تحدثت للجزيرة نت.. زوجة صحفي تونسي معتقل: أحمّل رئيس الجمهورية ووزيري الداخلية والدفاع مسؤولية سلامته

غسان بن خليفة ليس الصحفي الأول أو الوحيد الذي تم اعتقاله ومحاكمته "بشبهة إرهابية" منذ إعلان الرئيس قيس سعيّد إجراءاته الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021

مراقبون يرون أن الرئيس التونسي يعتمد منذ 25 يوليو/تموز 2021 على قوات الأمن لتنفيذ قراراته بعد أن وضع جميع الصلاحيات في يديه (الأناضول)

تونس- ضجت منصة فيسبوك بخبر اعتقال الصحفي التونسي غسان بن خليفة من منزله أول أمس الثلاثاء على خلفية التحقيقات في "قضية إرهابية"، وفق ما نشرته زوجته مروة الشريف على صفحتها الرسمية في فيسبوك.

تقول الشريف للجزيرة نت إن قرابة 12 أمنيا بزي مدني برفقة 3 سيارات مدنية داهموا -دون إذن قضائي- في تمام الساعة الـ11 صباحا منزلهم في الطابق الثاني وصادروا هاتف غسان المحمول، ثم داهموا منزل والديه في الطابق الأول وصادروا حاسوبه الشخصي وحاسوب شقيقه.

اقتاد أعوان الأمن غسان إلى فرقة مكافحة الإجرام في القرجاني بالعاصمة تونس، وطلبوا من الزوجة اللحاق بهم "ولكن بوصولي برفقة المحامين فوجئنا بعدم وجوده هناك" تضيف الشريف.

 

رحلة بحث

وتؤكد الشريف أن عملية البحث عن مكان احتجاز زوجها استغرقت ساعات في المراكز الأمنية ومقر النيابة العامة "التي لم تكن في البداية على علم بالقضية، ونحن من أعلمناها بذلك"، وأيضا في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب وأخيرا في وحدة البحث في الجرائم الإرهابية بالعوينة.

ولم يتمكن محامو غسان من رؤيته إلا في تمام الساعة التاسعة ليلا، حيث بدأ استجوابه في وحدة البحث في الجرائم الإرهابية بالعوينة حتى الساعة الواحدة صباحا، وتم إصدار قرار بإيقافه لمدة 5 أيام "على ذمة التحقيق في شبهة إرهابية دون تهمة واضحة موجهة له"، وحرمانه من التواصل لمدة 48 ساعة مع أسرته أو حتى محاميه، بحسب الشريف.

وأوضحت مروة أن زوجها يحاكم في قضية لها صلة بصفحة فيسبوك تنشر مضامين ضد الرئيس قيس سعيّد، وأنه متهم بالإشراف عليها "وهو أمر غير صحيح".

وتعزو عملية اعتقاله إلى كونه "صحفيا مناضلا من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومنحازا للطبقات الاجتماعية الفقيرة ورافضا سياسات الدولة بحق الشعب، والتي باعت من خلالها البلاد وزادت في تفقير الفقراء وإثراء الأغنياء، ولأنه ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني".

مهزلة

وتشدد مروة على أن زوجها معارض لسياسات الدولة منذ عهد نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي وحتى منظومة الانتقال الديمقراطي بعد الثورة، وتطالب بإطلاق سراحه وإنهاء "هذه المهزلة"، وتحمّل وزيري الداخلية والدفاع ورئيس الجمهورية والسلطة القائمة مسؤولية سلامته الجسدية والنفسية.

وبرأيها، فإن حرية الصحافة والتعبير في تونس في تقهقر ما قبل 25 يوليو/تموز 2021 (تدابير سعيّد الاستثنائية) وما بعدها "إنه شيء مخجل لا يليق بتونس التي قامت بثورة وأرادت التغيير، ولا بدم الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم من أجل الحرية والكرامة ورفعوا شعار (خبز، حرية، كرامة وطنية)".

 

خروقات بالجملة

وتتالت ردود الأفعال المنددة بعملية الاعتقال، وأعربت نقابة الصحفيين التونسيين عن "انشغالها الكبير بعد تسجيل فريق الدفاع خروقات إجرائية وشكلية بالجملة رافقت عملية الإيقاف من مداهمة منزل الزميل ومنزل والديه دون أذون قضائية".

وأكدت النقابة في بيان لها "خلو ملف غسان من أي أدلة أو قرائن تدينه أو تضعه محل شبهة وانتفاء مجرد إمكانية قيامه بجريمة أو أي علاقة بالإرهاب أو أي صفحات مشبوهة"، وطالبت بالإفراج الفوري عنه.

وذكّرت بتعرض "صحفيين وصحفيات ومدونين ونشطاء وحقوقيين يوميا لحملات تشويه وتهديد وسحل إلكتروني تقوم بها صفحات محسوبة على السلطة دون اتخاذ القضاء أي إجراءات رغم رفع عدة شكاوى في الغرض، مما يؤكد أن السلطة توظف الأجهزة الأمنية والقضاء وتحركها في قضايا بعينها دون أخرى"، وفق نص البيان.

 

زيف الشعارات

بدوره، أدان الصحفي النقابي فاهم بوكدوس ما وصفه بالاعتقال التعسفي لغسان بن خليفة، ورأى أنه يسرّع "في تعرية زيف شعارات المنظومة الحالية".

وانتقد بوكدوس المنظومة الحالية، وكتب في تدوينة مطولة أنها تباهت بأنها مع الإعلام الملتزم بقضايا الشعب وتطلعاته وإذا بها تسارع لمحاولة إخراس صوت ثوري يؤمن بالحقيقة وبمطالب التونسيين في "توزيع عادل للثورات ومكافحة الاقتصاد الريعي وسطوة المافيات".

أما الكاتب والمحلل السياسي الأمين البوعزيزي فقد عدد صفات الصحفي غسان بن خليفة، وقال إنه "مناضل شيوعي عروبي حقيقي منذ حياته الطلابية زمن الفاشية النوفمبرية، ومناضل يساري منحاز مطلقا لكل ضحايا السوق، خصوصا صغار المزارعين والنساء والمعطلين عن العمل، وإنه من اليساريين القلائل الذين لم يسايروا موجة مبايعة الانقلاب الشعبوي".

لم يكن غسان بن خليفة الصحفي الأول أو الوحيد الذي تم اعتقاله ومحاكمته "بشبهة إرهابية" منذ إعلان الرئيس سعيّد إجراءاته الاستثنائية، حيث حكم القضاء العسكري يوم 16 أغسطس/آب 2022 بسجن الصحفي صالح عطية 3 أشهر بتهمة "المس بسمعة المؤسسة العسكرية والإساءة إلى قياداتها" بعد تصريحاته لقناة الجزيرة التي ذكر فيها "رفض قيادات من الجيش الوطني طلبا تقدم به سعيّد لإغلاق بعض مقرات اتحاد الشغل".

كما أصدرت المحكمة العسكرية يوم 5 أكتوبر/تشرين الأول 2021 حكما بسجن الصحفي عامر عياد بتهمة "التآمر لتبديل الدولة"، وذلك على خلفية إلقائه -في برنامجه التلفزيوني- قصيدة الشاعر العراقي أحمد مطر "جرأة".

المصدر : الجزيرة