بعد موافقتها على العمل بجوازات صنعاء.. هل منحت الحكومة اليمنية الحوثيين الاعتراف؟

Yemenia Airways Airbus A320 aircraft is pictured at the Sanaa Airport March 28, 2015. Saudi Arabia's navy evacuated dozens of diplomats from Yemen and the United Nations pulled out international staff on Saturday after a third night of Saudi-led air strikes trying to stem advances by Iranian-allied Houthi fighters. REUTERS/Khaled Abdullah
الحوثيون تمسكوا على مدى جولات التفاوض بفتح مطار صنعاء وتسيير الرحلات وفق شروطهم وبالجوازات الصادرة عنهم (رويترز)

بعد ممانعة طويلة، استجابت الحكومة اليمنية بقيادتها الجديدة للواقع الذي فرضته جماعة الحوثيين والمتعلق بالسفر عبر مطار صنعاء المغلق منذ 7 أعوام بالجوازات الصادرة من العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة منذ سبتمبر/أيلول 2014.

وفسرت الحكومة، في بيان منسوب لمصدر مسؤول فيها، موافقتها العمل بتلك الجوازات بأنه تعاط إيجابي مع مبادرة المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، التي تضمنت إعادة تشغيل الرحلات التجارية عبر مطار صنعاء بواقع رحلتين أسبوعيا، إحداهما لمصر والأخرى للأردن.

لكن الرحلة الأولى التي كان مقررا انطلاقها يوم 25 أبريل/نيسان الماضي، تعثرت بعد أن رفض الحوثيون الالتزام بالاتفاق، الذي ينص على اعتماد جوازات السفر الصادرة عن الحكومة فقط، إذ عدت الأخيرة العمل بالجوازات الصادرة عن الحوثيين انتهاكا لسيادتها.

مطار صنعاء مغلق أمام الرحلات المدنية من قبل التحالف منذ عام 2016 (الأوروبية)
  • لماذا شكلت أزمة الجوازات الصادرة عن الحوثيين معضلة في إعادة فتح مطار صنعاء؟

بدأت الحكومة اليمنية وقف التعامل بالجوازات الصادرة من صنعاء منتصف 2017، مرجعة السبب إلى عدم وجودها في قاعدة البيانات المخزونة لدى مصلحة الهجرة والجوازات، وبأثر رجعي ألغت صلاحية كل الجوازات التي صدرت بعد يناير/كانون الثاني 2016.

وتسبب ذلك في أزمة واسعة، إذ انعدمت وثائق السفر، في وقت عجزت فيه الحكومة عن توفيرها.

ومنحت سيطرة الحكومة على المنافذ الجوية والبرية المفتوحة في البلاد اليد العليا لفرض قرارها، غير أن قطاعا واسعا من اليمنيين تضرروا، إذ أُجبر الآلاف على السفر إلى مناطق سيطرة الحكومة لاستصدار الجوازات.

  • كيف فشلت المشاورات بين الأطراف اليمنية في إعادة فتح المطار؟

فرضت إجراءات الحكومة تعقيدات على سفر قيادات وجرحى الحوثيين عبر المنافذ الخاضعة لسيطرتها، وضغط الحوثيون في مناسبات عدة للسفر عبر طائرات أممية من مطار صنعاء.

وعلى مدى جولات التفاوض التي رعتها الأمم المتحدة، أصر الحوثيون على التمسك بفتح المطار وتسيير الرحلات وفق شروطهم كمقدمة للتوصل إلى حل للأزمة اليمنية.

وأوشكت الأمم المتحدة على استئناف عمل المطار عقب مشاورات السويد نهاية 2018، لكن الحكومة تمسكت بموقفها المعلن بأن يجري السفر بالجوازات الصادرة عنها.

  • ما الذي تغير مؤخرا لتتنازل الحكومة عن الشرط الرئيسي؟

ورغم المعاناة التي فُرضت على سفر اليمنيين، فإن الحكومة عللت موقفها بأن الحوثيين يمنحون جوازات سفر لخبراء إيرانيين ومن حزب الله للدخول إلى صنعاء والقتال في صفوفهم.

لكن رئيس وكالة أنباء سبأ التابعة للحوثيين نصر الدين عامر يقول للجزيرة نت إن تفاهما على تسيير الرحلات تم بين الجماعة والتحالف بقيادة السعودية، إذ يفرض التحالف حظرا على المنافذ اليمنية ويسيطر على الأجواء.

ويضيف "الطرف الآخر تراجع عن خطواته المعرقلة فقط، وما جرى هو تنفيذ لبنود واضحة".

وتفسر تصريحات المسؤول الحوثي أن الحكومة اليمنية لم تكن طرفا في الاتفاق، رغم أن الأخيرة قالت إن موقفها جاء لـ"التزامها بخدمة الشعب وتخفيف معاناته وتقديرا لجهود المبعوث الأممي ومساعيه لتجاوز التعنت الحوثي في التطبيق الكامل لبنود الهدنة".

جواز السفر اليمني
جواز السفر اليمني (مواقع التواصل)

وترى الباحثة في مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية ميساء شجاع الدين أن فتح المطار جاء إثر ضغوط أممية وإعلامية على التحالف بقيادة السعودية للتراجع عن إغلاقه الذي أخذ شكل عقاب جماعي على اليمنيين.

وتقول للجزيرة نت إن إغلاق التحالف للمطار لم يفرض ضغوطا على الحوثيين الذين درجوا على استثمار أي عقوبات جماعية.

وتضيف ميساء أن الحوثيين فرضوا مطالبهم، لكن في الجانب الآخر فإعادة فتح المطار تخفف من معاناة اليمنيين، الذين يضطرون للسفر إلى مناطق سيطرة الحكومة والتنقل عبر منافذها الجوية في محافظتي عدن وحضرموت.

  • متى ستنطلق أول رحلة من المطار؟

وفق نصر الدين عامر فإنه من المقرر أن تنطلق يوم الأحد القادم أول رحلة، في حين جدد وزير النقل في حكومة الحوثيين (غير المعترف بها) عبد الوهاب الدرة التأكيد على جاهزية المطار لاستقبال كافة الرحلات.

لكن عامر أبدى مخاوف من مماطلة التحالف وافتعاله عوائق جديدة في الوقت الذي تشارف فيه مدة الهدنة على الانتهاء.

وعزا ذلك إلى "تعنت التحالف على الرغم من أن بنود الهدنة واضحة، وهي السماح بعدد محدد من الرحلات لوجهات محددة ولم تشترط أي شيء غير ذلك في هذا البند، لكنهم ذهبوا لافتعال اشتراطات جديدة للعرقلة وزيادة معاناة الناس".

  • هل منحت الحكومة اليمنية الحوثيين الاعتراف؟

حرصت الحكومة في بيانها على التأكيد على أنه "لا يترتب على الخطوة أي تغيير في المركز القانوني للحكومة اليمنية، ولا يعتبر ذلك اعترافا من أي نوع بالمليشيات الحوثية".

وحاولت الجزيرة نت الحصول على تعليق من الجانب الحكومي حول هذه الجزئية، إلا أن كل الجهات اكتفت بالبيان الصادر عنها.

ويفسر الناشط الحقوقي موسى النمراني قبول الحكومة شروط الحوثيين بالسفر بالجوازات الصادرة عنهم بأنه سابقة قانونية خطيرة تؤسس لما بعدها.

ويقول للجزيرة نت إنه على الرغم من أن الاقتراح الذي تقدم به مكتب المبعوث الأممي ينص على أن ذلك لا يؤثر على المركز القانوني للحكومة الشرعية ولا يؤسس لسابقة، فإنه في الواقع يؤثر ويضع الحكومة على حد سواء مع مليشيا الحوثي، بل يؤسس لسابقة قانونية في العلاقات الدولية، فإصدار الحوثيين جوازات سفر عملية غير شرعية، ويجب أن تتوقف فورا، وفق النمراني.

وأوضح أن مكتب المبعوث الأممي تعاون مع الحوثيين في هذا الشأن، إذ تجاهل مخاوف الحكومة الأمنية واقتراحاتها المنطقية التي كانت واحدة منها تنص على استحداث نقاط جديدة لإصدار جوازات رسمية تشارك في إدارتها الأمم المتحدة.

وقال النمراني إن "المنظمة الأممية تتورط في تطبيع علاقات مليشيا الحوثي الانقلابية مع محيطها الإقليمي والدولي، متجاهلة مركزها القانوني كسلطة انقلاب تديرها عصابة عقائدية بخلفيات تاريخية وسلوك إرهابي".

المصدر : الجزيرة