من ثريا جبران إلى فاطمة خير وكليلة بونعيلات.. نجمات يقتنصن فرصا في عالم السياسة بالمغرب

الفنانتان المغربيتان كليلة بونعيلات (يمين) وفاطمة خير (الصحافة المغربية)

من النادر أن يشارك الفنانون في الحياة السياسية بالمغرب، وظلت تجاربهم في الممارسة السياسية والانتماء الحزبي فردية، ورغم نجاح تجارب لفنانين سابقين، فإنها كانت محدودة الكم، وقيّمة الأثر على المستويين السياسي والشعبي.

كان الفنان ياسين أحجام أول ممثل يفوز بمقعد برلماني في انتخابات 2011، بعد ترشحه باسم حزب العدالة والتنمية، كما وصلت في السنة نفسها نجمة الغناء الأمازيغي والشاعرة فاطمة تبعمرانت إلى البرلمان عندما ترشحت عن حزب التجمع الوطني للأحرار.

وتظل تجربة الفنانة المسرحية الراحلة ثريا جبران مثيرة للاهتمام، فقد عينت سنة 2007 وزيرة للثقافة باسم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهي في أوج عطائها الفني، لتكون أول وزيرة في المغرب من الوسط الفني.

لذلك جاء نجاح نجمتا الدراما المغربية فاطمة خير وكليلة بونعيلات في دخول البرلمان حدثا فنيا وسياسيا ونسويا عظيما، بعد ترشحهما عن حزب التجمع الوطني للأحرار والظفر بمقعدين في مجلس النواب عقب انتخابات الثامن من سبتمبر/أيلول الجاري.

بداية فنية مبكرة

التحقت فاطمة خير وكليلة بونعيلات بحزب التجمع الوطني للأحرار مع عدد من الفنانين، وأسسوا في يونيو/حزيران الماضي تنظيما موازيا أطلق عليه اسم "الفدرالية المغربية للفنانين التجمعيين".

وتعد فاطمة خير واحدة من أهم ممثلات الدراما في المغرب، وكانت بدايتها الفنية على خشبة المسرح في المرحلة الثانوية، قبل أن يقترحها الفنان الراحل حمادي عمور لأداء دور البطولة عام 1988 في مسلسل درامي عنوانه "وفاء" لتبدأ مسيرة من النجاحات وهي في 18 من عمرها.

وتعد فاطمة خير وزوجها الممثل سعد التسولي من أشهر الثنائيات في الساحة الفنية المغربية بعد زواجهما عام 2001، وتشاركا في عدد من الأعمال الفنية.

تخرجت فاطمة من المعهد الوطني للمسرح في الدار البيضاء، وفي رصيدها عدد كبير من الأعمال الفنية التي تركت بصمتها لدى الجمهور، ومن أهم أفلامها السينمائية والتلفزيونية: "نساء ونساء"، و"سارق الأحلام"، و"الأجنحة المتكسرة"، و"قسم 8". ومن المسلسلات: "الوصية"، و"موعد مع المجهول" و"الماضي لا يموت"، و"شهادة ميلاد". كما شاركت في مسلسلين سوريين للمخرج نجدت إسماعيل أنزور؛ هما " فارس بني مروان" و"الحور العين".

صوت الفنان

وفاجأت فاطمة خير جمهورها عندما أعلنت الالتحاق بحزب التجمع الوطني للأحرار، ثم الترشح باسمه في الانتخابات النيابية الأخيرة.

وعن أسباب هذه الخطوة، تقول للجزيرة نت إنها وصلت لقناعة مفادها أن على المواطن أن يشارك من موقعه في الحياة السياسية، مضيفة أن الفنان كان ولا زال يمارس هذا الدور، لكنه ظل فترات بعيدا عن الممارسة الفعلية والإسهام في صناعة القرارات الكبرى في جميع القطاعات، بما فيها القطاعان الثقافي والفني.

لذلك تؤكد فاطمة خير أن مشاركة الفنان اليوم واضطلاعه بأدواره السياسية أصبحت ضرورية، لأنه أيضا يمتلك الكفاءة اللازمة والقدرة على الترافع على قضايا المواطنين، بما فيها قضايا الفن والثقافة.

وعن دورها كفنانة في الولاية البرلمانية المقبلة، تقول فاطمة خير إنها ستعمل على إيصال صوت الفنان والمثقف عبر التنسيق مع التنظيمات المهنية من أجل تسريع إخراج العديد من القضايا التي ظلت عالقة لسنوات، ومن بينها القوانين التنظيمية المرتبطة بقانون الفنان والحماية والرعاية الاجتماعية للفنانين.

احتفاء فني

أما الفنانة كليلة بونعيلات التي تتشارك مع فاطمة خير الانتماء الحزبي نفسه، فقد بدأت مسيرتها الفنية بالصدفة سنة 2004، كما حكت في لقاءات صحفية.

وروت كليلة أن شقيقتها التوأم تلقت دعوة للمشاركة في فيلم، ولأن الأخيرة كانت في سفر خارج البلاد، فقد حلت محلها وشاركت في الفيلم الذي لقي نجاحا، لتبدأ مسيرتها الفنية.

وشاركت كليلة في عدة أفلام سينمائية وتلفزيونية، أبرزها "فنيدة"، و"انتقام"، و"الطريق إلى كابول"، و"دموع من فضة". وشاركت أيضا في مسلسلات: "إلى الأبد"، و"دارت الأيام"، و"السيدة الحرة"، وكان آخر أعمالها مسلسل "سولو دموعي"، الذي قامت ببطولته وكتبت السيناريو والحوار وعُرض على قناة "إم بي سي5" (MBC5) في يونيو/حزيران المنصرم.

الفنانة المغربية كليلة بونعيلات شاركت في عدة أفلام سينمائية وتلفزيونية (مواقع التواصل)

الفنان والسياسة

ويطرح النقاش حول دخول الفنانين الحياة السياسية والحزبية؛ كون الفنان -كما يقال- ملك للمجتمع، ويعبر عن تطلعات وهموم مختلف أطيافه.

ويتجدد الجدل بين تيارين؛ يرى الأول أن دخول البرلمان أو العمل السياسي والحزبي من شأنه أن يقتل مهمة الفنان ورسالته الفنية داخل المجتمع، وبين تيار يرى الفن مهنة كباقي المهن، ومن حق الفنانين ممارسة حقهم في الانتماء السياسي والدفاع عن مصالح المواطنين.

ويرى الناقد الفني مصطفى الطالب أن الفنان عندما ينجح سياسيا تحت راية حزبية معينة فهو يخندق نفسه سياسيا وأيديولوجيا، مشيرا إلى أن الفنان يفترض فيه الحياد والموضوعية حتى ولو كانت له أيديولوجيا معينة.

وأضاف الطالب في حديث للجزيرة نت أن دخول الفنانين والمثقفين مجلس النواب وانتماءهم لأحزاب "ظاهرة سلبية"، ويرى أنها تفقد الفنان رمزيته ومكانته داخل المجتمع، وستوجه إليه أصابع الاتهام عندما يخفق حزبه في تحقيق مطالب الشعب، ناهيك عن تقييد الانتماء الحزبي لحرية الإبداع.

غير أن الممثلة فاطمة خير تؤكد أنها ستمضي في موقعها الجديد وفق القناعات التي عرفها عنها الجمهور وراكمتها طيلة سنوات من العمل الفني.

وأضافت أنها ستعمل على أن يجد جمهورها الأداء نفسه المبني على الصدق داخل البرلمان كما عهدها خلال مسيرتها الفنية، مؤكدة عزمها على العمل على التوفيق بين المهمتين؛ مهمة الفنانة ومهمة البرلمانية.

المصدر : الجزيرة