خوانا رشماوي.. قصة 10 أشهر في سجون إسرائيل لإسبانية أحبت فلسطين

بيت ساحور – بلغة عربية جيدة نوعا ما، تحدثت الإسبانية خوانا رشماوي (63 عاما) من منزلها في بيت ساحور شرق بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة عن تجربة اعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي لمدة 10 أشهر.

خوانا متزوجة من الفلسطيني إلياس رشماوي منذ 36 عاما، جاءت إلى فلسطين، وعاشت بداية في قطاع غزة؛ مسقط رأس زوجها الذي كان جده "خوريا" في إحدى الكنائس هناك.

انتقلت للعيش في بيت ساحور، وكانت قد بدأت العمل عام 1993 في لجان العمل الصحي، لجلب المشاريع التمويلية لهذه المؤسسة التي تعتبر اليوم من أكبر المؤسسات الصحية الفلسطينية.

خوانا تجلس مع زوجها إلياس رشماوي في منزلها في بيت ساحور (الجزيرة)

اعتقال فتحقيق

تفاجأت رشماوي في 13 أبريل/نيسان العام الماضي باقتحام منزلها من قبل قرابة 25 جنديا إسرائيليا، اعتقلوها وحولوها للتحقيق في مجمع مستوطنات "غوش عتصيون" جنوب بيت لحم، لتبدأ قصة جديدة ومهمة في حياتها كما تصفها.

وأدرجت إسرائيل في وقت سابق 6 مؤسسات فلسطينية على لائحة الإرهاب، منها لجان العمل الصحي التي تعمل خوانا فيها، ويعني ذلك إمكانية ملاحقة موظفي تلك المؤسسات ومتطوعيها، ومحاكمتهم بحجة دعم الإرهاب.

وتعرضت خوانا في أول يوم من اعتقالها للتحقيق لمدة 7 ساعات متواصلة في المركز العسكري الإسرائيلي، وتركز التحقيق على عملها ودورها في تمويل لجان العمل الصحي، واتهمت بأنها تساهم في تمويل مؤسسة إرهابية وأنها مجرمة تكذب ولا تقدم المعلومات الصحيحة.

نقلت للتحقيق مرة أخرى في عسقلان، وتقول عن ذلك للجزيرة نت "كنت أدخل التحقيق الساعة 7 صباحا وأخرج الساعة 7 مساء"، ولم تشفع لها حالتها الصحية والنفسية التي عاشتها خلال تلك الفترة التي استمرت شهرا كاملا.

خسرت من وزنها قرابة 10 كيلوغرامات، قبل نقلها إلى قسم الأسيرات الفلسطينيات في سجن الدامون الإسرائيلي، وحكم عليها بالسجن لمدة 13 شهرا.

خوانا تحمل صورة الأسيرة الفلسطينية إسراء الجعابيص، التي آلمها وضعها الصحي كثيرا بسبب التصاق أصابعها (الجزيرة)

معتقلة بين فلسطينيات

استقبلت الأسيرات خوانا واهتممن بها بشكل كبير، وساعدنها في تخطي الضغط النفسي والجسدي الذي تعرضت له خلال فترة التحقيق، وتصف ذلك قائلة "كنت أضحك معهن كثيرا، رغم المعاناة التي تعيشها كل واحدة منهن، وكنت أكبرهن سنا، ولم يتغير تعاملهن معي كوني أجنبية".

قرابة 40 أسيرة فلسطينية كنّ مع رشماوي في السجن، لكل واحدة منهن قصة، كما تقول، أبرزهن إسراء الجعابيص، التي قالت خوانا عنها "طلبت من إدارة السجن أن تسمح لها بإجراء عملية جراحية ليديها لفك أصابعها الملتحمة مع بعضها البعض بفعل حريق تعرضت له قبيل اعتقالها، فكان رد إدارة السجن، أن هذه عملية تجميل ولا داعي لها".

أثار ذلك صدمة واستغراب رشماوي التي قالت إن إسراء لا يمكنها التقاط شيء بيديها لأن أصابعها ملتصقة وتساعدها الأسيرات في حياتها اليومية.

تذكر خوانا الأسيرة مرح باكير؛ التي كانت ممثلة الأسيرات في الحديث مع الإدارة، وعندما عانت خوانا من ألم في أذنها، قالت إن مرح بقيت تضغط على إدارة السجن لساعات طويلة حتى جاء طبيب لعلاجها.

وتحدثت خوانا عن أسيرات فلسطينيات أخريات يتعرضن للضغط النفسي ومنهن من اعتقلن وهن قاصرات، وترى أنهن اهتممن بها ودافعن عنها، ولم تكن جنسيتها الإسبانية أو أنها غير فلسطينية حاجزا في التعامل معهن.

تعلم خوانا تماما أن كل ما تعرضت له من تحقيق واعتقال وسجن، وطريقة التعامل معها، هو أفضل شيء ممكن؛ كون الحكومة الإسبانية كانت تضغط على إسرائيل لإطلاق سراحها، وتتساءل " كيف بالفلسطينيين والفلسطينيات المعتقلين لدى إسرائيل الذين ليس لهم من يضغط لأجلهم؟".

الإسبانية خوانا رشماوي تحمل جواز سفرها الإسباني (الجزيرة)

أحلم بهن

استدعيت خوانا بعد 10 أشهر إلى إدارة السجن، وأبلغت بأنه سيتم الإفراج عنها، وطلبت إدارة السجن منها أن تطلب ما تريد وكيف رأت الأوضاع، فردت قائلة "عاملوا هؤلاء الأسيرات بشكل أفضل؛ لأنهن فتيات جيدات ولسن سيئات".

سألناها عن حياتها الآن بعد الإفراج عنها، فأجابت "أفكر في الأسيرات في النهار، وأحلم بهن في الليل، لقد قدمن لي كل شيء احتجته؛ من اهتمام وعناية طوال تلك الفترة، رغم أنهن يعشن ظروفا صعبة".

وأكملت "سأكون صوتا لهن، وسأسافر إلى إسبانيا وأتحدث وأكتب عنهن، وعن كرمهن، وعن الظلم الذي يتعرضن له، وسأخبر كل العالم عن هذه التجربة، لأن الأسيرات قدمن لي الحب، وأنا أحبهن، لذلك يجب أن أخبر العالم عن الظروف التي تتعرض لها الأسيرات الفلسطينيات".

المصدر : الجزيرة