تراشق بين الصدر وفصائل عراقية على خلفية استهداف الإمارات بطائرات مسيرة

الصدر اتهم جهات مسلحة بالسعي لزج العراق في حرب إقليمية "خطرة" من خلال استهداف دولة خليجية بحجة تطبيعها مع إسرائيل.

Members of the Hashed al-Shaabi paramilitary force chant anti-US slogans during a protest over the killings of Iranian commander Qassem Soleimani and Iraqi paramilitary commander Abu Mahdi Al-Muhandis, on January 6, 2020 in Karrada in central Baghdad. (Photo by AHMAD AL-RUBAYE / AFP)
عناصر لفصيل عراقي مسلح خلال احتجاج حاشد في بغداد (الفرنسية)

بغداد – رغم مرور أيام على إعلان فصيل عراقي مسلح عن استهداف الإمارات بطائرات مسيرة، فإن تبعات الموقف لا تزال تلقي بظلالها على المشهد داخل العراق والمنطقة، وسط استمرار ردود الفعل والتصريحات السياسية المتباينة بشأن إقحام العراق في محاور صراع الجوار، وهذه المرة بالتدخل العسكري.

الصدر يدين

بينما لم يصدر أي تعليق من الحكومة العراقية على تبني فصيل "ألوية الوعد الحق" استهداف الإمارات بأربع طائرات مسيرة، اتهم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر جهات مسلحة بزج العراق في حرب إقليمية "خطرة" من خلال استهداف دولة خليجية بحجة تطبيعها مع إسرائيل، في إشارة إلى استهداف الإمارات التي تسير بخطى حثيثة نحو التطبيع الكامل مع إسرائيل.

وقال الصدر في تغريدة على تويتر "بعد العنف المتصاعد في العراق من قبل جهات مسلحة إرهابية ضد مصالح الشعب والكتل السياسية، سارع بعض الإرهابيين الخارجين عن القانون إلى زج العراق في حرب إقليمية خطرة من خلال استهداف دولة خليجية بحجة التطبيع أو بحجة حرب اليمن أو ما شاكل ذلك".

جاء حدث استهداف الإمارات في وقت ينشغل فيه الصدر بتشكيل حكومة أغلبية في البلاد بعد فوز تياره بأكثر عدد من المقاعد في البرلمان في الانتخابات النيابية الأخيرة، ويخوض صراعا سياسيا محتدما مع باقي القوى السياسية الشيعية المرتبطة بالفصائل المسلحة.

علي فضل الله ـ مصدر الصورة هو ارسلها لنا.
فضل الله أكد عدم تبني تنسيقية المقاومة استهداف الإمارات (الجزيرة نت)

الفصائل ترحب

من جهتها ردت تنسيقية المقاومة العراقية على تغريدة الصدر التي لم ترق لها، حيث باركت "الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية" -في بيان لها- استهداف فصيل عراقي للإمارات بطائرات مسيرة، وقالت الهيئة "في الوقت الذي تبارك فيه فصائل المقاومة العراقية الضربات الجهادية ضد نظام الإجرام الإماراتي، تؤكد أن العدل والسيادة لن يتحققا إلا بإرادة الأبطال، لا بالدفاع عن دويلة قتلة الأطفال والأبرياء التي تتدخل في شؤون البلد، وتتحكم بقراره السياسي والأمني".

وأضافت "لمن المستغرب أن تجد من يتشدق بمقولة إبعاد البلاد عن الخوض في حروب إقليمية، فهل دفاع الحر عن شرفه ووطنه ضد دويلة متصهينة مجرمة صار خوضا بحرب إقليمية؟! ما لكم كيف تحكمون".

ورغم مباركتها لاستهداف الإمارات، فإن أطرافا قريبة من الفصائل المسلحة بينت أن التنسيقة باركت دون أن تتبنى أو تشير إلى أن أيا من الفصائل المنضوية في التنسيقية هي من تبنى ذلك الاستهداف.

المستشار القانوني علي فضل الله المتحدث باسم حركة حقوق (الجناح السياسي لحزب الله العراقي) بيّن أن التنسيقية بفصائلها لم تتبن الهجوم، مستدركا "التنسيقية من حيث المبدأ تدعّم دفاع اليمنيين عن أرضهم، وسط استمرار الاعتداء من قبل السعودية والإمارات على اليمن وحصارها على مرأى ومسمع من الأطراف الأممية والاتحاد الأوربي وأميركا".

فضل الله كرّر التأكيد على عدم وجود فصيل من تنسيقية المقاومة تبنى الاستهداف، على الرغم من أن "الإمارات لديها تدخل في الشأن السياسي للعراق"، كما يوضح.

مسؤولية الحكومة

ويحمل مراقبون الحكومة العراقية المسؤولية عن تصاعد التهديدات والاستهدافات لدول المنطقة من الداخل العراقي، لاسيما بعد عدم تعليقها على تبني الاستهداف لدولة في المنطقة من قبل فصيل مسلح عراقي. الخبير الأمني أحمد شوقي يصف الاستهداف بالتصعيد الخطير، مشيرا إلى أن "تدخل فصائل عراقية بشأن إقليمي تتحمله الحكومة العراقية أمنيا".

شوقي طالب بضرورة سيطرة الحكومة على داخل الحدود العراقية، دون السماح لأي قوى مسلحة بالاعتداء على دولة أخرى حتى لا يكون العراق مصدر تهديد لجواره.

القيسي استبعد قدرة الفصائل العراقية على إطلاق طائرات مسيرة لمسافة تتجاوز ألف كيلومتر (الجزيرة نت)

خلط الأوراق

ويستبعد خبراء عسكريون إمكانية استهداف الإمارات من الداخل العراقي، نظرا لبعد المسافة وعدم امتلاك الإمكانيات الكافية لوصول الطائرات المسيرة من حدود العراق إلى الإمارات، فوفقا للواء الركن المتقاعد ماجد القيسي فإن "تبني الاستهداف جاء لخلط الأوراق، وإيصال الرسائل السياسية للإمارات من أجل إيقاف تأثيرها في الداخل السياسي العراقي لاسيما بعد الحديث عن تدخل الإمارات في الانتخابات الأخيرة ومباحثات تشكيل الحكومة"، موضحا أن المسافة من العراق إلى الإمارات طويلة وتبلغ أكثر من 1300 كلم، وهو ما يستبعد نظرية امتلاك أي فصيل مسلح في العراق لطائرات مسيرة تستطيع قطع هذه المسافة.

وبحسب القيسي فإن إعلان الفصيل عن تبني الاستهداف جاء لسببين، أولهما سياسي لم يكن سوى لخلط الأوراق، والثاني يتعلق بحرب اليمن وخلفيتها العقائدية.

التهديد وتكرار الهجمات

ويأتي الاستهداف الأخير بعد تهديدات عدة أطلقها أشخاص مرتبطون بالفصائل المسلحة صوب الإمارات بعد اتهامها بالتدخل في الانتخابات النيابية العراقية الأخيرة، وكذلك في مفاوضات تشكيل الحكومة، وتأثيرها على أطراف سياسية من البيت السياسي السني.

ورغم ذلك فإن تبني الاستهداف لم يكن الأول من الداخل العراقي باتجاه دول المنطقة. فقبل عامين تعرضت منشآت نفطية سعودية في بقيع وخريص شرقي الرياض لهجوم عنيف، ونفت حكومة رئيس الوزراء حينها عادل عبد المهدي نفيا قاطعا أن يكون الهجوم من داخل الأراضي العراقية.

وقالت الحكومة في بيانها "ينفي العراق استخدام أراضيه لمهاجمة منشآت نفطيّة سعودية بالطائرات المسيرة، ويؤكد التزامه الدستوري بمنع استخدام أراضيه للعدوان على جواره وأشقائه وأصدقائه".

وأضاف البيان أن "الحكومة العراقية ستتعامل بحزم ضد كل من يحاول انتهاك الدستور"، وآنذاك أُعلن عن تشكيل لجان من أطراف عراقية ذات علاقة، لكن تلك اللجان لم تعلن عن أي نتائج حول التحقيق في الموضوع حتى اليوم.

المصدر : الجزيرة