دراسة حديثة: تغير المناخ يضع مصادر الطاقة الحيوية على المحك
الكتلة الحيوية تتعرض للتناقص بسبب التغيرات المناخية، وهي مصدر الطاقة الواجب الاعتماد عليه بدلًا من الوقود الأحفوري للحد من الانبعاثات الكربونية والتكيف مع التغيرات المناخية.
يواجه العالم تحديات متزايدة تتعلق باستمراره، فالتغيرات المناخية طالت كافة بقاع الأرض، وسببت العديد من الأحداث المناخية الحادة والمتباينة، تضمنت الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، والأعاصير المدمرة، والفيضانات، والجفاف أيضا.
ويُمثل الحفاظ على استدامة الكتلة الحيوية (Biomass) تحديا شديد الأهمية يستدعي سرعة التصرف، والكتلة الحيوية مواد عضوية متجددة نحصل عليها من النباتات والحيوانات، ويُمكن استخدامها مصدرا للطاقة النظيفة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsأحمد إبراهيم الباحث بجامعة كوينز: الحل الأساسي لتغير المناخ يكمن في تخزين الكربون في النباتاتأحمد إبراهيم الباحث بجامعة ...
كيف تستخدم النماذج الرياضية لتحفيز الميكروبات على إنتاج الوقود الحيوي؟كيف تستخدم النماذج الرياضية ...
وقود حيوي مستدام وفعال للطائرات من نبات الخردلوقود حيوي مستدام وفعال ...
وفي السابع من سبتمبر/أيلول الجاري، نشرت مجموعة من باحثي جامعتي يورك الإنجليزية وفودان الصينية ورقة بحثية في دورية نيتشر (Nature) بغرض تحديد كيفية الاستغلال الأمثل للكتلة الحيوية التي تتعرض للتناقص بسبب التغيرات المناخية، وهي مصدر الطاقة الواجب الاعتماد عليه بدلا من الوقود الأحفوري للحد من الانبعاثات الكربونية والتكيف مع التغيرات المناخية.
الوضع الحالي يدق ناقوس الخطر
وأشارت نتائج الدراسة إلى أن تأخر دول العالم في استبعاد استخدام الوقود الأحفوري، والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة التي تتضمن الطاقة الحيوية مع احتجاز الكربون وتخزينه (Bioenery with carbon capture and storage-BECCS) سيؤدي إلى أخطار متعددة.
ويذكر أنه عام 2015 اتفق ما يزيد على 190 جهة على التعاون للحد من الاحتباس الحراري فيما يعرف باتفاقية باريس، على ألا تزيد درجة حرارة كوكب الأرض على 1.5 إلى 2 درجة مئوية بحد أقصى.
وقد رصد المعنيون بالتغيرات المناخية زيادة درجة حرارة الأرض بمعدل 1.2 درجة مئوية مقارنة بدرجة حرارتها خلال الفترة ما بين 1850 و1900، وهو ما يعني ضرورة سرعة تنفيذ إجراءات الحد من الاحتباس الحراري والتكيف مع التغيرات المناخية خلال العقد الحالي.
معضلة المناخ والطاقة الحيوية
وطبقا للبيان الصحفي المنشور في موقع يوريك ألرت (Eurekalert) يعد الاعتماد على الطاقة الحيوية، مع احتجاز الكربون وتخزينه، مصدرا للطاقة النظيفة، أمرا مهما لتحقيق أهداف اتفاقية باريس طبقا لما ذكره التقرير الأخير للجنة الدولية للتغيرات المناخية "آي بي سي سي" (IPCC).
ومع ذلك، يواجه الاستخدام واسع النطاق لمصادر الطاقة الحيوية العديد من التحديات التقنية والاقتصادية، مما قد يؤدي إلى الاعتماد على هذه الطاقة خلال النصف الثاني من القرن الحالي، وهي الفترة المتوقع تطور تكنولوجيا الطاقة خلالها.
وتكمن مشكلة صعوبة استغلال الطاقة الحيوية في عدم السيطرة على درجات الحرارة المتزايدة حاليا، الأمر الذي يؤثر سلبا في المحاصيل الزراعية، مما يحد من المواد المستخدمة كمصادر للطاقة النظيفة المستمدة من الكتلة الحيوية، فيستمر الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتزداد التغيرات المناخية سوءا.
مخاطر تأخير الاعتماد على الطاقة الحيوية
اعتمد الباحثون المشاركون بالدراسة على استخدام النمذجة للتنبؤ بتغير درجات الحرارة والانبعاثات الكربونية وخصوبة التربة، بناء على مجموعة من المعلومات الدولية.
وقد أشارت النتائج إلى أن تأخير الاعتماد على مصادر الطاقة الحيوية، مع احتجاز الكربون وتخزينه إلى عام 2060 بدلا من 2040، سوف يؤدي إلى الحد من المخلفات الزراعية، مما يسبب خفض كفاءة استخدام الطاقة الحيوية مع احتجاز الكربون وتخزينه، وبالتالي ترتفع درجة حرارة الكوكب من 1.7 درجة مئوية إلى 3.7 درجات عام 2200.
وتسهم زيادة الاحتباس الحراري في خفض الرقعة الزراعية، مما يعني الحاجة إلى زيادة التبادل التجاري الغذائي، والاهتمام بزراعة المحاصيل الغذائية على حساب المحاصيل المستخدمة في الحصول على الطاقة الحيوية، وذلك لمجابهة النقص الغذائي الحاد والمجاعات المحتملة التي تؤثر في كل دول العالم، خاصة النامية.
قرارات مصيرية سريعة لاستغلال الطاقة الحيوية
وأشار الباحثون إلى وجود "نقطة لا عودة" لن نتمكن بعدها من التكيف مع التغيرات المناخية، فالوصول إلى هذه النقطة يعني عدم السيطرة على درجات الحرارة المتزايدة، والتعرض لكوارث غذائية خطيرة، وغياب إمكانية استغلال مصادر الطاقة الحيوية.
وطبقا لعمليات النمذجة التي أجراها الباحثون، يساعد التطبيق واسع النطاق لتقنيات الطاقة الحيوية، مع احتجاز الكربون وتخزينه، ومختلف وسائل الحد من الانبعاثات الكربونية، على تجنب هذا السيناريو المؤلم، وهو ما يعني وجوب سرعة التحول إلى استغلال الطاقة النظيفة، إلى جانب محاولة تحسين خصوبة التربة نظرا للتأثر السلبي -للزراعة- بالتغير المناخي.