طاهية عراقية تجسد التراث والفلكلور البغدادي بصناعة الكيك

الطاهية لارا فريد جسدت شخصية عباس بن فرناس من الكيك (الجزيرة)

بغداد- بدأت العراقية لارا فريد هواية صناعة الكيك قبل 5 سنوات، وذلك عندما زارت المتحف البغدادي، حيث لفت انتباهها الشخصيات المصنوعة من الشمع والتي تمثل نماذج للحياة البغدادية القديمة. فقررت تقديم التراث البغدادي بمجسمات مصنوعة من حلوى الكيك، وذلك في إطار رحلة بحثها عن كل ما هو جديد وغير مطروق.

كيف ولدت الفكرة؟

تروي لارا حكايتها فتقول إنه أثناء تجوالها في المتحف البغدادي لفت انتباهها الشخصيات المصنوعة من الشمع، فبدأت التفكير بتنفيذ الفكرة بمجسمات تحكي قصة التراث البغدادي القديم بالكيك. والتحدي الأول كان قيامها بعمل مجسم كيكة  لشخصية سندريلا، باستخدام قوالب الكيك المعتادة، ومن ثم نحتها.

الدلّالة (البائعة المتجولة) من شخصيات المتحف التي نفذتها لارا فريد بمجسمات الكيك (الجزيرة)

أما عن مراحل العمل فتقول لارا إن المرحلة الأولى هي الفكرة ثم رسم مخطط للشخصية المطلوب تنفيذها، بعدها تأتي مرحلة أخذ القياسات والتي يجب أن تكون في منتهى الدقة، تليها المرحلة الأصعب وهي نحت قالب الكيك لصنع المجسم، ثم المرحلة الأخيرة وهي التغليف بعجينة السكر وتلوينها بالألوان المناسبة لكل شخصية، وتتراوح مدة انجاز كل مجسم ما بين يوم ونصف إلى يومين.

من شخصيات المتحف التي نفذتها لارا فريد بمجسمات الكيك شخصية "قمر" بائعة الباقلاء (الجزيرة)

شخصيات من المتحف البغدادي

أول شخصية من المتحف صنعت لها لارا مجسما من الكيك كانت حسوني الجايجي، وهو الشاب الذي يقوم ببيع الشاي في مقاهي بغداد وأزقتها القديمة. وتوضح لارا أن تنفيذ الشخصية استغرق يومين من النحت والعمل الذي جسد الشخصية بأدق التفاصيل من غطاء الرأس إلى اللباس البغدادي وأستكان الشاي (كأس الشاي).

فضلا عن تلوين المجسم بالألوان السائدة في ذاك الوقت، الأمر الذي جعل الكيكة المنحوتة تبدو كأنها أقرب إلى الحقيقة. ومن الشخصيات التي نفذتها فريد شخصية الدلّالة (البائعة المتجولة)، وقمر بائعة الباقلاء، إضافة إلى الجالغي البغدادي (فرقة موسيقية) وشقي بغداد (الفتوة).

أول شخصية من المتحف صنعت لها لارا مجسما كانت حسوني الجايجي، الشاب الذي يبيع الشاي في مقاهي بغداد وأزقتها القديمة (الجزيرة)

كل مجسم يحكي قصة

وتؤكد لارا للجزيرة نت أنها أحبت الخروج عن النمط التقليدي في صناعة الكيك فاتجهت إلى النحت، وأن يحكي كل مجسم قصة معينة.

حكاية القزم "إلف" (Elf): وهذا ما قامت بتنفيذه بحرفية ودقة عالية مع كيكة القزم "إلف" (Elf) بعد مشاهدتها للفيلم الذي أنتج عام 2003، ويحكي قصة طفل صغير يعيش في ملجأ للأيتام؛ يختبئ في أحد أيام الأعياد في كيس سانتا كلوز؛ لينتهي به المطاف في القطب الشمالي، حيث تقوم مجموعة من الأقزام بتربيته حتى يكبر؛ ليعود بعدها إلى مدينة نيويورك للبحث عن والده.

كيكة حورية البحر: وهي مجسم لسمكة تمثل حورية البحر تستند على قاعدة تشبه البحر من حيث اللون والتفاصيل، شاركت فيها لارا في أحد المعارض الدولية وحصلت على جائزة نجمة الكيك.

عباس بن فرناس: خصت لارا فريد الجزيرة نت بآخر مجسم قامت بنحته من الكيك لشخصية عباس بن فرناس، أول إنسان حاول الطيران بعد أن صنع جناحين ضخمين وحاول التحليق بهما.

المتحف البغدادي: يقع المتحف الذي أفتتح عام 1970على ضفاف نهر دجلة، حيث تعتبر بنايته من المباني القديمة، والتي يعود تاريخ بنائها إلى عام 1869، إبان حكم الدولة العثمانية، وهو من المعالم المهمة، إذ يقدم رحلة حنين واشتياق للحياة اليومية القديمة لبغداد من خلال مشاهد وشخصيات من الشمع وبالحجم الطبيعي.

لارا فريد قامت بعمل مجسمات من الكيك لمضارب وكرات التنس (الجزيرة)

مجسمات تبرز رياضة التنس

كريم خيري هاشم (لاعب منتخب التنس) يقول إن مشروع لارا يتميز عن غيره في بناء مجسمات وأشكال غير مألوفة في صناعة الكيك، فعملها متميز من جميع النواحي، حيث قامت بعمل مجسمات من الكيك لمضارب وكرات التنس وحتى الجوائز التي حصدها المنتخب، ويختم حديثه بالقول إنه يتمنى لها المزيد من النجاح والتميز.

كريم العساف: مشروع لارا يتميز عن غيره ببناء مجسمات وأشكال غير مألوفة في صناعة الكيك (الجزيرة)

الإبداع الفني للأنامل الناعمة

يقول كريم العساف (خبير سياحة وآثار) للجزيرة نت "يوما بعد يوم يتجسد لنا الإبداع الفني للأنامل الناعمة والذي يجسد الصور الفلكلورية والتراثية ويقدمها بشكل رائع، لذا نستطيع القول إن هناك أفكار فنية متميزة لدى البعض تؤطر لاستمرار التنوير والإبداع من خلال تجسيد التراث المحلي في السلوك والممارسات الإنسانية اليومية".

كريم خيري: مجسمات لارا إبداع فني يجسد الصور الفلكلورية والتراثية ويقدمها بشكل رائع (الجزيرة)

ويلفت العساف إلى أن نماذج هذه القطع الفنية تعطي الناظر شعورا طيبا ومعنى آخر للحياة الواقعية بطريقة سهلة واستهلاكية غير مسبوقة، وهذا يعتبر انتصارا للإبداع النابض بالروح والفكر المميز للقائمة عليه.

وزاد "أشد على يد لارا فريد التي قامت بهذا العمل المستوحى من التراث البغدادي الأصيل؛ والذي حولته بإبداع ومهارة من تماثيل مصنوعة من الشمع إلى مجسمات من الكيك. وأنا أحيي من القلب هذا العمل وصانعته، متمنيا لها المزيد من النجاح والتوفيق".

المصدر : الجزيرة