناحية الاقتصادية لأن المخلفات الزراعية والعضوية كثيرة جدا.

أحمد إبراهيم: عملنا كثيرا خلال السنوات الثلاث المنصرمة على تقنية تثبيت الكربون وتوصلنا لنتائج رائعة (الجزيرة)
  • هل يمكن اليوم تطبيق نتائج بحوثكم المتعلقة بتثبيت الكربون على أرض الواقع وما هي الآفاق؟

لقد عملنا كثيرا خلال السنوات الثلاث المنصرمة على هذه التقنية وقد توصلنا لنتائج رائعة بلغت مستوى متقدما، حيث دخلنا مرحلة تحويل العملية لأغراض تجارية وتسويقية، ونحن بصدد التحضير لإعلان مشروع رائد في هذا المجال ربما في نهاية العام وإن شاء الله تسمعون خبرا حول إنشاء مصنع بناء على نتائج أبحاثنا.

  • أنتجتم لحد اليوم 70 ورقة بحثية وهذا إنتاج غزير، كيف حدث ذلك؟

بدأت مشواري في البحث العلمي عام 2008 في مصر، لقد كنا منغلقين على بعضنا في المخابر، فكنت أشتغل ولا أعرف ما يقوم به زميلي في الجهة الأخرى. وهذا خطأ كبير. إذ لا يجب أن يتعامل الباحث مع أبحاثه وكأنها أسرار ولا يطلع عليها أحد. البحث العلمي الصحيح يكمن في التعاون، وكلما توسعت دائرة التعاون مع مؤسسات بحثية عالمية كانت النتائج أسرع وأكبر، ويكون لها قيمة علمية أعلى.

أتذكر أنه لما وصلت لجامعة "كوينز، بلفاست" اشتغلت مع عميد العلاقات الدولية بالجامعة الدكتور ديفيد روني الذي كانت له علاقات جيدة مع العديد من الجامعات حول العالم، ودخلت معه في إجراء بحوث علمية حيث كنت المساعد له.

لدي حاليا أبحاث كثيرة في هذا المجال، حيث أشرف على تأطير طلبة في جامعات عالمية بالهند، والصين، ومصر، واليابان، وعُمان، والسعودية، والكويت، والولايات المتحدة، وإيطاليا، بمعنى أنا لدي تعاون دولي كبير، وهذا ما يفسّر عدد الأبحاث العلمية الكثيرة التي أنتجناها.

إضافة إلى ذلك فقد ساهمت قناتي "علم تيوب" -التي يتابعها مليونا شخص منهم باحثين وعلماء- في استقطاب الباحثين الشباب، ونجحنا معا في تكوين مجموعات بحثية كبيرة في الدول التي سبق ذكرها.

هذا النجاح بالرغم من أنه زاد من حجم وغزارة إنتاجنا العلمي، إلا أنه شكّل ضغطا علينا من حيث الالتزامات وكثافة البرامج، وذلك لأنني مضطر للتعامل مع الكثير من الطلبة خلال أيام الأسبوع من خلال اجتماعات أو لقاءات افتراضية وهذا قتل وقت الفراغ عندي.

  • تشاركون في المؤتمر العالمي للتغيرات المناخية بشرم الشيخ في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، كيف ستكون مشاركتكم وما أهمية هذه القمة بالنسبة لدول العالم ودول أفريقيا بصورة خاصة؟

مشاركتنا ستكون حول موضوع استخدام الفحم النباتي في مكافحة التغيرات المناخية، كيف ننتجه، وما تطبيقاته، وسأكون من بين المحاضرين، حيث تلقينا دعوة من طرف مؤسسة بحثية أميركية اسمها "إنترناشيونال بيوتشاير إنشياتيف" (IBI)، وهي مختصة في دعم البحوث العلمية البيئية.

قمة شرم الشيخ هي في اعتقادنا مهمة جدا، خاصة أن التغيرات المناخية لها تأثيرات كبيرة على أفريقيا، وهي فرصة كبيرة للباحثين لإظهار أعمالهم في مكافحة التغيرات المناخية، وأيضا تشكل فرصة لدول أفريقيا لانتزاع مساعدات سواء فيما تعلق بالتكنولوجيا أو بتمويل مكافحة التغيرات المناخية.

أحمد إبراهيم: مشاركتي قي قمة شرم الشيخ ستكون حول استخدام الفحم النباتي في مكافحة التغيرات المناخية (الجزيرة)
  • تم اختياركم مؤخرا ممثلا ومتحدثا علميا عن جامعة "كوينز، بلفاست" للعام الثاني على التوالي، كيف تم الأمر وماذا يمثل ذلك لكم؟

لدينا في الجامعة عميد للبحوث العلمية يتابع الإنتاج العلمي، وهو الذي اختارني كمتحدث وممثل علمي للجامعة، حيث نعقد لقاءات كل 3 أشهر لتقييم البحوث وتقديم التوجيهات والملاحظات. وأنا أعتبر هذا شرف لي لأنني المصري والعربي الأول الذي يتم اختياره في هذا المنصب.

  • لديكم أيضا نشاط في مجال التواصل العلمي من خلال قناة علم تيوب، حدثنا عن هذه التجربة؟

فكرة القناة بدأت عام 2017. كنت أرى أن كل القنوات العلمية تتحدث عن مواضيع علمية بعيدة عن حياة الناس اليومية، ونحن مع الأسف يبدو العلم بعيدا عنا في حياتنا، فجاءت فكرة عمل فيديوهات علمية تهدف إلى توعية الناس وتزويدهم بمعلومات يمكنهم الاستفادة منها في حياتهم.

عملية إعداد الحلقة الواحدة تتطلب وقتا طويلا بداية من اختيار الموضوع بالتنسيق مع بعض المستشارين ثم نجمع المعلومات ونعمل مع بعض لتحقيقها وتنقيحها وبعدها أكتب النص في قصة مترابطة ثم نعيده للمستشار العلمي للتحقق وربما نقوم بتعديله، ثم تأتي في الأخير عملية التصوير والإنتاج والإعداد. فعلا يتطلب وقتا ومجهودا معتبرا، ولذلك فالقناة تلقى نجاحا متميزا وقد تخطـت هذا العام مليونَي مشترك.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي