زعيم جبهة الخلاص بتونس للجزيرة نت: نضالنا ليس من أجل عودة النهضة للحكم بل لعودة الديمقراطية

أحمد نجيب الشابي: سعيّد يعول أكثر على الدولة العميقة التي تمكنه من بسط إرادته، فضلا عن استثماره في انقسام النخب بين مؤيد ومعارض ومذهول ومحبط لا يحرك ساكنا

الشابي دعا القوى الديمقراطية لتجاوز خلافاتها مع النهضة لإسقاط "الانقلاب" (الجزيرة)

تونس- بعد تشكيله لتكتل سياسي وحزبي معارض للرئيس التونسي يكشف زعيم جبهة الخلاص في تونس أحمد نجيب الشابي في حوار مع الجزيرة نت عن آخر مشاوراته من أجل توسيعها، كما يعلن موقفه من صدور الأوامر الرئاسية الأخيرة ويجيب عن الاتهامات التي تطاله بالعمل على عودة النهضة للحكم.

  • لو ننطلق بصدور الأمر الرئاسي الخاص بدعوة الناخبين للاستفتاء وحسم الرئيس أمره في إقصاء الأحزاب من مشاورات الحوار الوطني حتى ممن ساند "إجراءات 25 يوليو"؟

هذا يؤكد مرة أخرى أن الرئيس لا يستمع لأحد، لا لمعارضيه ولا حتى لمن سانده في توجهه، وأنه ماض في مشروعه الذي يهدف لتفكيك النظام السياسي الذي أرساه دستور 2014، وهو الآن بصدد انتهاج سياسة الهروب إلى الأمام رغم توسع عزلته الداخلية وتصاعد حجم الرفض والسخط الشعبي والسياسي ضده.

باعتقادي أن سعيد فقدَ كل مبرر قانوني أو دستوري لوجوده على رأس السلطة بعد انقلابه على الشرعية الدستورية، وبالتالي بتنا في أمسِّ الحاجة لتكوين قوة سياسية بديلة لأنه يستفيد حاليا من أمر وحيد وهو الفراغ السياسي الداخلي، وعلى هذا الأساس قامت جبهة الخلاص الوطني التي تعمل اليوم على تجميع وحشد القوى المؤمنة بالديمقراطية وبقِيم الثورة.

  • كيف تقبّلتم إعلان اتحاد الشغل رفضه المشاركة في خارطة الطريق التي أعلنها سعيد لمشروع "الجمهورية الجديدة" وإبداء تحفظاته عليها؟

هو دون شك موقف إيجابي يحسب للمنظمة الشغيلة، لأنه يقف بوجه الإرادة الانفرادية والإقصائية لقيس سعيد، ويساعد للذهاب نحو حوار وطني جامع يفتح الطريق للخروج من الأزمة الخانقة التي تعيشها البلاد.

  • هل من قنوات اتصال حالية مع المنظمة الشغيلة؟

حاليا لا توجد أي قنوات اتصال رسمية، نقطة خلافنا مع اتحاد الشغل أنه وضع نفسه تحت سقف "إجراءات 25 يوليو" ويراها مشروعة حتى لو انتقدها أو طالب بتحسين شروط التفاوض مع الرئيس، بينما نراه نحن انقلابا واضحا على الدستور، لكن رغم ذلك لدينا يقين بأن احتدام الأزمة الاجتماعية سيفرض على قيادات اتحاد الشغل التموقع الصحيح.

  • قلت إن سعيّد ماض في فرض سياسة الأمر الواقع رغم تصاعد حجم الرفض لمشروعه.. على ماذا يعوّل الرئيس في كل ذلك؟

الرئيس يستفيد بكل تأكيد من عدة عوامل، منها واجب التحفظ والحياد الذي يتحلى به الجيش والأمن التونسي رغم اعتقادي بأنهم يشعرون بالحرج إزاء خروجه عن الشرعية، وأشدد هنا على أنه ليس من باب مسؤوليتنا دعوة هاتين المؤسستين الأمنيتين للتمرد أو تعويض القوة السياسية الداخلية، ولكن نعتقد أن انهيار الوضع الاجتماعي والسياسي سيضع الجميع أمام مسؤولياته.

باعتقادي أيضا أن سعيد يعوّل أكثر على الدولة العميقة التي تمكنه من بسط إرادته، فضلا عن استثماره في انقسام النخب بين مؤيد ومعارض ومذهول ومحبط لا يحرك ساكنا.

  • تحدثت عن حياد الجيش لكن هناك من معارضي الرئيس من يرى أن المؤسسة العسكرية خرجت ولو بشكل غير مباشر عن حيادها حين أغلقت مؤسسة البرلمان بدبابة؟

الجيش أخذ حينها بعين الاعتبار أن سعيد هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وأنه استند على فصل من فصول الدستور وعلى التجاوب الشعبي الذي وقع ليلة 25 يوليو/تموز، وهذا طبعا لا يؤاخذ عليه لكن بكل تأكيد المؤسسة العسكرية الوطنية تراقب الأوضاع التي تسيئ لكل التونسيين.

  • تتقاطعون مع أحزاب وقوى سياسية بخصوص توصيف "الانقلاب" والدعوة لإسقاطه، لكن نفس هذه القوى تتحفظ على دعوات انخراطها في جبهة الخلاص بسبب وجود النهضة وائتلاف الكرامة.. كيف تتعاملون مع هذه النقطة؟

هذا ما حصل فعليا، مع الأسف قوى ديمقراطية تقاسمنا نفس الهواجس والمخاوف لم تستطع أن تتجاوز تلك الاعتبارات وبقيت سجينة الصراع مع النهضة حين كانت في السلطة، وبالتالي هي مدفوعة بعوامل أيديولوجية وسياسية، وما لم تدركه الأحزاب الديمقراطية أن النهضة لم تعد في الحكم بل أصبحت جزءا من القوى المدافعة عن عودة الشرعية.

  • هل تزعجكم الاتهامات التي تطالكم وتقدح في ماضيكم السياسي النضالي بعد وضع اليد في اليد مع النهضة وبأنكم تعملون على عودة "الإسلام السياسي" للسلطة؟

لا نناضل في جبهة الخلاص من أجل عودة النهضة للحكم، وإنما من أجل عودة الديمقراطية للبلاد، وليتذكر هؤلاء أني كنت سابقا خصما لدودا لها، أيضا أذكّر هؤلاء أني لو أردت أن أستثمر في دعم النهضة لي للتموقع كما يزعمون لفعلت ذلك لمّا كانت هي في سدة الحكم.

أقول إن حقيقة علاقاتي بالنهضة أثبتتها الوقائع، وهي أنه كلما كانت الديمقراطية في امتحان ومحنة كنتُ في الصفوف الأمامية للدفاع عنها بغض النظر عن أي حزب أو توجهه.

  • الآن ما الخطوات المنتظرة، وهل ستغيرون من أشكال النضال بعد مضي الرئيس في مشروعه السياسي؟

نحن بصدد مواصلة نضالنا السلمي، والتغيير لا يتم بعصى سحرية، ونعمل حاليا في إطار اجتماعاتنا الشعبية في أكثر من محافظة تونسية على كسب ثقة المواطنين ودعمهم وانخراطهم في الجبهة، وليس من سبيل لمقاومة الانقلاب إلا بالتحشيد وتنظيم المسيرات.

المصدر : الجزيرة