قصص معاناة أمهات التوائم.. التعامل الأمثل وكيفية التخلص من العبء البدني والنفسي؟

المرأة التي تحمل بتوأم تحتاج إلى مراجعة الطبيب بصفة مستمرة.

الحامل بتوأم قد تتعرض لمضاعفات أهمها تسارع ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم (شترستوك)

القاهرة – "لا تكاد عيني تغفو وأنا جالسة على الكرسي أو الكنبة بعد إرضاع طفلي الذي نام حتى يفزعني صوت أخيه التوأم، وربما يصحو الأول أثناء إرضاع أو متابعة أخيه، فلا أعرف للنوم طعما لساعات طويلة" هكذا بدأت نهال (39 عاما) سرد متاعبها التي لا تنتهي بعد أن أنجبت توأما.

وأشارت نهال للجزيرة نت إلى أنها اعتمدت أيام ولادتها الأولى على أختها وأمها لمساعدتها في شؤون الطفلين، وبعد أسبوعين بدأت في الاعتماد على ابنتها ذات 15 عاما، لكنها تخشى أن تثقل عليها أو توقظها من النوم كي لا تحمل ضغينة لأخويها.

"إن الأم التي يكتب لها الحمل بتوأم تخوض رحلة شاقة منذ الحمل مرورا بالولادة ثم ما بعدها، تكفي من يملك موهبة الكتابة لتأليف مجلدات من عشرات الأجزاء من رحلة البحث عن حليب مناسب، إضافة إلى الأعباء المالية المضاعفة على ميزانية الأسرة" حسب ما قالت نهال.

احتمالات مرعبة

مها هادي (31 عاما) تروي للجزيرة نت كيف عاشت يوما رهيبا بعد علمها بأنها حامل بتوأم، وتصفحها مواقع على الإنترنت تتحدث عن كيفية تعامل الأم الحامل بطفلين أو أكثر حيث قرأت عن مضاعفات خطيرة قد تتعرض لها الأم والأجنة.

وقالت إنها قرأت عن احتمال تعرضها لفقر الدم والسكري وتسمم الحمل واضطراب المشيمة، وكذلك قرأت عن فرض احتمال تشابك الأحبال السرية واحتمال عدم نمو التوأم أو أحدهما بشكل كامل، وربما يتعرض الأجنة للتشوه.

وأضافت أنها لم تهدأ إلا حين ذهبت للطبيب وطمأنها بأن كل ما قرأته يمكن تفاديه باتباع برنامج محدد ومتابعته أولا بأول، مؤكدة أنها عانت كثيرا وبفارق كبير عن معاناتها في الحمل بابنتها الأولى، لكن الأمر مر في النهاية تاركا ذكريات مؤلمة جسديا ونفسيا.

من الخطير أن يركز الأبوان كل الاهتمام بطفل واحد ويهمل توأمه (شترستوك)

حيرة

"بين الإرضاع وحيرة من أرضع أولا إذا صرخا في نفس الوقت وتغيير الحفاضات المرهق إلى أعمال المنزل والاهتمام بمطالب الزوج الذي ينبغي ألا يشعر بالإهمال، كنت أقضي يومي دون أن أدرك متى بدأ وكيف انتهى، حتى أن اختلاس وقت للاستحمام أصبح أمنية صعبة المنال" هكذا بدأت فريال حوارها حول متاعب أم التوأم للجزيرة نت.

لكني تعلمت -تكمل فريال- من خلال مجموعات على فيسبوك تهتم بأمهات التوائم كيف أنظم وقتي بين كل هذه المهام وكيف أتعامل مع طفلتي التوأم، وكيف أفرق بينهما، وبالمناسبة لا يشترط أن يكون الطفلين التوأم متماثلين كي يسببا حيرة للأم في التعرف عليهما، بل حتى في حالة التوأم غير المتماثل -مثل حالتي- يختلط على الأم الأمر بين الطفلين أو الطفلتين.

مضاعفات خطيرة

استشاري أمراض النساء والتوليد الطبيبة أماني حمدي تشرح كيف تتعرض الحامل بتوأم لمضاعفات أهمها تسارع ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم والدوالي وتورم في القدمين، والتقيؤ بشكل أكبر من الحامل بطفل واحد، وكذلك ازدياد احتمال الإصابة بالبواسير.

كما قد تتعرض الأمهات في هذه الحالة -تقول الطبيبة للجزيرة نت- للإصابة بسكري الحمل وتسمم الحمل، وتزداد احتمالات الولادة المبكرة والعمليات القيصرية، لذا تحتاج لمراجعة الطبيب بصفة مستمرة خاصة وأنها تتعرض لفقر الدم نتيجة لكثرة التقيؤ، وينصح بتناول أقراص الفيتامينات ومركبات الحديد، بناء على توصية الطبيب وبعد استشارته.

كذلك تتعرض الأجنة في حالة الحمل بتوأم إلى عدة مخاطر أهمها زيادة تعرضهم للتشوه نتيجة حركتهم داخل الرحم والتي ربما تؤثر على الأحبال السرية، وبالتالي تغذية كل منهما، كما أن الاضطرار إلى الولادة المبكرة يؤدي لنزولهما برئات غير جاهزة للتنفس، حسب كلام استشاري أمراض النساء والتوليد.

التوأم أحادي البويضة

ويشير أخصائي النساء والتوليد الطبيب محمد شعبان إلى مخاطر مختلفة يتعرض لها التوأم أحادي البويضة، الذي ينشأ نتيجة انقسام بويضة واحدة ملقحة بالحيوان المنوي إلى نصفين أو ثلاثة فينتج عنها التوائم المتماثلة.

فهناك أمر غاية في الخطورة يحدث حين تتشارك الأجنة في مشيمة واحدة، مما يعني أن أحدهما يتبرع بدمه من خلال المشيمة إلى الجنين الآخر فينشأ ضعيفا جدا وربما يتوفى، في حين يولد الآخر قويا ومتمتعا بالصحة وربما زائدا في الوزن بشكل غير طبيعي، حسب كلام شعبان للجزيرة نت.

وينصح الطبيب الأمهات بضرورة المتابعة الدائمة والمستمرة، وعلى فترات قريبة، مع الطبيب لإجراء الفحوصات التي تمكن من اكتشاف أى مشكلة لدى الأم أو الأجنة لمواجهتها مبكرا ومنع حدوث أية مضاعفات، ولا تكتفي بما تسمعه من نصائح أو تقرأه على الإنترنت.

على الأبوين التركيز على الاختلاف بين التوأم عبر تقدير وتفهم احتياجات ومواهب كل منهما (شترستوك)

نصائح لسهولة التعامل

تقدم استشاري الطب النفسي داليا السويسي لأمهات التوائم نصائح تراها هامة لسهولة التعامل مع التوأم، مثل إطلاق أسماء غير متشابهة في النطق مثل عدم استعمال "سهى ونهى أو محمد ومهند" وغيرها، كما يجب إلباسهما ملابس مختلفة تماما عن بعضهما لسهولة التعرف عليهما، وأيضا لترسيخ الاختلاف بينهما وبدء تكوين شخصيات مستقلة.

أيضا ينبغي على الأم والأب التركيز على الاختلاف بين الطفلين التوأم وتعزيزه عبر تقدير وتفهم احتياجات ومواهب كل منهما دون التفرقة في التعامل، وتساوي الحنان المقدم من الأب والأم، ومن الخطير أن يركز الأبوان كل الاهتمام بواحد دون الآخر، على حد تعبير استشاري الطب النفسي في حوارها للجزيرة نت.

وينبغي تخصيص أوقات منفصلة لكل منهما للوقوف على شكواه والإجابة عن الأسئلة التي تشغله والاستماع إليه باهتمام وتلبية احتياجاته، وعدم الضغط على أحدهما للنوم في موعد نوم الآخر إذا لم يكن يريد ذلك.

تخفيف العبء النفسي

ومن جانبه شدد هشام عبد الرحمن استشاري الطب النفسي للأطفال على عدم إتيان أحد الأبوين بما يوحي للطفل أنه مميز عن توأمه أو مهمل، وتجنب توبيخ أحدهما أمام الآخر، وحين يتم شراء ألعاب لهما -دون وجودهما عند الشراء- تكون نفس القطع.

وأثار الطبيب للجزيرة نت نقطة خاصة بتخفيف العبء النفسي والبدني عن الأم لتمنح نفسها فرصة لالتقاط الأنفاس، وتجديد النشاط لتكون لها قدرة على تكملة رسالتها المرهقة، ويمكن تحقيق كل فترة من خلال ترك الأولاد عند الجد أو الجدة أو الأخت، وممارسة يوم تنطلق فيه لنزهة مثلا أو الذهاب للسينما مع الزوج وتناول الغداء خارج المنزل.

المصدر : الجزيرة