هل يتحالف السنة والأكراد مع الإطار لتشكيل حكومة عراقية بغياب التيار الصدري؟

هل ستستطيع أي حكومة دون التيار الصدري الصمود والاستمرار؟ وما خيارات التيار في حال تشكلت حكومة بدونه؟ وهل سيلجأ إلى الشارع؟

التيار الصدري كان مصرا على تشكيل حكومة أغلبية وعندما لم يتمكن من ذلك استقال أعضاؤه من البرلمان (الجزيرة نت)

لا تزال آمال تشكيل الحكومة العراقية بعيدة المنال بعد أكثر من 8 أشهر على الانتخابات التشريعية التي أجريت في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ رغم عشرات المبادرات التي طرحتها مختلف القوى السياسية لم تفلح أي منها في إذابة الجليد بين تحالف إنقاذ وطن المكون من التيار الصدري وتحالف السيادة السني والحزب الديمقراطي الكردستاني من جهة وبين تحالف الإطار التنسيقي وشركائه من جهة أخرى.

عنوان الخلاف بين الطرفين كان إصرار الأول على تشكيل حكومة أغلبية، إلا أن الثلث المعطل للإطار التنسيقي حال دون ذلك في أكثر من جلسة برلمانية، مما حدا بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى مفاجأة الجميع من خلال استقالة نوابه في مجلس النواب البالغ عددهم 73 نائبا.

ومع قبول رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي الاستقالة باتت العديد من الأسئلة تطرح عن الوضع المستقبلي وفيما إذا كان شركاء الصدر في تحالف إنقاذ وطن سيتحالفون مع الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة أم لا، وهل ستستطيع أي حكومة دون التيار الصدري الصمود؟ وما خيارات الأخير؟ أسئلة كثيرة لا يعلم العراقيون إجابات لها حتى الآن.

صورة حصرية مرسلة من قبله - المحلل السياسي - عماد باجلان
باجلان اعتبر أن هناك إمكانية لتحالف الحزب الديمقراطي والسيادة مع الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة (الجزيرة نت)

موقف تحالف إنقاذ وطن

في غضون ذلك وتعليقا على هذه الاستفسارات، يجيب الباحث السياسي الكردي عماد باجلان بأن هناك إمكانية لتحالف الحزب الديمقراطي والسيادة مع الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة أو ذهابهما للثلث المعطل، لافتا إلى أنه من السابق لأوانه استباق الأحداث.

وتابع باجلان المقرب من الحزب الديمقراطي الكردستاني في حديثه للجزيرة نت أن العديد من الاتهامات التي وصفها بـ"الخطيرة" وجهت إلى الحزب الديمقراطي وتحالف السيادة في الفترة الماضية، فضلا عما وصفه بـ"التأييد" للقصف الإيراني على أربيل (مركز إقليم كردستان العراق) قبل أسابيع مع إرسال مجموعات مسلحة نحو المواقع الحيوية في أربيل، وبالتالي هناك جملة من المشكلات التي لا تزال دون حل.

وبالذهاب إلى التيار الصدري، يرى الباحث السياسي زياد العرار في حديثه للجزيرة نت أن تحالف السيادة والديمقراطي الكردستاني يمكن له أن يتحاور مع بقية الأطراف لتشكيل الحكومة، معتقدا أنه في حال حصول ذلك فإن شركاء التيار الصدري السابقين سيرفعون سقف مطالبهم، ولا سيما أن جميع الكتل السياسية لا ترغب بحله.

أما تحالف السيادة فإنه ومع امتناع نوابه عن الحديث لوسائل الإعلام جاء موقف رئيس البرلمان العراقي ورئيس حزب تقدم الذي كان شريكا في تحالف إنقاذ وطن أكثر دبلوماسية، ففي تغريدة لمكتبه الإعلامي قال محمد الحلبوسي ردا على استمرارية الانسداد السياسي "ستمضي الإجراءات الدستورية فيما لو اكتمل عدد أعضاء مجلس النواب وتعويض المقاعد الشاغرة، ومن المفترض أن يزول الانسداد السياسي".

رئيس مركز التفكير السياسي د. (إحسان الشمري (الجزيرة نت)
الشمري يرى أن تحالف السيادة والديمقراطي الكردستاني بات في أضعف حالة سياسية (الجزيرة نت)

المصالح السياسية

ومع دخول العراق في مرحلة من السيناريوهات المتعددة اعتبر رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري أنه بعد انهيار تحالف إنقاذ وطن فإن تحالف السيادة والديمقراطي الكردستاني بات في أضعف حالة سياسية، وبالتالي سيعيد هذا التحالف التموضع السياسي في طبيعة التعامل مع الإطار التنسيقي، ولا سيما مع وجود مصالح لتحالف السيادة في الحفاظ على كتلته البرلمانية ومنصب رئيس البرلمان الذي قد يكون مهددا.

وفي حديثه للجزيرة نت، تابع الشمري أن الديمقراطي الكردستاني قد يتجه هو الآخر للتوافق مع الاتحاد الوطني الكردستاني (منافسه التقليدي في كردستان) وحسم مرشح منصب رئيس الجمهورية والتوافق على الرئيس الحالي برهم صالح، معتقدا أن الحكومة ستكون لصالح القوى الخاسرة في الانتخابات، وأن الإطار قد يعهد بتشكيل الحكومة للمستقلين، مما قد يخفف الضغط.

أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيان بأربيل علي أغوان فاعتبر أنه من الصعوبة أن تشكل تحالفات جديدة لتشكيل الحكومة، مع الأخذ بالاعتبار أن التيار الصدري يعد فاعلا سياسيا ويمتلك أدوات مهمة، منها ما هو شعبي وآخر مسلح، مما قد يشكل عائقا أمام أي تحالفات مستقبلية.

ويكشف أغوان للجزيرة نت عن اعتقاده بإمكانية عدم اشتراك بعض القوى ضمن تحالف إنقاذ وطن في تشكيل حكومة دون التيار انطلاقا من عدم رغبتها في الوقوف مع الإطار التنسيقي في مواجهة التيار الصدري.

السراج اعتبر أن تشكيل أي حكومة عراقية لا يتطلب بالضرورة مشاركة التيار الصدري (مواقع التواصل)

الإطار التنسيقي

في غضون ذلك ولقراءة موقف الإطار التنسيقي، يعتقد رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية عدنان السراج أن هناك إمكانية حقيقية للكتل السياسة المنضوية ضمن تحالف إنقاذ وطن للتحالف مع الكتل السياسية الأخرى لتشكيل الحكومة، مضيفا أن تشكيل أي حكومة عراقية لا يتطلب بالضرورة مشاركة التيار الصدري.

ويضيف السراج في حديثه للجزيرة نت أن التيار انسحب من حكومتي المالكي بين 2006 و2014 وحكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، إلا أنه أكد أن مشاركة التيار الصدري في أي حكومة ستسهم في نجاحها.

صورة مرسلة من قبله - الباحث السياسي - زياد العرار
العرار: لا يمكن تشكيل حكومة دون التيار الصدري إذ إن التيار هو الكتلة الأكبر برلمانيا والأكثر تأثيرا جماهيريا (الجزيرة نت)

برلمان الخاسرين

يرى العديد من الباحثين أن أي حكومة ستشكل دون التيار ستكون حكومة برلمان الخاسرين، وتعليقا على هذه الحيثية وبالعودة إلى عماد باجلان حيث يجزم أن أي عملية سياسية دون مشاركة التيار الصدري لن تنجح، وفي حال تشكيل الحكومة دونه فإن عمرها لن يتجاوز 40 يوما وأنه لا مستقبل للحكومة.

ويذهب في هذا المنحى زياد العرار المقرب من التيار الصدري، حيث يعلق قائلا إنه لا يمكن تشكيل حكومة دون التيار الصدري، إذ إن التيار هو الكتلة الأكبر برلمانيا والأكثر تأثيرا جماهيريا، وفي حال تشكلت حكومة دونه فإن عمرها التنفيذي لن يكون طويلا، معتقدا أن الكتل السياسية الأخرى ستلجأ إلى مزيد من المفاوضات لأجل حلحلة المشكلة التي نتجت عن استقالة نواب التيار الصدري.

ويؤيد هذا الطرح رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري الذي يرى أنه لا إمكانية لاستمرار الحكومة دون التيار الصدري، ولا سيما مع الكتلة الشعبية للتيار، فضلا عن عوامل أخرى، منها أنه في حال خروج مظاهرات شعبية فإن جميع القوى السياسية ستتخلى عن الحكومة، معتقدا أن التيار الصدري سيعتمد على القاعدة الجماهيرية لمعارضته أي حكومة تشكل بدونه.

صورة حصرية - استاذ العلوم السياسية في جامعة بيان - الدكتور علي أغوان
أغوان رجح تعطل البرلمان أو تجميده خلال الأسابيع القادمة واستمرار حكومة تصريف الأعمال الحالية (الجزيرة نت)

إمكانية حل البرلمان

وفي ما يتعلق بإمكانية حل البرلمان يبدو أن أغلبية الكتل السياسية لا ترغب في ذلك، إذ يستبعد السراج حل البرلمان نتيجة رفض أغلبية الكتل السياسية، فضلا عن أن حله سيتسبب بتغيير الخريطة السياسية داخل البرلمان، حيث يرى أن كثيرا من الكتل السياسية لن تستطيع الحصول على عدد المقاعد النيابية ذاته الذي تحظى به حاليا، مضيفا أسبابا أخرى، من بينها أن حل البرلمان يتطلب تعديل قانون الانتخابات وإجراء انتخابات جديدة تتطلب أشهرا عديدة، مما سيؤدي إلى إبقاء حكومة مصطفى الكاظمي واحتجاجات شعبية، حسب قوله.

وتعليقا على هذا الشأن كرديا، يقول عماد باجلان إن العرف السياسي يسود على القانون والدستور، وبالتالي يتوجب على القوى السياسية محاولة إقناع الكتلة الصدرية للعودة إلى البرلمان، ولا سيما مع وجود خلافات بين أطراف الإطار التنسيقي في ما يتعلق بالاستعاضة عن نواب التيار بآخرين، مؤكدا أن مقتدى الصدر وضع الجميع في موقف حرج.

اما أستاذ العلوم السياسية علي أغوان فيرى أن فرضية تعطيل البرلمان أو تجميده تشريعيا من قبل الكتل السياسية هي الأرجح خلال الأسابيع القادمة، مما سيعطي أفضلية لحكومة تصريف الأعمال التي يقودها مصطفى الكاظمي، ولا سيما مع امتلاكه الكثير من الصلاحيات المالية التي تمخضت عن تشريع قانون الأمن الغذائي.

المصدر : الجزيرة