"الموضة الدائرية".. الشراء بقدر الحاجة للارتداء

3لا تزال السيدات لدينا عندها هوس الشراء بكثرة أكثر من الإرتداء وهذا لوحده جنون- (بيكسلز)_
ثلث النساء يرتدين قطعة ملابس 5 مرات في المتوسط ثم يتخلّصن منها (بيكسلز)

بيروت – ظهر أخيرا مصطلح "الموضة الدائرية" الذي يُقصد به الموضة الصديقة للبئية، ومن أبرز مقتضياتها الاحتفاظ بالملابس والإکسسوارات لأطول مدة ممكنة عبر انتقالها من المستهلك الأول إلى مستهلك آخر، وصولا إلى التخلص منها بأساليب تحافظ على البيئة.

فما مبادئ هذه الموضة؟ وكيف يمكن الاستفادة منها في تصميم وتنفيذ ملابس نسائية؟ وما القيم الجمالية والوظيفية المختلفة التي يمكن تحقيقها عبر هذه الموضة؟

في عام 2014، صاغت آنا بريسمار، مؤسسة شركة "غرين إستراتيجي" (Green Strategy) والمتخصصة في قضايا الاستدامة في صناعة الملابس والنسيج على نطاق عالمي، مصطلح "الموضة الدائرية" (Circular Fashion)، وهي الملابس والأحذية والإكسسوارات المُصممة والمُنتَجة لاستخدامها لأطول مدة ممكنة، من دون أن تشكل أي أثر سلبي.

ووفق بريسمار، تهدف "الموضة الدائرية" إلى ابتكار ملابس مريحة وجميلة، وقبل كل شيء صديقة للبيئة. وعليه فإن أنصار هذه الموضة يرفعون عدم الإفراط في كميات الإنتاج للحد من النفايات قدر الإمكان.

2الموضة الدائرية هي الخيار الأسهل، ويمكن القول إنها الخيار الأكثر إستدامة وذات التأثير المباشر- ( بيكسلز)_
عدم التخلص من القطع القديمة أحد أبرز مبادئ الموضة الصديقة للبيئة (بيكسلز)

هوسٌ بالشراء لا بالارتداء!

تقول خبيرة الموضة ريتا نعمة إن أحد أبرز مبادئ الموضة الصديقة للبيئة -تسمى أيضا الموضة المستدامة- إعادة استخدام القطع القديمة وعدم التخلص منها، وصناعة ملابس جديدة تسهم في الحفاظ على الكوكب من التلوث.

وتتم هذه العملية في نهاية عمر الثوب الأول لإعادة استخدام نسيجه بطريقة جديدة ومبتكرة وصديقة للبيئة، وهي أفضل طريقة لإعادة التدوير.

ولا تزال، حتى اليوم، ثلث النساء يرتدين قطعة ملابس 5 مرات في المتوسط، ثم يتخلّصن منها. وتقول نعمة إن "غالبية النساء لديهن هوسٌ بالشراء أكثر من الارتداء، وهذا لوحده جنون".

وتشير إلى أن بعض الشركات تنتج مجموعة جديدة من الأزياء النسائية المصنوعة من الدنيم (الجينز) بمعايير صديقة للبيئة، بعضها يحتوي على مواد أُخضِعت لنظام غسيل باهت، مثل السترات والجيليهات والسراويل والتنانير والبدلات باللونين النيلي والأسود، وبأشكال عصرية مستوحاة من القرن الـ21.

وقد صُمّمت هذه الأزياء باستخدام تقنية التصميم الرقمي الثلاثي الأبعاد لتقليل عدد العيّنات المنتجة، ومن ثم تقليل تأثيرها البيئي من ناحية استخدام المواد الكيماوية والماء.

وسيعمل أنصار هذه الموضة في السنوات المقبلة على زيادة التصاميم التي تحافظ على البيئة، إما عن طريق إنتاج ملابس يسهل إعادة تدويرها، وإما عبر الالتزام بتصميم منتجات تدوم لمدة أطول، وإما من خلال استخدام التصاميم التي تنتج كمية أقل من بقايا المنسوجات أو مخلفاتها.

1لفتت نعمة الإنتباه إلى مجموعة الجديدة من أزياء مانجو النسائية المصنوعة من الدنيم بمعايير دائرية، بعضها يحتوي على مواد تم إخضاعها لنظام غسيل باه
مجموعة جديدة من الأزياء النسائية المصنوعة من الدنيم (الجينز) تعتمد معايير صديقة للبيئة (بيكسلز)

ما فرص نجاح الموضة الدائرية؟

بحسب تقرير نشره موقع "ذا إنترلاين" (theinterline)، ترى رئيسة قسم الاستدامة في "إم بي بي" (MPB) راشيل طومسون أن الموضة الدائرية تؤمّن فرص عمل كثيرة لمجموعة متنوعة من المهارات والوظائف، بالإضافة إلى تحقيق أرباح للعلامات التجارية المعروفة.

وتشير الدراسات الحديثة إلى أن صناعة الأزياء مسؤولة عن نحو 8% من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون العالمية. ويُتوقع أن يتضاعف الاستهلاك العالمي للملابس تقريبا من 62 مليون طن اليوم إلى 102 مليون طن بحلول عام 2030.

ومع ذلك، ينخفض استخدام الملابس بنسبة 40%، لتبلغ نفايات المنسوجات الآن أكثر من 92 مليون طن سنوياً، ينتهي بها المطاف في مكبّات النفايات، ومعظمها يقع في البلدان النامية. وتستغرق كل هذه المواد مئات السنين لتتحلل، وأثناء تحللها تطلق غاز الميثان السام في الغلاف الجوي وتدمر البيئة، وهي المشكلة التي تحاول معالجتها الموضة الدائرية.

7- لهذا أصبح البعض يسميها موضة العاطفة. لذا هل يمكن أن تكون الموضة الدائرية هي الحل للمشاكل المرتبطة بالإفراط في الإنتاج وتأثير على المناخ- (بيك
الموضة الدائرية حل لمشاكل الإفراط في الإنتاج والتأثير على المناخ (بيكسلز)

وللحد من نفايات الملابس والمنسوجات، تتبنى صناعة الأزياء الاقتصاد الدائري القائم على نظام إنتاج يحافظ على المواد والمنتجات قيد الاستخدام لأطول مدة ممكنة.

وتعمل الكثير من العلامات التجارية على تعديل خطط للإنتاج بدمج تقنيات التصنيع الجديدة والمواد الخام العضوية وتصميم الملابس التي لا تتطلب استخداما مفرطا للموارد الطبيعية لإنتاجها.

ووفق موقع "ذا إنترلاين"، ثمة مجموعة من الحلول التقنية مثل الطباعة الثلاثية الأبعاد، ونظام التشفير (الترميز) "كيو آر" (QR)، وتكنولوجيا "بلوك تشين" (Blockchain) عبر مشاركة المعلومات مع منصات تتبع هذا المنهج الشامل ضمن الخطة البيئية. وكلها تؤدي إلى تقليل حجم النفايات وتحويلها إلى مواد خام جديدة عالية الجودة لإنشاء منسوجات جديدة.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية