المسافة صفر

"المسافة صفر" يكشف تفاصيل أكبر عملية سطو مسلح على أموال المركزي الليبي

كشف برنامج “المسافة صفر” عن تفاصيل أكبر عملية سطو مسلح على أموال البنك المركزي الليبي عام 2013، وقدم -عبر وثائق وشهادات حصرية- معلومات عن شبكة المتورطين الذين استولوا على شحنة أموال كبيرة.

وتعود واقعة السطو إلى تاريخ 28 أكتوبر/تشرين الأول 2013، حيث حملت طائرة خاصة شحنة من الأموال من العاصمة الليبية طرابلس مرسلة من مصرف ليبيا المركزي إلى فرعه في مدينة سرت، وبعدما أفرغت الشحنة من الطائرة ووضعت في شاحنة لنقلها إلى فرع المصرف المركزي اُعترضت فور خروجها من قبل مجموعة مسلحة قامت بسرقة الأموال بالكامل وقيمتها 53 مليون دينار ليبي، بالإضافة إلى 12 مليونا و800 ألف دولار، و5 ملايين يورو.

وفور انتشار خبر السطو على هذه الكمية الكبيرة من الأموال باشر رئيس وحدة التحري في البحث الجنائي في سرت آنذاك محمد بن عقيلة التحقيق مع الأشخاص ذوي الصلة بعملية السطو. وبالتوازي مع ذلك، وصل من طرابلس فريق آخر مكلف من المؤتمر الوطني العام والحكومة الليبية المؤقتة آنذاك لمتابعة التحقيقات برئاسة عضو المؤتمر العام وقتها محمد أبو سدرة.

وسلطت الأضواء حينها على الكتيبة المكلفة بحراسة الشحنة النقدية من المطار إلى فرع المركزي في سرت، وهي كتيبة الجالط أو الكتيبة 136 مشاة التابعة لرئاسة الأركان في الجيش الليبي، مع العلم أن سائق السيارة المكلف بنقل الأموال يدعى أحمد أبو خريص، وفرد آخر من المجموعة المكلفة من طرف كتيبة الجالط لحراسة الشحنة يدعى عمران أبو خريص.

وتطرق البرنامج الوثائقي -الذي بثته قناة الجزيرة في 2022/2/4 ويحمل عنوان "أموال سرت"- إلى تفاصيل مهمة، وكشف عن معلومات تتعلق بمجريات التحقيق وبشبكة الأشخاص المتورطين في العملية مستعينا في ذلك بوثائق وشهادات حصرية لمحققين ومسؤولين ليبيين.

وبعد تحقيقات مكثفة نجح المحققون في تحديد الموقع الذي نقلت إليه الأموال، ووصلت قوة من طرابلس لتطويق مكان وجود الأموال المسروقة والقبض على المشتبه بهم، غير أن العصابة حاولت إنهاء الحصار الذي فرضته السلطات على المكان فقامت بالتخطيط لهجوم مسلح على مقر النيابة العامة في سرت، واستمرت في استهداف المقرات الرسمية بالمدينة، في محاولة لقطع الطريق على المحققين.

ومع هروب المشتبه بهم والمتورطين عقد اجتماع طارئ في طرابلس ضم رئيس الوزراء وقتها علي زيدان، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، وأعضاء من المؤتمر العام، وهو الاجتماع الذي نتج عنه تكليف غرفة عمليات بالقبض على الجناة بدلا من قيام البحث الجنائي بذلك.

وفي 4 ديسمبر/كانون الأول 2013 ألقي القبض على 3 من المشتبه بهم في الجنوب الليبي من قبل ما تعرف بالغرفة الأمنية المشتركة "أم الأرانب"، وهم: صالح هيبة وعلي فرج وغيث عبد الحفيظ، وسلموا إلى مركز الأمن الوطني، لكن مجموعة مسلحة داهمت المركز وأطلقت سراحهم عنوة.

اتهام ودعوى قضائية 

وقد اتهم محافظ البنك المركزي الصديق الكبير رئيس الوزراء ووزير الداخلية بعدم القيام بواجبهما في عملية السطو، وقال لبرنامج "المسافة صفر" إنه يعتبرهما جزءا من عملية السرقة، كاشفا عن دعوى قضائية رفعها ضدهما، لكن رئيس الوزراء الأسبق علي زيدان نفى ذلك الاتهام، وأكد في تصريحه لبرنامج "المسافة صفر" أنه لم ترفع دعوى قضائية ضدهما، وأنهما بعد العملية أرسلا قوة في محاولة لاقتحام موقع الأموال المسروقة ولكن أعيان المنطقة وأعضاء من المؤتمر الوطني العام طلبوا إيقاف العملية حتى لا تسفك الدماء.

واللافت أن البرنامج التحقيقي تأكد -إلى حين بثه- من عدم وجود قضية السطو على الأموال في سجلات المحاكم الليبية.

ويؤكد برنامج "المسافة صفر" أن رئيس قسم البحث الجنائي في سرت محمد بن عقيلة كشف من خلال كتاب موجه إلى رئيس جهاز المباحث الجنائية عن أسماء المتهمين بعملية السطو وهم: عمار الصيد، وخالد العماري، وصالح هيبة، وسعيد الترهوني، وعادل صغير، وإبراهيم العواي.

ووفق تحقيقات النيابة العامة والبحث الجنائي، فإن عادل صغير (موظف في البنك المركزي فرع سرت) هو أحد المدبرين الرئيسيين للسطو المسلح على الأموال.

وقد تمكن برنامج الجزيرة من الوصول إلى أحد المشتبه بهم في عملية السطو، وهو أحد قادة كتيبة الجالط ويدعى صالح هيبة، والذي نفى تهمة المشاركة في العملية، لكنه اعترف بأخذ حصة من الأموال المسلوبة، وهو ما وسّع دائرة الاشتباه حول مدى تورط قادة الكتيبة في عملية السطو بدل حماية الأموال من السرقة.

يذكر أن كتيبة الجالط تنتمي لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، حيث ينحدر أكبر منتسبيها من قبيلة الفرجان، وهم أبناء عمومة لحفتر.