مخاوف من تفجير الانتخابات.. خلافات الدبيبة وممثلي حكومته شرقي ليبيا تتصاعد

بينما اتهم نواب ومراقبون ليبيون حكومة الدبيبة بعدم الإيفاء بوعودها وتهميش بعض المناطق، يعتقد آخرون أن اللواء حفتر يقف وراء تحريك وزراء ونواب المنطقة الشرقية للحصول على أموال من الحكومة، مع الإجماع على أن هذه الخلافات قد تؤدي إلى إفشال الانتخابات القادمة.

رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة اليوم عند توقيعه قراري تنفيذ مشروع نفط وغاز الجنوب - صور المركز الإعلامي للحكومة
رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة يواجه خلافات حادة مع ممثلي حكومته في برقة والشرق الليبي (غيتي)

طرابلس- تشهد حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا خلافا حادا بين رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة ونائبه الممثل عن المنطقة الشرقية حسين القطراني وعدد من الوزراء الممثلين للمنطقة الشرقية.

وتصاعدت حدة الخلافات مؤخرا بعد إعلان وكيل وزارة الداخلية عن المنطقة الشرقية تعليق العمل في مطاراتها منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في خطوة للضغط على الحكومة.

ويحاول رئيس الحكومة حل الصدع الداخلي الذي تصاعد بعد مطالبة عدد من ممثليها في إقليم برقة شرقي البلاد، ومن بينهم نائبه حسين القطراني، بتمثيل أكبر في مؤسسات الدولة وبحصة أكبر في التنمية.

مخاوف من أن تلقي الخلافات داخل الحكومة الليبية بظلالها على الانتخابات المقررة في ديسمبر/كانون الأول المقبل (الأناضول)

صراع سياسي لا جهوي

وقال الدبيبة في كلمة لأهالي برقة إن هذا الصراع ليس معركة جهوية، بل معركة سياسية بامتياز، و"نحن في الحكومة نختلف ونتفق لكن لا يمكن لأي شخص أن يتكلم عن منطقة".

وتحدث حسين القطراني نائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية عن سبب خلافه مع الدبيبة، والتطورات اللاحقة عقب إعلان بيان ممثلي برقة الذي تسبب في صراع داخلي بالحكومة.

وقال القطراني إن بداية الخلاف مع الدبيبة كانت عند تدشين مشروعات عودة الحياة، حيث طالب بتشكيل لجنة لدراسة وتدشين مشروعات المنطقة الشرقية بسبب عدم تخصيص ميزانيات لها.

وأشار القطراني إلى أن الدبيبة اتهمه بتعطيل مشروع "عودة الحياة" بالمنطقة الشرقية، قائلا "لن أعلن مشروعات دون مخصصات جاهزة، فلست وسيلة إعلامية"، وطالب بتحقيق ذلك قبل العودة لممارسة مهامه في الحكومة.

وهاجم وفد من ممثلي الحكومة في برقة الدبيبة، ووصفوه بعدم الالتزام بخارطة الطريق، وعدم الارتقاء إلى المسؤولية الوطنية، والسعي إلى عرقلة العملية الانتخابية المقرر في نهاية ديسمبر/كانون الأول القادم.

وكلف الدبيبة فريقا حكوميا في مهمة داخلية إلى بنغازي لإجراء زيارات للقطاعات العامة التابعة للحكومة ولقاء القطراني نائب رئيس الوزراء، وحثّه على العودة لمباشرة عمله.

وعود لم تُنجَز

واعتبر عضو مجلس النواب محمد العباني أن الدبيبة منح وعودا كثيرة "في مساع لتحظى حكومته بثقة البرلمان، لكنه لم يكن عند وعوده التي قطعها أمام الليبيين".

وقال العباني للجزيرة نت "لا أتفق مع من يطلق مصطلح حكومة الوحدة الوطنية على حكومة الدبيبة، وسبق لي وصفها في جلسة منح الثقة بأنها حكومة محاصصة محلية أُسست على تقسيم مناطقي بغيض، وإرضاءً لأعضاء مجلس النواب ولجنة الحوار المعروفة بـ75".

وأكد العباني أن مطالب المنطقة الشرقية تستند على وعود سابقة لم تُنجز، إضافة إلى أن النظام الإداري المركزي الضعيف والقانون رقم "59 " بشأن الإدارة المحلية جعلا الدبيبة يركّز في إدارته على العاصمة طرابلس.

وأشار العباني إلى أن أفعال الدبيبة نتج عنها شعور بالتهميش، زاد عند عدم إدراج مخصصات مالية لمرتبات العاملين بمؤسسات الدولة لأكثر من 3 أشهر، من بينها مرتبات القيادة العامة للجيش (التي يرأسها خليفة حفتر).

ويرى العباني أن هذه الخلافات تؤثر سلبا على سير الانتخابات وتحديد موعدها وآليتها، مبينا أن الحل يكمن في إعادة تنظيم الإدارة وهيكلة الدولة، وتطبيق حكم محلي يناسب الدولة الليبية.

بالقاسم دبرز يقول إن اللواء خليفة حفتر (يسار) هو من يهيمن على الشرق (الجزيرة)

لا يملكون قرارهم

من جهته صرح عضو المجلس الأعلى للدولة بالقاسم دبرز بأن المناكفات التي حدثت بين رئيس الحكومة ووزرائه ووكلائه من المنطقة الشرقية، أظهرت بوضوح أنهم لا يملكون من أمرهم شيئا ولا يمثلون حكومة الوحدة الوطنية.

وتساءل دبرز في تصريح للجزيرة نت "أين كان عندما مُنعت الحكومة من انعقاد جلسة لها في بنغازي مع بداية تشكيلها؟ ثم منع الحكومة من عقد جلسة في سبها وغات والكفرة، وكلهم صامتون، والجميع يعلم معاناة الشعب في هذه المناطق؟".

وحسب دبرز، فقد "فنّد رئيس الحكومة الدبيبة المطالب التي يشتكي فيها ممثلو المنطقة الشرقية من تهميشهم، بالأرقام والأدلة التي كانت من قبل تنطلي على سكان شرقي ليبيا".

وأرجع دبرز أسباب الخلاف إلى منطقة "الرجمة"، حيث -كما يقول- "يهيمن حفتر على كل صغيرة وكبيرة في شرقي ليبيا، ويحرّك الوزراء والوكلاء كالدمى لتحقيق مآربه وأطماعه، من خلال مطالب غير عادلة ولا شرعية للحصول على أموال عبر الابتزاز المعروف المكشوف للجميع".

ويرى دبرز أن هذا الخلاف قد يؤثر سلبا على الانتخابات بما وصفه بـ"العبث غير المسؤول"، مشيرا إلى أن الحل يكمن في المضي قدما ببرنامج الحكومة واتخاذ الإجراءات القانونية إذا لزمت لإقالة كل من يثبت تورطه وإحالته للقضاء والنائب العام.

صورة للملتقى الوطني لدعم الانتخابات في ليبيا (مواقع التواصل)

إرباك المشهد

من ناحيته، يعتقد المحلل السياسي عبد الله الكبير أن الخلاف هو محاولة أخرى لإرباك المشهد الليبي، وإعادة الانقسام لتعطيل الانتخابات.

وأضاف الكبير "المحاولة الأولى كانت عبر البرلمان بعد سحب الثقة تمهيدا لتشكيل حكومة جديدة، وإعادة خلط الأوراق، مع هدف شخصي آخر يخص القطراني ووكيل وزارة الداخلية فرج قعيم، وهو الحصول على الأموال للتصرف فيها بذريعة تسديد ديون الحكومة المؤقتة السابقة، وبحجة احتياجات مديريات الأمن في الشرق".

وقال الكبير للجزيرة نت إن توضيح الدبيبة حصة برقة من مناصب مؤسسات الدولة ساهم في إفشال مشروع تفجير الحكومة، مشيرا إلى أن الأزمة لم تكتمل بعد.

واعتبر المحلل أن عدم رضوخ القطراني وقعيم لبرنامج الحكومة "سيؤثر قليلا" على العملية الانتخابية، إضافة إلى التأثير الأكبر باستمرار الخلاف على القوانين الانتخابية التي ترفضها الأطراف السياسية، وغياب التوافق حتى الآن، مما سيؤدي إلى التأجيل أو المشاركة الضعيفة في الانتخابات.

المصدر : الجزيرة