الطوارق – أقدام على رمال ساخنة
الشاهد

الطوارق بين معركة الهوية وممارسات الإقصاء

تتناول الحلقة قصة شعب الطوارق الذي ولد والرمل فى العيون, شعب تتقاذفه الصحاري فى متاهات بلا عنوان, ويتآمر عليه الحكام تهميشاً وإلغاءً.

– الطوارق أقدام على رمال ساخنة
– ثورة الطوارق وإرث داياك النضالي

– الطوارق.. شعب الأسياد والعبيد

undefined

الطوارق أقدام على رمال ساخنة

الحبيب الغريبي: في أحضان الصحراء وُلدت الأسطورة وإليها ترتد، برغم قساوة الطبيعة ووحشة الفضاء وبرغم جور الجغرافيا والحكام معا بقوا صامدين على ظهور جِمالهم رافدين طوعا ترك صحرائهم مخافة التشرد في أدغال المدن وحضارة ناس المدن. الطوارق اسم لا طالما صار فضول المؤرخين فراحوا ينبشون عن دلالته الألسنية وكثير منهم من اكتفى بإسقاط نظرة أنثروبولوجية بحتة على هذه القبائل دون استكناه حقائق المجتمع وظروفه الواقعية اجتماعيا وسياسيا، العدد إجمالا يزيد عن ثلاثة ملايين قليلا موزعين بنسب متفاوتة بين خمسة دول إفريقية على الأقل هي تشاد، ليبيا، الجزائر، مالي، بوركينا فاسو والخامسة هنا في النيجر حيث العدد الأكبر وحيث قصدنا مكان تجمعهم الرئاسي أغادير، عاصمتهم المفترضة وبوابة الصحراء الكبرى. ما تُجمع عليه الكتابات العربية في الفترة الوسيطة أنه كان لهذه القبائل دور بارز في نشر الإسلام، كما عُرف الطوارق بمقاومتهم الشرسة للمستعمِر مما أدى لاحقا إلى بلقنة المنطقة وإعادة رسم حدودها بحيث يكون مجتمع الطوارق مشتتا بين دول عدة لا يستطيعوا تحقيق ذاته في أي منها. ميامي العاصمة محطة لابد منها للانطلاق إلى الأعماق وحول هذا النهر، نهر النيجر، الذي يمتد لأكثر من ستمائة كيلو متر داخل أراضي البلد تتمحور حياة أغلب السكان. ولعل هذا النهر هو الهبة الوحيدة لهم في محيط جغرافي عدائي ثلثاه صحراء قاحلة طقسها جاف وأمطارها شحيحة. والنيجر أحد أفقر البلدان في العالم وقد صُنف من قِبل الأمم المتحدة في المرتبة المائة والثالثة والسبعين من حيث مؤشر التنمية البشرية بفارق مرتبة واحدة عن ذيل القائمة. وقد أُحصيت نسبة 65% من السكان يعيشون تحت خط الفقر و85% منهم لا يتجاوز دخلهم اليومي دولارين، مع نسبة تزايد سكاني مرتفعة تصل إلى 3.5% ومعدل حياة لا يتجاوز 47%. في عمق هذا الحرمان تعيش أجناس وأعراق عديدة لعل أهمها من حيث الثقل الديمغرافي قبائل الهوسا التي تُشكل نصف العدد والزارما فالطوارق. وخلافا للتصنيفات التنموية التقليدية شمال غني، جنوب فقير تظهر الآية معكوسة في النيجر، فالمناطق الشمالية هي التي تُعد الأكثر حرمانا في هذا البلد. وللوصول إلى هذا الشمال كان لابد من سلك هذا الطريق حوالي ألف كيلو متر ثلثها مهترئة ومحفورة مسافة لا يقل زمن قطعا عن عشر ساعات دون توقف. مع التباشير الأولى للفجر شددنا الرحال إلى أرض الرُّحَل وبدأت تتوارد إلى الخاطر أسئلة حائرة عن سر تمسك هذه القبائل بحياة البداوة ومنهم من هو على مرمى حجر من المدنية وكيف يُفسَّر هذا الزهد في الرفاه مهما كان نسبيا ومفاضلته بكثبان الصحراء تغوص فيها الأقدام العارية وترتفع فيها الهامات بفخر وخيلاء، لن تكون هناك إجابة أفضل مما قاله مانو داياك أحد زعماء الطوارق الكاريزميين نحن شعب وُلدنا والرمل في عيوننا وسيبقى بداخلها إلى مماتنا. عندما اقتربنا من أغاديز بدأ المشهد يتغير كليا، تضاريس الأرض جفافها وأشياء أخرى كثيرة، صاح مرافقنا ريسا بكثير من الاعتزاز مرحبا بكم إلى أرض الطوارق، كانت الشمس مائلة إلى الغروب عندما وصلنا إلى أغاديز، من فوق بدت مدينة طينية بالكامل بما فيها مسجدها الذي بُني على شكيلة مسجد تومبوكتو في مالي. افتراضا يمكن اعتبار أغادير عاصمة قبائل الطوارق لأنها بوابتهم إلى الصحراء الكبرى باتجاه التينيري وجبال لايير حيث يتمركز عدد كبير منهم. ومن هنا كانت ومازلت قوافلهم تنطلق إلى طمرست في أقصى الجنوب الجزائري وإلى ليبيا ومالي مُحملة بالملح لتعود بالقمح والتوابل. وكما كانت أغاديز مفترق طرق حيوية لتجارة المنطقة فهي مازالت إلى اليوم تمثل محطة هامة ومركز وصل مع العديد من الحواضر الأخرى في منطقة الساحل الإفريقي، قد لا تعني ليالي المدينة شيئا بقدر ما تعنيه صباحاتها حيث تبدأ دائما دورة الحياة الحقيقية. هنا النبض الحقيقي لحياة سكان المدينة وهنا تكمن ثرواتهم الحقيقية، لا تنتظر أن يُفاخر أمامك أحد الطوارق بما يملك من أرض أو بيت أو ولد بقدر تفاخره بعدد إبله وجِماله. ويُعد النيجر أحد البلدان الغنية بثروتها الحيوانية حيث معظم السكان قائمون على تربية الماشية مما يجعلهم مجتمعا رعويا بامتياز وفي العموم فإن القطاع الفلاحي هو الركيزة الأساسية لاقتصاد البلد فـ 45% تقريبا من الناتج الوطني الخام تتأتى منه في حين لا أثر يذكر تقريبا للصناعة باستثناء ما تدره مناجم اليورانيوم من عائدات بدت تتناقص في الفترة الأخيرة لتدني الأسعار في السوق العالمية. إذا كانت الصحراء هي الفضاء الطبيعي للطوارق عموما فإن قلة منهم اضطروا إلى النزوح للمدينة بعد أن سُدت في وجههم سبل العيش بفعل الجفاف وقلة المرعى، منهم من عاش على الهامش ومنهم من نجح في الاندماج كليا ووُفق في بعث مشاريع تجارية صغيرة لا تعدو أن تكون في الغالب محلات بسيطة لبيع بعض السلع الاستهلاكية أو عربة متنقلة على قارعة الطريق ومع أنه لابد لعجلة الحياة أن تدور فإن الإحساس الغالب لدى الطوارق هو أنهم بصدد الانزلاق غصبا عنهم نحو مهاوي المدنية الزائفة كما يصفونها وأن فلسفة وجودهم أصلا أصبحت في خطر.

"
الطوارق شعوب رحل يعيشون على تربية الماشية وثقافتهم قائمة على فلسفة الترحال، يسهل التعرف إليهم وذلك لخصوصية سُحنتهم وهم يضعون اللثام الذي يعتبر رمزا له تاريخ طويل
"
            محمد أنداندو

محمد أنداندو– مستشار بيداغوجي: ما يجب التنبيه إليه هو أن الطوارق جاؤوا على موجات متعاقبة لم يأتوا كلهم في الوقت نفسه، في البداية كانت هناك مجموعة أولى وفدت قبل القرن العاشر وسرعان ما اختلطوا بالسكان السود حسب ما يقولوا المؤرخون. ويمكن القول إن الطوارق من السهل التعرف إليهم وذلك لخصوصية سُحنتهم وهم يضعون اللثام الذي يعتبر رمزا وله تاريخ طويل. ثم إن هذه الشعوب هي من الرحل الذين يعيشون على تربية الماشية وثقافتهم قائمة على فلسفة الترحال وتعتبر المساحات الصحراوية التي يتحركون فيها جزءاً هاما من حياتهم لذلك نقول إن الطوارق مرتبطون ارتباط شديد بالحرية وهو معطى أساسي في منظومة الحياة لديهم.

الحبيب الغريبي: كان يوما عاصفا تعرّت فيه الأرض ومارست الرمال رقصتها المفضلة فكادت الرؤية تنعدم تماما وفي وحشة المكان يسري اليقين بأنها أرض منزوعة السكان لولا طيف من بعيد يدل على أن هنا نبض حياة. وفي فترات الصحو القصيرة يسود الانطباع المخادع بأن للأفق نهاية وما هو إلا سراب يُضلل العيون. ومع كل توغل تتكشف أكثر قتامة الصورة، أرض شقوقها غائرة وبقايا هياكل عظمية لماشية قضت جوعا وعطشا ومَن بقي من العائلات لا أمل له سوى انتظار رحمة السماء فيما شد آخرون الرحال إلى المدن الكبرى بحثا عن الطعام لهم ولماشيتهم، هذه إحدى الطقوس القارة في يومياتهم بل إنها تستنفذ يومهم بالكامل، حول هذا البئر اليتيم في قلب البرية يلتقي الجميع بشرا وغنما في احتفالية يؤسس إيقاعاتها ثغاء الجمال ومشهد الدلو ينسكب منه الماء في هذه الأحواض الصغيرة. ولا حرج هنا أن يشترك الجميع في الشرب من نفس الحوض، هنا الأدوار موزعة بدقة ولا مجال للتراخي أو التواكل، لا فرق بين ذكر وأنثى ولا مفاضلة بين رجل وامرأة في المجتمع الترجي، بل إن المرأة غالبا هي المؤتمنة على الأعمال الشاقة وهي محور الأسرة وقلب الرحى حتى في وجود الرجل الذي غالبا ما يغيب عن الأنظار شهورا طويلة في رحلة القوافل الموسمية. وحسب التقاليد الأسرية السائدة فإن الأطفال من الذكور هم في عُهدة أعمامهم إلى أن يُدركوا سن البلوغ وهو المسؤول عنهم والراعي لهم. بعد أن تشرب الحيوانات تُملأ القرب بالماء وتُربط على بطون الحمير إيذانا بالاستعداد للرحيل. المهمة من بدايتها تُقسَّم على مجموعات عمل تداول على كافة مراحل العملية حتى الأطفال الذين توكل إليهم عادة مهمة جر الدواب لاستخراج الماء من جوف البئر، إلى هذا البئر يأتون مع مطلع كل صباح ليعودوا والمغرب على الأبواب وغداً يوم جديد بذات الطقوس وبنفس العناء.

ثورة الطوارق وإرث داياك النضالي

على هذه الأرض الجرداء كانت تتراكم لسنوات وطأة الحرمان والشعور الحاد للطوارق بأنهم ضحية سياسة تمييزية يمارسها الحكام وأطراف دخيلة أخرى بغية إلغائهم وضرب انتمائهم الثقافي في الصميم، فكان لابد لهم أن يُعلوا صوتهم في انتفاضة تردد صداها في أوساع الصحراء بدأ كل شيء في مطلع التسعينات مع تكرر حوادث القمع ضد المدنيين الطوارق وكانت مجزرة تشينتا بارادن في منطقة جبال لايير التي يقول الطوارق إنها حصدت أرواح ستمائة ضحية القطرة التي أفاضت الكأس فانتظموا في خلايا مسلحة تحت قيادة جبهة اللازاواد واللايير وأعلنوا ثورتهم المسلحة، كان يلزم حوالي خمس سنوات كي تهدأ النفوس وينزل الثوار من الجبال لعقد اتفاقية لوقف إطلاق النار مع الحكومة النيجرية، عاد بموجبها المقاتلون إلى حياتهم الطبيعية عسى أن يؤتي السلام ثماره، سليمان هو واحد من هؤلاء كان هاجر قبل الثورة إلى ليبيا في إحدى التغريبات الطارقية والتحق بعد عودته مباشرة بصفوف المسلحين والآن يعتبر وضعه مجرد استراحة محارب.

سليمان– مقاتل سابق: قامت الثورة في بدايتها على كل الأرض النيجيرية وبمشاركة جميع مكونات الشعب وليس الطوارق فقط. ولكن مع بداية سنة 1990 عند الانطلاقة الفعلية للحرب انحصرت المسألة في قبائل الطوارق الذين لم ينخرطوا بتاتا في الحياة السياسية المحلية، استمرت الثورة ردحا من الزمن إلى أن حصل اتفاق السلام بين الحكومة والثوار وقد تضمنت الاتفاقية المبرمة شروطا من جانبنا لم توفِ الحكومة إلى الآن إلا بجزء منها، لا أجزم أننا قد نعود لحمل السلاح مرة ثانية أو لا نعود لأنه ليس بأيدينا نحن فقط اتخاذ مثل هذا القرار فالأمر متروك لأبنائنا إذا ما تعرضت حقوقهم لأي تهديد ومع ذلك فإن المسألة تهم كافة أبناء النيجر.

الحبيب الغريبي: عندما اندلعت الانتفاضة المسلحة للطوارق كان سقفها واطئا نسبيا ولكن محمولها السياسي تطور سريعا ليفضي إلى مطالب أقلها الفدرالية وأكثرها راديكالية وطن للطوارق في ظل دولة مستقلة، كان المفاوضون موقنين بأن الطرح غير واقعي لذلك قبلوا بمبدأ إقرار اللامركزية الإدارية ومنح الطوارق هامشا واسعا نسبيا في تسيير شؤونهم المحلية.

"
عندما اندلعت الانتفاضة المسلحة للطوارق كان مطلبهم الرئيسي دمجهم في هياكل ومؤسسات الدولة
"
            أكولي داوال

أكولي داوال– رئيس بلدية أغاديز: المطلب الرئيسي للثوار كان دمجهم في هياكل ومؤسسات الدولة، من هذا المنطلق وكما هو الشأن بالنسبة لبقية النيجريين، كل حسب كفاءته، فإن فرص الحياة أصبحت متساويةً للجميع ولم يعد هناك مجال للحديث عن إقصاء أو تهميش يستهدف قبائل الطوارق بالذات. لست أدري إذاً ومع كل هذه التطورات إن كان هناك من سيُشكك في هذه المكاسب ولكن أعتقد أن هذا لن يحصل في ظل سياسة اللامركزية المتبعة حاليا وهي كما قلت كانت المطلب الأساسي للمتمردين. من هنا وطالما أن الناس أصبحوا مسؤولين عن أنفسهم مسؤوليةً مباشرة من خلال انتخاب ممثليهم فالمسألة أصبحت بأيدينا ولا علاقة لها بالسلطة المركزية.

الحبيب الغريبي: هو القائل إننا وُلدنا والرمل في عيوننا مانو داياك أحد أكثر الزعماء الطوارق كاريزمية، إليه يعود الفضل في التعريف بالقضية على نحو واسع أثار اهتمام الغرب وأكسبه وُدهم. كان سياسيا بامتياز وقائدا عسكريا أيام الثورة حمّل قضيته كل أشواقه الروحية ورسم أحلامه برومانسية فريدة في العديد من كتبه ومؤلفاته. لم يُسعفه القدر في أن يُكمل المسيرة فمات في منتصف الطريق عندما انفجرت الطائرة التي كانت تُقله في رحلة داخلية بين أغاديز ونيامي، حادثة مازالت الشكوك تحوم حولها إلى الآن مثلما يؤكد كذلك ابن شقيقته ريسا ويضيف أن ما قدمه داياك لشعبه سيبقى إرثا نضاليا تتناقله رجال الطوارق لتبقى القضية حيةً على الدوام في الضمائر والنفوس.

فالتو ريسا– ابن شقيقة مانو داياك: إن كاريزمية هذا الرجل نابعة أساسا من كرمه وقدرته على التواصل مع الآخرين وحبه لشعبه وتعلقه بثقافته كما كان حساسا جدا لمعاناة من حوله في ظروف طبيعية قاسية وفي مناخ سياسي لم يكن ملائما لاندماج شعب الطوارق. وقد ترك مانو رفاقا واعين تماما بالغايات النبيلة لنضالهم والمتمثلة أساسا في مساعدة محتاجين وتأطير عموم الطوارق من خلال تحديث المجتمع على صعيد التعليم وزيادة الوعي لديهم بضرورة الارتقاء إلى مراتب أفضل. وما بقي لنا أيضا من إرث داياك هو نشوتنا بحريتنا رغم أننا عشنا فترات سوداء من الإقصاء وسلب الحريات. ما هو مهم اليوم انه أصبحت لدينا القدرة على المطالبة بخصوصيتنا ضمن خصوصيات المكونات الأخرى لمجتمع النيجر، هذا برأيي المكسب الكبير الذي تحقق لنا، حريتنا التي يتوجب علينا الحفاظ عليه بعد سنوات من الظلم والقهر وبعد حرب دامت ستة أو سبعة سنوات كاملة.

الحبيب الغريبي: هذا فجر جديد لم تشرق شمسه بعد ومع ذلك بدأ دبيب الحياة ومبتدأ اليوم كما منتهاه دوما هنا نار ورائحة حطب، مع هذا التوقيت تبدأ رحلة العناء اليومية للمرأة الطارقية للتواصل فصولها على مدار الساعة وحول هذه الخيمة التي ينحشر بداخلها الجميع مهما كان عددهم يتشكل مشهد الحياة اليومية للطوارق وهنا تتولى المرأة الدور الأبرز فيما يغادر الرجل لمطاردة أغنامه وإبله، هكذا تسير الأمور، تقسيم وظيفي اقتضته الظروف واقتضاه العُرف السائد لدى هذه القبائل، أما الأطفال فهم يَنشؤون منذ صغرهم على رعاية الماشية أو جمع الحطب ويبقى الطريق إلى المدارس بالنسبة للبعض منهم ضربا من الخيال وأحيانا مضيعة للوقت ليس كرها للعلم والمعرفة ولكن لاستحالة الأمر بكل المقاييس.

[فاصل إعلاني]

الطوارق.. شعب الأسياد والعبيد

الحبيب الغريبي: على أدين هذه الأرض المتحركة التي صارت عليها أقدام الطوارق جيلا عن جيل ولمئات السنين تتقاطع حقيقتان في منتهى الإثارة والتناقض الأولى أن يكون هذا شعب الأحرار والأسياد مثلما يصوره لهم مخيالهم الشعبي الجماعي والثانية وهي تماما خارج سياق أدبياتهم بالكامل أن يكون عبيدا ومستعبدين بعضهم لبعض صحيح أن الرق قد زال رسميا بمنطق القوانين والتشريعات ولكنه في الواقع لا زالت له ضلال ثقيلة في هذا البلد، هذه إحدى المظاهرات التي عمّت كافة مدن النيجر تقريبا احتجاجا على اعتقال رئيس إحدى الجمعيات المدنية الناشطة في مجال حقوق الإنسان والمناهضة للعبودية، هكذا قيل لنا باختصار وعندما استقصينا الأمر اتضح ما أعجزنا عن التصديق فهذا التحرك بالأساس هو للتنديد بظاهرة العبودية التي تقول الجمعية إنها مستشرية في المجتمع النيجري، كان لابد أن نمسك بهذا الخيط للوصول إلى الحقيقة ومعرفة ما خفي من تفاصيل الحكاية. وعندما تحدثنا إلى مَن بقي طليقا من أعضاء هذه الجمعية كشفوا لنا ما سمَّوه مستورا وعرضوا علينا خلاصة دراسة معمقة أجروها سنة 2004 بالاشتراك مع المنظمة العالمية لمناهضة العبودية، بينت أن هناك أكثر من ثمانمائة ألف عبد في عموم النيجر من ضمنهم عشرات الآلاف في مجتمع الطوارق القائم أصلا على تركيبة طبقية مؤلفة من الأسياد والأتباع. وتقول الجمعية إن ما أضفى على هذه الدراسة مصداقية أكبر هي رسالة وصلتها مؤخرا من أحد أعيان الطوارق في شمال البلاد يعرض فيها رغبته في تسريح سبعة آلاف عبد دفعة واحدة.

"
العبودية في النيجر حقيقة وقد أصبحت قضية وطنية وكل شرائح المجتمع المدني تقف للتنديد بوجود هذه الممارسة واستمرارها
"
            ألسان راليو

ألسان راليو- الأمين العام لجمعية "تيميدريا": العبودية في النيجر حقيقة وقد أصبحت قضية وطنية وكل شرائح المجتمع المدني تقف وقفة واحدة للتنديد لوجود هذه الممارسة واستمرارها. إن العدد المقدر للأشخاص الرازحين تحت نير العبودية في النيجر وفق الدراسة التي أعددناها سنة 2002 هو بحدود ثماني مائة ألف شخص، لدينا حالات ملموسة وحديثة العهد عن أشخاص نجحوا في الهروب من هذه الوضعية مثل حالة هذه المرأة التي كانت تعيش في منطقة تاوا وتحديدا في إقليم أبالاك ربما تلتقونها في طريقكم إن أردتم الوصول إليها، هذه المرأة اسمها اسيبت.

الحبيب الغريبي: تسلحنا بالصورة وانطلقنا نسأل ونستقصي في رحلة بحث قادتنا إلى مجاهل ومتاهات، كان دليلانا متعاونين إلى أقصى حد، كان لابد أحيانا من الإطلاع على بعض الخرائط لتحديد المنطقة على الأقل في انتظار العثور على عنوان الإقامة. كان علينا أولا أن نصل إلى مدينة تامايا في طريق عودتنا من أغاديز وما تبقى من عناوين تُرك للصدفة والصدفة قادتنا إلى بعض الخيام المتناثرة بجانب الطريق الرئيسي حيث أعطونا معلومة بأن اسيبت العبدة الهاربة قد تكون هناك، عرضنا الصورة وشرحنا الموقف، قالوا عليكم أن تذهبوا إلى السوق وربما تجدونها هناك وقد تطوع أحدهم لمرافقتنا وهكذا بدأت دورة بحث جديدة. لم يطل بنا التوهان هذه المرة كانت وكأنها تنتظرنا على جانب الطريق هذه أخيرا اسيبت، امرأة في الخمسين من عمرها رغم أن هيئتها وترهل جسدها يوحيان بما هو أكثر بكثير، قالت لنا فيما بعد إنها سارت ثلاثين كيلومتر على رجليها في رحلة هروبها من عالم العبودية قبل حوالي سنة وأنها مستعدة للسير أكثر إذا كان هذا هو ثمن الحرية. كانت في منتهى سعادتها وهي تتضاحك مع رفيقاتها رغم كل البؤس والشقاء الذين يلفانها، إنها الحرية يا جماعة هذا ما كانت تردد رغم أنها لم تستوعب بعد معنى هذه الكلمة. وعندما سألناها كيف ستفعلين لتتنعمي بهذه الحرية؟ أجابت بأنها ستراقب الناس لتفعل مثلهم.

اسيبت: لقد عشت سنوات طويلة من عمري وأنا أعتبر وضعي طبيعيا ربما لأنني لم أعرف طعما آخر لحياة أخرى، الآن عندما أتذكر الماضي أمقت نفسي وأدرك أن ما عشته لم يكن طبيعيا بل شكلا بشعا من أشكال العبودية والاسترقاق، تخيلوا أنني كنت أنقل خيمة السيد أربع مرات في اليوم حتى ينعم بالظل في حين أنني أحترق بأشعة الشمس كما أنني لم أتلقَ يوم أي مقابل، لقد كان هروبي أفضل عمل قمت به في حياتي، صحيح أنني في حالة فقر مدقع ولا أجد أحيانا قوت يومي ولكنني سعيدة بحريتي.

الحبيب الغريبي: وهي تتحدث كانت نظرتها تستنجد أحيانا بأحد أبنائها عله يسعفها ببعض الشهادات الأخرى عن معاناة كان شريكا فيها هو الآخر مع باقي أفراد العائلة.

اسيبت: ولدت في العبودية ونشأت عليها تماما كما نشأ والدي من قبلي لم أعرف حياة أخرى غير التي عشتها في ظل أسيادي وكذلك الشأن بالنسبة لزوجي وأطفالي الخمسة كنت أقوم بكل الأعمال الشاقة دون اعتراض ودون أن يكون لي أدنى حق في الراحة أو النوم.

الحبيب الغريبي: ومع تعاقب الأسئلة كانت تكتفي بسرد الوقائع وذكر التفاصيل دون أن تنطق صراحة بالإدانة أو الاتهام علها كانت تشك في أن حريتها مؤقتة.

اسيبت: تلك الليلة كان المطر غزيرا والرياح قوية أمرني سيدي بالوقوف في العراء والإمساك بالخيمة حتى لا تقع، بدأت يداي ترتجف حتى خارت قواي ولم أعد قادرةً على الاستمرار، فقررت الهروب ولجأت إلى جمعية تيميدريا حيث وجدت خلاصي وحريتي.

الحبيب الغريبي: مع كل كلمة كانت تقولها اسيبت ومع كل صرخة مكتومة بداخلها كانت تعود صور قاتمة من الزمن البعيد عندما استبيح سكان هذه القارة وغربت عليهم شمس الحرية. هنا في إفريقيا نُسجت أولى خيوط العبودية وتجارة الرق في غفلة كبرى من الزمن ومن هنا كانت البواخر تنطلق عبر المحيطات إلى الأراضي البعيدة محملة بأعداد كبيرة منهم وبعضهم يصمد إلى الآخر وبعضهم يسقط في منتصف الطريق. وعادةً ما تتم عملية البيع والشراء على السواحل الإفريقية حيث ينشط تجار الرقيق بشكل خاص لتسويق بضاعتهم وبوسائل إغرائية عديدة. ولعل من أهم مراكز هذه التجارة في إفريقيا مدينة كيب كوست الغنية حيث تُعقد الصفقات الكبرى ويتم التسلم والتسليم على أن جزيرة غوري السنغالية تبقى الرمز لكل هذه التراجيديا حيث يُسجن العبيد فيها لبعض الوقت قبل بيعهم. والنيجر لم يكن شاذا عن هذه القاعدة أيامها بل إن الظاهرة استمرت إلى فترة الخمسينات زمن الاستعمار الفرنسي وحتى بعده بقليل رغم أنها أُلغيت في القوانين والتشريعات قبل ذلك بوقت طويل. هذه أبالاك إحدى القرى الصغيرة في النيجر ومحطة أخرى اتسعت فيها أكثر دائرة بحثنا عن ضحايا هذه الممارسة، كان الاعتقاد أن اسيبت حالة فردية ومعزولة قد لا يقاس عليها لتعميم الفكرة ولكن هنا في أبالاك ظهر جزء آخر من الصورة وبدأت تتراكم النماذج، حدّثنا بعض الناشطين الحقوقيين عن حالة مماثلة لعائلة بأكملها كانت رازحةً إلى وقت قريب تحت العبودية، إلا أن الجدة تمكنت من الهروب أخيرا وتبعها أفراد أسرتها ولما لم يجدوا سقفا يستظلون به تبرعت لهم منظمة تيميدريا بهذه الخيمة حتى لا يتشردوا في الشوارع. عندما اقتربنا وتفحصنا التفاصيل المشهد بدا وكأن الجميع خارجون لتوهم من معركة خارقة تركت بصماتها على الوجوه والنظرات وألقت بثقلها على أجساد منهكة، لم يكن تذمرا ما سمعناه منهم رغم أن الحالة مدعاة حقيقية لذلك وأكثر وربما لأن السيئ عادة ما يقاس بالأسوأ والأسوأ ولى بلا رجعة الآن غير أن شبحه مازال يطارد ويعلق بالذاكرة.

أمة من الطوارق: ما أعرفه أنني وُلدت وكبرت في هذه الظروف مُسخَّرة بالكامل كما كان الشأن بالنسبة لوالدتي لخدمة سيد البيت وعائلته، كنت أحيانا أسأل إن كان الأمر طبيعيا؟ ويأتيني الجواب بأنه كذلك ولا فائدة في محاولة التغيير، كانت التعليمات تقضي بأن لا نخرج من البيت إلا إذا كان لعمل شاق نكلف به، زِد على ذلك ما تعرضت له من إهانة وضرب.

الحبيب الغريبي: وعندما سألناها إن كنت تخشى ظهور مخدومها من جديد في حياتها وحياة أبنائها لم تبدِ أي ضغينة تجاه، فيما انبرت ابنتها الكبرى لتروي فصولا أخرى من قصتها مع العبودية.

ابنة أمة الطوارق: لم أكن أدرى وقتها أن الوضع الذي كنت عليه هو وضع عبودية، كنت أظن أن هذه هي حياتي التي اختارها لي القدر مهما كانت مريرة، لم أكن أحظى بالراحة ولم يكن يُسمح لي بالخروج بتاتا وكنت أعمل دون مقابل، الآن أحمد الله أستطيع أن أنام متى أريد وأخرج متى أريد وهذا يكفيني.

الحبيب الغريبي: تتشابه الشهادات والتجربة واحدة وتجد ظاهرة العبودية في النيجر بالخصوص جذورها في التاريخ والعرف والتقاليد التي أفرزت ثقافة طبقية قامت على تقسيم المجتمع إلى نبلاء وخدم، أسياد وعبيد، مما رسّخ اليقين الجماعي بأن المسألة طبيعية وأن القدر هو الذي شاء ذلك.

ألسان راليو: العبد ليس لديه وعي بالوضع الذي يعيشه لذلك فنحن نحاول ما وسعنا تحسيس هؤلاء بضرورة كسر القيود التي تُكبلهم وإعلان العصيان على هذه الوضعية. وبالنسبة لهم العبد لابد أن يطيع سيده ولا أمل له في الدخول إلى الجنة، إذا لم يفعل فهو مرغم على الخضوع لإرادة سيده يفعل به ما يشاء وحتى الأطفال فهم عبيد عند السيد يتصرف فيهم بحسب مشيئته ومزاجه، هذه هي الحقيقة.

أكولي داوال: أعتقد أن هناك قدرا من المبالغة على هذا الصعيد، لا أقول إنه لا توجد حالات من بقايا العبودية في بعض المناطق النائية في الصحراء ولكن ليس في التجمعات المتحضرة لمجتمع الطوارق، ثم إن القول بوجود سبعة آلاف عبد في منطقة سكانية لا يتجاوز عددها الإجمالي عشرة آلاف لا يستقيم منطقيا. الطوارق البيض إذا اعتبرنا أنهم نبلاء وأسياد لا يزيد عددهم عن خمسين، إذاً كيف يجوز أن يتحكم خمسون في رقاب سبعة آلاف ونحن في القرن الواحد والعشرين؟ هذا غير جائز إطلاقا ولا يمكن تبريره.

الحبيب الغريبي: العنوان حي كوبيا في ضواحي نيامي العاصمة نحن هنا أمام حالة أخرى شبيهة إلى حد كبير بقصة اسيبت، كان على هذه المرأة أن تركض مسافة ثلاثين كيلومترا هي أيضا للهروب من مخدوميها واللجوء إلى جمعية مناهضة العبودية وعندما أودعوها هذه الغرفة الطينية هي وطفلها الرضيع أحست أخيرا أنها تحررت من قيودها وأنها قادرة على إسماع صوتها وكشف ما كان مسكوتا عنه.

أمة ثانية من الطوارق: كنت طفلة صغيرة عندما وعيت على حياة العبودية، لم أعرف شيئا من قبل لذلك فقد اعتبرت الأمر طبيعيا وأن قدري هو أن أكون خادمة لأسيادي واستمرت معاناتي أكثر من عشرين سنة كنت خلالها أقوم بكل الأعمال الشاقة وحتى إذا صادف ومرضت يضربونني ويقولون لي إنك تكذبين وأتحامل على نفسي حتى لا أُحرم من لقمة العيش ثم إنني لم أكن أتقاضى أي مقابل مالي عدا النذر القليل من الطعام والشراب وهو حال الكثيرات مثلي. في يوم من الأيام ساءت حالتي النفسية جدا عندما أقدم مخدومي على ضربي فقررت الهروب لطلب النجدة من السلطات المحلية ثم جاؤوا بي إلى هنا، كانت تلك المرة الأولى التي أبكي فيها في حياتي فرحا بحريتي وشوقا إلى حياة جديدة لا أحد فيها يستعبد الآخر أو يُسخره لخدمته أما المرة الثانية التي بكيت فيها فهي عندما كنت أفكر في سنوات محنتي أنني يتيمة الأبوين وإذا مت فسأموت نكرة ولا أحد سيفتقدني.

الحبيب الغريبي: صحيح أن خلاص هؤلاء النسوة كلهن من رقة العبودية كان بالأساس رغبة إرادية وقرارا فرديا إلا أن منظمة تيميدريا كانت المحفزة على كسر جدار الصمت وأحد الأطراف الرئيسية في تحريك هذا الملف الأسود. وفي إحصائياتها فإن هناك آلاف الحالات الأخرى على امتداد النيجر وخاصة في مناطقه النائية جدا التي لم تصلها المدنية بعد. ولا تقتصر الظاهرة على البالغين بل تشمل الأطفال أيضا بحكم تبعيتهم للأب أو الأم مما يطيل أمد هذه الممارسة ويُجذر تقاليدها في المجتمع. قد تكون قصة العبودية مشغلا غير رئيسيا بالنسبة لعامة الطوارق وهي لا تُطرح بهذه الحدة التي يتميز بها طرح الآخرين خارج المجتمعات الإفريقية اعتبارا لخصوصية الثقافة الاجتماعية السائدة وللتركيبة الطبقية التي قامت عليها العلاقات والروابط، السؤال الأصعب لديهم هو ما مصيرهم في ظل المد الزاحف للمدنية والعولمة؟ هل هم ذاهبون بأرجلهم إلى الذوبان والانبتات أم بمقدورهم الصمود أكثر وبأي أدوات يمكن لهم ذلك؟ ثم ما سقف المكاسب التي سيحققها لهم السلام بعد أن تركوا السلاح وقبلوا بالتسوية؟ وقبل ذلك كله هل الضريبة ستكون هجرهم لصحرائهم والترجل عن ظهور جمالهم؟

محمد أنداندو: من الواضح أن الطوارق تطوروا اليوم هم أيضا وربما غصبا عنهم لأن النظام الاقتصادي قد تغير وحتى البيئة التي يعيشون فيها تغيرت هي الأخرى، كانت هناك موجات جفاف حادة سنة 1968 وقبل ذلك أيضا، لكن إذا ما اتفقنا اليوم على القول بأن شعب الطوارق مهمش فهذا صحيح وأعتقد أنها ليست سوى معركة لابد من خوضها وجدير بالقول إن الطوارق سبق وأن ثاروا لأسباب اقتصادية وكانت ثورتهم أيضا ضد بيئتهم حينما لم يعودوا قادرين على العيش فيها وهنا كان الخيار أمامهم صعبا.

أكولي داوال: أعتقد أن هاجس التهميش والإقصاء الذي يغذى ذهنية الطوارق وإحساسهم بأنهم ضحية ممارسة تمييزية لم يعد له مبررا حاليا. لا أجد أين يمكن أن تكون هناك مثل هذه الممارسات التمييزية التي قد تؤدى إلى إعادة النظر في اتفاقية السلام الموقعة كما لا أدري لماذا هناك شعور دائم بأن الطوارق هم أقل اندماجا ومواطنة من الأعراق الأخرى في المجتمع النيجري؟

الحبيب الغريبي: بقدر أتراحهم بقدر ما هم قادرون على الفرح قد يهجرونها يوما ولكنهم يعودون إليها أياما هذه الصحراء. وحتى من حملته الرياح بعيدا وأغرته أضواء المدنية غالبا ما يعود صاغرا إلى حيث أصوله ومنبته. الطوارق وخلافا للشعوب الأخرى رغم أنهم ضحية هذه الصحراء فهم عشاقها الأبديون، استوطنوها وخبروا أسرارها وتشكلت على كثبانها هويتهم وثقافتهم الفريدة. صحيح أن ما تناقلته الكتابات عن هذا الشعب أنه لا يُقايض حريته بأي ثمن ومن أجل هذه الحرية أشعلها ثورة ذات مرة للتنبيه إلى أنه رقم صعب في هذه المنطقة ولا مجال لإلغائه. ولكن بحكم التطور الذي طرأ وبحكم الاحتكاك المتزايد مع العالم الخارجي بدأت تظهر مرونة في التعاطي مع متطلبات الحداثة الجديدة وقبول لفكرة كسر الطوق الذي يضربونه على أنفسهم وحالة الانعزال التي اختاروها، كان هذا ما حاول الدعوة إليه بعض الزعماء المثقفين والمتنورين من الطوارق وفي مقدمتهم مانو داياك الذي فتح الصحراء بأوسعها للثقافات الأخرى وسعى إلى إخراج شعبه من ظلمات العزلة إلى نور الحضارة العصرية. ولكن إلى مدى سينجح الجيل الجديد في أداء هذه الرسالة في هذا المفترق الزمني الصعب؟ على الرمال المتحركة وُلدت أسطورة هذا الشعب وإليها ترتد رغم الإيقاعات المدوية للحداثة وعولمة الكون. غداً سترقص الرمال رقصتها المفضلة وستجد القوافل نفسها في عين العاصفة، لقد جار عليهم الجميع وكادوا يُبددون حلمهم في الانفراد والتفرد

بثقافتهم وإرثهم وفلسفتهم في الحياة ولكن لم يُحنوا أبدا رؤوسهم للعاصفة وغاصت أقدامهم أكثر في كثبان الرمال هؤلاء الملثمون.