على هامش المؤتمر الياباني الأفريقي الثامن للتنمية.. دعم مشاريع الأقمار الصناعية المكعبة في أفريقيا

برنامج "كيبوكيوب" يتيح لعدد من المؤسسات التعليمية والبحثية في البلدان النامية إمكانات الاستفادة من الخبرات اليابانية، لنشر أقمار صناعية صغيرة مكعبة من محطة الفضاء الدولية.

الدورة الثامنة لمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في أفريقيا كان مناسبة لاستعراض تقدم برامج تطوير الأقمار الصناعية المكعبة وإطلاقها واستغلالها (مواقع التواصل)

احتضنت العاصمة تونس يومي 27 و28 أغسطس/آب الجاري أعمال الدورة الثامنة لمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في أفريقيا "تيكاد 8" (Tokyo International Conference on African Development) (TICAD 8) وهو المؤتمر المعني بكل مجالات التعاون الياباني الأفريقي.

وبالتزامن مع المؤتمر، نظمت فعاليات موازية انطلقت منذ 19 الشهر الجاري، وتتواصل حتى الثاني من الشهر المقبل، وشملت فعالية علمية كان عنوانها "التعاون الأفريقي الياباني في مجال الفضاء عامة وبناء الأقمار الصناعية المكعبة خاصة وسبل تطويره واستكشاف آفاق أرحب له".

مواضيع عدة كانت مدار بحث بين الحاضرين في الفعالية التي عقدت في 25 و26 الشهر الجاري بمدينة العلوم، ونظمتها وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (JAXA) بالتعاون مع عدد من المؤسسات الأكاديمية والصناعية، وبمشاركة ممثلين من دول أفريقية ومنظمات إقليمية ودولية، كان أبرزها: هل يعدّ بناء قمر صناعي مكعب الخطوة الأولى للدول كي تسلك الطريق نحو الفضاء؟

وكالة الفضاء اليابانية قدمت دورات مجانية ومفتوحة في مجال الأقمار الصناعية المكعبة (الجزيرة)

الأقمار الصناعية المكعبة.. تكوين مجاني ومتاح

وشهدت الأنشطة العلمية الموازية التي اهتمت بالتعاون الأفريقي الياباني في مجال الفضاء مشاركة عربية اقتصرت على تونس ومصر فقط من بين الدول العربية الأفريقية.

ومن بين الفعاليات التي شهدتها مدينة العلوم التونسية واحدة بعنوان "أكاديمية كيبوكيوب" (KiboCube Academy) جاءت بتنظيم مشترك بين مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي (UNOOSA) ووكالة الفضاء اليابانية، وكانت بمنزلة دورة مجانية ومفتوحة في مجال تكنولوجيا الأقمار الصناعية المكعبة قدّمها خبراء من اليابان، واستفاد منها أكثر من 300 مشارك.

كما انعقد في 26 من الشهر الجاري مؤتمر علمي بحث دور تكنولوجيا الفضاء في التنمية المستدامة، كان من تنظيم مخبر التجديد في خدمات الفضاء الذي يضم مؤسسات جامعية وشركات يابانية في المجال، وبالتعاون مع الجمعية التونسية للفضاء والمدرسة العليا الخاصة للهندسة والتكنولوجيا التطبيقية "إسبيتا" (ESPITA) في مدينة سوسة.

وكان اللقاء مناسبة لتسليط الضوء على أهمية تكنولوجيا الفضاء والجغرافيا الرقمية في تعزيز التنمية المستدامة.

وفي هذا السياق، تحدثت الدكتورة رحاب المسعدي رئيسة قسم الإلكتروميكانيك في "إسبيتا" عن أهمية مثل هذه اللقاءات في تمتين التعاون العلمي بين الدول، وتبادل التجارب والنقاش.

الدكتورة رحاب المسعدي: مشروع "تونس سات 1" في مرحلة اللمسات الأخيرة (الجزيرة)

تجارب عربية في الميزان

وتحدثت الدكتورة رحاب المسعدي عن مشروع "تونس سات 1" (Tunisat-1) وهو القمر الصناعي التونسي من نوع "كيوبسات" الذي فاز في فبراير/شباط الماضي بمسابقة "كيبوكيوب" الدولية للفضاء في دورتها السادسة من تنظيم الأمم المتحدة ووكالة الفضاء اليابانية، وأوضحت المسعدي -للجزيرة نت- أن هذا المشروع بلغ تقدما كبيرا وأنه في مراحله الأخيرة، مؤكدة الحرص على أن يحقق المواصفات المنشودة لإطلاقه في ظروف جيدة حسب ما هو مقرر في سنة 2023.

وبيّنت الدكتورة رحاب أن "تونس سات1" من فئة الأقمار الصناعية المكعبة، حجمه 10 سنتيمترات في 10 سنتيمترات، ووزنه كيلوغرام، وسيطلق بعد مراحل التثبت من مكوناته من المحطة الفضائية الدولية على مدار 400 كيلومتر.

كذلك أفاد محمد فريخة المدير العام لمجمع "تيلنت" (Telnet) المتخصص في صناعة البرمجيات والأنظمة الإلكترونية -للجزيرة نت- بأن القمر الصناعي التونسي "تحدي1" الخاص بإنترنت الأشياء الذي أطلق في مارس/آذار 2021 بالتعاون مع وكالة الفضاء الروسية "روس كوزموس"؛ سُجّل رسميا في سجل الأقمار الصناعية والفضاء التابع لمنظمة الأمم المتحدة، وأدخل تونس رسميا مجال عالم تكنولوجيات الفضاء، موضحا أن هذه الخطوة الأولى ستتبعها خطوات أكبر من خلال "تحدي 2″ المختص باكتشاف الأرض و"تحدي 3" المختص بإنترنت الجيل الخامس.

القمر الصناعي "تحدي 1" الذي أنجزته شركة "تيلنت" أدخل تونس مجال تكنولوجيا الفضاء (الجزيرة)

وفي محاولة منا للتوقف عند التجربة الرائدة المصرية في مجال الفضاء والتعاون مع الجانب الياباني، خصوصا أن مصر اتفقت مع اليابان على إطلاق قمر الجامعات المصرية من نوع "كيوبسات" الذي يشترك في تصميمه عدد من الطلبة تحت إشراف وكالة الفضاء المصرية، تعذر علينا الحصول على تصريح من الدكتور محمد يحيى ممثل وكالة الفضاء المصرية الذي اعتذر عن الإدلاء بأي حديث للجزيرة نت.

الأقمار الصناعية المكعبة في خدمة أغراض متنوعة

كذلك شهدت مدينة العلوم في 26 من الشهر الجاري المؤتمر الأفريقي الياباني للتعاون في تكنولوجيا الأقمار الصناعية المكعبة، وهو مؤتمر افتتحه نائب رئيس الوكالة اليابانية للفضاء ياسو إيشي الذي أشار -في تصريح للجزيرة نت- إلى برنامج "كيبوكيوب" (KiboCube) وما يتيحه لعدد من المؤسسات التعليمية والبحثية في البلدان النامية من إمكانات الاستفادة من الخبرات اليابانية لنشر أقمار صناعية صغيرة مكعبة من محطة الفضاء الدولية.

وأوضح ياسو إيشي أن "كيبو تعني الأمل، والأمل قائم في أن يصبح الفضاء متاحا للجميع"، معربا عن إعجابه بالحماسة التي وجدها لدى المهندسين والباحثين التونسيين في مجالات تكنولوجيا الفضاء"، مؤكدا أن الطرف الياباني يواصل جهوده من أجل دعم وتأطير الفريق العامل على إطلاق الكيوبسات "تونس سات-1" (Tunsat-1).

حضور فاعل للجمعية التونسية للفضاء ضمن الفعاليات الموازية لـ"تيكاد 8″ بتونس (الجزيرة)

وبخصوص المؤتمر الذي  افتتحه شخصيا، أكد نائب رئيس الوكالة اليابانية للفضاء أنه استعرض مدى تقدم برامج تطوير الأقمار الاصطناعية المكعبة "كيوبسات" وإطلاقها واستغلالها لدى عدد من الدول الأفريقية، معتبرا أنها تجارب واعدة قابلة لمزيد من التطوير.

تونس والتوق إلى إحداث وكالة فضاء خاصة بها

بدوره، عبر وزير التعليم العالي والبحث العلمي التونسي المنصف بوكثير، في ورشة عمل خصّصت لمحور "الأنشطة الفضائية في أفريقيا: التحديات والآفاق"، عن توق تونس وطموحها لإحداث وكالة فضاء خاصّة بها، مشيرا إلى أنّ المشروع قيد الدراسة من قبل مهندسين تونسيين متخصصين في هذا المجال.

هل يعدّ بناء قمر صناعي مكعب الخطوة الأولى للدول كي تسلك الطريق نحو الفضاء؟ (مواقع التواصل)

وفي هذا السياق، تشير إشراف السماوي الناطقة الرسمية باسم جمعية الفضاء التونسية -للجزيرة نت- إلى أن ندوة "تيكاد 8" تمثل فرصة لتونس لتعزيز مهاراتها في التواصل مع الدول الأفريقية التي أنجزت مشاريعها، أو هي بصدد إنجاز مشاريع تتعلّق بوكالات فضاء، مؤكدة أن تونس مدعوة اليوم لمزيد من تكثيف العمل لاستقطاب أكثر ما يمكن من العلماء ومهندسي الفضاء، من أجل أن ترسخ أقدامها في هذا المجال الحيوي الذي تتعدد أدواره وتتنوع خدمة للتنمية والعلوم والبشرية.

وشدد وزير تكنولوجيا الاتصال التونسي نزار بن ناجي، في كلمة ألقاها في الورشة ذاتها، أن تكنولوجيا الفضاء تساعد على إعداد قواعد بيانات دقيقة وحديثة، كما تسمح باتخاذ القرارات المناسبة في مسائل التنمية، خصوصا ما يتعلق بالموارد الطبيعية وحماية البيئة وإدارتها ومراقبة الأمن الغذائي، لا سيما إزاء تحديات تواجهها القارة الأفريقية تتمثل في التغيّرات المناخية وندرة المياه ونقص الطاقة وأزمة الغذاء، وتؤثر في المواطنين والشركات وفي أفريقيا بوجه عام.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي