اليمين المتطرف في إسرائيل.. من الهامش إلى تشكيل الحكومة

عضو الكنيست إيتمار بن غفير، الذي يرأسه حزب (عظمة يهودية)، المنحدر من حركة "كاخ" الإرهابية يقود تحالف "الصهيونية الدينية
عضو الكنيست إيتمار بن غفير يقود تحالف أحزاب "الصهيونية الدينية" الممثلة لليمين المتطرف (الجزيرة)

القدس المحتلة- في وقت تحتدم المنافسة بين معسكري رئيس الحكومة الإسرائيلية الانتقالية يائير لبيد والمعارضة برئاسة بنيامين نتنياهو، تتصاعد قوة أحزاب اليمين المتطرف التي تُرجح استطلاعات الرأي أن تكون صاحبة القول الفصل في صياغة تركيبة الحكومة المقبلة.

وفي سباقه للعودة إلى كرسي الحكومة، يراهن نتنياهو على أحزاب اليمين المتطرف ممثلة بتحالف "الصهيونية الدينية" برئاسة بتسلئيل سموتريتش، حزب "عظمة يهودية" برئاسة إيتمار بن غفير، حزب "الروح الصهيونية" برئاسة الوزيرة أيليت شاكيد التي كانت شريكة نفتالي بينيت في تأسيس حزب "يمينا" قبل تفككه واعتزال بينيت الحياة السياسية.

قادة المستوطنين يعتبرون المغذي الأساس لليمن المتطرف وتحالف "الصهيونية الدينية"
قادة المستوطنين يعتبرون المغذي الأساسي لليمين المتطرف (الجزيرة)

لا فروقات جوهرية

ويُعتبر اليمين المتطرف رديفا لأحزاب اليمين التقليدي التي كان لها الدور الأبرز العقدين الأخيرين في تشكيل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، مما يعني أن هذا التيار لا يختلف كثيرا في مواقفه السياسية والأيديولوجية عن اليمين التقليدي، إذ يستندان إلى قاعدة انتخابية واحدة مكونة من جمهور المستوطنين بالضفة والقدس، ويدعمان الاستيطان في فلسطين التاريخية من دون قيود.

في السابق، تمثّلت قوة اليمين المتطرف في 4 مقاعد من أصل 120 إجمالي عدد مقاعد الكنيست، وتدرجت بعض شخصياته داخل المشهد السياسي عبر أحزاب اليمين التقليدي، واستغلت أزمة الحكم وعدم الاستقرار السياسي، خلال السنوات الأربع الماضية، لتشكل تحالف أحزاب "الصهيونية الدينية".

اليمين المتطرف والكنيست

ومع انتخابات للكنيست التي جرت في 9 أبريل/نيسان 2019، بدا واضحا الصعود المتدرج لأحزاب اليمين المتطرف التي ساهمت باستفحال أزمة عدم الاستقرار السياسي، وعرقلت تشكيل حكومة مستقرة بسبب الشروط التي كانت تضعها.

وفي انتخابات الكنيست الجديدة، وهي الخامسة في غضون أقل من 4 سنوات، والتي ستجري أول نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، من المتوقع أن تضاعف أحزاب اليمين المتطرف عدد مقاعدها البرلمانية، بالحصول على 12 إلى 16 مقعدا.

مسيرة لليمين الفاشي المتطرف تدعو لطرد فلسطينيي 48
مسيرة لمستوطنين من أنصار اليمين المتطرف تدعو لطرد فلسطينيي 48 (الجزيرة)

فكر يغذي الاستيطان

ويمثل اليمين المتطرف كافة التيارات الدينية داخل الحركة الصهيونية، حيث يعتبر عرّاب المشروع الاستيطاني في فلسطين التاريخية والركن الداعم لإسرائيل كدولة يهودية.

ويعتمد المنطلق الأيديولوجي والفكري للصهيونية الدينية على "التوراة" كأساس يمنح اليهود "الحق" في إقامة وطن قومي بفلسطين، وذلك على عكس التيارات الدينية اليهودية الأخرى التي ترى أن قيام "إسرائيل اليهودية" يتحقق فقط بمجيء "المخلّص".

وبالإضافة إلى الأيديولوجية التوراتية، يستند أتباع الصهيونية الدينية إلى مواعظ الحاخامات والفكر المتأصل الذي يخرج من المدارس والمراكز الدينية اليهودية المنتشرة بالضفة والقدس، وهو الفكر الذي يغذي الاستيطان هناك.

وتختلف أحزاب اليمين المتطرف، سياسيا وأيديولوجيا، عن اليمين التقليدي، بدعوتها لفرض السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية والإعلان عن الدولة اليهودية في كل فلسطين التاريخية، ورفض منح أي درجة من الاستقلال الذاتي للفلسطينيين.

وبينما يستند اليمين المتطرف في شعبيته الانتخابية على المستوطنين الذين بلغ تعدادهم حوالي المليون بالضفة والقدس، فإنه يدعو إلى دعم وتكريس المشروع الصهيوني على هذه الأراضي خاصة دون الالتفات للحساسيات الخارجية والموقف الأميركي والأوروبي.

الفوقية اليهودية

ويستند اليمين "الفاشي" في حضوره الانتخابي أيضا إلى نشطاء حركة "غوش إيمونيم" التي تأسست سبعينيات القرن الماضي، وأتباع حركة "كاخ" التي أنشئت بالثمانينيات، واللتين عاد نشاطهما الاستيطاني المتطرف ليهيمن على المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي.

ومن وجهة نظر حزب "عظمة يهودية" وحركة "كاخ"، التي ينحدر منها النائب المتطرف إيتمار بن غفير، فإن الشعب الفلسطيني يشكّل خطرا على إسرائيل كدولة يهودية "ما يوجب ترحيله بالقوة". وهو ما يعكس أيديولوجية عنصرية تتسم بالكراهية للفلسطينيين والعرب.

وتتمادى حركة "كاخ" بالتحريض على الفلسطينيين في خطابها وأجندتها الانتخابية وتدعو لتهجيرهم، لأنه "في حال لم تتم معالجة أمرهم فإنهم سيكونون أغلبية في (أرض إسرائيل) وفي الكنيست ليشرعوا القوانين التي تمهد للقضاء على إسرائيل كدولة يهودية" حسب أقوال الحركة.

رئيس حزب "عظمة يهودية" إيتمار بن غفير، عراب مشروع الاستيطان وفرض السيادة الإسرائيلية على كل فلسطين التاريخية.
استطلاعات الرأي تتحدث عن إمكانية حصول تحالف الصهيونية الدينية على 12 إلى 16 مقعدا بالكنيست (الجزيرة)

الصهيونية الدينية والعلمانية

يعتقد تحالف "الصهيونية الدينية" أن "الشعب اليهودي" ليس عاديا مثل مختلف الشعوب وكما تؤمن "الصهيونية العلمانية" حتى لو انتهت وضعية "الشتات" وعاش حياته في "أرض إسرائيل" وإنما هو "شعب الله المختار الفريد والمقدس".

وخلافا لـ "الصهيونية العلمانية" التي ترى في "أرض إسرائيل" الوطن الروحي والتاريخي للشعب اليهودي، فإن أحزاب وحركات اليمين المتطرف تتفق على أن "أرض إسرائيل مقدسة اختيرت حتى قبل اختيار الشعب لتشكل جزءا من الميثاق الإلهي بين الرب واليهود عبر توراة إسرائيل" وفق معتقداتها.

كما تعتبر بقاء "أرض إسرائيل" كاملة -في ظل السيادة الإسرائيلية، واستيطانها اليهودي- فريضتين دينيتين لا تقلان عن باقي الفرائض الدينية الأخرى، بل وتتقدمان عليها. ويحظر تأجيلهما باعتبار أن "الخلاص" وإنقاذ الشعب اليهودي قد بدأ مع الجيل الحالي.

وقد أفتى العديد من حاخامات "الصهيونية الدينية" بأن ما يجب أن تقترحه حكومة تل أبيب على الفلسطينيين هو "الرحيل عن "أرض إسرائيل" أو الخضوع المطلق للحكم اليهودي، أو الحرب".

المصدر : الجزيرة