عصر ذهبي للمرأة الكويتية في عهد الأمير الراحل صباح الأحمد

معصومة المبارك
معصومة المبارك أول وزيرة كويتية تنظر لصورتها أثناء أداء اليمين أمام أمير الكويت الراحل صباح الأحمد، طيب الله ثراه، إبان توليها حقيبة الصحة عام 2007‬ (الجزيرة)

منذ سبعينيات القرن الماضي حاولت المرأة الكويتية تقليل الفجوة بينها وبين مجتمع الرجال عبر اقتناص حقوقها المختلفة سواء السياسية أو الاجتماعية، نضال لم يكن ليرى النور سوى بدعم من الرجال أيضا، والذي كان لهم وحدهم حق الوجود في المجلس النيابي.

بدأت أولى المحاولات باقتراح قانون قدمه النائب في "مجلس 1971" سالم المرزوق وذلك بمنح المرأة المتعلمة حق الانتخاب، وفي "مجلس 1975" جدد النائبان وقتها جاسم القطامي وراشد الفرحان الاقتراح بمنح المرأة الكويتية كامل حقوقها؛ إلا أن تلك المحاولات لم تؤت ثمارها.

النائب في مجلس الأمة الكويتي الحالي صفاء الهاشم (الجزيرة)

أول سفيرة كويتية

لم يخل الأمر من بعض النجاحات التي تحققت على فترات، ومن ذلك اختيار نبيلة الملا سفيرة للبلاد في زمبابوي وجنوب أفريقيا عام 1993 خلال تولي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وزارة الخارجية؛ لتصبح بذلك أول سفيرة في تاريخ البلاد، كما تم اختيارها نهاية عام 2003 مندوبا دائما في الأمم المتحدة.

مع استمرار سعيها لإثبات وجودها واستشعارا لدورها المهم والفاعل في الحياة السياسية أعلن مجلس الوزراء الكويتي بعد انتهاء جلسته الوزارية بتاريخ 16 مايو/آيار 1999 عن رغبة أمير البلاد آنذاك الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح بإصدار مرسوم أميري يمنح المرأة الكويتية كامل حقوقها السياسية، وذلك تقديرا منه لدورها في بناء نهضة الكويت، وتقدمها في جميع المجالات؛ لا سيما موقفها البطولي إلى جانب أخيها الرجل في الدفاع عن الكويت أثناء محنة الاحتلال وتضحياتها الغالية.

وبعدها بأيام وبالتحديد في 25 مايو/آيار 1999 رفع مشروع المرسوم بقانون إلى سمو الأمير، الذي وافق عليه وصدقه ونشر في الجريدة الرسمية؛ إلا أن فرحة المرأة الكويتية بهذا الإنجاز التاريخي لم تدم طويلا، فقد تم رفض المرسوم حين التصويت عليه في "مجلس 1999" وبفارق صوتين فقط.

أسيل العوضي في مجلس الأمة عام 2009 حين حققت المرأة الكويتية مفاجأة من العيار الثقيل عقب إعلان فوز 4 نساء جميعهن من أساتذة الجامعة (الجزيرة)

حق الترشح والانتخاب

ومع تولي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح رئاسة الحكومة في 13 يوليو /تموز 2003 بدأ الحديث مجددا عن منح المرأة حقوقها السياسية وترجمة المبادرة، التي طرحها أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح بشأن الحقوق الخاصة بها.

وفي 16 مايو/آيار 2005 خلال جلسة ماراثونية وافق مجلس الأمة الكويتي على الاقتراح بالقانون المقدم من الحكومة لتعديل نص المادة الأولى من قانون الانتخاب بما يسمح للمرأة بممارسة حقها في الترشح والانتخاب، وذلك بأغلبية 35 صوتا ومعارضة 23 نائبا وامتناع واحد من الأعضاء.

وخلال الجلسة ومن داخل قاعة عبد الله السالم وجه رئيس الوزراء وقتها كلمة بعد حسم الأمر شكر خلالها كل من أيد أو عارض التعديل معتبرا أن هذه هي الديموقراطية، كما هنّأ نساء الكويت على حصولهن على حقوقهن السياسية، التي جاءت برغبة أميرية وافق عليها المجلس متمنيا أن يساهمن في بناء ورفعة الكويت.

وعقب الجلسة وخلال رده على سؤال بشأن إمكانية تعيين الحكومة لوزيرة قال الصباح إنه يحق للحكومة الآن تعيين وزيرة بعد أن منحت المرأة حقها السياسي في الانتخاب والترشح.

وفي تصريح نشرته جريدة القبس في عددها الصادر في 17 مايو/آيار 2005 قال نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع وقتها، الشيخ جابر المبارك، إن رغبة سمو أمير البلاد تحققت بجهود ومتابعة سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد معتبرا هذا اليوم يوما تاريخيا في الحياة السياسية للكويت.

وزيرة الاشغال في الحكومة الحالية رنا الفارس
وزيرة الأشغال في الحكومة الكويتية الحالية رنا الفارس (الجزيرة)

عضوية المجلس البلدي

وفي يونيو/حزيران عام 2005 بدأت أولى خطوات الحكومة الكويتية في الدفع بالمرأة لتتبوأ مكانتها على الخريطة السياسية في البلاد، وذلك باختيار المهندستين فاطمة سعود الصباح وفوزية محمد البحر لعضوية المجلس البلدي.

معصومة المبارك ورولا دشتي خلال عضويتهن بالمجلس
معصومة المبارك ورولا دشتي خلال عضويتهن بمجلس الأمة (الجزيرة)

أول وزيرة كويتية

وفي الشهر نفسه فتحت الحكومة برئاسة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الباب أمام المرأة لتوجد ضمن التشكيلية الحكومية، وذلك باختيار الدكتورة معصومة المبارك لشغل منصب وزير التخطيط وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية كأول وزيرة في تاريخ البلاد.

في مجلس الأمة

وعقب إقرار الحقوق السياسية كانت انتخابات مجلس الأمة عام 2008 أول اختبار حقيقي للمرأة وفي ذلك الوقت أعلنت 27 امرأة ترشحهن للمرة الأولى؛ إلا أن أيا منهن لم يحالفها الحظ في دخول المجلس، وفي انتخابات 2009 حققت المرأة الكويتية مفاجأة من العيار الثقيل عقب إعلان فوز 4 نساء جميعهن من أساتذة الجامعة؛ وهن: معصومة المبارك وسلوى الجسار ورولا دشتي وأسيل العوضي.

رولا دشتي وسلوى الجسار خلال مجلس ٢٠٠٩
رولا دشتي وسلوى الجسار في مجلس الأمة الكويتي 2009 (الجزيرة)

في الحكومات المتتالية

ومنذ نجاحها بهذا العدد في مجلس الأمة ظلت المرأة موجودة في جميع الحكومات المتتالية، فتم تعيين معصومة المبارك مجددا في يوليو/تموز 2006 وزيرة للمواصلات، ثم وزيرة للصحة في حكومة 2007 التي ضمت كذلك نورية الصبيح وزيرة للتربية والتعليم العالي.

مجلس 2009 شهد نجاح 4 نائبات وهن: معصومة المبارك وسلوى الجسار ورولا دشتي وأسيل العوضي (الجزيرة)

وفي حكومة 2008 اختيرت د.موضى الحمود وزيرة للإسكان ووزيرة دولة لشؤون التنمية، ومعها نورية الصبيح وزيرة للتربية والتعليم العالي، واستمر وجودهما في الحكومة التالية.

أما في حكومة مايو/آيار 2011 فقد اختيرت الدكتورة أماني بورسلي وزيرة للتجارة والصناعة، وفي حكومة يوليو/تموز 2012 عينت د.رولا دشتي وزيرة دولة لشؤون التخطيط والتنمية، وفي ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه جرى اختيار دشتي مجددا وزيرة للتخطيط والتنمية، ومعها ذكرى الرشيدي وزيرة للشؤون الاجتماعية.

وفي أغسطس/آب 2013 اختيرت هند الصبيح وزيرة للشؤون الاجتماعية، وجرى اختيارها مجددا لتتولى العديد من الحقائب في الحكومات المتعاقبة حتى ديسمبر/كانون الأول 2016 حين انضمت إليها د.جنان بوشهري وزيرة لشؤون الإسكان ووزيرة دولة لشؤون الخدمات، كما شغلت فيما بعد منصب وزيرة الأشغال حتى استقالتها في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

3 وزيرات للمرة الأولى في تاريخ البلاد

وتميزت الحكومة الحالية برئاسة سمو الشيخ صباح الخالد، والتي صدر مرسومها في 17 ديسمبر/كانون الأول 2019 بوجود 3 نساء للمرة الأولى في تاريخ البلاد هن مريم العقيل والدكتورة رنا الفارس وغدير أسيري؛ إلا أن الأخيرة استقالت بحلول 30 يناير/كانون الثاني الماضي.

العوضي والمبارك في حديث مع عدد من الوزراء والنواب
العوضي والمبارك في حديث مع عدد من الوزراء والنواب (الجزيرة)

المرأة الكويتية في سلك القضاء

وبعد أن ضمنت المرأة وجودها في السلطتين التنفيذية والتشريعية تطلعت أن يكتمل العقد بوجودها في ثالث السلطات، وهي القضاء، وهو ما تحقق أيضا في عهد سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وبدأ ذلك في العام 2014 بصدور قرار من وزير العدل قضى بتعيين 20 وكيلة للنائب العام ضمن من جرى تعيينهم وقتها فاتحا المجال لتبوء المرأة سلم القضاء، وهو ما تحقق بالفعل نهاية يونيو/حزيران الماضي بإعلان النائب العام في البلاد المستشار ضرار العسعوسي ترقية 8 منهن للعمل قاضيات في حدث هو الأول من نوعه في تاريخ البلاد.

المصدر : الجزيرة