هل تشهد قمة الاتحاد الأفريقي أزمة بسبب إسرائيل؟

مقر الإتحاد الإفريقي اجتماع المجلس الوزاري للاتحاد الإفريقي في العام 2021، الذي رفع ملف عضوية إسرائيل إلى القمة الإفريقية المصدر: كاميرا الجزيرة
اجتماع المجلس الوزاري للاتحاد الأفريقي عام 2021 رفع ملف عضوية إسرائيل إلى القمة الأفريقية (الجزيرة)

أديس أبابا – هل تستكمل إسرائيل تسللها داخل القارة الأفريقية بعد أن غزتها من باب تصدير الأسلحة والاستثمارات وتقديم التكنولوجيا الزراعية؟

ربما يكون ذلك هو السؤال المحوري في القمة رقم 35 لرؤساء وزعماء القارة مطلع فبراير/شباط القادم.

وزير خارجية جنوب إفريقيا اجتماع المجلس الوزاري للاتحاد الإفريقي في العام 2021، الذي رفع ملف عضوية إسرائيل إلى القمة الإفريقية المصدر: كاميرا الجزيرة
جنوب أفريقيا في طليعة دول القارة التي تعارض منح إسرائيل صفة مراقب بالاتحاد الأفريقي (الجزيرة)

لم تكن المرة الأولى التي تقدم فيها إسرائيل طلباً لمنحها عضوية هذا الاتحاد بصفة مراقب، فقد رفضت طلباتها أعوام 2013 و2015 و2016، لكن رئيس المنظمة موسى فكي قرر منفردا إعطاءها هذه الصفة في 22 يوليو/تموز 2021، وهو ما وصفه وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة بغير المسؤول ودفع 25 دولة لمطالبته بالتراجع.

هذا الرفض من جانب العديد من الدول الأفريقية للقرار دفع فكي إلى إرجاء البت في الموافقة من عدمها لحين عقد القمة مطلع فبراير/شباط. وقائمة الدول التي عارضت هي جنوب أفريقيا، تونس، إريتريا، السنغال، تنزانيا، النيجر، جزر القمر، الغابون، نيجيريا، زيمبابوي، ليبيريا، مالي، سيشل.

رئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي خلال خطابه في الاجتماع اجتماع المجلس الوزاري للاتحاد الإفريقي في العام 2021، في أديس أبابا عاصمة إثيوبيا، الذي رفع ملف عضوية إسرائيل إلى القمة الإفريقية المصدر: كاميرا الجزيرة
فكي اتخذ قرارا أحاديا بمنح إسرائيل صفة مراقب بالاتحاد الأفريقي في 22 يوليو/تموز 2021 (الجزيرة)

ما أسباب إصرار تل أبيب على نيل العضوية؟

ليس جديدا، وقطعاً لن يكون الأمر مجرد إقامة جسور مع دول القارة، فهي تملك تمثيلاَ دبلوماسياً في 46 دولة في القارة، ولكن إسرائيل -التي نجحت في إذابة جبال من الجليد بتطبيع علاقاتها مع بعض الدول العربية ظلت على عداء تاريخي معها منذ تأسيسها- ترمي بصرها بعيدا لإثبات وجودها كقوة فاعلة شرق القارة حيث البحر الأحمر الممر الأهم للتجارة العالمية، والشريان الذي يغذي الغرب بالنفط عبر باب المندب ومخرج قناة السويس على البحر الأبيض المتوسط.

رمطان لعمامرة وصف قرار منح إسرائيل عضوية مراقب بغير المسؤول (الجزيرة)

هل من مكاسب لإسرائيل من وجودها في أفريقيا؟

المحور الأمني والسياسي هو الأقوى، إلا أن الاقتصاد والتكنولوجيا هي القوى الناعمة التي تتوغل إلى أفريقيا، فبعد قطيعة مع أغلب دول القارة بعد حرب يونيو/حزيران 1973، استطاعت إسرائيل ترميم علاقاتها مع الدول المقاطعة عقب توقيع اتفاقية السلام مع مصر (26 مارس/آذار 1979) لأن الأفارقة قطعوا علاقاتهم الدبلوماسية معها تضامنا مع مصر باعتبارها الدولة الأفريقية التي تعرضت للعدوان الإسرائيلي.

لذلك فقد دخلت إسرائيل منافسة أكبر للصين في الاستحواذ على قطعة أكبر من (كيكة) الاقتصاد في قارة أثبتت الدراسات أنها تحتوي على أكبر مخزون للثروات الطبيعية من معادن ونفط ومنتجات زراعية، وغيرها، قدرت بما يعادل 30% من الموارد الطبيعية في العالم.

ما مجالات التعاون بين دول أفريقيا وتل أبيب؟

وزيادة على ما سبق، فإن لتل أبيب مآرب أخرى في هذه القارة لما فيها من فرص استثمارية واعدة ومتنوعة تطمح في الدخول عبر بوابتها، ومنها وعود بنقل التقنية الحديثة في مجال الزراعة التي برزت فيها شركاتها، وتطوير طرق وأساليب الزراعة لدى الأفارقة، كما أنها لا تغفل عن بيع الأسلحة الهجومية والدفاعية التي تنتجها مصانعها الحربية وترفد بعائداتها ميزانيتها، كواحدة من أكبر مصدري السلاح إلى أفريقيا.

صوره جماعية لوزراء خارجية الدول الإفريقية الذين اختلفو حول عضوية إسرائيل اجتماع المجلس الوزاري للاتحاد الإفريقي في العام 2021، الذي رفع ملف عضوية إسرائيل إلى القمة الإفريقية المصدر: كاميرا الجزيرة
وزراء الخارجية الأفارقة فشلوا عام 2021 في التوصل لموقف موحد بخصوص عضوية إسرائيل (الجزيرة)

كم تكسب إسرائيل وماذا تخسر فلسطين؟

إجمالا، يمكن توقع بعض جوانب الربح والخسارة في حال تم قبول الطلب الإسرائيلي بمقعد مراقب، وهي زعزعة دعم غالبية الدول الأفريقية للقضية الفلسطينية في أروقة الاتحاد الأفريقي، أو في إطار علاقات هذه الدول وتعاطفها مع الفلسطينيين منذ سنوات طويلة.

ويمثل الاختراق -الذي نتج عن تطبيع دول عربية أعضاء بالاتحاد علاقاتها مع إسرائيل تحت ضغط وحماية أميركية- عاملا مهما في إضعاف التماسك الأفريقي ومؤازرة دول القارة للقضية الفلسطينية، لتصب في صالح الاحتلال.

وهكذا، فإن إسرائيل -التي افتتحت أول مقر لتمثيلها الدبلوماسي بالعاصمة الغانية أكرا عام 1956- ها هي تضع أوراق اعتمادها أمام الزعماء والرؤساء الأفارقة بقمتهم السنوية، بعد أن ردت من قبل على أعقابها 3 مرات، فهل سنرى علمها يرفرف على سارية الاتحاد الأفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا؟ أم هذه ستكون المرة الرابعة التي يرفض طلبها في ظل معارضة دول مؤثرة تحذر من تأثير القرار على وحدة الاتحاد بعد الانقسام الذي أحدثه بين دوله؟ هذا ما ستكشف عنه نتائج القمة.

المصدر : الجزيرة