الجزيرة نت في غازي عنتاب.. مدينة متداعية والخوف يسكن الناجين من الزلزال

مواطنون في غازي عنتاب يفترشون الشوارع - الجزيرة نت
مواطنون في مدينة غازي عنتاب يفترشون الشوارع خوفا من العودة إلى منازلهم المتداعية (الجزيرة)

غازي عنتاب- خاوية على عروشها بدت غازي عنتاب جنوبي تركيا، وكأنها مدينة أشباح. أحياء بكاملها متداعية وتخلو من السكان، من بينها حي الإبراهيمي ومسال بارك وكرطاش، حيث لا يكاد المرء يرى أي شخص في الشوارع، مع إغلاق شبه تام للمتاجر والمحلات والمطاعم والمؤسسات الحكومية.

وكانت هذه المدينة من بين أكثر المناطق المتأثرة بالزلزال الذي ضرب جنوب تركيا فجر الاثنين الماضي، ومنذ ذلك الحين انقلبت حياة الناجين في ظل الكارثة -التي ضربت 10 ولايات وتأثر بها بشكل مباشر أكثر من 13 مليون نسمة- يتدبرون أحوالهم بما توفره لهم جهات الإغاثة والهيئات التطوعية أفراداً وجماعات.

وفي ظل استمرار الهزات الارتدادية وتحذيرات إدارة الكوارث والطوارئ للمواطنين من الدخول إلى المناطق المنكوبة، أصبح من المألوف أن ترى عائلات كاملة تتخذ من سياراتها ومن الحدائق العامة ملجأ لها بعيداً عن منازلها التي تأثرت بالزلزال وخوفا من هزات جديدة.

احد المواطنين يقوم بتجهيز خيمة لعائلتة في أحد الحدائق- الجزيرة نت
تجهيز خيمة اضطرارية بإحدى الحدائق (الجزيرة)

في الحدائق العامة

وعلى امتداد الطرق في غازي عنتاب، تلمح العشرات من السيارات التي يتخذها أصحابها مأوى لهم، من بين هذه الأسر التقت الجزيرة نت عائلة أكرم يافوز والمكونة من 11 فرداً، وتمتلك سيارتين.

وقال يافوز "أصبحت هذه السيارات الملجأ لعائلتي التي تضم أمي وأبي وشقيقي وزوجته وزوجتي و5 أطفال". وأضاف "هذه السيارة أصبحت هي المنزل، نظل بها في المناطق المفتوحة بعيدا عن البنايات، واصطحب الأسرة للمبيت فيها".

أما أسرة كمال الدين المكونة من 40 فردا، فقد اتخذت من خيمة نصبوها على مقاعد الحديقة المجاورة ملجأ لهم، حيث قاموا بتغطيتها لكي تكون صالحة للإقامة فيها وأصبحت مأوى لهم في برد الشتاء القارس.

وتعتمد هذه العائلة على دورات المياه العمومية لقضاء حاجتها، وما يزال أفرادها ينتظرون المعاينة الهندسية لمنازلهم لكي يعودوا اليها. وقال كمال الدين للجزيرة نت "نتعايش على ما هو متاح لدينا ونحاول إشعال الحطب بالقرب منا للتدفئة" بينما تتناول العائلات الطعام المتاح لها من جبن وخبز وغيرها من الأشياء البسيطة.

حملات إغاثة

وتنشط عدد من الجهات الحكومية والمنظمات الإغاثية بغازي عنتاب في تقديم الدعم للمتضررين لتخفيف آثار الكارثة. وأعلنت هيئة الاتصالات نشر عدد من محطات التقوية المتحركة بعدة مناطق لدعم خدمة الاتصالات التي تأثرت بالزلزال.

من جانبها، قامت شركات الاتصالات بتوفير خدماتها بشكل مجاني لمدة أسبوع في الولايات العشر المتضررة لتيسير التواصل بين أهالي هذه المناطق.

وقال فاتح نماز الذي يعول عائلة مكونة من 20 فرداً "نعتمد على ما تقدمه هيئات الإغاثة من الطعام والشراب، وكنا نتخذ من السيارات مأوى ولكننا الآن ذهبنا لمنزل أقاربنا المكون من طابق واحد ويحوي غرفتين لأنه لم يتضرر كثيرا". وأشار إلى أنهم اضطروا إلى ذلك بالرغم من المخاطرة لأن الأسرة لديها مسنون وأحد أفراد العائلة من ذوي الاحتياجات الخاصة.

بنايات خالية من السكان في أحد احياء غازي عنتاب - الجزيرة نت
أحد أحياء غازي عنتاب (الجزيرة)

ويظهر التأثير المباشر للزلزال بشكل جلي في غازي عنتاب، حيث الخدمات الحكومية مغلقة بشكل شبة كامل. أما على مستوى البنوك، فقط اشتكى المواطنون من توقف الخدمات المصرفية في عدد من البنوك سواء عمليات إيداع أو سحب الأموال، بالرغم من إعلان جمعية البنوك التركية مواصلة تقديم الخدمات المصرفية دون انقطاع عن طريق ماكينات الصراف الآلي.

وفي السياق ذاته، قامت مؤسسة البريد بتزويد المدينة بعدد من سيارات الخدمة المتنقلة وماكينات الصراف الآلي بالشوارع وأمام مكاتب البريد.

مواطنون يتخذون من مقاعد الحدائق خيام لهم - الجزيرة نت
الأهالي يحتمون من برد الشتاء بما تبقى لهم من متاع قليل (الجزيرة)

إغاثات سريعة ومعاينة المباني السليمة

يذكر أن الحكومة التركية أعلنت تجهيز أكثر من 8 آلاف خيمة، وتسعى لرفع العدد إلى 25 ألفا، بالإضافة إلى سعيها لتركيب 15 ألف حاوية بمنطقة إصلاحية داخل غازي عنتاب لإيواء المتضررين.

وتسعى وزارة الإسكان والبيئة لمعاينة المباني بالمناطق المنكوبة من قبل مهندسين متخصصين لتثبيت البنايات السليمة والسماح لسكانها بالعودة إليها، في ظل الخوف الشديد من جانب الأهالي من العودة لمنازلهم مع استمرار الهزات الارتدادية والتي أدت لسقوط عدد من البنايات فوق رؤوس قاطنيها الأربعاء الماضي.

ولا تزال إمدادات الغاز متوقفة إلى الآن، مع استمرار توريد المنشآت الحيوية -وخاصة المستشفيات- من خلال شركات إمداد الغاز الطبيعي.

المصدر : الجزيرة