وقف إسلامي في القدس منذ عهد عثمان بن عفان.. هكذا استخدم الاحتلال روايته التوراتية لتهويد عين سلوان

6-جزء بسيط من المسار المائي لعين سلوان التاريخية(الجزيرة نت)
جزء من المسار المائي لعين سلوان التاريخية (الجزيرة نت)

القدس المحتلة ـ مع مرور الوقت يشعر كل من يزور حي وادي حلوة ومنطقة العين في بلدة سلوان في القدس بالتغيرات الكبيرة التي حلت على المكان بسبب تغلغل الاستيطان ودخول المزيد من المشاريع الاستيطانية حيز التنفيذ.

فلم يخطر ببال أحد من سكان بلدة سلوان المجاورة للمسجد الأقصى يوما أن دخولهم إلى عين سلوان التاريخية سيكون منوطا بشراء تذكرة من جمعية "إلعاد" الاستيطانية التي تضع يدها على هذا المعلم التاريخي منذ نحو عقدين.

ومع الاستيلاء مؤخرا على "أرض الحمراء" المجاورة للعين ازدادت الأمور تعقيدا؛ إذ لجأت سلطات الاحتلال قبل أيام لإغلاق الأرض الموصلة للعين والمسجد وروضة الأطفال من الجهة العلوية ببوابة إلكترونية، وبطبيعة الحال لا يمكن الوصول إلى هذا المجمع من جهة أرض الحمراء، وهكذا منع الوصول إلى المنطقة من جهتين وبقيت طريق ضيقة واحدة مفتوحة لكن السكان يرجحون أن ذلك لن يدوم طويلا.

12-البوابة الإلكترونية التي تم وضعها على مدخل الأرض المجاورة لمسجد العين ومدخل العين القديم (الجزيرة نت) (1)
البوابة الإلكترونية التي تم وضعها على مدخل الأرض المجاورة لمسجد ومدخل العين القديم (الجزيرة نت)

بركة الطهارة

في جولة للجزيرة نت في المكان، نلاحظ أن اللافتات التي ثبتتها بلدية الاحتلال كتب على إحداها بكل من اللغة العربية والإنجليزية والعبرية "شارع طريق العين"، لكن على بعد أمتار مقابل هذه اللافتة ثبتت لافتات ضخمة مؤخرا حول أرض الحمراء المستولى عليها وكتب عليها باللغتين العبرية والإنجليزية "موقع حفر أثري.. بركة الطهارة".

وفي الرواية التوراتية التي تمررها جمعية "إلعاد" الاستيطانية للسياح المحليين والأجانب تدّعي أن هذه العين هي عين "جيحون" التي ورد ذكرها في التوراة، وأن النبي داود جعل مدينة القدس عاصمة لقبائل إسرائيل وأن نجله سليمان بنى الهيكل في موقع المسجد الأقصى ليكون مطلا على "مدينة داود".

وبالتالي تتركز الشروحات للسياح خلال جولتهم في المسار المائي على ربط العين بفترتي الهيكل الأولى والثانية مع تثبيت فكرة أن الحجاج الذين ترددوا على الهيكل قديما تطهروا بمياه عين سلوان قبل صعودهم نحوه.

1-أسيل جندي، سلوان، القدس، مدخل عين سلوان التاريخية الذي تسيطر عليه جمعية العاد الاستيطانية ولا يمكن الدخول سوى بتذكرة (الجزيرة نت) (1)
مدخل عين سلوان التاريخي الذي تسيطر عليه جمعية إلعاد الاستيطانية (الجزيرة نت)

آخر مسامير التهويد

عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان فخري أبو ذياب استهل حديثه للجزيرة نت بالقول إن سلطات الاحتلال لم تكتفِ بنصب بوابة إلكترونية على مدخل الأرض المجاورة للعين بل أيضا أغلقت مدخل ومخرج نفق المياه التاريخي ببوابة وأقفال حديدية مع استمرار تجاهل كون هذا المعلم يعد وقفا إسلاميا منذ عهد الخليفة الراشدي عثمان بن عفان.

ولا تقلق سكان البلدة الانتهاكات المتعلقة بالاستيلاء على المعالم الأثرية وتهويدها فحسب، بل أيضا التغلغل الاستيطاني في حي وادي حلوة الأقرب للمسجد الأقصى المبارك، ووفقا لأبو ذياب فإن عدد السكان الفلسطينيين في هذا الحي يبلغ نحو 6500 نسمة مقابل 1217 مستوطنا يعيشون في 56 بؤرة استيطانية، وتتراوح البؤرة بين غرفة وبناية.

وبالإضافة للمستوطنين الذين يقطنون بقوة الاحتلال في هذا الحي فإن ألف مستوطن يعملون موظفين في "مدينة داود" أو مراقبين أو حراسا في البؤر الاستيطانية ويقضون ساعات طويلة في الحي يوميا مما يضاعف من معاناة المقدسيين.

وفي خضم ما يمر به المسجد الأقصى المبارك من محاولات تهويد واعتداءات يومية فإن أبو ذياب يؤكد على أن خطوة إقامة "بركة الطهارة" في أرض الحمراء المجاورة لعين سلوان التاريخية هي الأخطر لأنها "تسبق إقامة الهيكل الثالث، حيث يُشترط التطهر في هذا المكان قبل الصعود إليه".

2-أسيل جندي، سلوان، القدس، مدخل عين سلوان التاريخي
مدخل عين سلوان التاريخي (الجزيرة نت)

استخدامات تاريخية

ولا يراقب هذا الناشط المقدسي ما يجري في بلدة سلوان بعين المتابع لأحداثها بل بصفته شخصا ينحدر من هذه البلدة وعاش طفولته وشبابه ويعيش شيخوخته في حي البستان المجاور للعين.

وخلال نبشه لشريط ذكريات طفولته قال "أشم رائحة أمي في مياه العين الجارية التي كنا نشرب ونسقي كافة مزروعات حي البستان منها، وأذكر أن كل من كان يرزق بطفل يحرص على غسله في مياهها التي يعتبرها أهالي المدينة مياها مقدسة ويطلقون عليها زمزم القدس".

ولا تنفَّذ المشاريع الاستيطانية على سطح الأرض، بل تمتد إلى باطنها وفقا للباحث في شؤون الاستيطان "أحمد صب لبن" الذي تطرق لمشروع "نفق مسيرة الحجاج"، حيث يهدف الاحتلال من خلاله لربط عين الماء في سلوان بمنطقة حائط البراق عبر نفق يُشيّد أسفل منازل المقدسيين في وادي حلوة، وتُسجل بين الفينة والأخرى انهيارات أرضية وتشققات في هذا الحي بسبب الحفريات المتواصلة.

المصدر : الجزيرة