7 أعوام على تأسيس الحشد الشعبي بالعراق ولا يزال الجدل قائما حوله

مثلت فتوى المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني "الجهاد الكفائي" نقطة تحول مهمة في مسار الأحداث العراقية، والتي على أساسها تشكل الحشد.

Members of Iraqi Popular Mobilization Forces (PMF) stand guard at Popular Mobilization Forces Media Center in Baghdad, Iraq July 2, 2019. REUTERS/Khalid Al-Mousily
الحشد الشعبي تشكل بناء على فتوى المرجعية العليا بالنجف في يونيو/حزيران 2014 (رويترز)

مثلت فتوى المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني "الجهاد الكفائي" نقطة تحول مهمة في مسار الأحداث العراقية، وأدت الفتوى التي صدرت في 13 يونيو/حزيران 2014 إلى تشكيل قوات الحشد الشعبي، بهدف مواجهة تمدد تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر على أجزاء من البلاد حينها.

وبعد مرور 7 أعوام على تأسيس هيئة الحشد، ما يزال الجدل قائما حول طبيعة عمل الهيئة ومهامها، ومدى التزامها بقرارات القائد العام للقوات المسلحة.

4- النجفي: الاستجابة الشعبية الواسعة للفتوى كانت طبيعية - مواقع التواصل
النجفي اعتبر أن الاستجابة الشعبية الواسعة للفتوى كانت طبيعية (مواقع التواصل)

ظروف الفتوى

أصدرت المرجعية الدينية العليا في النجف هذه الفتوى نتيجة الحالة التي كان يعيشها العراق من ضعف قوات الجيش والحكومة، حيث سقطت أجزاء من الأراضي العراقية بيد تنظيم الدولة، فلم تجد المرجعية أي وسيلة تستطيع من خلالها أن توقف زحف التنظيم إلا بفتوى توجب تشكيل قوات شعبية مساندة للجيش، حسب أستاذ الحوزة العلمية في النجف الشيخ أسامة آل بلال النجفي.

وبيّن للجزيرة نت أن الفتوى صدرت بعد دراسة مستفيضة عن طريق الثقات واجتماعات رفيعة المستوى أسهمت في تكوين تصور واضح لدى المرجع الديني الأعلى.

ويشير النجفي إلى أن الاستجابة الشعبية الواسعة للفتوى كانت طبيعية، لأن ارتباط الطبقة الشعبية بالمرجعية الدينية العليا هو ارتباط قوي، لذلك بمجرد صدور الفتوى هبت الجموع للاستجابة.

ويشبّه ما جرى بما حدث في ثورة عام 1920، عندما أيقنت المرجعية الدينية العليا أن القوات البريطانية التي دخلت العراق سنة 1914 لم تؤسس شيئا للعراق خلال 6 سنوات، فلذلك أيدت المرجعية الدينية آنذاك انتفاضة العشائر، حتى تأسست الملكية ومجلس النواب ومجلس وزراء بزعامة عبد الرحمن النقيب.

وتواصلت الجزيرة نت مع مكتب السيد علي السيستاني للتعرف أكثر على حيثيات إصدار هذه الفتوى، وبدورهم أحالونا إلى الموقع الرسمي، حيث يقول بيان للمرجعية إن "طبيعة المخاطر المحدقة بالعراق وشعبه تقتضي الدفاع عن هذا الوطن وأهله وأعراض مواطنيه".

وأكدت المرجعية أن "هذا الدفاع واجب على المواطنين بالوجوب الكفائي، بمعنى أنه إذا تصدى له من بهم الكفاية بحيث يتحقق الغرض وهو حفظ العراق وشعبه ومقدساته، يسقط عن الباقين".

خوشناو يرى أن منظومة الأمن والدفاع في العراق تحتاج إلى تنظيم - الجزيرة نت
خوشناو يرى ضرورة تنظيم مؤسسات وهيئات الأمن والدفاع في العراق (الجزيرة نت)

تأسيس الحشد

مراسلات العراق إلى مجلس الأمن الدولي لم تجد استجابة سريعة، لذلك كان على المرجعية الدينية أن تقوم بدورها التاريخي والشرعي، وتحشيد الحشود الشعبية في مواجهة الإرهاب، وكانت خطوة مهمة أعطت نتائج إيجابية، كما يقول السياسي الكردي محمود خوشناو.

ويضيف للجزيرة نت أن المتطوعين الذين قاموا بتلبية نداء الفتوى كانوا بحاجة إلى تنظيم، حتى لا يكون هناك تحشيد عشوائي، فانخرطوا تحت رايات الأحزاب السياسية التي استفادت من ذلك لتشكيل أجنحة العسكرية.

وحول إقرار قانون هيئة الحشد الشعبي، يرى خوشناو أن عمل البرلمان هو تنظيم الأجهزة ومنها جهاز الحشد الشعبي، الذي أصبح تحصيل حاصل، لذلك تنظيم الحشد كان من مسؤوليات الهيئة التشريعية في العراق.

ويعرب عن اعتقاده بأنه يجب تنظيم منظومة الأمن والدفاع العراقي بصورة عامة، ومنها هيئة الحشد الشعبي، لكي تخضع جميعها إلى القائد العام للقوات المسلحة، ويجب ألا تتمرد، وحتى البشمركة يجب أن تكون تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة في إقليم كردستان.

ويلفت خوشناو إلى أن إيران لديها علاقات وطيدة مع بعض الفصائل في ظل الصراع الموجود الآن والخوف على مستقبلها، لذلك نحتاج إلى تنظيم هذه الحالة بحيث تكون هناك مؤسسات أمنية حقيقية وتفعيل الجيش والشرطة، أما الحاجة وعدم الحاجة إلى الحشد الشعبي فهذا مرهون بالوضع الأمني والسياسي العراقي.

ويشدد بالقول إن الوحدة في القرار والمعلومات والتوجهات العسكرية والأمنية تعزز الأمن، لكن إذا تعددت الأجهزة الأمنية يختل التنسيق ويكون هناك اضطراب في القرار.

المساري: كان ينبغي صدور أمر من المرجع الديني الأعلى بإعادة النازحين الممنوعين من العودة - الجزيرة نت
المساري يرى الحاجة لإصدار أمر من المرجع الأعلى بإعادة النازحين الممنوعين من العودة لديارهم (الجزيرة نت)

انتهاكات ومغيبون

وفي ما يخص الحديث عن الانتهاكات التي ارتكبها بعض عناصر الحشد الشعبي، يقول القيادي في تحالف "تقدم الوطني" أحمد المساري إنه حتى اليوم لم نسمع عن أي جهات حوسبت على هذه الانتهاكات، والتي أساءت للحشد نفسه، وكان المفروض أن يؤخذ على يد أي جهة تقوم بأي انتهاكات.

ويكشف للجزيرة نت عن وجود إحصائية كبيرة للمغيبين قد تصل إلى 12 ألف شخص ضمن قاعدة بيانات متكاملة، ولا يعرف مكانهم رغم الأخبار المتداولة حول وجودهم في سجون سرية بناحية جرف الصخر في بابل.

وينوه إلى أن الحشد يمنع عودة بعض النازحين إلى بعض المناطق، وعلى رأسها جرف الصخر، ويرى ضرورة صدور أمر من المرجع الديني الأعلى بإعادة النازحين إلى مناطقهم، لكن هذا لم يحدث حتى اليوم، لافتا إلى أن هنالك مناشدات أرسلت للسيد السيستاني من عشائر هذه المناطق.

وحذر المساري من أن بعض تصرفات عناصر الحشد أساءت إلى فتوى المرجعية وإلى الفصائل التي حاربت تنظيم الدولة، والمهمة التي افتخر بها العراقيون.

7- مرعي يرى أن الحشد يمر بتجربة مختلفة بعد التطورات الأخيرة للمشهد السياسي العراقي - الجزيرة نت
مرعي: الحشد يمر بتجربة مختلفة بعد التطورات الأخيرة للمشهد السياسي العراقي (الجزيرة نت)

خلافات

كانت هنالك فصائل مشكّلة قبل تأسيس الحشد الشعبي تماهت مع الحشد الشعبي، سواء كان على المستوى الإداري أو على مستوى النوايا والعمل في مواجهة التحديات، خاصة أن فصائل الحشد ليست جهة واحدة، حتى وإن كانت هنالك قيادة واحدة رسمية متمثلة بهيئة الحشد، حسب رئيس مركز القرار السياسي للدراسات هادي جلو مرعي.

ويبين للجزيرة نت أن فصائل الحشد لديها تصورات ورؤى متقاطعة في بعض الأحداث في ما يتعلق بالعلاقة مع الحكومة أو معالجة القضايا الأساسية في الدولة العراقية، أو ما يتعلق بالعلاقة مع وجود القوات الأميركية، وكذلك المواقف تجاه التحديات الداخلية والخارجية والعلاقات مع دول الجوار، وهذا قد يقرأ على أنه خلاف، ولكنه ليس خلافا يؤدي إلى القطيعة أو المواجهة.

ما يزال الجدل قائما حول طبيعة عمل الحشد في العراق بعد 7 أعوام على تأسيسه - الجزيرة نت
الهدف الرئيسي الذي أنشئ الحشد لأجله هو مواجهة تهديد تنظيم الدولة الإسلامية (الجزيرة نت)

ويعرب مرعي عن اعتقاده بأن العلاقة بين فصائل الحشد الشعبي -على الدوام- كانت محل استقطاب لتوجهات وآراء وتصورات قيادات عديدة على المستويات السياسية والدينية والأمنية.

ويتحدث عن حوارات تجري بين القوى والفصائل المنضوية تحت الحشد بين حين وآخر، وقنوات الاتصال بينها لم تنقطع، فهذه المرحلة ربما ستكون هي الأكثر ضرورة في أن يكون هناك حوار بين فصائل الحشد الشعبي لتلافي أي أخطاء ممكن أن تحدث، أو لمواجهة تحديات محلية وخارجية بعد التحولات السياسية الكبرى في المنطقة والعالم.

ويرى مرعي أن الخلافات إذا كانت حقيقية أو غير حقيقية وبغض النظر عن مستوياتها فهي عامل سلبي على الحشد ووجوده، وفي ما يتعلق بتماسك الحشد، فيرى أنه يمر بتجربة مختلفة بعد التطورات الأخيرة للمشهد السياسي العراقي وتشكيل حكومة برئاسة مصطفى الكاظمي، والتقاطعات مع الحكومة وتطورات الأحداث العالمية؛ وكلها عوامل ستجعل الحشد الشعبي يضع إستراتيجية جديدة لطبيعة سلوكه وعلاقته مع الأحداث وعقيدته العسكرية والسياسية والأمنية.

ويشير إلى أن غياب قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس كان له أثر كبير على الحشد، ليس لجهة الضعف أو التراجع، بل لجهة الرمزية العالية، وشكّل غيابهما حدثا استثنائيا وقاسيا بالنسبة لكل عنصر في الحشد.

8- العبودي وصف المطالبات بحل الحشد بأنها لا تعبر عن إرادة أكثرية الشعب - الجزيرة نت
العبودي اعتبر أن المطالبات بحل الحشد لا تعبر عن إرادة غالبية الشعب (الجزيرة نت)

مستقبل الحشد

ويقول النائب عن كتلة "صادقون" نعيم العبودي إن الحشد الشعبي جاء لحماية العراق وسيادته ووحدة شعبه، لذلك يجب أن يُحافظ عليه لكل العراقيين ولا يمثل طائفة، بل يمثل كل مكونات الشعب العراقي.

ويضيف للجزيرة نت أن وجود قوة كهذه لدى أي دولة لا ينبغي التفريط فيها، بل تطوير قدراتها اللوجستية والقتالية مثل باقي الأجهزة الأمنية.

ووصف المطالبات بحل الحشد الشعبي بأنها لا تعبر عن إرادة أكثرية الشعب العراقي، وإنما هناك أصوات تحاول أن تخلط الأوراق، فالحشد جهاز مستقل تابع للقائد العام للقوات المسلحة، وأصبح مع الأجهزة الأخرى صمام أمان للعراق.

واختتم العبودي برفضه المطالبات الأميركية بحل الحشد الشعبي، كونه شأن عراقي فليس لأميركا ولا غيرها التدخل فيه.

المصدر : الجزيرة