أبرز محطات حكومة حسن روحاني.. ماذا أنجزت وفيم أخفقت؟

يقول روحاني إن حكومته مرت بأسوأ عقوبات في تاريخ إيران، لكنها استطاعت منع البلاد من الانهيار.

حسن روحاني - ميدان
امتدت ولاية روحاني 8 سنوات وتباين حجم إنجازاته وإخفاقاته بين حكومتيه الأولى والثانية (رويترز)

طهران- مع تولي إبراهيم رئيسي، اليوم الثلاثاء، منصب رئيس الجمهورية في إيران، رسميا، تنتهي فترات الصعود والهبوط في السياسات الداخلية والخارجية لحكومة حسن روحاني، رئيس الحكومتين 11 و12، منذ قيام هذه الجمهورية، والتي استمرت ولايته 8 سنوات.

روحاني، الذي صعد إلى الميدان الرئاسي في يونيو/حزيران 2013، بشعار "التدبير والأمل" خرج منه قائلا "لقد كنت قائدا بلا جنود وأسلحة". وتولى روحاني، الذي يصنف على أنه من التيار المعتدل، الرئاسة من محمود أحمدي نجاد، في وقت كانت الظروف الاقتصادية سيئة، لكنه سعى إلى تحسين معيشة المواطنين، من خلال رفع العقوبات والعودة إلى المجتمع الدولي بشكل طبيعي.

أداء الحكومتين

لا يمكن اعتبار حكومتي روحاني الأولى والثانية في الكفة نفسها من حيث الإنجازات، لأنه استطاع في الأولى تنفيذ جزء مهم من شعاراته الاقتصادية، والتوصل للاتفاق النووي مع القوى الدولية، ورفع بعض العقوبات.

ورغم أن روحاني تولى الرئاسة من أحمدي نجاد بتضخم بلغ نحو 35% فإنه تمكن من إبقاء معدل التضخم في خانة الآحاد (0-9) 3 سنوات متتالية. كما تحول معدل النمو الاقتصادي السلبي نحو الإيجابي، ووصل إلى 12.5% خلال حكم روحاني. لكن قواعد اللعبة تغيرت منذ بداية 2018، وخاصة عندما أصبحت همسات انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي نافذة.

وخلال الحكومة الثانية، تراجع سعر الريال (العملة المحلية) تدريجيا من 30 ألف ريال إلى 300 ألف مقابل الدولار الواحد، خلال 4 سنوات. كما ارتفع معدل التضخم إلى أكثر من 40%، وأصبح معدل النمو الاقتصادي سالبًا، وانسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وفرضت أشد العقوبات على طهران.

اتخذت إيران ست خطوات تقليصية حتى الآن تقول إنها تهدف لإنقاذ الاتفاق النووي (الصحافة الإيرانية)
سجال بين واشنطن وطهران حول من يبادر بالعودة للالتزام بالاتفاق النووي (الصحافة الإيرانية)

إنجازات

ورغم ذلك، كان أهم إنجاز حققته حكومة روحاني هو المفاوضات مع أقوى دول العالم والتوصل إلى الاتفاق النووي. وهو ما أدى إلى نمو الاقتصاد، وخروج البلاد من عزلتها الدولية، ودخول الشركات الأجنبية إليها، والتنسيق لبدء المشاريع الدولية.

وعلى الصعيد الداخلي، فإن بناء المستشفيات والسكك الحديدية والطرق السريعة جزء من أعمال حكومة روحاني الناجحة. ووفقا لعلي رضا معزي مساعد شؤون الاتصالات والإعلام بمكتب الرئاسة، زادت أسرة المستشفيات السنوات الثماني لروحاني، بنسبة 40%. وتمت إضافة السكك الحديدية خلال الفترة ذاتها، بنسبة 35%. وأعلنت وزارة الطرق والتنمية العمرانية عن التوسع بالطرق السريعة السنوات الثماني الماضية بنسبة 50%.

وفيما يتعلق بإمدادات الغاز وحصول الناس على المياه الصالحة للشرب والإنترنت، فبحسب الوزارة، كانت إمدادات الغاز في القرى بداية حكم روحاني حوالي 54%، ووصلت الآن إلى 85%، وفي المدن إلى نحو 100%.

كما زاد عدد سكان الريف الذين يحصلون على مياه شرب آمنة ومستدامة فترة حكومته، من أقل من مليون إلى أكثر من 10 ملايين شخص. وكان مؤشر الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة عام 2013 نحو 5.33%، ووصلت النسبة عام 2019 إلى 78.8%.

الاقتصاد والناس-لماذا يتراجع الريال الإيراني أمام الدولار؟
تراجع الريال الإيراني أمام الدولار بصورة غير مسبوقة خلال فترة روحاني (الجزيرة)

إخفاقات

لكن حكومة روحاني الثانية واجهت انتقادات لعدم وفائها بالوعود الاقتصادية، وارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة الريال خلال فترة حكمه من 32 ألفا إلى 255 ألفا، وهذا يعني انخفاض قيمة العملة الوطنية بنسبة 800% في 8 سنوات.

وبحسب خبراء اقتصاديين، حطّم التضخم الرقم القياسي منذ 75 عامًا، وارتفع سعر المتر المربع للمساكن في طهران من 40 مليون ريال، بداية حكومة روحاني، إلى 300 مليون الآن بزيادة 750%. وانحدر معدل النمو الاقتصادي السنوات الثماني لحكومته إلى الصفر.

مشكلة أخرى واجهتها حكومة روحاني، وخاصة وزارة المخابرات، تمثلت بضعف أدائها في قضية النفوذ والتجسس. ففي عهدها، اغتيل الجنرال قاسم سليماني، والعالم النووي محسن فخري زاده، وتمكنت إسرائيل من الإضرار بمحطة "نطنز" وسرقة الملفات النووية.

وكان التراجع في رأس المال الاجتماعي ملفا آخر لم تنجح فيه حكومة روحاني، حسب الخبراء. لأن طريقة تعامله مع الاحتجاجات على ارتفاع الأسعار المعيشية في ديسمبر/كانون الأول 2017، وأيضًا احتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني 2019 على ارتفاع أسعار البنزين، لم تكن مناسبة، وأدت إلى مقتل عدد من المتظاهرين.

وكانت الهجمات على القنصلية والسفارة السعودية (يناير/كانون الثاني 2016) فضلا عن تحطم طائرة ركاب أوكرانية (يناير/ الثاني 2020) وانهيار مؤشر البورصة بعد دعوة الإيرانيين للاستثمار فيها، أمثلة على تراجع رأس المال الاجتماعي في حكومة روحاني.

يعتقد شفيعيان بأن خلق كل من الاتفاق النووي نفسه وكذلك بقاء إيران في الاتفاق صورة إيجابية لإيران في العالم. مواقع التواصل
شفيعيان: ما فعلته حكومة روحاني لن تستطيع الحكومات الأخرى فعله (مواقع التواصل)

العوائق

ويعتقد المحلل السياسي علي أصغر شفیعیان، وهو من الإصلاحيين، أن روحاني كان ناجحا خلال فترة رئاسته، وقد لا يكون ما يُقال عن ذلك مفهوما الآن، ولكن في أقل من 6 أشهر، سيكون من الواضح ما فعلته إدارته وكيف تصرفت، وهو الذي لن تتمكن الحكومات الأخرى من فعله.

وقال شفيعيان، للجزيرة نت، إن بعض الجهات لا يريدون أو لا يسمحون للأمور بالمضي قدما مما وضع العوائق أمام روحاني، وذلك لسببين: أحدهما سوء فهم مشاكل البلاد من قبل البعض، والآخر بسبب التنافس مع الحكومة (التنافس مع الإصلاحيين والمعتدلين) والاعتقاد أن بإمكانهم التحدث إلى العالم بلسان التهديد.

وفي المقابل، يعتقد المحلل السياسي شعيب بهمن أنه "لا يمكن إعطاء (درجة مقبول) لسياسة روحاني وخاصة الخارجية، بسبب رؤيته الإيجابية تجاه الغرب، وتجاهل العديد من الفرص الأخرى".

وضرب بهمن، في حديثه للجزيرة نت، بعض الأمثلة على ذلك بما فيها تطوير العلاقات مع الجيران للحد من تأثير العقوبات، أو توجيه الرؤية إلى الشرق، التي كان بإمكانها منح البلاد المزيد من الامتيازات.

الخبير محمد يوسفي: حكومة روحاني كانت الأضعف منذ الثورة (مواقع التواصل)

أضعف حكومة بعد الثورة

أما الخبير الاقتصادي محمد قلي يوسفي، فيعتقد أن الحكومة ليست مستقلة عن القطاعات الأخرى، لذلك فإن تقييم أداء روحاني بالحكومة وحدها، لن يكون صحيحا. لكن إذا أردنا فحص الحكومة بناءً على توقعات الشعب، يقول يوسفي "للأسف لم نرَ النتيجة المرجوة من حكومة روحاني لأن الناس لم يستفيدوا من سياساته".

وأضاف يوسفي، للجزيرة نت، أن حكومة روحاني "كانت أضعف حكومة بعد الثورة، ولم تنجح لا من حيث الوفاء بوعودها ولا بأدائها الاقتصادي. كما أنها لم تنجح في تثبيت السياسات النقدية وأسعار الصرف، والإسكان والإنتاج والتوظيف، ولا في أي شيء آخر".

رفع العقوبات

أما روحاني، وفي دفاعه عن أداء إدارته، فقد ألقى باللوم على انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، والعقوبات الاقتصادية، وتفشي كورونا. وأشار إلى أن مبيعات النفط الإيرانية تراجعت بأكثر من 100 مليار دولار، وأن حكومته كانت تحت أسوأ عقوبات في تاريخ إيران، لكنها تمكّنت من منع البلاد من الانهيار.

وفي مقابلة تلفزيونية الاثنين، قال روحاني إنه إذا عاد مرة أخرى، فسيتبع المسار نفسه. خاصة أن رفع العقوبات النووية أصبح ممكنًا الآن. وأكد أنه كان بإمكانه رفعها الأشهر الأخيرة، لكن البرلمان منعه من ذلك، لأن أعضاءه (ذوي الغالبية المحافظة يسعون إلى رفع جميع العقوبات المتعلقة "بحقوق الإنسان والصواريخ والنووي" دفعة واحدة، وهذا أمر مستحيل من خلال الاتفاق النووي.

المصدر : الجزيرة