أثر الحرب في أوكرانيا يصل إلى المهام الفضائية الروسية المشتركة مع أوروبا

ليست هذه أول مرة تؤثر فيها الحرب في أوكرانيا والعقوبات ضد روسيا على أشكال التعاون الأوروبي الروسي في علوم الفضاء.

برنامج "إكسو مارس" لاستكشاف المريخ حصيلة جهد مشترك بين وكالتي الفضاء الأوروبية والروسية (غيتي)

يبدو أن مستقبل برنامج "إكسو مارس" (ExoMars) الواعد لاستكشاف كوكب المريخ، وهو حصيلة جهد علمي وتقني مشترك بين وكالتي الفضاء الأوروبية والروسية، قد أصبح معتما بسبب العمليات العسكرية الروسية ضد أوكرانيا.

السياسة في العلم

وقد أعلنت وكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، في بيان رسمي يوم 28 فبراير/شباط الماضي، أنه بعد اجتماع الدول الأعضاء، فإن إطلاق المهمة هذا العام سيكون "مستبعدا للغاية"، يجيء ذلك في سياق تطبيق عقوبات على روسيا من جانب الدول الأوروبية والأميركية.

وفي بيانها الذي أعلنت فيه التأخير المحتمل، قالت وكالة الفضاء الأوروبية إنها تستنكر الخسائر البشرية والعواقب المأساوية للحرب في أوكرانيا، وإن قراراتها لا تأخذ في الحسبان قوتها العاملة فحسب، بل القيم الأوروبية.

إطلاق مهمة إكسو مارس هذا العام سيكون "مستبعدا للغاية" بسبب تطبيق عقوبات على روسيا (غيتي)

ولأن كوكبي المريخ والأرض يقتربان من بعضهما مرة كل عامين، فإن فرصة الإطلاق التالية ستكون في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وهذه المرة الثالثة التي يُؤجّل فيها إطلاق المهمة، فقد كان موعد إطلاقها الأصلي في عام 2018، ويبدو أنها قد لا تنطلق أبدا إذا استمر الاضطراب في العلاقة بين روسيا والغرب.

مهمة كبيرة

بلغت تكلفة "إكسو مارس" 1.4 مليار دولار، وتستهدف اكتشاف أي علامات تدل على وجود صور للحياة العضوية مدفونة بعمق تحت سطح الكوكب الأحمر، سواء أكانت ما زالت فاعلة أو كانت موجودة في ماضي المريخ السحيق، فضلا عن دراسة المكونات الغازية للغلاف الجوي للمريخ والبحث عن مصادر تكوينها، والتنوع في البيئة المائية والجيوكيميائية للكوكب.

إلى جانب ذلك، كان من المفترض أن يدرس البرنامج إمكانات تقنية جديدة، مثل إنزال حمولة ثقيلة على سطح المريخ، وإمكانية الحفر بعمق مترين أسفل سطح الكوكب، وإمكانية استغلال الطاقة الشمسية على سطح الكوكب.

الوكالة الروسية سحبت موظفيها من ميناء الفضاء الرئيسي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية في كورو في غويانا الفرنسية (رويترز)

جدل العلماء

ليست هذه أول مرة تؤثر فيها الحرب في أوكرانيا والعقوبات ضد روسيا على أشكال التعاون الأوروبي الروسي في علوم الفضاء، فقد سحبت الوكالة الروسية موظفيها من ميناء الفضاء الرئيسي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية في كورو في غويانا الفرنسية.

إلى جانب ذلك، توقفت عمليات الإطلاق على الصواريخ الروسية "سويوز" التي تستخدمها وكالة الفضاء الأوروبية في عمليات الإطلاق المتوسطة الحجم، وتدرس الوكالة الآن بالفعل إمكانية تحويل مهامها على صواريخ من دول أخرى.

وقد أثارت هذه القرارات المتبادلة حالة من الجدل الواسع في نطاق علوم الفضاء. في أحد جوانبه، يرى بعض العلماء أن العقوبات على روسيا يجب أن تشمل كل شيء، من الكرة إلى العلم إلى السياسة.

ومن جانب معاكس، يرى فريق آخر من العلماء أن هذه الإجراءات قاسية، حيث سيتأثر الباحثون -من الجانبين الروسي والأوروبي- في بداية حياتهم المهنية الذين يعتمدون على بيانات هذه المهمة، ولا علاقة لهم بالحرب.

المصدر : وكالة الفضاء الأوروبية