بعد 50 عاما من البحث.. الإجابة عن تساؤل ستيفن هوكينغ حول الثقوب السوداء

إذا تأكد العلماء من صلابة هذه الفرضية الجديدة، فإنها قد تفتح بابا أوسع لحل مشكلات فيزياء الثقوب السوداء، وبالتبعية يمكن أن يساعد ذلك في فهم أفضل للانفجار الكبير وأصل الكون.

قبل نحو نصف قرن تساءل ستيفن هوكينغ عن مصير المعلومات الساقطة في الثقوب السوداء (مواقع إلكترونية)

قبل نحو نصف قرن من الآن تساءل ستيفن هوكينغ، أحد أبرز الفيزيائيين في القرن الـ20، عن مصير المعلومات الساقطة في الثقوب السوداء، حيث بدا كأنها تنقطع تماما عن الكون، مما يتسبب في مشكلة بنظرية الكوانتم.

حيث تنص النظرية على أن المعلومات لا يمكن أن تفنى أو تستحدث، ولو قررنا مثلا إلقاء فنجان من القهوة في ثقب أسود، فإن المعلومات الخاصة بكل جسيم دون ذري داخل ذرات هذا الفنجان (مثل الشحنة أو اللف أو الكتلة.. الخ)، تختفي من الكون.

خلال كل تلك الفترة، حاول الفيزيائيون من كل دول العالم تقريبا أن يتوصلوا إلى حلول لفقد المعلومات داخل الثقوب السوداء، لكن الغالبية العظمى منهم اقترحوا أنه لفعل ذلك يجب أن تحدث تحولات جذرية في نظرية الكوانتم والنظرية النسبية.

حاول الفيزيائيون من كل دول العالم تقريبا أن يتوصلوا إلى حلول لفقد المعلومات داخل الثقوب السوداء (شترستوك)

شعر كمّي

غير أن فريقا بحثيا بقيادة علماء من جامعة ساسكس البريطانية University of Sussex يرى أنه يمكن ضمن نطاق النظريات الفيزيائية الحالية، حل تلك المعضلة.

وقد نشر الفريق هذا الحل في ورقتين بحثيتين منفصلتين بدوريتي "فيزياكال ريفيو ليترز" Physical Review Letters و"فيزيكس ليترز بي" Physics Letters B، في 17 مارس/آذار الحالي. ويستند ذلك الحل الرياضياتي إلى افتراض وجود "شَعْر كمّي" للثقوب السوداء.

ولفهم الفكرة يمكن أن نرجع إلى الستينيات من القرن الماضي، حينما أوضح الفيزيائي البارز جون أرشيبالد ويلر حقيقة أن الثقوب السوداء تفتقر إلى أي سمات يمكن ملاحظتها تتجاوز كتلتها الكلية ودورانها حول نفسها وشحنها وقال عن ذلك متهكما "الثقوب السوداء ليس لها شعر"، أي ليس لها سمات دون ذلك. وأصبحت تلك الفكرة تحمل اسم "مبرهنة اللا شعر" no-hair theorem بين الفيزيائيين.

لكن بحسب بيان رسمي أصدرته جامعة ساسكس، استخدم هذا الفريق أساليب رياضية محددة تم تطويرها إلى حد كبير في جامعة ساسكس على مدى السنوات العشر الماضية، وأظهر العلماء صراحة أن مادة النجوم التي تنهار على ذاتها لتصبح ثقب أسود تترك بصمة في مجال الجاذبية المحيط بالثقب الأسود، على المستوى الكمّي، سميت تلك البصمة "الشعر الكمي".

أي معلومة تسقط إلى الثقب الأسود وتصبح جزءا من تكوينه سيظهر أثرها في مجال الجاذبية المحيط به (ناسا)

مشكلة جديدة

تختلف هذه البصمة من ثقب أسود لآخر، بحسب تكوينه، ويعني ذلك أن أي معلومة تسقط إلى الثقب الأسود (وتصبح جزءا من تكوينه) سيظهر أثرها في مجال الجاذبية المحيط به، وبالتالي تُحفظ المعلومات من الضياع داخل الثقوب السوداء.

لكن تبقى المشكلة، بحسب الدراستين الجديدتين، أن اختبار هذه الفرضية تجريبيا غير ممكن بالقدرات التي تمتلكها الفيزياء الآن، لكن رغم ذلك فإنها ستخضع للتمحيص النظري خلال السنوات القليلة القادمة.

وإذا تأكد العلماء من صلابة هذه الفرضية الجديدة، فإنها قد تفتح بابا أوسع لحل مشكلات فيزياء الثقوب السوداء، وبالتبعية يمكن أن يساعد ذلك في فهم أفضل لمتفردة الانفجار الكبير وأصل الكون.

المصدر : مواقع إلكترونية