في ظل ترقب منذ سيطرة طالبان على الحكم.. الحاضر والغائب في أول خطاب لرئيس الحكومة الأفغانية

اعتبر الملا محمد حسن في خطابه الأول إنهاء الاحتلال الأميركي لأفغانستان، وإقامة الحكومة الإسلامية، وإحلال الأمن والسلام في البلاد، وعودا أوفت طالبان بتحقيقها. وقال إن الحركة والشعب الأفغاني اليوم أمام تحدٍ آخر وهو الحفاظ على المكتسبات وتوفير الرخاء.

Mullah Mohammad Hassan Akhund - الملا محمد حسن آخند المصدر: الصحافة الأفغانية
الملا محمد حسن آخوند ركز على قضايا العلاقات الخارجية والاقتصاد والمرأة (الصحافة الأفغانية)

كابل- بعد مرور أكثر من 3 أشهر على سيطرة حركة طالبان على أفغانستان، بثّ التلفزيون الأفغاني الحكومي لأول مرة خطابا صوتيا مسجلا لرئيس الحكومة الملا محمد حسن آخوند، كاسرا بذلك صمته الذي أثار الانتقادات في أوساط الأفغانيين.

فمنذ سيطرة طالبان على الحكم في أفغانستان في منتصف أغسطس/آب الماضي، لم يتوجّه زعيم حركة طالبان هيبة الله آخوند زاده ورئيس الوزراء الملا محمد حسن بأي خطاب للشعب، مما أثار التساؤلات حول أسباب تجنب القيادات العليا للحركة وحكومتها الظهور المباشر في وسائل الإعلام والتجمعات العامة.

مقاتلون من حركة طالبان خلال دورية في العاصمة الأفغانية كابول، 28 تشرين الأول/ألأكتوبر 2021. © رويترز
مقاتلون من حركة طالبان بعد سيطرتها على أفغانستان منتصف أغسطس/آب الماضي (رويترز)

شكل الخطاب

استغرق خطاب رئيس وزراء الحكومة الأفغانية نصف ساعة، وجاء بلغة البشتو وبلهجة أهل قندهار خلافا للعُرف الرسمي المعتاد في أفغانستان حيث يلقي رؤساء الدولة والحكومة والقادة السياسيون خطاباتهم باللغتين الرسميتين في البلاد، وهما البشتو والفارسية الدارية.

وكان يبدو من طريقة كلامه أن رئيس الوزراء تحدث بصورة ارتجالية ولم يقرأ نصا مكتوبا، وتحدث بلهجة الواثق بنفسه وبلا تكلف وبأسلوب بسيط، وأشارت نبرات صوته إلى قناعته بما يقول.

القضايا الداخلية والعلاقات الدولية

أما من حيث المحتوى، فاشتمل خطاب رئيس الوزراء الأفغاني على عدة موضوعات مرتبطة بسياسات حكومة حركة طالبان. وحاول الملا محمد حسن الإجابة على بعض المسائل المثيرة للاهتمام الداخلي والقلق الدولي.

وأكد على الوعود والعهود السابقة التي أعطتها حركة طالبان بخصوص قضايا مثل تعليم البنات وعمل المرأة وحقوقها، وحقوق الإنسان، والعفو العام عن رجال النظام السابق والمعارضين، وعلاقة حكومة طالبان بالعالم، وتحقيق الأمن والسلام.

كما تطرق إلى نظرة طالبان للحكومة الشاملة وإلى الأوضاع الاقتصادية السيئة في البلاد، وقدم توصيات ونصائح لمسؤولي الحكومة لأداء مهامهم، وأن يعاملوا الشعب بالرفق.

إنجازات طالبان

واعتبر الملا محمد حسن إنهاء الاحتلال الأميركي لأفغانستان، وإقامة الحكومة الإسلامية، وإحلال الأمن والسلام في البلاد، وعودا ثلاثة أوفت طالبان بتحقيقها. وقال إن الحركة والشعب الأفغاني اليوم أمام تحدٍّ آخر وهو الحفاظ على المكتسبات وتوفير الرخاء.

وفيما يتعلق بقضية المرأة وحقوقها، كرر الملا محمد حسن موقف حركة طالبان بالسماح للمرأة بالتعليم والعمل بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية. وقال إن حكومته تحافظ على كرامة المرأة وعفتها، مشددا على أن العلوم الشرعية فريضة على كل مسلم، رجلا كان أو امرأة، أما العلوم الأخرى فتحصيلها يكون بقدر الاستطاعة وحسب الحاجة.

وأكد الملا محمد حسن أن المرأة الأفغانية في ظل حكومته أكثر أمنا بالمقارنة مع وضعها في فترة الحكومة السابقة، ووعد بالسعي لتهيئة الظروف المناسبة لتعليم البنات، دون أن يفصح عن نوعية تلك الظروف.

الملا محمد حسن أوضح أن المرأة في أفغانستان باتت أكثر أمنا في ظل حكم طالبان (الجزيرة)

حقوق الإنسان

وعن حقوق الإنسان عامة، قال رئيس الوزراء الأفغاني إن حركة طالبان بعفوها عن رجال الحكومة السابقة وجميع من حاربوها ومارسوا القتل والتعذيب تحت الاحتلال الأميركي، ضربت أكبر مثل لرعاية حقوق الإنسان والحفاظ على كرامته.

وأوصى محمد حسن الوزراء والولاة والقضاة ومسؤولي الأمن وموظفي الدولة بفتح أبوابهم للمواطنين، ومعاملة الشعب بالرفق والإحسان، وحذر من مغبة سوء معاملة المواطنين الذين عانوا من الظلم وقسوة الأنظمة والحكومات طيلة العهود الماضية، وفق تعبيره.

وانتقد الملا محمد حسن الحكومة السابقة، وأشار إلى فشلها بسبب الفساد واحتكار السلطة في شخص الرئيس السابق وزمرته.

مبعوثو ألمانيا وهولندا لأفغانستان وسفير ألمانيا في اجتماع مع مسؤولين من طالبان في كابل (مواقع التواصل الاجتماعي)

طمأنة العالم

وفي علاقاتها الخارجية، أكد الملا محمد حسن أن حكومته ترغب في إنشاء علاقات جيدة مع الدول الأخرى، وتلتزم بعدم التدخل في شؤون الآخرين. وقال إن أفغانستان لديها من المشكلات الداخلية ما يجنّبها التفكير في التدخل في شؤون الدول الخارجية.

وأكد رئيس الوزراء أن حكومته تؤمن بالتطابق بين القول والعمل، وتطبق ما تلتزم به من علاقات حسن الجوار وعدم الإضرار بأمن وسلامة الدول الأخرى.

الحكومة غير مسؤولة عن التدهور

وفي حديثه عن الاقتصاد، قال رئيس الوزراء الأفغاني إن حكومته ليست مسؤولة عن الأوضاع الاقتصادية السيئة في البلاد، "فارتفاع الأسعار والقحط كان موجودا قبل قيام الإمارة الإسلامية".

وأضاف "لم نقدم الوعود للشعب بتوفير الرزق، فالله هو الرزاق". واعتبر أن التدهور الاقتصادي في أفغانستان "نتيجة عصيان الناس لأوامر الله وللجفاف الناتج عن عدم نزول الأمطار"، ودعا الشعب للجوء إلى الله والدعاء لرفع البلاء.

وشدد على أن "قيادات ومسؤولي الحكومة الحالية لديهم النزاهة المالية وليسوا حريصين على كسب المال من بيت المال، ولا يسرقون أموال الشعب".

من ناحية تركيبتها، قال الملا محمد حسن إن حكومته شاملة لجميع مكونات الشعب الأفغاني، واعتبر أن استحواذ شخص أو جماعة على الحكم مع تغيير النظام أمر عادي وطبيعي، وهذا ما يحصل في جميع الدول سواء في الدول الإسلامية أو غيرها. "وبناء على ذلك ليس من الإنصاف اتهام الحكومة الحالية في أفغانستان بأنها غير شاملة"، كما قال.

ما غاب عن الخطاب

لكن ما غاب عن الخطاب هو الحديث عن برامج الحكومة، ومستقبل نظام الحكم والأمور المتعلقة به مثل وضع دستور للبلاد، والإجراءات المرتبطة بالمرحلة الانتقالية كالانتخابات ومرجعية القوانين والمشاركة السياسية للشعب في اختيار نظام الحكم والحكومة.

كما لم يتطرق الملا محمد حسن إلى السياسات الاقتصادية للحكومة، وخطط الحكومة للتنمية وتوفير الحاجات الأساسية لمواطنيها في مجالات الغذاء والصحة والزراعة والتعليم ومكافحة البطالة والمخدرات، أو الإجراءات الكفيلة بتشجيع الشباب، والكفاءات خاصة، على البقاء في البلاد وعدم الفرار منها.

ولم يتطرق رئيس الوزراء الأفغاني إلى خطط حكومته للمصالحة الوطنية والوئام السياسي والاجتماعي في أفغانستان، وكيفية إخراج البلاد من تراكمات 4 عقود من الحرب.

المصدر : الجزيرة