السودان.. الحراك المطالِب بحكم مدني ينقسم في الأهداف ويتفق على رفض العسكر

وسط الحشد الكبير من أنصار المكون المدني، الذين تظاهروا أمام لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو/حزيران 1989، كان سهلا رصد بعض الأصوات التي جاهرت برفض العسكريين والمدنيين بالحكومة.

عضو مجلس السيادة محمد الفكي ومستشار رئيس الوزراء السياسي ياسر عرمان يحييان المتظاهرين أمام لجنة التفكيك ـ منصات تواصل اجتماعي
عضو مجلس السيادة الفكي وعرمان مستشار رئيس الوزراء يحييان المتظاهرين أمام لجنة "التفكيك" (مواقع التواصل)

الخرطوم- تجلّى انقسام الشارع السوداني في المسيرات التي دعت لها لجان المقاومة وتجمّع المهنيين، الخميس، لمناصرة الحكم المدني في أعقاب تصعيد وحرب كلامية استعرت لأسبوع بين المكونين المدني والعسكري بالحكومة الانتقالية.

ورغم الحشد الكبير من أنصار المكون المدني، الذين تظاهروا أمام لجنة "تفكيك نظام الثلاثين من يونيو/حزيران 1989" كان سهلا رصد بعض الأصوات التي جاهرت برفض العسكريين والمدنيين في الحكومة.

وتطور هذا الموقف مع حلول المساء عندما انضمت مجموعات شبابية يُعتقد أنها محسوبة على "ملوك الاشتباك" و"غاضبون"، وهي مجموعات شبابية تجنح للعنف ضد الشرطة والقوات النظامية، ولديها موقف رافض لقوى الحرية والتغيير.

وما إن وصلت هذه التجمعات إلى مقر الاحتشاد حتى انحرفت إلى شارع جانبي وصولا لشارع الجامعة حيث مقار القصر الرئاسي ومجلس الوزراء، لتجد الشرطة في انتظارها، وتم تفريقها بالغاز المسيل للدموع.

وقبل ذلك منتصف النهار، آثرت مجموعات، رافضة لسياسات البنك الدولي، التظاهر أمام مقر انعقاد فعالية خاطبها رئيس البنك، فردت الشرطة برشقهم بالغاز المدمع.

 

جدل المسارات

وقبل تحرك قطار عطبرة لدعم الموكب (المسيرة) بالخرطوم، تعرض خط سكة الحديد للتخريب في 3 مناطق على الأقل للحيلولة دون الوصول إلى القطار.

واضطرت حكومة ولاية الخرطوم إرسال قطار المواصلات الداخلي ليقلّ المتظاهرين من منتصف الطريق إلى العاصمة.

ولم تحظَ المسيرات المعلنة، داخل الخرطوم، باتفاق بعض أنصار الحكم المدني المعارضين لممثلي المكون المدني في الحكومة.

وقال تجمع المهنيين، في بيان الخميس، إن هدف المواكب هو حماية الانتقال الديمقراطي، ولا سبيل لتحقيقه إلا بفضّ الشراكة مع المجلس العسكري.

ورأى التجمع أن الأفضل ألا تخاطب المسيرات والمواكب أيّا من مؤسسات السلطة الانتقالية بما في ذلك شقها المدني، لئلا يفسّر ذلك على أنه دعم لذلك المكوِّن في الشراكة.

كما ناشد الحزب الشيوعي أعضاءه وأصدقاءه، وكل القوى الوطنية والديمقراطية، المشاركة في الموكب الذي دعت له لجان المقاومة.

وقال في بين لمكتبه السياسي إن شعارات الموكب والمظاهرة هي مطالب الثوار المتمثلة بحكومة مدنية وسلطة تمثل القوى الأساسية التي قامت على أكتافها الثورة.

وصول قطار ود مدني محطة شروني بالخرطوم
وصول قطار ود مدني محطة شروني بالخرطوم (مواقع التواصل)

العودة للشارع

وفي عودتها إلى الشارع، تحاول قوى الحرية والتغيير كسب الرهان في لعبة الأوراق ضد العسكر. ويقول شريف محمد عثمان، القيادي بحزب المؤتمر المنضوي تحت ائتلاف قوى الحرية والتغيير الحاكم، إن الشارع يريد تحقيق انتقال سلس نحو الديمقراطية بنهاية الفترة الانتقالية، وإن أي جهة تنحرف عن هذا المسار سيخرج الشارع لتصويبها.

ويرى شريف، في تعليقه -للجزيرة نت- على موكب الخميس، أن الشارع يؤكد مجددا أنه ماضٍ لتحقيق أجندة وشعارات ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018.

ويتابع "الشارع لديه أهداف وقدرة على تصويب وتقويم أي جهة، سواء كانوا عسكريين أو مدنيين، تنحرف عن المسار الصحيح للثورة".

ووصل قطار من "ود مدني" عاصمة ولاية الجزيرة لدعم مواكب الحكم المدني بالعاصمة، كما شهدت مدينتا بورتسودان (شرق) والفاشر (غرب) مواكب مناصرة.

والأسبوع الماضي، وفي أعقاب إحباط الجيش لمحاولة انقلابية، هاجم رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو "حميدتي" شركاءهما المدنيين بالحكومة، وانتقدا الانقسامات داخل ائتلاف قوى الحرية والتغيير.

وأثارت هذه الانتقادات حفيظة القوى الأخيرة، واعتبرتها بمثابة انقلاب أبيض يهدف لتغيير الحاضنة السياسية.

رهان الثوار

وربما راهن العسكريون على انفضاض بعض الشارع عن المجموعة الحاكمة من المدنيين، لكن عددا من الأحزاب، التي لديها موقف ضد العسكريين والمدنيين بالسلطة، انحازت لمظاهرات الخميس انطلاقا من مبدأ المدافعة عن الحكم المدني.

وعليه، وجدت القوى السياسية في التحالف الحاكم أنها في حاجة لدعم الشارع بعد نحو عامين في السلطة مع العسكريين.

ويقول القيادي بتجمع المهنيين الوليد علي، للجزيرة نت، إن رغبات الجماهير والبرنامج الحقيقي هو المحك، وليس صاحب الدعوة للحشد سواء كان تجمع المهنيين أو غيره.

ورأى أن حشد الخميس ناتج عن أن تجمع المهنيين عبر عن رأي الجماهير عن طريق الدعوة للتظاهر، وذلك عبر تنسيق الأجسام المهنية ولجان المقاومة.

وبحسب علي، فإن الحراك جاء لترسيخ وتعزيز المدنية، موضحا أن المتظاهرين لا يركزون على رفض العسكر، بل على رفض الجنرالات أصحاب المطامع في السلطة.

وشدد أن موكب الخميس هو بداية لحراك كبير مستمر، وسيكون هناك ما يلي مليونيته.

ورحبت لجنة "التفكيك" -قبل يوم من المظاهرات- بتحديد مقرها نقطة تجميع "ثوار الحرية والسلام والعدالة". وخرج من مقر اللجنة عضوا مجلس السيادة محمد الفكي وصديق تاور، وعدد من قادة لجنة "التفكيك" والقوى السياسية.

المصدر : الجزيرة