كيف تكون أكثر شجاعة وإقداما على التجارب والأفكار الجديدة؟

في يومك المعتاد تمضي، الروتين نفسه لا جديد، تشعر بالراحة ولربما بالسعادة أيضا، تسأم من هذا الروتين أحيانا وتقول في نفسك: "إلى متى؟!"، لكنك اعتدت، وأصبح هذا الروتين بمثابة منطقة الراحة الخاصّة بك (Comfort zone). تتصفح الجوال كعادتك، يرن الهاتف أو يصدر صوت رسالة، يقولون إنك حصلت على فرصة عمل، تغمرك السعادة، ثم تتبدد ويحل محلّها التفكير بأن كل روتين حياتك سينقلب، وتريد أن تكون أكثر شجاعة لفعل ذلك ولتجرب شيئا جديدا، لكن كيف؟

هو الأمر ذاته في نهاية كل عام وبداية عام آخر، تجوب المكتبات بحثا عن مفكرة سنوية، رغم أن لديك غيرها الكثير في المنزل، لكن عاما جديدا يريد شيئا جديدا. تكتب في المفكرة كل الأشياء التي تريد فعلها في العام الجديد، تكتب أدق التفاصيل، وتسرح بخيالك ثم تعود لتكتب، تتوقف عن الكتابة هنيهة، يحدّثك شعور ما بداخلك ويقول: "أنا خائف من التجربة"، تعود لترى كل ما كتبت ويدور في بالك الكثير من الأسئلة: كيف يكون شكل كل تجربة جديدة؟ ماذا لو فشلت؟ كيف أملك الشجاعة؟

حسنا، نساعدك في هذا المقال على أن تكون أكثر إقداما على التجارب الجديدة الإيجابية بشجاعة وثقة، عبر استعراض آراء المختصّين من علم النفس والإرشاد النفسي، نفسّر لك فيها لماذا نخشى من التجارب الجديدة، وكيف نصير أكثر شجاعة وإقداما على الحياة، بطريقة تزيد من ممكناتنا الشخصية ومن طاقاتنا الذاتية.

ما ينبغي أن تعرفه عن الشجاعة والخوف من التجارب الجديدة

الخوف سر مخادع، نحن نحبه ونكرهه في الوقت ذاته، نحن بحاجة إليه، وبدونه لن نحقق أي شيء مهم. (شترستوك)

إذا لم يشعر الناس بالخوف، فلن يكونوا قادرين على حماية أنفسهم من التهديدات الحقيقية والمخاوف المعفولة التي تتهدّدهم في تجاربهم اليومية. الخوف هو ردّ فعل طبيعي لمواجهة المخاطر الجسدية والمعنوية التي تُحيط بالبشر خلال مراحل حياتهم(1)، وبطبيعة الحال كانت بعض العصور أكثر خطرا بالنسبة إلى البشر من عصور أخرى، خصوصا تلك العصور التي واجه فيها الرجال والنساء الموت بشكل منتظم ومتكرّر.

ينحاز البشر تلقائيا إلى الحياة الآمنة، وإن كانت مملّة ومُكرّرة، يميل الناس إلى خلق مظهر من مظاهر النظام في حياتهم، وينجذبون نحو هذا النظام بغض النظر عما إذا كان ذلك مفيدا لهم أم لا. لقد اقتنع البشر بعد مرورهم بآلاف الأحداث والتغيّرات في تاريخهم بأن أفضل طريقة للبقاء هي بخلق الأنظمة وجعل الحياة مألوفة تسير وفق نمط واضح ومحُدد، ولهذا صاغ الإنسان الأشياء المرتبطة بالنظام (الخطط، القادة، البروتوكلات، النظام المعيشي… إلخ) كي يجعل الحياة أكثر منطقية وأكثر قابلية للعيش وأكثر أمانا، وقد أشار شخصية الجوكر في فيلم باتمان (The Dark Knight) إلى هذه المفارقة الساخرة حين قال: لا أحد يشعر بالذعر عندما تسير الأمور "حسب الخطة "، حتى لو كانت الخطة مرعبة!

إنه لأمر مثير للسخرية أن جزءا من دماغنا يحب الخوف وفقدان السيطرة، إننا حين نعيش حياة آمنة لفترة طويلة سرعان ما نسعى لاستفزاز شعور الخوف وإثارته عبر تجارب المغامرة والخطورة، إذ تجني مدن الملاهي كثيرا من المال لقاء وضع الناس في طريق الخوف، ونحن في الحقيقة نحب ذلك، ندفع لقاء ذلك أموالنا وننتظر ساعات في الطابور لنجرّب لعبة مخيفة ولنستمتع بسريان هرمون الأدرينالين في أجسادنا، ذلك الهرمون الذي يتحفّز عند الشعور بالخطر وما يعرف باستجابة الفر والكر.

الخوف سر مخادع، نحن نحبه ونكرهه في الوقت ذاته، نحن بحاجة إليه، وبدونه لن نحقق أي شيء مهم، إذا لم يكن لدينا خوف، فلن نتمكن أبدا من تحرير القوة الكامنة في داخلنا ولن نتمكّن من صياغة شجاعتنا التي نكتشفها بوصفها مكافأة للتجارب الخطيرة والمقلقة. لذلك فالخوف سلاح ذو حدين، لكننا المسؤولون عن توجيهه لنا، إما أن نجعله يأسرنا ونغدو له محكومين، وإما أن نجعله طريقا ومحفزا لنكتشف كم يوجد بداخلنا سوبرمان حقيقي وشجاع يستطيع أن يجرّب أو يحاول على الأقل.

كيف أكون شجاعا وأكسر حاجز الخوف؟

يتيح لنا الانفتاح على التجارب الجديدة اختبار مدى أصالة أفكارنا، وكثيرا ما تبرز الجوانب المشرقة في معتقداتنا الأصيلة والأولية حين نضعها موضع المقارنة مع الأفكار المقابلة. (شترستوك)

يمكن تعريف الشجاعة على أنها الاختيار والاستعداد لمواجهة الألم أو الخطر أو عدم اليقين، أو تخطي حدث ما أو خوض تجارب جديدة(2). كلمة "شجاعة"، في شكلها الأول، هي "التحدث الواعي بما يفكر فيه المرء وإفصاحه عن كل ما في قلبه". بمعنى آخر، الشجاعة ليست غياب الخوف أو القلق، بل مقاومة الخوف وتجربة السيطرة على انفعالاتنا دون هروب ودون جُبن، وهو ما ينمو مع كثرة التجارب وإصرارنا على إبقاء أنفسنا في أوضاع غير مريحة كي نختبر ذواتنا ونسمح لها بالاتساع تحت ظروف مقلقة تدفعنا تلقائيا للانسحاب. والشجاعة في صيغتها النهائية هي النقطة التي تصير عندها مبررات مواجهة الموقف أقوى من الخوف الذي يعيقك.

عموما، نحتاج -نحن البشر- أن نُدرّب أنفسنا على أن نكون أكثر انفتاحا على التجارب التي لم نألفها، وعلى الأفكار التي لم نعتدها، وهذا لا يعني بالضرورة أن نتخلى عن معتقداتنا وأفكارنا الأولية، بل على العكس، يتيح لنا الانفتاح على التجارب الجديدة اختبار مدى أصالة أفكارنا، وكثيرا ما تبرز الجوانب المشرقة في معتقداتنا الأصيلة والأولية حين نضعها موضع المقارنة مع الأفكار المقابلة وحين نختبرها في ظل ظروف غير تلك التي نشأت فيها، بل أيضا قد تجعلنا أكثر تمسكا بها وأكثر إيمانا بها لأننا نراها أفكارا قوية وصالحة حتى لدى ثقافات أخرى ومختلفة، في الوقت الذي تتسع فيه ثقافتنا وآفاقنا. وإليك هاتين الخطوتين الأساسيتين اللتين من شأنهما أن تجعلاك أكثر شجاعة على المستوى الذهني والفكري:

  • ابحث عن آراء معارضة ذات مصداقية.

في مثل هذه المحادثات لا تتردد بإبداء عدم اتفاقك مع الأفكار المطروحة باحترام، ولكن استمع حقا لرد الشخص المقابل بذهن متفتح، وبالمثل، عند قراءة أو مشاهدة شيء ما متحيزا ضع في عين الاعتبار وجهة النظر هذه، لا يعني هذا أن تُغيّر من رأيك بالضرورة، لكن اقضِ شيئا من الوقت متفكّرا بالمسألة بموضوعية ونزاهة دون شعورك بأي ضغط أو إلحاح بأنّك يجب أن تتبنى هذه الفكرة، وبالمقابل دون شعورك بأي ضغط بأنك يجب أن تعارض هذه الفكرة وأن تقوّضها وتنتقدها. درّب نفسك على صياغة موقف مضاد من باب التمرين الذهني، حتى وإن لم تكن فعلا مقتنعا بالموقف المعارض للفكرة المطروحة. قد يكون هذا صعبا في البداية، لذا امنح نفسك الوقت الكافي لتكون أكثر ذكاء، وتخيل نفسك وأنت تناقش المشكلة مع شخص أكثر ذكاء.

  • شاهد بعض المحاضرات أو المساقات التي ينتمي مدرسوها لمدرسة فكرية مختلفة ويتبنون رؤية مختلفة للعالم.

يساعدك هذا الاطّلاع على استنتاج الكثير من التصوّرات المختلفة وإدراك العالم من منظور متعدّد ومختلف، كما يمكنك القراءة عن مؤهلات معلم المساق ومراجعة وَصْف المقرر الدراسي ومرجع المنهج الدراسي، والاستزادة من القراءات المطلوبة التي يقترحها وصف المادة، ولا تتردد في طرح سؤال يعكس موقفا مختلفا باحترام ولباقة.

كيف أتغلّب على خوفي وأصبح أكثر شجاعة؟

التعبير عن مخاوفك لا يجعلك ضعيفا، بل لعله يجعلك أكثر شجاعة، إذ ليس من السهل الاعتراف بضعفك والإفصاح عن مخاوفك. (شترستوك)
  • أولا: غيّر منظورك للأشياء من حولك

في كثير من الأحيان، يفترض الناس أنك إما وُلدت شجاعا وإما لست كذلك، وفي حين أنه من الصحيح أن بعض الناس قد يكونون أكثر استعدادا لإظهار الشجاعة، فإن هذا لا يعني ضياع فُرَصك في أن تكون شجاعا إذا لم تكن قد وُلدت بهذه الاستعدادية من قبل(3). في الحقيقة، من الأفضل اعتبار الشجاعة عضلة قابلة للتمرين، وبينما قد يولد بعض الأشخاص بعضلات محددة أكثر من غيرهم، فإن كل شخص لديه القدرة على تحسين عضلاته الشجاعة من خلال التدريب والممارسة المناسبين. لذلك فإن أفضل طريقة كي تصير شجاعا هي أن تقوم بأفعال شجاعة في المواقف القادمة.

من المهم إدراك أن الخوف ليس بالأمر السيئ، بل على العكس تماما، ففي بعض المواقف يكون الخوف استجابة صحّية، على سبيل المثال: يُحفِّز الخوف جهازك العصبي وغرائز البقاء المُصمّمة للحفاظ على سلامتك، لهذا السبب قد تشعر بالخوف عندما يقترب منك شخص غريب في زقاق مظلم أو قد تشعر بالخوف أثناء الإعصار، وهو خوف صحّي يدفعك للتصرف والاحتياط والحذر. وبدلا من الافتراض بأن الخوف أمر سيئ، انظر إليه بوصفه فرصة لمعرفة المزيد عن ذاتك، واسْعَ لفهم نفسك ولماذا قد تكون خائفا من الخروج من منطقة الراحة الخاصة بك. إذا قمت بأخذ الوقت الكافي لتسمية خوفك وفهم سبب وجوده، فسوف تكتشف فكرة أفضل عن مصادر خوفك وعن كيفية التغلب عليها، وهو ما سيدفعك إلى أن تكون شجاعا في المرات القادمة.

في الواقع، تُظهر الأبحاث أن التعبير عن مشاعرك المزعجة والخائفة والقلقة وصياغتها في كلمات يساعد على كبح ردود أفعالك السلبية الناجمة عن الخوف(4). بالإضافة إلى أن التعبير عن مخاوفك لا يجعلك ضعيفا، بل لعله يجعلك أكثر شجاعة، إذ ليس من السهل الاعتراف بضعفك والإفصاح عن مخاوفك. لذلك إن كنت قادرا على الاعتراف بمخاوفك، فأنت على بعد خطوة واحدة من أن تكون شجاعا.

  • ثانيا: حدّد مصادر قوّتك وتميزك

عندما يتعلق الأمر بعيش حياة مليئة بالشجاعة، فمن المفيد أن تبدأ بتحديد ما تجيده واستحضار المواقف والأماكن التي نجحت فيها، إذ تُُظهر الأبحاث أن الأشخاص الذين يتعرفون على نقاط قوتهم ويراجعون المواقف التي نجحوا فيها ويحلّلونها يشعرون في غالب الأمر بالسعادة ويحظون بنسب أقل من الاكتئاب، والأكثر من ذلك أنهم يصيرون بعد فترة أكثر مرونة نفسية(5).

بالإضافة إلى ذلك، فإن معرفة ما تجيده يساعد على تعزيز ثقتك بنفسك، ما يزيد من احتمالية إقبالك على التجارب الجديدة بشجاعة. وبالمثل، عندما تكون واثقا من قدراتك، فأنت أكثر استعدادا للانخراط في التجارب الجديدة حين تتاح لك الفرصة. يجب أن ننوّه هنا إلى أنه من الطبيعي أن تستحضر عيوبك ونقاط ضعفك عند خوفك من خوض تجربة جديدة، لكن القيام بذلك يقلل من مدى شعورك بالشجاعة، لهذا السبب، من المهم أن تستحضر -بالوقت نفسه- ما تجيده وما تحترف فعله بصفتها طريقة لبناء ثقتك بنفسك وشجاعتك.

  • ثالثا: تخيّل وقارن السيناريوهات
إذا سمحت لنفسك بالتمرن على تخيل سيناريوهات مختلفة بانتظام، فسوف تبني مناعة ضد الخوف، أو على الأقل ستمنع الخوف من أن يسيطر على أفكارك مع مرور الوقت. (شترستوك)

عندما يتعلق الأمر بالشجاعة، من المفيد أن تمارس تمرينا ذهنيا لتخيّل سيناريوهات مختلفة للموقف، ليس فقط أن تتخيّل أسوأ شيء يمكن أن يحصل إذا ما قرّرت المخاطرة، ولكن من المهم أن تتخيّل أيضا ماذا سيحدث إذا لم تتصرف على الإطلاق. في كثير من الأحيان تكون المقارنة بين النقيضين هي كل ما تحتاج إليه لتجاوز مخاوفك، لأنك ستكتشف في معظم الأوقات أن أسوأ شيء يمكن أن يحدث هو في حقيقته ضرر هامشي وضئيل يمكن إصلاحه وردّ اعتباره لاحقا. لذلك إذا سمحت لنفسك بالتمرن على تخيل سيناريوهات مختلفة بانتظام، فسوف تبني مناعة ضد الخوف، أو على الأقل ستمنع الخوف من أن يسيطر على أفكارك مع مرور الوقت.

يمكنك أيضا إنشاء سيناريوهات أخرى لمواقف لم تحصل بعد، مثل أن تتخيل نفسك تُقدِم على فعل شيء تخافه وتخشاه. تخيل كيف ستتعامل مع كل سيناريو محتمل، بما في ذلك كيف يمكنك الرد لفظيا أو فعليا، وأحيانا بإمكانك أن تتخيّل كيف ستستفيد من الموارد والعلاقات المتاحة بين يديك وتستعين بها لتجاوز الموقف الذي يُربكك. كل هذه التدريبات هي طريقة ناجعة وفعّالة يمكنك من خلالها التدرب على الشجاعة دون الحاجة إلى بذل مجهود مستنزف أو مُربِك.

  • رابعا: تدرّب على ترك منطقة الراحة

عندما تَدَع الخوف يمنعك من القيام بشيء ممتع، أو حينما تسمح للخوف بأن يَحُول بينك وبين السعي وراء شيء مُحدّد تريده، وحين يتكرّر سلوك إحجامك وانسحابك عن كل ما ترغب بتحقيقه بشكل مُتكرّر ولفترة طويلة من عمرك؛ فإن هذا يعني أنك لم تسمح لنفسك بأن تعيش بهويتك الحقيقية قط، أو بالأحرى كنت تعيش حياة ليست جديرة بالعيش حقا. وإذا كنت ترغب في تغيير هذا الجانب من حياتك، فسوف يتطلب الأمر أن تكون جادا بالتخلي عن هذا الجانب المظلم في حياتك.

يتطلب بناء عضلات شجاعتك دفع نفسك للخروج من منطقة الراحة الخاصة بك. قُم بهذه الخطوة بالتدريج وبشكل مدروس، اختر بعض المواقف والأمور التي تجعلك مرتبكا وتشعر بعدم الارتياح دون أن تكون المخاطرة والمخاسر في هذه المواقف كبيرة. على سبيل المثال، تدرّب على أن تكون شجاعا من خلال التغلب على مخاوف صغيرة، مثل مقابلة أشخاص جدد، أو تناول الطعام بمفردك في مطعم قبل أن تتعامل مع شيء مثل تولي زمام المبادرة في مشروع. ابدأ على نطاق صغير، يمكنك التعود على الشجاعة دون خوض قدر كبير من المخاطر في البداية، وبالتدريج ستصل في النهاية إلى النقطة التي يمكنك فيها تحمل مخاطر أكبر.

  • خامسا: تصالح مع الشعور بالتوتر والخوف
ابحث عن طرق لتقليل التوتر في حياتك، ولا تنسَ الاعتناء بنفسك عن طريق ممارسة التأمّل والاسترخاء والتنفّس البطني العميق وإزاحة الضغط. (شترستوك)

في بعض الأحيان يشعر الناس بالخوف أو يشعرون أنهم يفتقرون إلى الشجاعة لمجرد أنهم يشعرون بالتشوّش والإرباك من المجهول، لذلك إذا وجدت أنك تشعر بالارتباك والتشوّش، فابحث عن طرق لتخفيف التوتر، ومارس الآليات المدروسة والمثبتة علميا للتعامل مع الخوف، إذ من الصعب أن تشعر بالشجاعة عندما تكون متوترا.

ابحث عن طرق لتقليل التوتر في حياتك، ولا تنسَ الاعتناء بنفسك عن طريق ممارسة التأمّل والاسترخاء والتنفّس البطني العميق وإزاحة الضغط. في بعض الحالات، قد يعني ذلك أخذ إجازة قصيرة أو إجازة من العمل تشتد الحاجة إليها، فالجميع يحتاج إلى استراحة بين الحين والآخر، لذا إذا شعرت بالإرهاق الشديد من التفكير في محاولة أن تكون أكثر شجاعة، فقد يكون عليك أولا تقليل التوتر في حياتك، وعدم إغراق نفسك بالتفكير الزائد.

  • سادسا: لا تقسُ على نفسك

عندما نتعامل مع أمر يصعب علينا القيام به أو لا نجرؤ حتى على القيام به، يميل كثير من الأشخاص إلى التقليل من شأن ذاته بسرعة، لكن تذكر دوما بأنك بشر ومن الطبيعي أن تشعر بالخوف والارتباك، وتذكّر أن الأهم دائما المحاولة وإن كانت النتيجة هي الفشل، لذا قدّر دائما محاولاتك وانتصاراتك وتجاربك السابقة وإن كانت صغيرة، عندما تعرف قدر نفسك جيدا فإن الثقة بنفسك ستزداد، وكلما ازدادت الثقة نَمَت بداخلك الشجاعة في مواجهة تحديات وتجارب جديدة وصنع انتصارات أخرى.

في الأوقات التي نواجه فيها مهمة مخيفة، ننتقل مباشرة إلى إقناع أنفسنا بأننا لن نستطيع النجاح، هذا يُعرَف بانحياز السلبية، وهو الميل التلقائي لرؤية الأمور السلبية بشكل أكبر مما هي عليه في الواقع. وإذا سمحنا لهذا الهاجس غير الواقعي بالسيطرة على تفكيرنا، فقد يظهر هذا الاستنتاج على هيئة أعراض جسدية، لذلك قد نشعر بأننا لا نستطيع حتى التحرك بشكل صحيح.

في معظم الحالات نحن قادرون بالفعل، لكننا نكون خائفين من العواقب المتخيلة، وأسرى لاحتمالات كارثية متوهّمة لا يصادق عليها الواقع، على سبيل المثال: نحن قادرون تماما على أن نسأل زوجتنا أو رئيسنا أو زميلنا عن شيء مهم بالنسبة إلينا وعن سؤال يجول في أذهاننا، لكن خوفنا من ردّ فعل الشخص هو ما يمنعنا من الإفصاح عن هواجسنا وتساؤلاتنا، وهذا الخوف المتوهّم قصة أخرى لا علاقة له بما يجري على الواقع بالضرورة، لذلك كثيرا ما يُقال في علم النفس الإدراكي بأننا نعاني في أذهاننا أكثر مما نعاني على أرض الواقع!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

  1. Fear | Psychology Today
  2. The Meaning of Courage | Psychology Today
  3. You Might Belong in Gryffindor”: Children’s Courage and Its Relationships to Anxiety Symptoms, Big Five Personality Traits, and Sex Roles | SpringerLink
  4. Lieberman M, et al. Putting feelings into words: affect labeling disrupts amygdala activity in response to affective stimuli
  5. Motivated Implicit Theories of Personality: My Weaknesses Will Go Away, but My Strengths Are Here to Stay – Andreas Steimer, André Mata, 2016 (sagepub.com)
المصدر : الجزيرة