منتدى الدوحة يناقش حلولا مبتكرة لحاجات النساء الحرجة بمناطق النزاع

الجلسة ناقشت التحديات الصحية التي تواجه النساء في أماكن النزاع (الجزيرة)
منتدى الدوحة خصص جلسة لمناقشة التحديات الصحية التي تواجه النساء في أماكن النزاع (الجزيرة)

سلطت جلسة نقاشية بمنتدى الدوحة الذي انطلق أمس الأحد ويختتم اليوم الاثنين، الضوء على التحديات الصحية التي تواجه النساء في أماكن النزاع، وركز النقاش على ضرورة إيجاد حلول مبتكرة تلبي الاحتياجات الصحية الحرجة للنساء، وذلك من خلال توفير الوصول الشامل للرعاية الصحية، واستخدام التكنولوجيا الصحية وتنفيذ برامج التوعية.

وشارك في الجلسة التي حملت عنوان "استكشاف الحلول المبتكرة لتلبية الاحتياجات الصحية الحرجة للنساء في حالات النزاع"، رئيسة مجلس إدارة الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا روزلين موراوتا، والمدير الإقليمي المنتخب لإقليم شرق المتوسط/ منظمة الصحة العالمية حنان بلخي، والرئيس التنفيذي لمؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية (ويش) سلطانة أفضل، ورئيسة منظمة الطوارئ غير الحكومية روسيلا ميتشيو، والمدير العام لصندوق قطر للتنمية خليفة جاسم الكواري.

وأكد المشاركون أن المرأة في مناطق النزاع تعد هدفا رئيسيا للعديد من المخاطر الصحية، بما في ذلك نقص الرعاية الصحية الأساسية، وارتفاع معدلات الوفيات النسائية، والعنف الجنسي والجسدي، ونقص الإمكانيات والموارد الصحية.

جانب من المشاركين في الجلسة (الجزيرة)
جلسة "استكشاف الحلول المبتكرة لتلبية الاحتياجات الصحية الحرجة للنساء في حالات النزاع" لمنتدى الدوحة 2023 (الجزيرة)

تعزيز الوعي

وأكدت روزلين موراوتا أن استكشاف الحلول المبتكرة لتلبية الاحتياجات الصحية الحرجة للنساء في أماكن الصراع يعد أمرا حيويا، مشددة على ضرورة التعامل مع هذه التحديات الصحية بشكل جاد وفعال.

وتشير رئيسة مجلس إدارة الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، إلى أن تكنولوجيا الرعاية الصحية تلعب دورا هاما في تحسين حياة النساء بأماكن النزاع، مضيفة أنه "يجب أن نستثمر في استخدام التكنولوجيا الصحية المبتكرة لتحقيق تقدم حقيقي في تلبية احتياجاتهن الصحية الحرجة".

وتنوه موراوتا لأهمية برامج التوعية باعتبارها تلعب دورا حاسما في تعزيز الصحة والوعي الصحي بين النساء، داعية إلى ضرورة العمل على تعزيز هذه البرامج وتوفير الموارد اللازمة لتحقيق أقصى فائدة منها.

ومن جهتها أوضحت رئيسة منظمة الطوارئ غير الحكومية روسيلا ميتشيو أن النساء في حالات النزاع تواجه مخاطر صحية كبيرة، بما في ذلك العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والأمراض المنقولة جنسيا، والحمل غير المرغوب فيه، والولادة غير الآمنة، مشيرة إلى أن هذه المخاطر يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة على صحة النساء وصحتهن الإنجابية، بما في ذلك الوفيات والإصابات والعقم.

ولفتت إلى أن المنظمات الإنسانية تواجه تحديات كبيرة في تلبية الاحتياجات الصحية الحرجة للنساء في حالات النزاع، وأبرزها الوصول المحدود إلى الرعاية الصحية، ونقص الموارد المالية، والقيود المفروضة من قبل الأطراف المتحاربة.

وإلى جانب استخدام التكنولوجيا كأحد الحلول المبتكرة في تلبية الاحتياجات الصحية الحرجة للنساء في حالات النزاع، فإن ميتشيو تؤكد أهمية التعاون مع المجتمعات المحلية حيث يمكن أن يساعد التعاون في ضمان أن تكون الخدمات الصحية ملبية لاحتياجات النساء المحلية.

حلول مبتكرة

وضربت رئيسة منظمة الطوارئ غير الحكومية بعض الأمثلة للحلول المبتكرة التي تم تنفيذها لتلبية الاحتياجات الصحية الحرجة للنساء في حالات النزاع:

  • في سوريا، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) تطبيقا للهاتف المحمول يسمى "صحة الأم والطفل"، ويقدم التطبيق معلومات صحية عن الحمل والولادة ورعاية الطفل.
  • في جنوب السودان، تستخدم منظمة الصحة العالمية طائرات بدون طيار لتوصيل الأدوية والمستلزمات الطبية إلى المجتمعات النائية التي تعاني من النزاع.
  • في جمهورية الكونغو الديمقراطية، تعمل منظمة "أطباء بلا حدود" مع المجتمعات المحلية لإنشاء مراكز صحية متنقلة توفر الرعاية الصحية للنساء والفتيات.
    الكواري أكد أن تلبية حتياجات المرأة الصحية وتحسين المساواة بين الجنسين ضرورة أخلاقية (الجزيرة)
    الكواري: تلبية احتياجات المرأة الصحية وتحسين المساواة بين الجنسين ضرورة أخلاقية (الجزيرة)

المساواة بين الجنسين

من جانبه أكد مدير صندوق قطر للتنمية خليفة جاسم الكواري أن "الصحة مصدر قلق في حياة كل فرد، وأن توافر الرعاية الصحية حق أساسي من حقوق الإنسان"، مشيرا إلى أنه رغم ذلك فإن هناك العديد من النساء يتعرضن للموت بسبب مشاكل يمكن الوقاية منها أثناء الحمل ورعاية الأطفال، ويتم تشخيصهن بشكل متأخر عن الرجال، لافتا إلى أن "تزايد عدم المساواة في الصحة يعطل حياة الناس وسبل عيشهم".

ويوضح الكواري في حديثه للجزيرة نت، أنه رغم التقدم الكبير الذي تم إحرازه، لا تزال ملايين النساء في وضع صعب مع عدم كفاية فرص الحصول على الرعاية الصحية، مشددا على أن تلبية احتياجات المرأة الصحية وتحسين المساواة بين الجنسين ليس فقط ضرورة أخلاقية؛ ولكنه حل ذكي شامل للمجتمعات وتحقيق الازدهار الاقتصادي.

ويضيف أن صحة المرأة تضع الأساس لأطفالها وصحة أسرتها ومجتمعها المحلي على مدى الأجيال، وتعزيز عملها ضد عدم المساواة بين الجنسين.

وأكد الكواري أن صندوق قطر لديه التزام واضح تجاه معالجة الأمراض المعدية، مع التركيز على النهوض بصحة المرأة منذ إنشاء الصندوق وتقديم خدماته لمكافحة الإيدز عام 2012 حتى نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مضيفا أن صندوق قطر للتنمية ساهم بأكثر من مليار دولار في أكثر من 55 بلدا في أفريقيا وآسيا، إضافة للتعاون مع العديد من الكيانات الأخرى في قطاع الصحة.

وأكد أن الصندوق يدرك أهمية الشراكة الإستراتيجية عند معالجة التحديات الصحية عالميا، ويؤمن بقوة التكنولوجيا في تقديم الرعاية الصحية. ولفت إلى أن النساء في أماكن الصراعات يتأثرن أكثر من الآخرين، فضلا عن احتياجهن لمستلزمات مهمة يتم تجاهلها مجتمعيا بسبب الأعراف والتقاليد، موضحا أن الصندوق يدرس هذه الاحتياجات لتوفيرها للنساء في أماكن النزاع.

وفي هذا الصدد، يوضح الكواري أن دولة قطر أقامت العديد من المشاريع في أماكن النزاع، سواء في أفغانستان واليمن وسوريا، وكان التركيز الأكبر فيها على النساء بسبب الدور الاجتماعي لهن باعتبارهن الشريحة الأكثر تحملا للأعباء والمسؤوليات والواجبات الأسرية، لا سيما في حال تعرض الزوج أو الأب للقتل أو الإصابة أثناء الصراعات.

وشدد مدير صندوق قطر للتنمية على ضرورة التوعية بالاحتياجات الصحية للنساء في ظل تعرضها للعنف الجسدي والجنسي أثناء الحروب، مشيرا إلى أن هذه التوعية من شأنها أن تدفع الجهات الفاعلة والمعنية إلى البحث عن جذور المشكلات وإيجاد حلول لها.

سلطانة أفضل تحدثت عن حماية الأطفال خلال الصراعات (الجزيرة)
سلطانة أفضل: يعد تأثير إصابات الانفجارات على الأطفال أمرا خطيرا للغاية (الجزيرة)

الأطفال في الحروب

وإلى جانب المخاطر التي تتعرض لها النساء في أماكن الصراع، تحدثت الرئيس التنفيذي لمؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية (ويش) سلطانة أفضل عن حماية الأطفال خلال الصراعات. وقالت للجزيرة نت: إن حماية صحة الأطفال في أماكن النزاعات تصبح أكثر صعوبة عندما يصعب الوصول إلى العاملين في مجال الرعاية الصحية والأدوية.

وتابعت "يُعد تأثير إصابات الانفجارات على الأطفال أمرا خطيرا للغاية، لذا أعدت منظمة إنقاذ الطفولة دليلا لإصابات الانفجارات هدفه تزويد العاملين في مجال الرعاية الصحية بالمعلومات الأساسية عن كيفية علاج ضحايا النزاعات من الأطفال. وتمت ترجمة هذا الدليل إلى اللغة العربية بواسطة قمة ويش وتم توزيعه في سوريا وقطاع غزة".

وعن الوضع في غزة التي تتعرض لعدوان إسرائيلي منذ 66 يوما، تقول أفضل: "لا يوجد في غزة الآن ما يكفي من العاملين في مجال الرعاية الصحية، ولا إمكانية الوصول إلى الدواء، لذا نعمل حاليا على ترجمة أحدث بطاقة تم إعدادها من قبل منظمة إنقاذ الطفولة وشركائها، وهي بطاقة مكونة من صفحتين للمستجيبين العاديين للسماح لهم بمعالجة النزيف الذي يهدد الحياة في مكان الإصابة -وبالتالي توفير المعلومات والرسومات التوضيحية الأساسية التي يسهل على أي شخص اتباعها، حيث يعد النزيف الذي يهدد الحياة أبرز مسببات الوفاة الذي يمكن تفاديه ضمن إصابات النزاعات.

وإلى ذلك أكدت المدير الإقليمي المنتخب لإقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية حنان بلخي أن النساء في أماكن الصراعات يواجهن تحديات كبيرة في الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم والمأوى، كما أنهن يتعرضن للعنف والاستغلال الجنسي، مما يزيد من مخاطر صحتهن الجسدية والنفسية.

المصدر : الجزيرة