يرفض الطعام الصحي ويلتهم الحلوى.. هل ينجح الإجبار في علاج عادات طفلك الانتقائي؟

إجبار الطفل على تذوق صنف طعام جديد، لن يزيده سوى نفورا من هذا الصنف تحديدا (شترستوك)

قد يتناول طفلك طعاما، ويرفضه في اليوم التالي، أو يخشى تجربة أصناف جديدة، ويرفض بعض أصناف الطعام بسبب شكلها أو قوامها. وهناك أطفال انتقائيون في تناول الطعام، إلى درجة تصيب الأم بالإحباط، وقد يصل الأمر أحيانا إلى رفض الطفل تناول جميع أصناف الطعام، باستثناء صنف واحد أو اثنين. وغالبا ما يكون اختياره غير صحي ولا يلبي حاجات جسمه للنمو، مثل البطاطا المقلية أو زبدة الفول السوداني.

تحاول الأم تجربة أصناف جديدة من الطعام المتوازن، فلا تجد بانتظارها سوى الإحباط بسبب إهدار الجهد والوقت والمال، فضلا عن القلق بشأن صحة طفلها ونموّه، والحيرة بين أصناف الطعام، لتختار ما يمكن أن يُرضي طفلها "النيّق" ويغريه بما يكفي للتذوق.

فإذا كنتِ أمًّا لطفل انتقائي، فالحل ليس في البحث عن أصناف طعام جديدة، وإنما في التعامل مع سلوك طفلك في اختيار الطعام، باعتباره جزءا من تطوره النفسي والعاطفي والفكري. وبالتالي، عليكِ توجيه جهدك ووقتك نحو معرفة أسباب سلوك طفلك الانتقائي، وكيفية التعامل معه بشكل سليم حتى يتقبل تجربة أصناف الطعام المتنوعة التي تساعده في النمو الصحي.

حقائق عن الطفل الانتقائي

توصلت دراسة أُجريت في جامعة هارفارد الأميركية إلى بعض الحقائق عن الطفل النيّق، والتي يمكن أن تساعد الأمهات والآباء في التعامل بشكل سليم مع طفلهم صعب الإرضاء:

  • غالبا ما يصبح الطفل انتقائيا وصعب الإرضاء في الفترة بين عمر 4 و9 سنوات. لذا، من الأفضل أن يبدأ الأهل تعويد الطفل على الطعام الصحي في عمر مبكر، مثلا عند عمر السنتين.
  • المشكلات السلوكية تلعب دورا مهما في انتقائية الطفل. فقد أظهرت الدراسة أن الأطفال الذين يعانون من صعوبة التحكّم بعواطفهم، يميلون إلى أن يكونوا انتقائيين. لذا، من المهم أن يهتم الأهل بالمشكلات السلوكية التي تظهر على الطفل، والسعي إلى حلّها في وقت مبكر بالتعاون مع متخصص.
  • الطفل النيّق أو الانتقائي ليس من الضروري أن يعاني من انخفاض الوزن. لذا، لا داعي للقلق بشأن وزن الطفل، ما لم يقلق الطبيب بشأنه. ولكن هذا لا يعني أن الطفل يحصل على ما يحتاجه من التغذية اللازمة للنمو الصحي، فالتغذية السليمة لا ترتبط عادة بالوزن.
  • تعامل الأهل مع الطفل يلعب دورا مهما في تنشئته انتقائيا وجعله صعب الإرضاء. ففرض نظام غذائي صارم على الطفل، والضغط عليه لإنهاء حصته من الطعام، أو إجباره على تناول أصناف معينة من الطعام، قد يؤدي إلى نتائج عكسية، فينفر الطفل من وقت الوجبات عموما. لذا، يجب أن يتحلى الأهل بالمرونة والرفق، فلا يضغطون على الطفل أو يجبرونه على تناول صنف أو كمية معينة من الطعام.

إستراتيجيات التعامل مع الطفل الانتقائي

وفقا لدراسة نشرتها مجلة "كرنت أوبزيتي ريبورتس" (Current Obesity Reports)، فإن الانتقائية في الطعام لا ترتبط عادة بمشكلات في الوزن، ولكن في بعض الحالات شديدة الانتقائية، يصبح الطفل عرضة لنقص الفيتامينات والعناصر الغذائية، ما يؤدي إلى مشكلات في النمو الجسدي والعقلي، فضلا عن مشكلات في التركيز والتحصيل الدراسي.

وقد يكون لديكِ أكثر من طفل، أحدهم نيّق والبقية منفتحون في تجربة الطعام. هنا، يكمن الحل في التعامل مع الطفل بشكل سليم لتوسيع آفاقه ودفعه نحو تجربة أصناف الطعام المختلفة، من أجل الحصول على التغذية الكافية للنمو السليم.

وفيما يلي بعض الإستراتيجيات التي يمكنكِ اتباعها مع طفلك النيّق:

1- شجعي طفلك على المشاركة في إعداد الطعام

مشاركة الطفل في عملية إعداد الطعام، تشعره بالسيطرة والانتماء إلى الطعام الذي أعده بنفسه أو شارك في إعداده.

2- قللي الوجبات الخفيفة

يحب الأطفال الوجبات الخفيفة والعصائر على مدار اليوم، لأنها لذيذة وسهلة التناول. ولكن هذا النوع من الوجبات يمد أجسامهم بالطاقة، ويجعلهم لا يشعرون بالجوع، وبالتالي يصبحون انتقائيين في أوقات الوجبات الرئيسة. لذا، قللي الوجبات الخفيفة والعصائر، وعندما يشعر طفلك بالجوع، لن يكون صعب الإرضاء عندما يحين وقت الوجبة الأساسية.

ساعدي طفلك على فهم مشاعره واحترامها، ودعيه يأكل عندما يشعر بالجوع (شترستوك)

3- لا تجبري طفلك على تناول صنف جديد

تشعرين بالحماسة تجاه صنف الطعام الجديد على المائدة، وترغبين بشدة في أن يتناوله صغيرك، ولكن إجبار الطفل على تذوق صنف طعام جديد، لن يزيده سوى نفورا من هذا الصنف تحديدا، ومن الطعام عموما. لذا، لا تجبري طفلك على تناول صنف طعام جديد، فقط ضعي الطعام أمامه في كل مرة، واتركيه حتى يقرّر بنفسه تجربة هذا الصنف الجديد.

4- وفّري لطفلك اختيارات

عندما تعدين صنفا جديدا من الطعام؛ وفّري لطفلك اختيارات أخرى على المائدة، حتى لا يشعر بالضغط، وأيضا حتى يكون لديه اختيارات صحية، بدلا من القفز من على مائدة الطعام لتناول أي شيء غير صحي.

5- ادمجي المكونات الصحية في أكلات لذيذة

عندما يرفض طفلك أحد المكونات الصحية، فلا تجبريه على تناولها في صورتها الواضحة، إذ يمكنكِ دمجها مع بعض الأكلات اللذيذة. مثلا، يمكن فرم ثمار الكوسا ودمجها مع مكونات الكيك، فيتناول الطفل قطعة الكيك اللذيذة، وفي الوقت ذاته يحصل على فوائد الكوسا من دون أن يدخل في معركة معكِ.

6- لا تعرضي على طفلك إعداد صنف إضافي

إذا كانت مائدة الطعام تشمل أصنافا يتناولها طفلك، ولكنه قرّر رفضها، فلا تعرضي عليه إعداد صنف إضافي، حتى لا تشجعيه على هذا السلوك، بل عليه الانتظار حتى موعد الوجبة التالية.

لا تقدمي الحلوى كمكافأة على تناول الطعام الصحي، حتى لا يترسخ أن الحلوى هي طعام طفلك الأساسي (بيكسابي)

7- لا تقدمي الحلوى كمكافأة

لا تقدمي لطفلك الحلوى كمكافأة على تناول الطعام الصحي، حتى لا يترسخ داخل ذهنه أن الحلوى هي الطعام الأساسي له، والأطعمة الصحية مجرّد وسيلة للوصول إلى الحلوى.

8- دعي طفلك يأكل عندما يشعر بالجوع

إجبار الطفل على تناول الطعام عندما لا يكون جائعا يصيبه باضطراب الشهية. لذا، ساعدي طفلك على فهم مشاعره واحترامها، ودعيه يأكل عندما يشعر بالجوع.

9- اجعلي وقت الطعام ماتعا ومقدّسا

اجعلي وقت الطعام عائليا لطيفا وماتعا، وخاليا من عوامل التشتيت، مثل الشاشات التلفزيونية أو الإلكترونية.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية