الأمين العام للجنة القطرية لحقوق الإنسان للجزيرة نت: سنرصد أي انتهاكات محتملة خلال المونديال

الأمين العام للجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر سلطان الجمالي (الصحافة القطرية)
الأمين العام للجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر سلطان الجمالي (الصحافة القطرية)

الدوحة- أكد الأمين العام للجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر سلطان الجمالي أن كأس العالم لكرة القدم 2022 يقام في أجواء تحافظ على حقوق الإنسان لجميع الأفراد في البلاد، مشددًا على أن اللجنة سترصد أي انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان خلال البطولة، عن طريق إطلاق خط ساخن على مدار 24 ساعة لاستقبال أي شكوى يتعرض لها أي شخص موجود في قطر.

وأضاف الجمالي في حوار خاص مع الجزيرة نت، أن اللجنة ستسعى إلى معالجة أي انتهاك لحقوق الإنسان بشكل فوري مع الجهات المعنية، بما يفضي إلى الانتصار لحقوق الأشخاص المعنيين سواء أكانوا ضيوفًا، أم مواطنين، أم مقيمين دون تمييز، لافتًا إلى أن اللجنة بصدد إطلاق حزمة من الفعاليات التوعوية التي تتناسب وأجواء المونديال.

وأوضح أن اللجنة بالشراكة مع اللجنة العليا للمشاريع والإرث -الجهة المنظمة للمونديال- ستوزّع لوحات في مناطق مختلفة من الدولة لبث رسالة مفادها: تنمية الوعي بحقوق الإنسان من خلال الرياضة، بالإضافة إلى أدوات توعوية حقوقية ستشمل: فيديوهات، وكتيبات في أماكن تجمعات الجماهير خلال المونديال.

وفيما يلي نص الحوار:

الجمالي.. حقوق الإنسان في قطر مصانة (الصحافة القطرية)
الجمالي: حقوق الإنسان في قطر مصانة (الصحافة القطرية)
  • هل يمكن أن تطلعنا على عمل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ومغزى إنشائها وطبيعة عملها؟

تم إنشاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بموجب المرسوم بقانون رقم 38 لسنة 2002 هيئة وطنية مستقلة تعمل على متابعة وضمان حقوق الإنسان على اختلافها، سواء كانت مدنية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية في دولة قطر، وفق (مبادئ باريس) لعام 1993 والتي تحكم عمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.

وتعد اللجنة جزءًا من المنظومة الوطنية لحقوق الإنسان التي تضم الإطار التشريعي المعنيّ بحقوق الإنسان وفي مقدمتها الدستور -حامي الحقوق والحريات العامة-، والإطار المؤسسي المعنيّ بحماية هذه الحقوق، ويمثّلها القضاء القطري العادل وآليات الرقابة السياسية، ورقابة المجتمع المحلي والرقابة الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى الجهات المعنية بالرقابة الإدارية والشفافية ومكافحة الفساد.

ومن ثم تشغل اللجنة حيزًا حيويًا وفعالًا في المجال العام، فهي حلقة الوصل البنّاءة والداعمة لحقوق الإنسان بين منظمات المجتمع المدني وفئات المجتمع.

  • كيف يتسنى للجنة أن تمضي باتجاه ترقية حقوق الإنسان على المستوى الوطني؟

أسهمت اللجنة بنحو فعّال وملموس في تحقيق هذه الغاية عبر ممارستها لاختصاصاتها التي حدّدتها مبادئ باريس، وهي تصبّ إجمالًا في اتجاهات عمل رئيسة تتوزّع على المحاور التالية:

  • ‎المحور القانوني: المتعلّق بمتابعة تنفيذ الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان التي تكون الدولة طرفًا فيها، والحث على الانضمام لاتفاقات دولية أخرى ذات صلة.
  • المحور الرقابي: الخاص بمهام رصد أوضاع حقوق الإنسان للمسجونين والمحتجزين، والعمالة الوافدة، والمراكز الصحية، والمؤسسات التعليمية، والطب النفسي وغيرها.
  • المحور التوعوي: يتمثّل في نشر ثقافة حقوق الإنسان على أوسع نطاق ممكن، بغية أن تتحوّل القيم والمبادئ لحقوق الإنسان إلى معاملة يومية على الصعيد الإنساني.
  • المحور الاستشاري: يتمثّل في تقديم المشورة والتوصيات الملائمة للجهات المعنية، بناء على طلبها في المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان.
  • کیف تقيّمون أوضاع حقوق الإنسان للعمالة الوافدة في دولة قطر؟

ترى اللجنة بكل ثقة وتأكيد أن العقد الأخير قد شهد جملة من الإصلاحات الجدية والعميقة التي أقدمت عليها الدولة، والتي تناولت الإطار القانوني المنظّم لأوضاع العمالة الوافدة.
ومن ذلك على سبيل المثال، التعديلات التي جرت على قانون العمل، والقرارات الوزارية الصادرة بشأن حماية الأجور، وتحديد الحد الأدنى للأجور، وتشكيل اللجان العمالية المشتركة مع أصحاب العمل في كل منشأة يزيد عدد العاملين فيها على 30 عاملًا، وتأمين وصول العمال الوافدين إلى العدالة من خلال لجان فض المنازعات العمالية.

إضافة إلى إصدار القانون رقم 21 لسنة 2015، بتنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم وتعديلاته، حيث ألغى هذا القانون نظام الكفالة، ومأذونية الخروج. وإصدار قانون رقم 15 لسنة 2017، بشأن المستخدمين في المنازل وفقًا للمعايير الدولية الخاصة بالسكن اللائق للعمالة المنزلية.

كما تم إنشاء صندوق دعم وتأمين العمال، وهذا بجانب جهد الدولة في حماية العمالة الوافدة من أشكال الاتجار بقوة عملها في سوق العمل من قبيل استقدام عمالة دون عمل حقيقي، أو العمل الجبري.

  • هل يكفل قانون العمل القطري جميع الحقوق المهنية والاجتماعية للعمال؟

من الملائم بداية أن نعرض حقوق العمال الوافدين في الدستور، الذي يحتل المرتبة الأولى في النظام القانوني القطري، وذلك بدلالة ما ورد في المادة 20 منه التي نصّت على أن "الملكية ورأس المال والعمل مقومات أساسية لكيان الدولة الاجتماعي، وهي حقوق فردية ذات وظيفة اجتماعية ينظّمها القانون"، وكذلك المادة 30 منه التي أوردت بالقول إن "العلاقة بين العمال وأرباب العمل أساسها العدالة الاجتماعية وينظّمها القانون".

كما يكفل قانون العمل رقم 14 لسنة 2004 للعمال المواطنين والوافدين على حد سواء جملة واسعة من الحقوق في العديد من المجالات من بينها الأجور، وتحديد ساعات العمل، والإجازة المرضية، والحماية من إصابات العمل، والتدريب المهني، والإعفاء من الرسوم القضائية عن الدعاوي العمالية، والتّظلّم، والحماية من الفصل التعسفي، والسلامة والصحة المهنية، والرعاية الاجتماعية وغيرها، علمًا أن المادة 4 من القانون نصّت على أن "الحقوق المقررة في القانون تمثّل الحد الأدنى لحقوق العمال، ويقع باطلًا كل شرط يخالف أحكام هذا القانون، ولو كان سابقًا على تاريخ العمل به ما لم يكن أكثر فائدة للعمال، ويقع باطلًا كل إبراء أو مصالحة أو تنازل عن الحقوق الناشئة للعامل بموجب هذا القانون"، وكل هذه القوانين توضح كفالة القانون القطري لحقوق العمال.

الجمالي مع متطوعين عمانيين يشاركون في توعية جماهير المونديال (الصحافة القطرية)
الجمالي مع متطوعين عمانيين يشاركون في توعية جماهير المونديال (الصحافة القطرية)
  • ما دور اللجنة في حماية العمالة الوافدة وتعزيز حقوقها في دولة قطر؟

كان للجنة -ولا يزال- دور مميز في الاهتمام بشؤون العمالة الوافدة في دولة قطر ومتابعة أوضاعها وشواغلها واحتياجاتها، سواء في سياق اتجاهات عملها القانونية أو الرقابية، أو التوعوية، أو على صعيدي البحث والتواصل مع الجاليات.

وفيما يخص الجانب القانوني فإن اللجنة لم تنفك -منذ إنشائها- عن بحث عموم الفجوات ومواطن الخلل في الأطر القانونية المنظّمة لحقوق الإنسان في بيئة العمل، وشؤون الوافدين، وتأكيد ضرورة معالجتها وذلك بهدف الوصول إلى حالة الموائمة المطلوبة ما بين التشريعات الوطنية ذات الصلة ومعايير حقوق الإنسان الدولية المعنيّة بالعمل، والعمال الوافدين المقرة في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، والاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية.

وهكذا فإنه يمكن أن نخلص بأن ما تحقق من إنجازات تشريعية تتعلق بتعزيز حقوق العمالة الوافدة، كانت اللجنة وراء إظهار الحاجة أو الضرورة الموضوعية والإنسانية والقانونية إليه، وذلك اتساقًا مع نهج الدولة في حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وبما ينسجم ومعايير حقوق الإنسان الدولية في بيئة العمل.

وفيما يتعلق بالانتصار لحقوق الجمهور، فإن جهد اللجنة في التعامل مع المشتكين والملتمسين قد خصّ التماسات العمال والوافدين بنصيب وافر من اهتمامه، لا سيما ما يتعلق بالمشكلات التي تثار في نطاق العلاقة ما بين الوافد للعمل، وأصحاب العمل، حيث تتدخل اللجنة في إحالتها إلى الجهات المعنية في وزارة الداخلية ووزارة العمل، وذلك للمساعدة على حلها استنادًا إلى قانون العمل، وقانون تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم، علمًا بأن جهد اللجنة على هذا الصعيد لا يقف عند حدود تلقي الالتماسات والشكاوى من العمال الوافدين أصحاب الشأن من خلال المراجعة الشخصية فحسب، وإنما -أيضًا- من خلال قبول هذه الالتماسات عبر الخط الساخن للجنة من العمال الوافدين، وانتقال كادر اللجنة المختص إلى مواقع العمل في الشركات التي يعملون لديها للاستيضاح عما يحيط الشكوى أو المسألة من ظروف وملابسات وبيانات من العامل نفسه، أو العمال المعنيين إذا كانت الشكوى جماعية، والعمل على حلها بالتنسيق مع المديرين التنفيذين للشركات، أو المسؤولين المباشرين في القضايا موضوع الشكاوى.

‎كما تجدر الإشارة إلى أن المساعدة القانونية لم تقف عند هذا الحد، بل شملت كذلك دفع تكاليف محامين يترافعون في الدعاوى الخاصة بالعمال الوافدين أمام المحاكم المختصة.

  • هل اللجنة في تواصل مع الجاليات المقيمة في قطر؟

لن أخترع العجلة أو أطرح حقائق جديدة، حين أقول إن المجتمع القطري هو نموذج لتعايش الثقافات في المنطقة، فكما هو معروف بأن البيئة المجتمعية في قطر، هي بيئة متعددة الأعراق، والحضارات والانتماءات الثقافية، بدلالة حصول قطر على مراتب متقدمة في مؤشرات السلم العالمي لأكثر من ثمان سنوات على التوالي، والتي تشمل من بين معاييرها: خلو المجتمعات الوطنية من التوترات العرقية والنزاعات الأهلية، الأمر الذي يمكن للمرء أن يستخلص معه حقيقة عافية حالة حقوق الإنسان في قطر، واحترام الدولة ومؤسساتها بما فيها مؤسسات إنفاذ القانون للحق في التنوع الثقافي واحترام الذاتية الثقافية لعموم الجنسيات المقيمة في قطر، بما في ذلك حريتها في العبادة.

وكان من الطبيعي أن تأخذ اللجنة هذه المسألة بعين الاعتبار، وذلك بإشاعة قيم التسامح والتعددية واحترام التنوع الثقافي، ومناهضة خطاب الكراهية على أساس الدين والمعتقد أو العرق في عموم نشاطاتها التوعوية والثقافية.

  • ما الدور الذي قامت به اللجنة في إطار الاستعدادات لكأس العالم؟

أولت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان اهتمامًا خاصًا بكأس العالم، بالنظر لما ينطوي عليه هذا الحدث الكبير من معطيات ذات صلة بحقوق الإنسان، وفي مقدمتها الحق في الرياضة وتأكيد إنسانية شعوب المعمورة الواحدة، وكون الأحداث الرياضية من هذا القبيل مناسبات تاريخية توحّد أكثر مما تفرّق، وذلك بما تشيعه من قيم التسامح والمحبة والسلم.

الأمر الذي يفسّر مبادرة اللجنة الثقافية -في وقت مبكر من هذا العام- بإقامة معرض حقوق الإنسان وكرة القدم في الدوحة وفي العديد من عواصم دول العالم، لنشر مبادئ حقوق الإنسان.

وثمة جانب يتعلق باحترام حقوق الإنسان في سياق التعامل مع الأحداث الرياضية، ومنها مونديال قطر 2022 بما في ذلك التعامل مع جمهور المونديال وضيوفه على نهج حقوق الإنسان، وما يقتضى لذلك من مهارات إنسانية وسلوكية وقانونية وإدارية ومعرفة بفنون الاتصال مع الجمهور، وذكاء اجتماعي يراعي الحق في التنوع الثقافي، واحترام وقبول الآخر، وذلك بالمراعاة التامة لمنظومة القيم الوطنية.

‎وهو ما كان وراء حرص اللجنة على نشر ثقافة حقوق الإنسان في أوساط العاملين في المطار، سواء أكانوا جزءًا من مؤسسات المطار المدنية أم الإدارات الأمنية، كونهم يمثّلون وجه دولة قطر.

وقامت اللجنة منذ بداية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بافتتاح مكتب لحقوق الإنسان بمطار حمد الدولي، ليكون فرعًا للجنة بما يجسّد الأداء الوطني في التزامه بحقوق الإنسان، وذلك على صعيد التعامل مع جمهور المطار، فضلًا عن كونه منصّة لنشر ثقافة حقوق الإنسان بين المغادرين والقادمين، بما في ذلك العاملون في مطار حمد الدولي، وللمرء أن يتصوّر أهمية هذا المكتب وحساسية دوره في ظروف إقامة المونديال، ووصول الأعداد الكبيرة من ضيوفه من قارات العالم.

  • ما الدور الذي ستقوم به اللجنة خلال كأس العالم؟

ثمة وجه آخر في عمل اللجنة أثناء المونديال ذلك المتعلق برصد أي انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان، حيث وضعت اللجنة في حسبانها إطلاق خط ساخن يعمل على مدار 24 ساعة لاستقبال الاستفسارات والشكاوي المتعلقة بهذه الانتهاكات، والسعي لمعالجتها مع الجهات المعنية، وبما يفضي إلى الانتصار لحقوق الأشخاص المعنيين، سواء أكانوا ضيوفًا، أم مواطنين، أم مقيمين دون تمييز.

كما أن اللجنة بصدد إطلاق حزمة من الفعاليات التوعوية التي تتناسب وأجواء المونديال ومن ذلك، تدشين الموقع الرسمي للجنة الذي سيركّز على جماهير كأس العالم، ويقدم خدماته في كل ما يتعلق بحقوق الإنسان، والتوعية باحترام قيمها في ظروف إقامة هذا الحدث الكروي العالمي.

كما أن الاحتفال باليوم القطري لحقوق الإنسان الذي يصادف الحادي عشر من نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام سيقام بزخم مرتبط بفعاليات حدث كأس العالم، الذي تندمج حقوق الإنسان في جميع تفاصيله، ناهيك عن القيمة الاستثنائية المضافة للاحتفال بهذه المناسبة، بوصفه يأتي في الذكرى العشرين لتأسيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان.

وفي إطار التعاون ما بين اللجنة واللجنة العليا للمشاريع والإرث، فقد تم الاتفاق على توزيع لوحات "معرض حقوق الإنسان وكرة القدم" في مناطق الدولة المختلفة لبث وإشاعة رسالة مفادها تنمية الوعي بحقوق الإنسان من خلال الرياضة، هذا إضافة إلى أدوات توعوية حقوقية ستشمل: فيديوهات وكتيبات ستُشر في أماكن تجمعات الجماهير أثناء إقامة المونديال.

وتأكيدًا لواقع الشراكة الفاعلة ما بين اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، ولجنة حقوق الإنسان العُمانية سيكون هناك متطوعون من الأخيرة لخدمة جمهور هذه البطولة الكروية العالمية، وذلك تجسيدًا لمعنى مفاده: أن مونديال قطر 2022 هو مونديال العرب جميعًا.

المصدر : الجزيرة