كيف تتعافى من تجربة عاطفية كسرت قلبك؟

كلنا نمر في فترة ما من حياتنا بأوقات مظلمة، فقدان شخص عزيز أو خسارة وظيفة. كل هذه التجارب عادةً ما تلازمها مشاعر قوية من حزن وتوتر، وتكللها حسرة في القلب وأسى. مهما قررنا الابتعاد عنها، عاجلا أو آجلا، سوف نختبر هذه اللحظات، وحتما سوف تحاصرنا هذه المشاعر.

غالبية الناس تربط مشاعر الأسى وكسرة القلب بانتهاء تجربة عاطفية، تلك اللحظات التي تهدم كل ما كان ببالنا من خطط وأهداف مستقبلية ووعد "إلى الأبد". ولعلّ هذه التجارب أصبحت أكثر شيوعا مما سبق في زمننا هذا -خصوصا في الأجيال الشابة- بغض النظر عن الاختلافات بين الثقافات والشعوب. تشير إحدى الدراسات في فئة متوسط عمرها 20 سنة إلى أن 98% منهم مر بتجربة عاطفية واحدة على الأقل لم تحظَ بالنجاح[1]. على الرغم من شيوع هذه الظاهرة فغالبا ما نتذكر لحظات انتهاء التجارب العاطفية التي لم تنجح باعتبارها أكثر ما اختبرناه إقلاقا وحزنا كما لاحظ العلماء في إحدى الدراسات[2].

نحاول في هذا المقال أن نتناول بعض النصائح العلمية التي تساعدنا على تجاوز تلك التجارب التي كسرت قلبنا، ونبين أيضا كيف يمكن للشخص أن يتغلب على المشاعر السلبية التي ترافق هذه التجارب، وكيف لنا إعادة تأطير التجربة واستغلالها وفرصها بصورة إيجابية نُركز فيها على نمونا بصفتنا أشخاصا واكتشاف ذواتنا من جديد.

ما ينبغي أن تعرفه: ماذا يحدث لنا عندما تنكسر قلوبنا؟

مصطلح "كسرة القلب" له دلالة حرفية فيما يسمى طبيا بمتلازمة القلب المكسور (شترستوك)

يختلف الأفراد فيما يظهر عليهم عندما ينتابهم أسى أو حسرة، عند البعض تتشابه أعراض انكسار أو حسرة القلب بتلك التي نجدها في الاكتئاب: مشاعر حزن، إرهاق عام، فقدان الشهية، قلة النوم أو نوم مفرط، انعدام الاهتمام في أنشطة الحياة الاعتيادية، وغيرها، إلا أن التعبير يمتد ليشمل ما هو أبعد من وصف وضعية شعورية فقط، فمصطلح "كسرة القلب" له دلالة حرفية فيما يسمى طبيا بمتلازمة القلب المكسور (تاكتسوبو Takotsubo، سابقا)، وهي حالة جسمية مرضية مؤقتة، يشعر المصابون بها بألم مفاجئ في الصدر وازدياد خفقان القلب وضيق في التنفس -أعراض تتشابه بشكل كبير مع الجلطة القلبية- وأحد مسبباتها المرور بمواقف مثيرة للتوتر ومشاعر شديدة الوطأة، مثل تلك التي قد تحدث بالانفصال عن شريك أو إنهاء علاقة عاطفية.

يمكن مماثلة تجارب الانفصال العاطفي كوجه آخر لما نمر ونشعر به حيال الفقد والموت من ناحية نفسية. لعل أبرز ما تشترك به كلا التجربتين هي مشاعر الحزن، ولكن بعض الدراسات الحديثة وجدت أن التشابه بينهما أبعد من ذلك. بعض الناس يعتقد أن وصف الاكتئاب مشابه للحزن، إلا أننا نركز على الثبات النسبي لشعور انعدام القيمة أو الذنب، مع التركيز على إخفاقات الماضي أو لوم النفس، بينما يكون عادةً ما يرتبط الحزن بمواقف معينة أو تجارب شخصية (مثل الانفصال العاطفي)، إلا أنه من الممكن أن يُصاب الشخص بالاكتئاب (من وجهة نظر الطب النفسي) خلال مروره بالحزن أيضا إذ حقق المعايير التشخيصية، إلا أن معظم الدراسات أفضت إلى أن هذا النوع من الاكتئاب يقع في خانة اضطرابات الإحكام (أو التكيف)، وعادةً ما تزول أعراضه خلال بضعة أشهر. إذا شعرت بأن هذه الأعراض شديدة لا تتردد في زيارة الطبيب النفسي والحصول على المشورة بخصوص حالتك.

لعلك اختبرت مثل هذا الحزن في حياتك من قبل، ولربما مررت بما يُعرف في علم النفس بـ"مراحل الحزن الخمس"، ألا وهي: الإنكار، فالغضب، فالمساومة، فالاكتئاب، وأخيرا القبول. من المهم التنويه أنه عادةً ما تُسرد هذه المراحل في هذا الترتيب، إلا أنه ليس بالضروري المرور بها هكذا أو حتى المرور بها كلها، بعض الناس يحتاج إلى وقت في مرحلة أكثر من أخرى، والبعض الآخر من الممكن أن يتقدم لمرحلة وينتكس ليعود لأخرى، إلا أنه من المهم معرفة هذه المراحل وما يرتبط بها من أحداث ومشاعر لمعرفة الطريقة الصحيحة في التعامل معها وتجاوزها للوصول إلى القبول. نتطرق إلى بعض هذه المراحل وكيفية التعامل الصحيح معها خلال النقاط اللاحقة في هذا المقال.

ماذا أفعل كي أشفي قلبي المكسور؟

قد تتولد عندك مشاعر حقد وانتقامية تجاه شريكك السابق. حاول ممارسة التأمل الواعي (mindfulness) تجاه هذه المشاعر، خذ خطوة إلى الوراء، راقب هذه المشاعر واعترف بوجودها. (شترستوك)

بدايةً، يجب أن نفهم أن عملية التعافي هذه تختلف من شخص إلى آخر، فمن المهم إعطاء نفسك الوقت الذي تحتاج إليه فعلا لإتمامها بما يتخللها من صعوبات ومشاعر غضب أو حسرة أو حزن. ومن أهم النصائح هنا أن نكون فاعلين في عملية الالتئام هذه، وألا نجعل الوقت "يمضي هكذا". يقول المعالج النفسي "Guy Winch" في كتابه "كيف تصلح القلب المكسور؟" إن أكبر خطأ من الممكن أن نفعله حيال تعافينا هو ترك ما نمضي به ليصلحه الوقت، آملين أن تختفي مشاعرنا أو تُحل مشكلاتنا. بالطبع يساعدنا الوقت على تجاوز المحن والنسيان، كما يساعدنا في ذلك وجود أشخاص داعمين أيضا، مثلا، إلا أن العديد من الدراسات الحديثة تؤكد من الطرق المختلفة ما يساعدنا على تطوير مهارات التعامل مع المشاعر الحادة وتعجيل عملية تجاوزنا وكيفية استغلالنا لهذه التجارب لتصبح فرصا قيِّمة.

إليك بعض النصائح في هذه الخصوص:

  • أولًا: لا تدع عواطفك تطغى

حاول ألا تأخذ نهاية العلاقة على أنها فشل، بل باعتبارها فرصة للتعلم والنمو على الصعيد الشخصي في مجال تكوين العلاقات. لا يهم إن كانت هذه محاولتك الأولى أو العاشرة، محاولاتنا في تحسين أنفسنا لا تنتهي، سواء كنا في مقتبل العمر أو نهايته[3].

قد تنتابك مشاعر الغضب حول ما حصل في العلاقة، خاصةً فيما يتعلق بكيفية انتهائها. قد تتولد عندك مشاعر حقد وانتقامية تجاه شريكك السابق. حاول ممارسة التأمل الواعي (mindfulness) تجاه هذه المشاعر، خذ خطوة إلى الوراء، راقب هذه المشاعر واعترف بوجودها. تشير الدراسات العديدة إلى فوائد التأمل الواعي في التعامل مع الأفكار والعواطف باتزان وقبول أكثر لما لها من الآثار المثبتة علميا في تخفيف التوتر وما يشابهه من اضطرابات مختلفة[4]. يمكنك ممارسة التأمل الواعي بهذه الطرق البسيطة:

  • انتبه جيدا. من الصعب أن تجد وقتا لتتمهل وتلاحظ مختلف الأشياء في عالم مزدحم. حاول أن تأخذ وقتك للشعور بكل ما يحيط بك بحواسك كلها، باللمس والسمع والنظر والشم والتذوق. فمثلا، عندما تأكل طعامك المفضل خذ وقتك في شمه وتذوقه والاستمتاع به.
  • استمتع باللحظة. حاول الانتباه بدقة وتيقظ ورِضا لكل شيء تقوم به، وابحث عن السعادة في التفاصيل البسيطة.
  • تقبل ذاتك. عامل نفسك كما تعامل صديقا عزيزا عليك.
  • ركز على تنفسك. إذا راودتك أفكار سلبية فحاول التخلص منها، خذ نفسا عميقا وأغلق عينيك، ركز على أنفاسك وهي تدخل وتخرج من جسدك. سيفيدك الجلوس والتنفس على الاسترخاء ولو لدقيقة واحدة. يمكنك استخدام طريقة التنفس المربع، وهي أن تأخذ نفسا لمدة ثلاث ثوانٍ، ثم احبسه لثلاث ثوانٍ أخرى، زفير لمدة ثلاث ثوانٍ، وأخيرا احبس نفَسك ثلاث ثوانٍ.

 

إليك بعض الطرق الأخرى المثبتة علميا في التعامل مع المشاعر المختلفة بمثل هذه الأحداث:

تثبت العديد من الدراسات فعالية ممارسة تمرين الكتابة واستكشاف مشاعرك وأفكارك حيال تجربتك السابقة في تخفيف مشاعر الاكتئاب وتحسين المزاج. (شترستوك)
  • – الكتابة التعبيرية:هي أسلوب يعبر به الكاتب عن أفكاره ومشاعره المتعلقة بأحداث ماضية مزعجة أو موترة. تذكَّر أن هذه الكتابة شخصية ولا يجب أن تُلزم بأسلوب قواعدي أو علامات تنقيط أو غيرها. يمكنك ممارسة هذا التمرين بالكتابة واستكشاف مشاعرك وأفكارك حيال تجربتك السابقة. اكتب عن كيف كنت قبلها، وخلالها، وبعد انتهائها. تثبت العديد من الدراسات فعالية هذه الطريقة في تخفيف مشاعر الاكتئاب وتحسين المزاج[5].
  • – استعمال سجل تَغير التفكير[6]: تستوحي هذه الطريقة أسلوبها من نظرية العلاج المعرفي السلوكي الشهيرة. تنص هذه النظرية باختصار على أن ما نفكر فيه وكيفية تفكيرنا فيه (المعرفة) يؤثر على مشاعرنا سواء سلبا أو إيجابا (السلوك).

 

عندما نستذكر حدثا ما، عادةً ما يصاحب استذكارنا هذا فكرة تأتي فجأة أو بصورة "أوتوماتيكية". في أغلب الأحيان، تكون هذه الأفكار مبنية على افتراضات، لا على حقائق. مع أن هذه الأفكار سهلة التصديق (بل وبأغلب الأحيان تبدو حقيقة) إلا أنها في معظم الوقت غير دقيقة.

يمكنك ممارسة هذه الطريقة بتدوين ما يلي:

  1. الحدث: اكتب الحدث الذي استذكرته أو فكرت فيه، الذي صاحبه تأثير على مزاجك أو مشاعرك.
  2. المشاعر التي تلته: يمكنك كتابة كلمة واحدة للتعبير عن مشاعرك (حزين، غاضب)، ثم قيّم هذه المشاعر من مقياس 1 إلى 10 بناءً على شدتها.
  3. أفكارك: ما الأفكار التي تخطر ببالك؟ ما الذي أزعجك بالضبط؟ لماذا استجبت هكذا تجاه هذه الأفكار؟
  4. الأدلة الداعمة: ما الحقائق التي تدعم ما فكرت فيه وكيف استجبت لها؟
  5. الأدلة المعارضة: ما الحقائق التي تعارض ما فكرت فيه؟
  6. الموازنة: وازن بين سجل الحقائق المعارضة والداعمة لفكرتك.
  7. أعد تقييم مشاعرك تجاه ما فكرت فيه مرة أخرى، ثم قارن الفرق.

 

  • ثانيًا: ارعَ نفسك واهتمّ بها

مفهوم رعاية النفس هنا تنطلق منه مفاهيم العناية في الجوانب العاطفية والجسدية والروحية. لدى كل منا احتياجاته في هذه النواحي، ولكن هناك بعض الأفعال المفيدة لجميع الأشخاص في هذا الجانب، مثل أسلوب غذائي صحي، ومصدر دعم اجتماعي، وممارسة التمارين بانتظام، وغيرها الكثير. ليس بالضرورة القيام برياضات مجهدة مثل الذهاب إلى النادي إذا لم يسمح لك الوقت بمثل ذلك، القليل من رياضة المشي يساعد في كثير من الأحيان. تتلخص الفكرة الرئيسية هنا في إيجاد جدول (أو روتين يومي) لما في ذلك من فوائد في إعادة تشكيل بناء حياتي ثابت يساعدنا في التركيز على ما يهمنا.

من أهم جوانب الاهتمام بالذات هو الاهتمام بالجانب الاجتماعي. تتقلص أحزاننا ومعاناتنا عندما نشاركها مع من نحب، لذلك أحط نفسك بالأشخاص الداعمين لك، سواء كانوا من أفراد عائلتك أو أصدقائك، تحدث معهم، واطلب ممن تثق به نصيحة حيال ما تشعر به، لعل ذلك يجلب لك منظورا آخر للعلاقة لم تكن منتبها له من قبل. العديد من الدراسات أشارت إلى الأهمية الاستثنائية لوجود نظام دعم في حياتنا وأثره في تقليل مخاطر الاكتئاب ومساعدتنا على تجاوز الفترات المجهدة[7].

عند انتهاء تجربة عاطفية، عادةً ما يترك ذلك فراغا في حياتنا، تصبح دائرتنا الاجتماعية أصغر، وتتغير بعض نشاطاتنا وجوانب من حياتنا أبعد من فقدان الشخص ذاته. كن واعيا بهذه التغييرات، وحاول أن تملأ الفراغ الذي تركته بما ذكرناه سابقا[8].

 

  • ثالثًا: لا تَعلق في الماضي
الهدف الأساسي في التعافي من التجربة هو تجاوز مشاعر الارتباط والحب تجاه مَن خضناها معه، إلا أننا في كثير من الأحيان نفعل عكس ذلك تماما عندما نستعرض صورا لذكرياتنا السعيدة ونستذكر اللحظات المثالية. (بيكسلز)

نتجه في معظم الأحيان لاستذكار تجاربنا الماضية بصورة جيدة، تُسمى هذه الظاهرة بـ"الاسترجاع الوردي (Rosy Retrospection)"، وتكمن في رفض رؤية المشكلات التي تخللت العلاقة السابقة، وحصر النظر فيما كان فيها من إيجابيات فقط. ضع إطارا واقعيا عند معاينة الماضي، تجاربنا ليست كلها سيئة أو إيجابية، والنظر إلى الماضي بطريقة التفكير الثنائية هذه يبطئ عملية التعافي والتجاوز الصحي لهذه التجارب.

مع أن هذا قد يبدو بديهيا، فإن الهدف الأساسي في التعافي من التجربة هو تجاوز مشاعر الارتباط والحب تجاه مَن خضناها معه، إلا أننا في كثير من الأحيان نفعل عكس ذلك تماما عندما نستعرض صورا لذكرياتنا السعيدة ونستذكر اللحظات المثالية. هدفت إحدى الدراسات إلى فحص تأثير سلوكيات استرجاع الإيجابيات والسلبيات في مجموعة من الأشخاص كانوا قد أنهوا علاقات عاطفية[9]. أفضت نتائج الدراسة إلى أن أفضل طريقة في تخفيف مشاعر الحب كانت في ذكر السلبيات التي شعرت بها من الشخص والعلاقة ككل.

تقلبك بين هذه الأفكار هو جزء مهم من عملية التعافي، كن مُقرا بالجميل عندما تستذكر اللحظات الجميلة، حتى لو أنها انتهت، لكن لا تعلق بها. على الصعيد الآخر، لا تنسَ أن هناك من السلبيات ما أدى إلى نهاية العلاقة، بل من المهم محاولة ذكر هذه السلبيات.

 

  • رابعًا: أعد تقييم احتياجاتك

لعل أفضل وقت لإعادة ترتيب أولوياتك واحتياجاتك هو بعد انتهاء علاقة سابقة. اطرح على نفسك أسئلة مثل: "هل كنت أختار شركاء قادرين على العطاء والحب؟"، "هل كنت آمل أن أتغير أنا أو يتغير شريكي في العلاقة، أو أنه حتى بمقدوري تغيير ما لا يعجبني بشريكي؟".

من الصعب أحيانا أن نقر بأننا ما وجدنا احتياجاتنا فيما خضناه من قبل. خذ وقتك واستذكر العلاقة، وحاول أن تفكر فيها وتنعكس على أحداثها. اكتب لائحة فيها ما تتوق إليه وما تحتاج له في علاقاتك المستقبلية. تشير العديد من الدراسات إلى فوائد التدوين باعتباره طريقة سهلة وفعالة في التخفيف من التوتر والتقليل من تأثير الأفكار السلبية[10].

 

  • خامسًا: لا تستعجل الدخول في علاقة جديدة
 كن مدركا للفرص المستقبلية وطريقة حصولك عليها. لا تقبل أي أحد، بأي فترة، بكل مكان، حاول أن تكون لك نية مسبقة وجديّة حيال الموضوع. (شترستوك)

من الممكن أن تنتابك مشاعر ملحّة للدخول في علاقة جديدة، يُطلق على هذا النوع من العلاقات بـ"العلاقات المرتدة (Rebound Relationships)". إذا لم تأخذ الوقت الكافي لتنعكس على تجربتك السابقة، فإنه من الممكن أن تعيد الكَرّة بالنمط نفسه وأن تقع في أخطائك نفسها[11،12]. يعود تأصيل هذه الظاهرة فيما أطلق عليه بنظرية الارتباط العاطفي (Attachment Theory) التي صاغها عالم النفس البريطاني "جون بولبي (John Bowlby)"، وفيما يتعلق بهذا الخصوص، تتمكن أنماط العلاقات السابقة من الظهور في العلاقات اللاحقة لأن النماذج العقلية وتصوراتها التي يعتنقها الناس في تجاربهم السابقة تكون أسهل للوصول، ومن ثم تُستخدَم لتوجيه سلوكيات التواصل في المواقف الجديدة [14(2-4)16].

قد يكون من الصعب أن تتحرر من عاداتك وطريقة تفكيرك القديمة، حتى لو كنت واعيا بضررها. حاول أن تعي هذه التحديات، اعترافك بوجودها هو أول خطوة لحلها.

 

  • سادسًا: عاود المحاولة عندما تكون جاهزا

قد نمر أحيانا بتحديات صعبة عندما نحاول أن نتأقلم بعد انتهاء تجربتنا العاطفية، خصوصا إذا كانت قد استمرت لفترة طويلة. قد يصعب علينا العودة لكوننا فردا واحدا فقط لا جزءا من زوج[16]. رحلتنا في تعافينا من تجاربنا هذه قد تكون فرصة لإعادة صياغة تعريف ذواتنا وقيمنا بوصفنا أفرادا مستقلين خارج إطار العلاقة[17]. قد تنعكس هذه الأمور على ما كان مخططا له مستقبلا بينك وبين شريكك السابق من أهداف متعلقة بالعمل، وأخرى بشأن العائلة، وغيرها. مشاركتك أحلامك، وتطلعاتك، وأهدافك المستقبلية، واحتياجاتك، كلها جزء طبيعي من الأُلفة التي دارت خلال العلاقة، ولعل أكثر ما يعنيه انتهاؤها هو الانفصال التدريجي وخوض مغامرة الاستقلال من جديد، إلا أن ذلك قد يعني إعطاءك الفرصة للتركيز على نفسك وتطويرها في الصُّعُد التي تعتبرها مهمة في حياتك.

عندما تشعر أنك جاهز من جديد، لا تتردد لفتح المجال لبدء علاقة جديدة. قد تكون الفكرة مخيفة في بعض الأحيان، خاصة إذا كنت قد تأثرت أو تأذيت من تجربتك السابقة، إلا أن محاولتك مرة أخرى هي جزء مهم من مرحلة التعافي.

عندما تعاود الكرة، إليك بعض النصائح لإبقائها في بالك عندما تخوض التجربة مرة أخرى:

  • – كن واعيا لما تريد من شريكك المستقبلي، وضع أهدافا واقعية في هذا الخصوص.
  • – كن مدركا للفرص المستقبلية وطريقة حصولك عليها. لا تقبل أي أحد، بأي فترة، بكل مكان، حاول أن تكون لك نية مسبقة وجديّة حيال الموضوع.
  • – ضع حدودا واضحة. يستقر في تفكيرك إطار حكم إذا ما كان الشخص مناسبا لك أو لا عندما تفعل ذلك، وقد يقيك ذلك من التعلق المفرط بالشخص، خاصة إذا كان لا يناسبك.

أدوات ستساعدك

يتبنّى فروم في كتابه وجهة نظر أنّ الحب عملية تتشكّل عبر البذل والعطاء والتضحية والتسامح وتوطين أنفسنا على الإنصات الحقيقي. (مواقع التواصل)

يُعَد كتاب المحُلّل النفسي الألماني إريك فروم المُعنوَن بـ "فن الحب" من الكتب المهمّة لتعميق فهمنا لحالة الحبّ والعلاقات العاطفية المبنية على الحبّ، حيث يسأل فروم سؤال جوهري: هل الحبّ شيء يحدث لنا بالصدفة؟ وبالتالي فنحنُ غير مسؤولين عن حدوثه أم أنّ الحب يُبنى من خلال جُهد ومثابرة يتحمّلها كلا الطرفين. يتبنّى فروم وجهة النظر الثانية أنّ الحب عملية تتشكّل عبر البذل والعطاء والتضحية والتسامح وتوطين أنفسنا على الإنصات الحقيقي واستيعاب ذات أخرى للآخر غير تلك التي كُنّا نأمل أو نرجو بالأساس.

_______________________________________________________________

المصادر

  1. Morris CE, Reiber C. Frequency, Intensity and Expression of Post- Relationship Grief. 2011;3.
  2. Kendler KS, et al. Life event dimensions of loss, humiliation, entrapment, and danger in the prediction of onsets of major depression and generalized anxiety.
  3. Tashiro T, Frazier P. “I’ll never be in a relationship like that again”: Personal growth following romantic relationship breakups.
  4. Blanck P, Perleth S, et al. Effects of mindfulness exercises as stand-alone intervention on symptoms of anxiety and depression: Systematic review and meta-analysis.
  5. Lepore SJ, Kliewer W. Expressive Writing and Health. In: Gellman MD, Turner JR, editors. Encyclopedia of Behavioral Medicine [Internet].
  6. McManus F, Van Doorn K, Yiend J. Examining the effects of thought records and behavioral experiments in instigating belief change.
  7. Grav S, Hellzèn O, Romild U, Stordal E. Association between social support and depression in the general population: the HUNT study, a cross-sectional survey.
  8. How to Recover from Romantic Heartbreak
  9. Langeslag SJE, Sanchez ME. Down-regulation of love feelings after a romantic break-up: Self-report and electrophysiological data.
  10. Smyth JM, et. al. Online Positive Affect Journaling in the Improvement of Mental Distress and Well-Being in General Medical Patients With Elevated Anxiety Symptoms: A Preliminary Randomized Controlled Trial. 
  11. Shimek C, Bello R. Coping with Break-Ups: Rebound Relationships and Gender Socialization.
  12. Larson GM, Sbarra DA. Participating in Research on Romantic Breakups Promotes Emotional Recovery via Changes in Self-Concept Clarity.
  13. Brumbaugh CC, Fraley RC. Transference and Attachment: How Do Attachment Patterns Get Carried Forward From One Relationship to the Next?
  14. Bowlby J. Attachment and loss: Volume II: Separat; anxiety and anger. In Attachment and loss: Volume; anxiety and anger.
  15. Bowlby J. Attachment and loss: Retrospect and prospect. Am J Orthopsychiatry. 1982;52:664–78.
  16. Slotter EB, Gardner WL, Finkel EJ. Who Am I Without You? The Influence of Romantic Breakup on the Self-Concept.
  17. Larson GM, Sbarra DA. Participating in Research on Romantic Breakups Promotes Emotional Recovery via Changes in Self-Concept Clarity.
المصدر : الجزيرة