الهرشة السابعة: فرضية غير علمية حول تعثّر الزواج في سنته السابعة

الازواج بعد السنة السابعة
(الجزيرة)

هل سمعت عن نظرية الهرشة السابعة من قبل؟ أو لعلّك شاهدت مسلسل "الهرشة السابعة" أو رأيتَ منشورا يتحدّث عنه، فما هي نظرية الهرشة السابعة؟ وما الذي يحدث للمتزوجين في السنة السابعة للزواج؟ وما رأي علماء النفس والمختصين بعلم نفس العلاقات الزوجية والعاطفية؟ نعرض لك، عزيزي القارئ، في هذا المقال مراجعة علمية من منظور علم نفس العلاقات بحسب ما يرى الباحثون والخبراء لفكرة "الهرشة السابعة" ومشكلات الزوجين بعد مُضي السنوات الأولى من الزواج. إذا كُنتَ تتابع حلقات المسلسل ولم تنتهِ بعد، فمن المهم التنويه بأن هذا المقال يحتوي على بعض الأحداث والمواقف التي قد تكشف تفاصيل ما تبقّى من مسلسل الهرشة السابعة.

تابع الجمهور خلال الأسبوعين الماضيين مسلسل الهرشة السابعة، من إخراج المخرج المصريّ "كريم الشناوي"، وتأليف ورشة "سرد" التي تُديرها السيناريست المصرية "مريم نعوم". يتناول المسلسل العلاقات الزوجية بشتّى أشكالها، منهم الكبير الذي يبحث عن ونيس، ومنهم المنفصلان، ومنهم الشابان اللذان سيتزوجا خلال المسلسل، ومنهم من قطع شوطا في علاقته واستقر في زواجه، وهذان تحديدا هم بطلا القصة الرئيسيان: "أمينة" التي تلعب دور شخصية "نادين"، و"محمد شاهين" (آدم). زوجان نستكشف معهما رحلة من العقبات والمطبات التي يمران بها، مرة تمر العقبة بسلام، ومرة تتعقد خيوط الأزمة وتتشابك؛ ما يضع زواجهما على المحكّ وعلى عتبة الانفصال.

يتضح لنا سبب تسمية المسلسل بهذا الاسم، في أحد المشاهد حيث تجلس فيفي (والدة آدم) بين نادين وصديقتها سلمى (أسماء جلال) وتُخبرهما أن خلاط الأحداث الذي يعصف بحياتهما يُسمى "هرشة السنة السابعة"، وهو الترجمة غير الموفقة لـمقولة إنجليزية متداولة: "the seven-year itch". "الهرشة السابعة" هي فرضية تنص على أن الزواج سيواجه أولى عقباته الضخمة في سنته السابعة، نتيجة لمرور الزواج خلال تلك السنة بتحوّلات جذرية تفصل ما سبق عمّا هو آت بوصفه علاقة زوجية. بحسب ما قيل في المسلسل ووفقا لما شاهدته فيفي (والدة آدم) في أحد المقاطع على تطبيق تيك توك، فإن علاقة الزوجين تتغيّر مرة كل ثلاث سنوات، وهو ما يخلق تحدّيا للزواج في سنته السابعة عمّا إذا كان الزوجان سيتقبّلان التغيرات الجديدة التي طرأت على شريك حياتهما، أي أن السبع سنوات مفترق طرق ونقطة حاسمة يعيد خلالها الزوجان تقييم العلاقة، فإمّا أن يستقرا على أنها علاقة ميؤوس منها، وإما أن يجددا التزامهما نحو بعضهما.

مسلسل الهرشة السابعة
(مواقع التواصل)

فكرة "الهرشة السابعة" في حد ذاتها فكرة أسطورية وغير علمية، لكنها لاقت رواجا بسبب كونها منطقية نسبيا فيما يتعلق بالعلاقات الزوجية، لأن المتوقع حدوث تغيّر هائل على مستوى العلاقة الزوجية بعد مُضي هذا القدر من السنوات، ومن الجدير بالذكر أن التغيير الحاصل ليس تغييرا سلبيا بالضرورة، لكن العلاقة الزوجية تمرّ بهذا التغيّر بعد أفول ما يُسمّى "مرحلة شهر العسل" أو السنة الأولى على الأقل حين تبدأ حلاوة البدايات بالتلاشي، وبريق التجارب الجديدة بالخفوت.

عموما، يُعد مصطلح "الهرشة السابعة" تعبيرا مجازيا مفاده أن العلاقة ستتعثر بعد سبع سنوات، سواء بالخيانة أو عدم التقبّل أو أنّها ستعاني من عدم الاستقرار على الأقل. لكن إذا ما نظرنا إلى معدلات الطلاق اليوم، فمن الواضح أن "الهرشة" تهاجم العلاقات قبل تمامها سبع سنوات. هذا تحديدا ما سنقف عليه وقفة بسيطة في هذا المقال، وهو استشكال كانت نادين في المسلسل قد استشكلته على فكرة "الهرشة السابعة" حين تساءلت: "لماذا ليس كل ثماني سنوات؟"، "أليست مشاكلنا سابقة لزواجنا؟"، وهي، من وجهة نظر علمية، على حق.

 

من أين نشأت فرضية الهرشة السابعة؟

أولا، تأتي الحكّة أو الهرشة المشار إليها في هذا التعبير أو النظرية من الطفح الجلدي المعروف بـ"الجَرَب"، وكان علاجه فيما مضى يستغرق قرابة السبع سنوات. استعار الكاتب المسرحي الأميركي "جورج أكسلرود" هذا المجاز وحوّله إلى مسرحية عام 1952، مُشبِّها المرض بحالة زوج قرر خيانة زوجته بعد سبع سنوات من الزواج وإنجاب طفلين. تغيّر معنى "هرشة، أو، حكة السنة السابعة" تغيّرا جذريا حين تحوّلت المسرحية إلى فيلم ("The Seven Year Itch "1955) أدت بطولته "مارلين مونرو" و"توم إيويل"، ونجح باكتساحٍ لدرجة أن الأسطورة تلبّست لباس حالة علمية(1).

 

منحنى السعادة، لحُسن الحظ وسوئه، ثابت

Breakup of a couple with man and sad girlfriend outdoor. Divorce, couple, love, pain concept.
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن معدلات الطلاق ترتفع بعد الزواج مباشرة ثم تبلغ ذروتها عند السنة الخامسة تقريبا، وتنخفض بشكل ملحوظ بزيادة السنوات. (غيتي)

علميا، فإنّ فكرة وجود سنة واضحة ومُحدَّدة تمرّ خلالها جميع العلاقات الزوجية بتحدٍّ جذريّ هي نظرية خاطئة تماما، مع ذلك فإن جزءا من هذه النظرية كما يحكيها المسلسل أو الأساس المبنية عليه هو أساس منطقي وعلمي، خاصة أن المتزوجين حديثا ينعمون خلال الفترة الأولى بحالة مليئة بالمحبة المتبادلة والفرح والاهتمام من الأقارب والشعور بالسعادة والارتياح لتلبية التوقعات الاجتماعية عبر طقس الزواج. لاحقا، وحين تبدأ هذه المرحلة بالانتهاء، يحدث انتقال نوعي في شكل العلاقة، حيث يبدأ التفاوض على أعمال المنزل والتنسيق بين العمل والحياة والتغيّرات الهائلة التي تطرأ في حال إنجاب طفل، يحدث دمج كامل وتام بين الحياتين، وأحيانا لا تتسم هذه العملية بالسلاسة لأنها تخالف توقعات أحد الأطراف، مثلما حدث مع آدم ونادين حين طلبت أن يكون حاضرا في حياتها بشكل أكبر أو أن يُسافرا معا، سألها إن كانت تركت منزل والديها وتزوجته حتى تُحقق أحلامها فحسب، هنا تحديدا تظهر التعارضات الجوهرية على سطح العلاقة الزوجية(2).

تشير الأبحاث الحديثة إلى أن معدلات الطلاق ترتفع بعد الزواج مباشرة ثم تبلغ ذروتها عند السنة الخامسة تقريبا، وتنخفض بشكل ملحوظ بزيادة السنوات. يُعيدنا هذا النمط المستمر في الصعود والهبوط إلى فرضية هرشة السنة السابعة، لكنها تحدث في وقت أبكر، أي هرشة السنة الخامسة مثلا. لذا، لكل علاقة خصوصيتها، وقد يتساءل المرء مثلا: متى تبدأ هذه السنوات السبع؟ في فترة المواعدة أم بعد الزواج؟ وهو سؤال مشروع استشكله الباحثون أنفسهم، إذ تفترض الهرشة السابعة نقطة محددة وواضحة للزواج، بينما يحدث أن يفضي معظم المتزوجين فترة لا بأس بها بالتعرّف على بعضهم بعضا قبل الزواج، بل قد يحدث كما في البلاد الأوروبية بأن يتعايش الشريكان العاطفيان لفترة طويلة قبل الزواج بصورته الاجتماعية المعروفة، ولذا تنفي هذه الفروقات في سنة بدء العلاقة الزوجية صحّة تلك الأسطورة حول السنة السابعة، إذن من أين نبدأ العدّ؟(2).

من جهة أخرى، وجدت بعض الدراسات التي ظهرت في أوائل التسعينيات أن السعادة الزوجية تأخذ منحى يُشبه حرف (U)، أي أن الزواج ينطلق من سعادة مفرطة وجامحة تُسمى فترة شهر العسل، وتُطلَق على السنة الأولى من الزواج وليس شهر العسل حرفيا، ثم تبدأ في الهبوط من السنة الثالثة أو الرابعة، حين يهجم الملل على العلاقة أو يغيّر إنجاب الأطفال طبيعتها بأي شكل، لكن مع اعتياد الزوجين ومقاومتهما تلك العقبات، كهرشة السنة السابعة، يبدأ معدل السعادة في الارتفاع من جديد إلى أن يصل أقصاه بعد التفرغ والانتهاء من مسؤولية تربية الأبناء(3).

لكن في دراسة أخرى أكثر مصداقية، امتدت 17 عاما ودرست أطيافا كثيرة من المجتمع على خمس مراحل خلال زواجهم، تشير إلى أن السعادة تقل تدريجيا خلال فترة الزواج إجمالا، لكنها لا تصل إلى الحضيض، وأيضا لا يحدث شيء سحري يجعلها تزيد زيادة بالغة خلال التقدم في السنوات. وتُشير أيضا إلى احتمالية حدوث انخفاض ضئيل خلال سنوات الزواج الأولى والأخيرة. ما ينفي تماما فكرة هرشة السنة السابعة بالتحديد، أو أن في العلاقات هبوطا حادا يليه ارتفاع جنوني في مستوى الرضا(3).

 

الزواج في سنواته الأولى: مشروع يحتاج رعاية

لا يوجد ما يُسمى بالهرشة السابعة، إذ إن تقلبات الزواج دائمة ومرتبطة بالعقبات الحقيقية التي تواجه العلاقة، وليس بسنة مُحدّدة بعينها أو بزمن حرج بحدّ ذاته. (بيكسلز)

درس أربعة علماء أميركيين من جامعة ميشيغان، "جوزيف فيروف" و"إليزابث دوفون" و"شيرلي هاتشيت" و"تيري أوربيش"، مجموعة واسعة من المتزوجين السود والبيض على مدار 23 عاما تقريبا (من 1986 إلى 2007). ظلتْ هذه المجموعة ثابتة، يلتقيها الباحثون كل عام ويجرون معهم حوارات مشتركة، سواء مع كلا الزوجين في جلسة واحدة أم حوارات أخرى منفردة مع كل زوج على حدة، ومع أبنائهم كذلك. تحوّلت هذه الدراسة إلى مشروع سُمّي "مشروع سنوات الزواج الأولى (EYM)"، وهو إحدى أهم الدراسات التي تُمعن النظر في العلاقات وتُقدِّم رؤى مهمة عن العوامل التي تسهم في استمرارها ومستوى رضا الزوجين والأبناء أيضا.

لم تتناول هذه الدراسة الزواج من جانب أُحادي، بل من كونه بناء متشابكا مع الوضع الاقتصادي والخلفية الاجتماعية لكل طرف وعلاقة كل منهما بعائلة الآخر، العامل الأخير على وجه التحديد يلعب دورا كبيرا في إمكانية وقوع الطلاق، إذ إن الباحثين لاحظوا أن العلاقة القوية مع العائلة الكبيرة وزيارتها بشكل ثابت وقلة الجدال حولها (عكس آدم ونادين) قللت نسبة الطلاق بين السود المتزوجين أكثر من البِيض، بينما مشاركة الزوج بكثافة في أداء الأعمال المنزلية بين العائلات البيضاء تزيد من نسبة المشاحنات المؤدية إلى الانفصال على المدى البعيد. تُشير أوربيش إلى أن العلاقة في حالات كثيرة تهتز ببساطة بسبب الملل لا أكثر الذي يبدأ في التسلل في السنة السابعة، وليس بسبب حدث جلل يمكن أن تنكسر عليه آصرة الزواج، مع ذلك، في حال تجاوز الزوجان حالة الملل هذه لا يعني هذا أنهما لن يمرا بها في السنين المقبلة(4).

قد تبدو لك العلاقات عشوائية الآن، لكن أوربيش تطمئننا أن الأمر أحيانا أوضح من ذلك في نقاط محددة، منها أن الطلاق في حد ذاته ليس كارثة بالحجم الذي يُصوَّر له، إذ إن مستوى سعادة المتزوجين الذين نشؤوا على يد أبوين مطلقين هو نفسه مستوى سعادة الذين تربوا في منازل يُمكن تسميتها بالمستقرة. ثمة عامل بسيط يمكن استخدامه لتوقع مدى رضا الطرفين في العلاقة الزوجية، وذلك من خلال الأشياء التي تتذكرها الزوجة عن قصصها الرومانسية، وخاصة قصص الحب الملحمية التي جرت خلال فترة الخطبة أو المواعدة، فعندما تتحدث الزوجة عن هذه القصص، فإنه يمكن تحليل النبرة والكلمات التي تستخدمها لتوقع مدى سعادتها في العلاقة الزوجية الحالية، وفي هذا الصدد، يُشار إلى أن الزوجة السعيدة تحتفظ بتصوّر إيجابي عن الرومانسية التي عاشتها في فترة الخطبة أو المواعدة، ولكنها قد تنسى التفاصيل الدقيقة لهذه القصص في ظل وجود تفاصيل أخرى جديدة وسعيدة في العلاقة الزوجية الحالية. وعلى الجانب الآخر، إذا كانت الزوجة تتحدث عن قصص الحب السابقة بشكل متكرر وبتفاصيل دقيقة، فقد يشير ذلك إلى عدم رضاها عن العلاقة الزوجية الحالية. أيضا تقل احتمالية الطلاق في حال كان للزوجة حياة نشطة ومنفصلة عن المنزل(4).

بكلمات أخرى، لا يوجد ما يُسمى بالهرشة السابعة، إذ إن تقلبات الزواج دائمة ومرتبطة بالعقبات الحقيقية التي تواجه العلاقة، وليس بسنة مُحدّدة بعينها أو بزمن حرج بحدّ ذاته.

 

إذن، لماذا تفشل الزيجات بحسب ما يُعلّمنا إيّاه مسلسل الهرشة السابعة؟

الهرشة السابعة: فرضية غير علمية حول تعثّر الزواج في سنته السابعة
(الجزيرة)
  • أن يتعارض تحقيق الذات مع مصالح العلاقة الزوجية

شجّع آدم زوجته نادين في البداية على إيجاد عمل تملأ به أيامها لتخلق حياة منفصلة عنه بدلا من قضاء الوقت في انتظار أوقات فراغه، سنغض الطرف عن محاولتها الأولى للعمل مهندسة ديكور، فقد كان الخطأ حينها خطأها الشخصيّ حين عجزت نادين عن فصل ذوقها الخاص عن رغبات عملائها، لكن لننظر إلى عملها الثاني مؤدّية صوتية. وقد كانت نادين حين بدء عملها الثاني تعيش ظروفا مختلفة، فقد أنجبت طفليها، وانقلبت حياتها رأسا على عقب. لذا، ورغم إمكانية جلب مُربّية أو مُساعِدة منزلية للأطفال، أو الاستعانة بالجدات، لم يتسامح آدم مع سيطرة العمل على زوجته. في النهاية يتحوّل الأمر إلى ملحمة من العناد لأجل العناد ومخالفة رغبات الطرف الآخر فحسب. اختفت هوية نادين تماما، وكان هذا سببا آخر أدى إلى فشل الزواج، حتى إن آدم أخبرها أنها "ركنته على الرف"، أنها أصبحت أمّا فحسب، لكن هذا التحوّل لم يكن مسؤوليتها وحدها. تجرّدت نادين من هويتها الفردية لأنه لم يكن هناك خيار آخر، حتى إن زوجها لم يشملها في نجاحه واهتماماته الجديدة، وظهرت امرأة أخرى(5).

 

  • أن يعجز كل طرف عن تخيّل نفسه مكان الآخر

"أنا مش شغلتي أقعد بالعيال، ولما أعمل ده لازم تقدريه"، لماذا تُعد هذه الجملة كارثية؟ حصر آدم مسؤولية نادين وشخصها كله في دور الأم، رغم أنه أردف شاكيا من هذا بالتحديد. نسي كلاهما أنهما زوجان في المقام الأول وليس أبوين. أيضا يعني هذا الكلام أن آدم لم يضع نفسه مكانها ولو لحظة، وهذا هو التمثل أو المواجدة، أن تحكم على تصرفات الآخر بتخيّل نفسك مكانه، وهي شقّ أهمّ من التعاطف الذي لا يسعى سوى إلى رفع معنويات الفرد وتحسين صورته عن ذاته، وآدم لم "يتواجد" مكان نادين ولم يتعاطف مع دورها، بل في النهاية أقرّ أنه "المتوقع والطبيعي" منها ببساطة، بل حتى بعد ولادة التوءم، في المشهد الذي تذمرت فيه نادين أنها لم تتمكن حتى من غسل وجهها خلال الخمس دقائق الذي جالس آدم ابنيه فيهما(5).

لا يوجد ما يُسمى بالهرشة السابعة، إذ إن تقلبات الزواج دائمة ومرتبطة بالعقبات الحقيقية التي تواجه العلاقة، وليس بسنة مُحدّدة بعينها أو بزمن حرج بحدّ ذاته.
لا يوجد ما يُسمى بالهرشة السابعة، إذ إن تقلبات الزواج دائمة ومرتبطة بالعقبات الحقيقية التي تواجه العلاقة، وليس بسنة مُحدّدة بعينها أو بزمن حرج بحدّ ذاته. (شترستوك)
  • أن يخون أحدهما الآخر

قد يختلف المشاهدون في هذه النقطة. هل فعلا "داليا"، مُساعِدة آدم في مشروعه الجديد، كانت "المرأة الأخرى"، أم أن نادين بالغت في رد فعلها ومقارنة نفسها بداليا؟ الخيانة، وإن كانت شعورية، هي من أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى فشل العلاقة. ليس آدم فحسب، بل نادين قررت من تلقاء نفسها ضرب اتفاقهما -وإن بُني على أساس خاطئ- وعادت إلى عملها فور أن رفض آدم الانصياع إلى رغبتها بأن تحلّ محل مساعدته في العمل. الخيانة، وإن كانت ضبابية وغير واضحة، تُعدّ خيانة. وأساس علاقة آدم ونادين هو خروج شخص منتصر أو مستفيد، أيا كان على حساب ماذا أم مَن. لذا، حتى في النهاية، اكتملت أبعاد الخيانة للمشاهد بأن صرّح آدم بمشاعره لداليا بعد طلاقه بثلاثة أشهر(5).

 

  • أن يفشلا في التواصل الصادق

بدأ فشل التواصل مع بداية العلاقة، كلما دار شجار بينهما قرر أحدهما التنازل ومصالحة الآخر دون مناقشة ما حدث فعلا. للاعتذار أهميته، لكن إن لم يتبعه تغيير أو إصلاح فلن يُغيّر شيئا. قبل طلاقهما، دار بين آدم ونادين حوار قد يراه البعض القشة الأخيرة، لكن كان حوارا أصم، يُلقي كل طرف باتهاماته واحتياجاته دون محاولة استيعاب الآخر أو سماعه. دار الحوار بشكل هادئ ومتحضّر، لكن النتيجة كانت محددة مُسبقا، لأنهما فشلا في مد جسر للتواصل يقطعه كلاهما.

في النهاية، قد تهجم "الهرشة" على أي زيجة في السنة الأولى أو الخامسة أو حتى التاسعة، الفارق ليس في عدد السنوات، بل في تقبّل التغيّرات الطارئة على العلاقة، وفي أن يعي كلا الزوجين أن الزواج جسم عضوي مُتغيّر يحتاج إلى عناية وإلى تقبّل التغيّرات التي تطرأ على أحد الأزواج أو كليهما، وذلك من خلال التواصل الفعّال والنقاش الواعي والتعاطف مع أهداف الآخر ورغباته بتحقيق ذاته، والسماح للآخر بأن يخبرك شيئا جديدا عن نفسه بعيدا عن القوالب المُسبقة التي تصهرها به في عقلك، وهكذا فإنّ الزواج محاولة مستمرة لإنجاح الحبّ، محاولة منبعها المودة والرأفة، والإصرار الجادّ لفهم الآخر وتقدير أفكاره ومشاعره.

المصادر:

  1. What Is the Seven-Year Itch? – Meaning & Origin, Grammarist.
  2. Is the 7-Year Itch a Myth or Reality? Theresa E. DiDonato Ph.D., Psychology Today, 2020.
  3. Marital Happiness, Marital Duration, and the U-Shaped Curve: Evidence from a Five-Wave Panel Study, Jody VanLaningham, David R. Johnson and Paul Amato, Social Forces, Oxford University Press, 2001.
  4. Early Years of Marriage (EYM) Project, Joseph Veroff, Elizabeth Douvan, Shirley Hatchett, Terri Orbuch, ICPSR, 2007.
  5. The Top 12 Reasons for Divorce, medically reviewed by Jennifer Litner, Psych Central, 2022.
المصدر : الجزيرة