من هو جعفر الصدر مرشح التسوية الأوفر حظا لرئاسة الحكومة العراقية

جعفر الصدر ولد بالنجف عام 1970 وهو نجل محمد باقر الصدر مؤسس حزب الدعوة والمرجع البارز لدى شيعة العراق

Mohammad Jaafar Al-Sadr
جعفر الصدر نقطة تفاهم مشتركة بين رئيسي الكتلة الصدرية وائتلاف "دولة القانون" (الصحافة العراقية)

بعيداً عن التوقعات، ومن خارج دائرة الصقور القدامى، برز اسم سفير العراق لدى بريطانيا جعفر الصدر كمرشح تسوية لرئاسة الوزراء، بعد أن أعادت اتصالات هاتفية لزعيم الكتلة الصدرية مقتدى الصدر مع قادة سياسيين، أبرزهم رئيس ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي، المياه إلى مجاريها داخل ما يعرف بالبيت الشيعي، ورمّمته بعد أن كان يصر على أن تكون الحكومة الجديدة مشكّلة من أغلبية سياسية وليست توافقية.

وأجرى الزعيم الصدر سلسلة اتصالات هاتفية مع عدد من الزعماء السياسيين، بمن فيهم رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، فضلاً عن رئيس تحالف "السيادة" خميس الخنجر، لطرح اسم الصدر لرئاسة الحكومة الجديدة بعد وصول المفاوضات السياسية إلى نوع من الانسداد السياسي بعد مضى 5 أشهر على الانتخابات البرلمانية الخامسة.

اجتماع سابق لقادة الإطار التنسيقي (مواقع التواصل)

رفع الفيتو والكتلة الأكبر

ورفعت اتصالات الصدر الأخيرة الـ "فيتو" على المالكي، ومهدت الطريق لعقد اجتماع موسع بمقره في النجف بذهاب وفدين ضما الحلبوسي والخنجر عن تحالف "السيادة" بالإضافة إلى هادي العامري وفالح الفياض عن الإطار التنسيقي الذي يضم أبرز القوى الشيعية عدا الكتلة الصدرية، للتباحث حول آليات تشكيل الحكومة الجديدة.

وعلمت الجزيرة نت من مصادر مطلعة أن الاجتماع ناقش طرح عدة أسماء لتشكيل الحكومة الجديدة، إلا أن أبرزها هو جعفر الصدر بالإضافة إلى ملفاتٍ مهمة تتعلق بتشكيل كتلة نيابية أكبر تضم الإطار وكتلة الصدر حصراً فضلا عن هيكلية تشكيل الحكومة الجديدة وتوزيع المناصب.

وأكد مصدر رفيع من داخل الإطار التنسيقي الموافقة فعلياً على ترشيح الصدر مرشح تسوية لتشكيل الحكومة الجديدة، شرط تشكيل كتلة نيابية أكبر أولاً، ومن ثم الذهاب نحو التشكيلة الوزراية، وذلك لضمان أن تكون الحكومة توافقية تضمن مشاركة المالكي بشكل خاص والإطار بشكل عام.

وكتب مشعان الجبوري النائب بتحالف "السيادة" السني (المؤلف من كتلتي "تقدم" بزعامة الحلبوسي و"عزم" بزعامة الخنجر) على حسابه في تويتر "بعد اتصال الصدر بالمالكي، وما تسرّب عن اجتماع قادة الإطار التنسيقي أصبح من شبه المؤكد أن جعفر الصدر هو رئيس الوزراء القادم".

من هو جعفر الصدر؟

وأكثر ما يعزّز حظوظ الصدر المولود بالنجف عام 1970 لرئاسة الحكومة الجديدة أنه نجل محمد باقر الصدر مؤسس حزب الدعوة الإسلامية والمرجع والمفكر البارز لدى شيعة العراق، والذي أعدم مع شقيقته نور الهدى في عهد الرئيس الراحل صدام حسين ربيع 1980.

وبعد الغزو الأميركي، تولى العديد من المناصب، أبرزها الممثل الدائم لدى المنظمة البحرية الدولية (IMO) منذ فبراير/شباط 2020، كما عين سفيرا فوق العادة بالمملكة المتحدة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019، ورئيس دائرة المنظمات والمؤتمرات الدولية بالخارجية من أبريل/نيسان 2019 إلى أكتوبر/تشرين الأول 2019، ومستشار رئيس الجمهورية عام 2009، وفاز بعضوية مجلس النواب دورة 2010، لكنه قدم لاحقا استقالته احتجاجًا على ما سماه "تردي الخدمات".

ونال الصدر الشهادة الجامعية بعلم الاجتماع، وعلم الاجتماع العام، سنة 2011 من الجامعة اللبنانية التي منحته كذلك الماجستير بعلم الاجتماع اختصاص علم المعرفة عام 2018، فضلا عن الدراسات الدينية بمدينتي النجف وقم الإيرانية 1995-2007.

الحاج اعتبر أن وجود جعفر الصدر نقطة مشتركة تُدعم من الكتلة الصدرية والإطار التنسيقي (الجزيرة)

التأثيرات الخارجية

وعن مدى أن ترشيح الصدر جاء نتيجة لضغوط خارجية ليصبح ورقة تسوية بين زعيمي الكتلة الصدرية وائتلاف "دولة القانون" لا ينفي المحلل السياسي كاظم الحاج أن القوى السياسية المحلية متأثرة بشكل واضح بالمتغيرات الإقليمية والدولية، وحتماً ستذهب باتجاه إيجاد قواعد تحرّك مُشتركة تنطلق أو تنتج عنها مواقف يمكن أن تكون بداية انحلال للأمور المعقدة ما بين هذه القوى السياسية وخصوصاً موقف الكتلة الصدرية من الإطار التنسيقي وتحديداً من دولة القانون.

وانطلاقا من ذلك، فوجود مرشح كالصدر سيكون نقطة مشتركة تُدعم من قبل الطرفين، وستحمل إيجابيات كبيرة يمكن أن تظهر خلال الأيام القادمة -وفقا للحاج- في حال سارت الأمور على ما هي عليه.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى الحاج أن وجود شخصية لها جذور تاريخية ودينية ستُدعم من الصدر والمالكي، وهذا ما يُساعده ليكون مُرشح تسوية بالتوافق والمضي نحو بداية خط شروع لتشكيل الحكومة.

ولمراتٍ عدة، تداولت أنباء أشارت إلى أن الاتفاق على ترشيح الصدر جاء مقابل ضمان حصول المالكي على منصب سيادي كأن يكون نائبا لرئيس الجمهورية كما حدث عام 2014 عندما شُكلت حكومة حيدر العبادي أو منصبا آخر، إلا أن الحاج يؤكد أن ترشيح الصدر غير مشروط بأن يكون موازياً لتنّسم المالكي منصبا بالسلطة التنفيذية.

البدراني: من الصعب على الأطراف السياسية الشيعية رفض ترشيح جعفر الصدر (الجزيرة)

هل يُرفض الترشيح؟

يؤكد أستاذ الإعلام السياسي بالجامعة العراقية الدكتور فاضل البدراني صعوبة رفض ترشيح الصدر من الأطراف السياسية الشيعية لأنه من عائلة دينية لها أرث معروف جنوب البلاد، بالإضافة إلى امتلاكه ثقافة مدنيّة.

وأكثر ما يُعزّز به البدراني حظوظ الصدر أنه ابتعد عن المُناكفات السياسية طوال سنوات عدة وأصبح حيادياً دائماً بإعلانه باستمرار أنه ليس حزبياً ولم ينتم لأي حزب رغم أن عائلته مؤسِسة حزب الدعوة، وهو ما يجعله في موقع متوازن ومقبول من الأطراف الشيعية والسُنية والكردية.

ويرى الأستاذ الجامعي -بحديثه للجزيرة نت- أن الصدر قد يكون الاسم الوحيد الذي يمكن أن يوفر الإجماع الشيعي لاسيما الأطراف المُتخاصمة، خاصة رئيسي الكتلة الصدرية وائتلاف "دولة القانون" ويمكن أن يُقرّب طرح اسمه العلاقات بينهما، وهذا ما لوحظ بالاتصال الهاتفي بين الزعيمين.

هادي جلو مرعي (الجزيرة)
مرعي لا يستبعد أن يواجه جعفر الصدر مصاعب بإدارة الحكومة في حال استمرت الخلافات السياسية (الجزيرة)

المصاهرة وإدارة الحكومة

رئيس مركز القرار السياسي للدراسات الإستراتيجية هادي جلو مرعي، يقول إن صلة المُصاهرة بين مقتدى وجعفر الصدر، بالإضافة إلى وجود تفاهم واضح بينهما في أمورٍ عدة، ستُعزّز من حظوظ الأخير في رئاسة الحكومة الجديدة.

ومع ذلك، لا يستبعد مرعي أن يواجه الصدر مصاعب بإدارة الحكومة في حال استمرت الخلافات داخل المنظومة السياسية لفترة لاحقة.

وحول احتمال تنازل زعيم كتلة الصدر عن طموح تشكيل حكومة أغلبية سياسية وليست توافقية كما يطالب المالكي، يؤكد مرعي -بحديثه للجزيرة نت- أن التطورات السياسية والاتفاقيات التي تبرمها القوى الفاعلة التي لاتزال مصرّة على ضمان مصالحها الحيوية لا يبدو أنها تريد التخلي عنها حالياً.

 

المصدر : الجزيرة