خارج النص

"300 يوم في إسرائيل".. تجربة كاتب سوري مع الأسر

كتاب خيري الذهبي وُصف بوثيقة ذاتية ونادرة في أرشيف الحرب بين العرب وإسرائيل، ويسرد فيه الكاتب خطة أسره من خطوط الهدنة بالجولان السوري حينما كان ضابط ارتباط مع الأمم المتحدة ممثلا عن الجيش السوري.

يروي الكاتب السوري خيري الذهبي في كتابه "من دمشق إلى حيفا.. 300 يوم في إسرائيل" وقائع الهزائم العربية بمواجهة إسرائيل وما وقع معه خلال 300 يوم من الأسر في إسرائيل.

فمع بداية حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 بين إسرائيل من جهة ومصر وسوريا من جهة أخرى تقترب سيارة إسرائيلية من نقطة مراقبة للأمم المتحدة وتعتقل ضابطا سوريا، وبعد 40 عاما من الحادثة، يسرد الذهبي خطة أسره من خطوط الهدنة في الجولان السوري حينما كان ضابط ارتباط مع الأمم المتحدة ممثلا عن الجيش السوري في خريف عام 1973، وذلك عندما قررت سوريا ومصر خوض حرب استرداد لأراضيهما المحتلة منذ عام 1967.

وقد قدم كتّاب ونقاد في حديثهم لحلقة (2022/2/13) من برنامج "خارج النص" قراءات متباينة حول كتاب " من دمشق إلى حيفا.. 300 يوم في إسرائيل".

فالكاتب والشاعر عمر شبانة يرى أن خيري الذهبي كتب رواية واقعية، وتطرق من خلالها إلى عدة مسائل، منها سوريا في ظل حكم آل الأسد وحضور إسرائيل في المشهد العربي والسوري خصوصا.

ووفق شبانة، فإن الكتاب يقدم سيرة سوريا كبلد بعد الاستقلال، حيث كان ينتظر أن يكون ديمقراطيا وحضاريا، لكنه فوجئ بأن حزب البعث ضرب قلب سوريا في العمق، لتصبح سوريا مزرعة لعائلة آل الأسد.

أما الناقد الأدبي أنطوان شلحت فأشار إلى أسلوب الكتابة الأدبية في الكتاب، لكنه لا يرى أنها رواية بالمفهوم المتعارف عليه، ويرى أن ما يستشف من الكتاب أنه أقرب إلى وجهة النظر الشخصية.

وتحدث تيسير سليمان -وهو أديب وأسير سابق- عن إسقاطات الكاتب السوري الفكرية والعقائدية على الأحداث والتي قال إنها كانت واضحة، وكان بإمكانه سردها تاريخيا بدون تعليق أيديولوجي.

اليهود العرب

شكلت صورة اليهود العرب في الذهنية العربية وأسباب هجرتهم من بلدانهم الأصلية وذهابهم إلى فلسطين إحدى ركائز الكتاب الأساسية وأبرز نقاط الجدل فيه.

وحول هذه النقطة، يقول الكاتب والشاعر شبانة إن خيري الذهبي لم يبرر لليهود العرب ذهابهم لإسرائيل؛ بل أدان الأنظمة العربية التي دفعتهم لهذه الهجرة، ويشير إلى أن الصهيونية مارست دورا كبيرا في التعاون مع الأنظمة العربية في دفع اليهود العرب للهجرة.

ويختلف الكتّاب والنقاد في قراءة لنقطة أخرى وردت في الكتاب تتعلق بصراع العقل والغيبيّات لدى الأسرى، حيث يقول الكاتب إنه انتصر في هذا الصراع للعقل، وهو ما اعتبر استخفافا بروحانيات قد تعين الأسير على الصمود.

وبينما يعتبر الكاتب ماجد عزام أن صاحب كتاب "من دمشق إلى حيفا" كان يفترض أن يبدي احتراما لمعتقدات الناس، وأن الروحانيات والعبادات مهمة جدا للأسير، يرى عمر شبانة أن موقف الكاتب من المعتقدات طبيعية باعتباره كاتبا علمانيا.

ومن جهة أخرى يعيب تيسير سليمان على الكاتب تطرقه بشكل سريع لدور البطولة التي قام به الحيش السوري خلال الأيام الأولى للحرب عام 1973، بقوله إنه لم يقدم حالة من البطولة وأن جيشه وصل لأراضي كانت قد احتلت منه لسنوات، معتبرا أن المسألة تحتاج بحثا عن سبب هذا التغييب.

ويخلص الناقد الأدبي أنطوان شلحت إلى أن أهمية الكتاب لا تكمن في كونه يقدم فقط صورة عن تجربة الأسر وعرض التساؤلات والتشخيص، ولكنه حاول عرض تساؤل؛ وهو ما العمل من أجل مواجهة هذا الكيان الإسرائيلي؟