خامنئي أفتى بحرمته.. ما أهداف تلويح وزير الأمن الإيراني بإمكانية تطوير سلاح نووي؟

وزير الأمن قال الاثنين إنه إذا تم الدفع بطهران نحو صناعة سلاح نووي فلن يكون ذنبها، بل ذنب من دفعها، ثم استدرك بأن بلاده "لا تنوي تطوير سلاح نووي ولا خطة لديها بهذا الشأن".

مفاعل بوشهر النووي جنوبي إيران (غيتي)

رغم فتوى المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي بحرمة إنتاج أسلحة الدمار الشامل، وعلى رأسها السلاح النووي، فجر وزير الأمن الإيراني محمود علوي قنبلة من العيار الثقيل عندما تحدث عن إمكانية تطوير بلاده سلاحا نوويا إذا استمر فرض العقوبات على طهران.

وكان وزير الأمن قد قال في مقابلة مع القناة الثانية بالتلفزيون الإيراني مساء الاثنين إنه إذا تم الدفع بطهران نحو صناعة سلاح نووي فلن يكون ذنبها، بل ذنب من دفعها، ورغم استدراكه بالقول إن بلاده "لا تنوي تطوير سلاح نووي ولا خطة لديها بهذا الشأن"، فإن الخارجية الأميركية وصفت التصريحات بأنها "مقلقة للغاية".

ويأتي موقف علوي بعد نحو أسبوع تقريبا من تصريحات لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قال فيها "إن إيران على بعد أسابيع قليلة من إنتاج مواد تدخل في تصنيع الأسلحة النووية إذا واصلت عدم تقيدها بالاتفاق النووي".

علوي كان قد قال إنه إذا تم الدفع بطهران نحو صناعة سلاح نووي فلن يكون ذنبها بل ذنب من دفعها (الصحافة الإيرانية)

رسالة لبايدن
وعما إذا كانت تصريحات علوي مرتبطة بقرب انتهاء مهلة قانون رفع العقوبات الأميركية، جاء الرد صريحا بالإيجاب على لسان القيادي السابق في الحرس الثوري الأمين العام لحزب "سبز" حسين كنعاني مقدم، الذي أوضح أن التأكيد الإيراني بالعودة إلى تنفيذ جميع الالتزامات في الاتفاق النووي قد يتحول إلى "خطوات غير قابلة للعودة" في حال عدم رفع العقوبات حتى 21 فبراير/شباط الجاري.

وكان البرلمان الإيراني قد أقر قانونا أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2020 يلزم حكومة حسن روحاني بتنفيذ 9 خطوات تصعيدية؛ منها وقف العمل بالبروتوكول الإضافي، وطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذا لم يرفع الأميركيون العقوبات المالية والمصرفية والنفطية بحلول 21 فبراير/شباط الجاري.

وقال كنعاني مقدم -في حديث للجزيرة نت- إن "تصريحات وزير الأمن الإيراني صريحة جدا ولا تحتاج للتأويل"، وإنها تبعث رسالة واضحة للجانبين الأميركي والأوروبي تحثهما على الاستفادة من الفرصة المتاحة أمامهما للعودة للاتفاق النووي ورفع جميع العقوبات التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب، قبل فوات الأوان.

حسين كنعاني مقدم: استعداد طهران للعودة إلى تنفيذ الالتزامات في الاتفاق النووي قد يتحول إلي خطوات غير قابلة للعودة (الجزيرة)

قط محاصر
وأضاف كنعاني مقدم "صبر إيران الإستراتيجي أوشك على النفاد ولا يمكن القبول باستمرار محاصرة البلاد وإيذاء الإيرانيين لفترة أطول"، مستغربا تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس الذي كان قد علق على تصريحات علوي بالقول "إنه ليس من الواضح لنا إن كان محمود علوي يتحدث نيابة عن أي أحد غير نفسه"، مشيرا إلی أن علوي يشغل منصب وزير الأمن ويعرف المكانة التي ينطلق منها.

وعن تعهد طهران بعدم امتلاك أسلحة نووية وفق معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، أكد كنعاني مقدم أن بلاده أثبتت التزامها المطلق بالمعاهدات الدولية طيلة العقود الماضية، لكن هناك أطراف أخرى تدفع بطهران لوقف العمل بهذا المعاهدات، وهذا ما قد يحصل بعد 21 فبراير/شباط الجاري في حال عدم رفع جميع العقوبات الأميركية عن إيران.

وختم بالقول إن المقصود من "القط" في كلام الوزير علوي بأنه "قد يسلك مسارا مختلفا للدفاع عن نفسه في حال محاصرته في زاوية ضيقة" هو "إيران"، لأن خارطة الجمهورية الإسلامية تشبه تماما هيئة القط جالسا.

عزيزي: منظومة المرشد الأعلى هي التي تحدد سياسات بلاده العليا (الجزيرة)

انتقادات ومطالب
في المقابل، يذهب فريق من الإيرانيين إلى أن تصريحات الوزير علوي لا تعبر عن موقف الجمهورية الإسلامية التي ترسم سياساتها العليا، لا سيما ما يتعلق بالسياسة الخارجية، علی يد منظومة خامنئي.

في غضون ذلك، أكد الباحث في الشؤون السياسية مهدي عزيزي أن مهمة الحكومة الإيرانية -سواء كانت محافظة أو إصلاحية- لا تتجاوز دورها التنفيذي في القضايا الداخلية والسياسة الخارجية، لا سيما في الملف النووي والعسكري والتفاوض مع الدول الأجنبية.

واعتبر عزيزي -في حديثه للجزيرة نت- أن ما يفهم من تصريحات علوي في الخارج لا سيما في الجوار "لا يتناسب مع رسالة السلام التي تبعثها طهران عبر تطوير برامجها العلمية والعسكرية خدمة لمصلحة المنطقة"، موضحا أن الهدف من تصريحات وزير الأمن قد يكون الضغط على الطرف المقابل للتسريع برفع عقوباته عن الشعب الإيراني.

وخلص إلى أن فتوى خامنئي القاضية بحرمة تطوير أسلحة الدمار الشامل تشكل إطارا صارما للصناعة العسكرية في إيران ولا يمكن لأي أحد تجاوزها، موضحا أن الفتوی لا تقتصر علی صناعة تلك الأسلحة وإنما تشمل الاحتفاظ بها واستخدامها.

وفي السياق، هاجمت وسائل إعلام مقربة من الحرس الثوري وزير الأمن الإيراني لتصريحاته الأخيرة ووصفتها بأنها "مكلفة للنظام الإسلامي"، وطالبته بإصلاح تصريحاته التي "لا تعبر عن موقف الجمهورية الإسلامية".

المصدر : الجزيرة